القائمة الرئيسية

الصفحات

قطار طوروس السريع -اجاثا كريستى _ الجزء الثاني - إعداد وإشراف رجاء حمدان



قطار طوروس السريع -اجاثا كريستىالجزء الثاني 
هي كاتبة إنجليزية. اشتهرت بكتابتها 66 رواية بوليسية و14 مجموعة قصيرة من القصص، خاصة تلك التي تدور حول مخبريها الخياليين هيركيول بوارو والآنسة ماربل

يتلقى هيركيول بوارو تلغراما يخبره بإلغاء مخططاته والعودة فورا إلى لندن, فيطلب من عامل الفندق أن يحجز له مقصورة في الدرجة الأولى في قطار الشرق السريع الذي كان يغادر تلك الليلة. يلتقي بوارو بالسيد راتشيت, الذي يظن أن حياته في خطر ويطلب المساعده من بوارو ,. يكون القطار مزدحما على غير العادة في مثل ذلك الوقت من السنة, وركابه من مختلف الجنسيات. في ليلة اليوم الثاني من الرحلة, توقف القطار بسبب الثلوج الكثيفة قرب فينكوفتشي عدة أحداث تزعج نوم بوارو في تلك الليلة, بما فيها صراخ من مقطورة السيد راتشيت. .... ........





قال الدكتور كوستنتين: لقد توفي بين منتصف الليل والساعة الثانية، السيد بوك: إنه شوهد حيا في الساعة الواحدة إلا عشرين دقيقة، عندما تحدث إليه مسؤول التذاكر، في الصباح طرق خادمه عليه الباب عدة مرات، لكنه لم يجب، وذهب نادل المطعم قبل نصف ساعة ليرى إن كان يريد إفطارا فلم يجب، ففتحت المقصورة بمفتاحي لكنها كانت مقفلة بسلسلة، وحينها استدعينا مسؤول القطار وكسرنا السلسلة، ووجدناه هناك ممددا ومطعونا، بوارو: ربما يكون انتحارا لأن الباب مقفل من الداخل، قال الطبيب: إن الذي ينتحر لا يطعن نفسه في عشرة مواضع وأكثر، قال مسؤول القطار: لابد أن تكون امرأة، فلا أحد يستطيع أن يطعن بهذه الطريقة العشوائية سوى امرأة، قال الطبيب: يبدو وكأن القاتل أغمض عينيه وبدأ بضرب السكين في أماكن مختلفة، فهناك ضربات لم تحدث أي أذى، وهناك ضربتين تجاوزتا العظم                           .

       

قال بوارو: لقد أخبرني البارحة أن حياته في خطر.

قال السيد بوك: بوارو يا صديقي، أنا أعرف قدراتك وأريد أن تتولى التحقيق في هذا الأمر، فلا نريد عند وصولنا أن تأتي الشرطة اليوغسلافية، ويتعقد الأمر, بينما إن استطعت أن تساعدنا على اكتشاف المجرم، فلن نتأخر وسنقول: هنالك جريمة وهذا هو المجرم.





 بدأ بوارو بالتحقيق في الجريمة، فطلب مخططا لعربة اسطنبول، مع ذكر الأشخاص الذين يشغلون المقصورات فيها، والتحقق من جوازات سفرهم وتذاكرهم، ثم سأل عن المقطورة أو العربة الأخرى للقطار من يقطن بها؟ فقال المسؤول: لم يكن في هذه العربة سوى الطبيب كوستانتين وأنا، وأما العربة القادمة من بوخاريست فلا يوجد بها سوى رجل متقدم بالعمر ورجله مقطوعة، وما عدا ذلك فهناك العربات العادية، لكنها لا تهمنا فقد أقفلت بعد وجبة العشاء، فقال بوارو: إذا يبدو أننا نبحث عن قاتلنا في عربة اسطنبول.

–كاليه.

بعد منتصف الليل بدأ يزداد هطول الثلج ويتكاثف، وحاصرت الثلوج القطار، ولم يستطع أحد مغادرة القطار منذ ذلك الوقت، تحدث بوارو إلى مسؤول التذاكر وهو بيبر ميشيل يعمل لدى الشركة منذ خمسة عشر سنة, فرنسي يعيش قرب كاليه، كما يبدو عليه  الصدق والاحترام، لكنه لا يبدو ذكيا، قال ميشيل: بعد العشاء ذهبت إلى مقصورة السيد راتشيت لترتيب سريره, وفي الساعة الواحدة إلا عشرين دقيقة، قرع الجرس يطلب خدمة، وعندما قرعت بابه رد من الداخل، وقال: إنه أخطأ في قرع الجرس, وبعدها عند الساعة الواحدة والربع، جلست على كرسي صغير في آخر الممر, ثم ذهبت لأعد السرير في مقصورة الشاب الأمريكي، سكرتير السيد راتشيت ولم يكن موجودا في غرفته, ثم جاء بعدها وكان معه العقيد الانكليزي، ثم تركه العقيد عائدا إلى مقصورته رقم 15, وبعدها عدت إلى مقعدي ولم أستطع أن أغفوَ بسبب توقف القطار، ورأيت إحدى السيدات تذهب إلى الحمام في الجانب الأبعد من الممر، لا يمكن لأحد الوصول إلى عربة النوم دون أن أراه، كما أنه لا يمكن لأحد القدوم من العربات العادية إلى عربات النوم، لأنه بعد وجبة العشاء يقفل الباب بين عربات النوم والعربات العادية.






سأل بوارو: هل تعلم متى توقفنا؟

 - لقد توقفنا في فينكوفشي في الساعة الحادية عشر وثمان وخمسين دقيقة، وذلك بسبب الطقس.

قال بوارو: لمن كان الجرس الآخر الذي قرع أثناء طرقك باب السيد راتشي؟ 
-
إنه جرس الأميرة, لقد طلبت مني أن أنادي لها خادمتها.

قال بوارو: كم سيدة متواجدة هنا في القطار؟

هناك ستة نساء (المرأة الأمريكية، والسيدة السويدية، والشابة الانكليزية، والكونتيسة أندريني، والأميرة دراغوميروف وخادمتها)، ثم تحدث بوارو إلى ماكوين سكرتير راتشيت، قال ماكوين: لقد قابلته أول مرة في إيران، حيث كنت ذاهبا للعمل فى الفندق, كان السيد راتشيت يتشاجر مع سكرتيره القديم, بعدها طلب مني السيد راتشيت أن أعمل معه, وكان يريد أن يرى العالم إلا أنه لم يكن له علم باللغات، فكان يأخذني معه إلى كل مكان كدليل سياحي، كما أنه كان بحاجة إلي، لأنني أستطيع أن أتفاهم في موضوعات الشراء، وحجز الفنادق باللغات الفرنسية والألمانية والإيطالية، وهو لا يتحدث سوى الأمريكية وقليل من الفرنسية، أما بالنسبة لي فأنا لم أكن مرتاحا بهذا العمل، ولم أستطع أن أحب السيد راتشيب, كما أنني لا أثق به، وأعتقد أنه هرب من أميركا من شيء ما أو شخص ما.

قال بوارو: هل علمت إن كان سيدك تعرض لتهديد من أحد ما؟، أو كان له أعداء؟

قال ماكوين: إن السيد راتشيت تلقى ثلاث رسائل تهديد، مزق إحداها بسبب الغضب، والباقيتين معي أحتفظ بهما في محفظتي, ثم فتح المحفظة وأخرجهما، كان مضمون الرسالة الأولى: (أتعتقد أنك تستطيع أن تخدعنا وتنجو بعملك، أليس كذلك؟ لقد خاب ظنك يا راتشيت)، أما الثانية: ( سوف نأخذك في نزهة يا راتشيت، في وقت قريب، وسوف نصطادك، أتفهم؟).

 قال بوارو: إن الرسالتين كتبتا بنفس الطريقة على عكس الخط، فأعتقد أنه أكثر من شخص تعاقب على كتابة الكلمة الواحدة، كما أن الحروف منفصلة، مما يجعل التعرف على الخط صعبا للغاية، بوارو: متى استلم هذه الرسائل؟ 
-
لقد استلم آخر رسالة صباح اليوم الذي غادرنا فيه اسطنبول، وإن آخر مرة رأيته حيا كانت في الساعة العاشرة مساء، حين ذهبت له ليدون بعض الملاحظات عن موضوع البلاط والفخاريات الأثرية التي اشتراها من بلاد فارس, ثم كتب ماكورين اسمه وعنوانه في نيويورك، وطلب من بوارو أن لا يخبر أحدا بموت السيد  راتشيت في الوقت الحاضر.







 ذهب بوارو والطبيب كوستنتين لتفحص المقصورة التي حصلت فيها الجريمة، فوجدا النافذة مفتوحة والستارة قد أزيحت، ولا يوجد بصمات على زجاج النافذة، ولا أثر لأقدام على الثلج المحيط بالقطار، كان هناك رماد ورقة تم حرقها، ومنفضة سجائر فيها سجائر وعودا ثقاب، أحدهما كان سميكا كنوع الثقاب التي وجدت في علبة في جيب السيد راتشيت، والنوع الآخر كان رقيقا ولا يوجد في جيوب ملابسه علبة مماثلة لهذا النوع، ووجد على الأرض منديل جميل مربع الشكل، وعلى طرفه مكتوب أول حرف من اسم صاحبه, ووجد تحت السرير منظف غليون، إلا أنه لم يوجد غليون مع السيد راتشيت، ولا حتى حامل غليون.

بعد ذلك ذهب بوارو والطبيب كوستانتين لفحص الجثة، فأفادا أن القاتل رجل يمتلك قوة كبيرة وقد كان ضعيفا، ومن الممكن أن تكون امرأة، وهو شخص يستعمل يده اليمنى وكذلك يستعمل يده اليسرى, وإن الميت قد خُدر قبل طعنه، ولم يكن هناك سلاح للجريمة, وقد عُثر في الجيب العلوي لثوب نوم الميت على ساعة ذهبية محطمة بعنف وعقاربها تشير إلى الواحدة والربع، نظر بوارو إلى أجزاء الورقة المحترقة، ووضعها على الطاولة، ثم سكب عليها محلولا لإظهار الكلمات فبدأت الكلمات تظهر ببطء، (ذكرى ديزي آرمسترونغ الصغيرة, وفجأة صاح بوارو: لقد عرفت اسم الميت الحقيقي، وعرفت لماذا اضطر إلى مغادرة أمريكا.

        قال بوارو: إن الرجل الميت اسمه كاسيني, وهو الذي قتل الطفلة ديزي آرمسترونج، كانت هذه قضية مشهورة حصلت في أمريكا، حيث تم خطف الطفلة وطلب فدية كبيرة مائتي ألف دولار، وعلى الرغم من أن الفدية دفعت إلا أن الطفلة وجدت ميتة، وحكم وقتها على كاسيني أنه ذلك المجرم، ولكنه استطاع أن ينفذ منها بقوة نفوذه مع ذوي السلطات، وتم الإفراج عنه فغادر أمريكا وغير اسمه.





 على كل حال أمامنا احتمالين لوقت وقوع الجريمة، الأول: أن الجريمة ارتكبت في الواحدة والربع كما أفاد تقرير الدكتور كوستانتن، والاحتمال الثاني: أن الجريمة وقعت بعد ذلك، ودليل الساعة مزيف وعُمل عمدا لتمويه أن الجريمة ارتكبت في الوقت الذي كانت تقف عنده الساعة، وإذا اعتمدنا الاحتمال الأول على أنه الأرجح والمدعوم بأدلة أكثر، على أن الجريمة ارتكبت في الواحدة والربع، فلا يمكن أن يكون القاتل غادر القطار، وبناء على ذلك فإنه لدينا السؤال التالي: أين هو؟ ومن هو؟ دعونا في البداية نتفحص الدليل بعناية، إن أول سمعنا عن وجود الرجل الأسمر الصغير، ذي الصوت النسائي هو من هاردمان، فهو يقول: إن راتشيت قد أخبره عن ذلك الرجل، وأنه وظفه ليحرسه، لكن لا يوجد دليل على هذا الكلام إلا كلام هاردمان لنعتمد عليه، أما السؤال التالي: هل هاردمان هو فعلا الرجل الذي يزعم، أي هل هو رجل تحر لدى وكالة تحقيقات من نيويورك؟

ما هو مثير بالنسبة لي في هذه القضية، هو أننا لا نملك الوسائل المتاحة للشرطة، فلا نستطيع التحقق من الأوراق الثبوتية، لأي من هؤلاء الناس وعلينا أن نعتمد على الاستنتاج فقط, أما بالنسبة لمعظم الركاب فيصعب التعرف إلى شخصياتهم، وفي الغالب لن يتم ذلك لأنه لا يوجد ما يثير الشك حولهم, وهناك شك حول هاردمان، لكن سوف نتقبل حاليا ما قاله هاردمان: من أن راتشيت هو من سعى لتوظيفه عنده، فيحتمل كلامه الصواب أو الخطأ، وأفادت هيلداغارد شميدت ( خادمة الأميرة)، رؤيتها لزر في زي مسؤول التذاكر، مطابق للزر الذي وجدته السيدة هوبارد في مقصورتها، وتوجد عبارة تتفق مع ذلك أيضا، لعلكما لم تلاحظاها، هي أن كلا من العقيد آبوثنوت وهيكتور ماكوين، ذكرا أن مسؤول التذاكر قد مر من أمام مقصورتهما لكنهما لم يعيرا انتباها لذلك, وفي نفس الوقت يا سادة لقد أفاد بيبر ميشيل أنه لم يغادر مقعده إلا في لحظات معينة، ذهب بها إلى آخر العربة، أمام المقصورتين اللتين يقطن بهما اربثنوت وماكوين، ولذلك فإن قصة الرجل الصغير الأسمر ذي الصوت النسائي الذي يلبس زي خطوط القطار، تؤكدها أربعة شهادات.




قال الدكتور كوستانتين: تبقى نقطة صغيرة، فإذا كانت قصة هيلداغارد شميدت صحيحة، فكيف يحدث أن مسؤول التذاكر الحقيقي، لم يذكر أنه رآها عندما ذهب ليرد على جرس السيدة هوبارد؟

 أجاب بوارو: أظن أن تفسير الأمر يكون: أنه عندما جاء ليرد على السيدة هوبارد، كانت الخادمة عند سيدتها، وعندما عادت إلى مقصورتها أخيرا، كان مسؤول التذاكر عند السيدة هوبارد في الداخل.

فقال السيد بوك: إنني أريد أن أعرف أين الرجل الآن؟ هل هو على القطار؟ أو أنه اختفى؟ وإلى أين يمكن أن يكون ذهب؟ قال بوارو: يا سيد بوك إن لهذه الأسئلة جوابان: إما أنه ما يزال على القطار في مكان ينم عن عبقرية غير عادية، لدرجة أننا لا نستطيع أن نفكر فيه، أو أنه ينتحل شخصيتين, أي أنه هو الشخص الذي كان يخافه السيد راتشيت، وهو مسافر على متن القطار، إلا أنه تنكر بصورة جيدة لدرجة أن السيد راتشيت لم يعرفه .

 فقال السيد بوك: هذه فكرة رائعة لكن لدي اعتراض واحد، فقاطعه بوارو: هو طول الرجل أليس كذلك؟  باستثناء خادم السيد راتشيت، فإن جميع الرجال الذين على القطار ضخام البنية (الإيطالي، والعقيد اربوثنوت، وهيكتور ماكوين، والكونت اندرينيه)، إذا هذا يتركنا مع الخادم وهو افتراض بعيد، ولكن يوجد احتمال آخر أتذكران الصوت النسائي؟، إن هذا يعطينا بديلا بأن يكون الرجل متنكرا كامرأة أو أنها فعلا امرأة، فمن شأن امرأة طويلة أن تلبس زي الرجال فتبدو رجلا، صغير الجسم


نهاية الجزء الثاني .....الى اللقاء في الجزء الثالث 

تفاعل :

تعليقات