القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية المنزل الغامض - رجاء حمدان


 رواية 

المنزل الغامض - الجزء الأول 

رجاء حمدان.



رواية المنزل الغامض


 رواية 

المنزل الغامض - الجزء الأول 

رجاء حمدان.

رغد، إبنة السيد أحمد العامري الذي وافته المنية قبل خمس سنوات، تركها أمانة في عنق صاحبه المحبوب عون ، حصلت على وظيفة مغرية وذات مردود عالي ولكنها وجدت بها شرط غريب فطلبت المشورة من عون ، قال لها عون لا توقعي العقد قبل ان تجربي العمل في هذا المنز ل ، وصلت رغد إلى بيت السيد غانم ، وهنا بدأت سلسلة من الاحداث الغريبة تحصل لها . ترى ماذا اكتشفت رغد هناك وهل حياتها أصبحت في خطر ، هذا ما سنعرفه عند قرأتنا أوسماعنا للرواية



للإشتراك بقناة راجو شو الصوتية الرابط التالي : 

https://www.youtube.com/channel/UChQ8cuMtdK57I-YRZ_qtHPg?view_as=subscriber



لسماع الرواية صوتيا( فيديو )الروابط التالية :

الجزء الاول : https://youtu.be/Iu0aXbayfTU

الجزء الثاني : https://youtu.be/Rdvj298g_O8

الجزء الثالث :https://youtu.be/AaW7-RAUkRU

الجزء الرابع : https://youtu.be/OioRONYUmmM

 

 المنزل الغامض - الجزء الأول 



عزيزي السيد عون

أرغب بشدة في استشارتك بشأن أمر ضروري يخصني. هل يمكنك أن تكرمني بزيارتك في الساعة العاشرة غدًا؟

تحياتي، الآنسة رغد."

رغد، إبنة السيد أحمد العامري الذي وافته المنية قبل خمس سنوات، تركها أمانة في عنق صاحبه المحبوب عون. يتجاوز عمر عون السادسه و الخمسين ، ولو أنه تزوج لكانت رغد في مثل عمر ابنته الصغرى . يحظى عون بحب سكان الحي ،  فضلًا عن طيبته وسهولة التعامل معه. قدم حياته ووقته لمساعدة المحتاجين والضعفاء، مُقَدّمًا الخدمات القانونية للمحتاجين بتكلفة زهيدة، وفي بعض الأحيان بدون أجر إذا شعر أن الشخص لا يستطيع تحمل التكاليف.




 

 

 

عون يعتمد على إيجار عمارة تحتوي على ست شقق، ورثها عن والده في حي سكني غير الذي يقطنه . لولا إيجارها، لكانت حياته الماديه متعسرة بسبب دخله المحدود كمحام.

وصلت رغد في وقتها المحدد، شابة جميلة ومعتدلة القامة، ، ملابسها بسيطة ولكنها أنيقة. قالت: "أنا آسفة على الإزعاج، ولكنني مررتُ بتجربة فيها شيء من الغرابة، ففكرت في استشارتك كي تخبرني بما أفعل، فأنا لا أثق بغيرك لنصحني." فقال عون: "يسعدني مساعدتك فأنتِ بمثابة ابنتي التي لم أنجبها."  قالت رغد: "كما تعلم، كنت أعمل مربية عند عائلة السيد ماجد، الذي هاجر منذ شهر مع أولاده إلى كندا، فوجدت نفسي بلا وظيفة، وبدأتُ أبحث عن عمل آخر كمربية."

أكملت رغد: "اتصل بي أحدهم للعمل عنده، إنه السيد غانم الغلواني، وعندما  التقيت به. وجدته رجلًا محترمًا. ولدى مقابلته لي بين صفوف المربيات، قال على الفور: 'هذه مناسبة وستفي بالغرض.' سألني عن رغبتي الجادة في العمل كمربية، فأجبت: 'أرغب حقًا في الالتزام بالعمل .' عرض علي العمل براتب يعتبر ضعف راتبي السابق، وهو مبلغ كبير بالنسبة لمربية ، استفسرت منه عن موقع العمل، فأخبرني أن منزله يقع في منطقة ريفية تبعد نصف ساعة عن المدينة. سألته عن الواجبات التي على أن أقوم بها، فأجاب: 'ستعتنين بطفل واحد فقط، وزوجتي ستخبرك بالمسؤوليات الملقاة على عاتقك. أؤكد لك أن الأوامر ستكون في حدود الإستطاعة واللياقة. فكان  ردي : 'لا مانع لدي من اتباع جميع التعليمات التي قدمتها، ولكنني لن أوافق على قص شعري. أعرب السيد بأسف وقال : 'في هذه الحالة، يجب علي أن ألتقي ببعض الشابات الأخريات.'"

.
في اليوم التالي، اتصل السيد اللطيف ودعاني  لإعادة النظر في قراري. وأعرب عن استعداده لزيادة الراتب مرة أخرى، ولكن بشرط قص شعري. فقررت أخيرًا قبول العرض، نظرًا لحاجتي الماسة للمال، ، ولكنني قررت أن أستشيرك قبل إقدامي على القيام بأية خطوة.






رد عون: "إن قرارك بالقبول قد حسم الأمر." فقالت رغد: "لا عليك، بإمكاني التراجع، فأنا لم أوقع عقد العمل بعد." فقال لها عون بتردد: "في الحقيقة، لا أستطيع التكهن بأمر هذه العائلة، ولكني لست مرتاحًا تمامًا. إصرارهم على قص شعرك ليس له مبرر، يبدو لي أن هذه العائلة ليست لطيفة. على كل حال، يمكنك طلب التجربة للعمل معهم لمدة شهرين أو ثلاثة قبل أن توقعي عقد العمل. وفي أي لحظة لا تشعرين بالراحة، اتصلي بي، وسأحضر فورًا لمساعدتك." ردت رغد: "إذا سأذهب وأنا مطمئنة."

 

 

وصلت رغد إلى بيت السيد غانم، وظهر البيت من بعيد كأنه نائي ووحيد، باستثناء بعض البيوت الصغيرة المتناثرة في المنطقة. كان البيت يقف بفخر على أرض مستوية وسط طبيعة خلابة، يتميز بتصميم معماري حديث مع نوافذ زجاجية كبيرة للسماح بدخول الضوء الطبيعي.

عندما اقتربوا من البيت، أظهرت الحديقة الجميلة نفسها، مع مساحات واسعة للزهور الملونة والأشجار الضخمة. على الرغم من التصميم الحديث، شعرت رغد بأن البيت يحمل طابعًا غامضًا وكئيبًا، مما أثار لديها العديد من التساؤلات حول أسراره المحتملة.

 فتح السيد غانم البوابة الرئيسية باستخدام جهاز التحكم عن بُعد. أوقف السيارة أمام المدخل الرئيسي للبيت ثم نظر إلى عزيز وقال له: "اترك السيارة هنا، سأرافق الآنسة إلى الداخل  وأعود بسرعة، فأنا أرغب في الخروج مرة أخرى."

 لم يُعطي البيت لرغد إحساسًا أفضل، على الرغم من تصميمه الممزوج  بين الأناقة القديمة والحديثة. كانت الإضاءة الخافتة والأرضيات الخشبية تضفي على المكان  طابعًا خاصًا.

بعد شهر من العمل في البيت، اتصلت رغد بعون وطلبت لقاءً في مقهى الرواد. وعلى مايبدو أن الشابة قد عاشت توترًا وقلقًا، وعندما وصل عون، لاحظ التوتر في وجهها. فسألها: "هل حدث شيء؟" فأجابت رغد: "لا أعرف ما الذي علي فعله، وأحتاج إلى نصيحتك." فرد عون: "أخبريني بما حدث.

قالت رغد : "إنني أشعر بالرعب من المنزل ومن السيد، على الرغم من قدرتي على الخروج بحرية اليوم. وأنني لم  أجد صعوبة في الحصول على إذن للقدوم إلى هنا، إلا أن السيدة إشترطت  عليّ العودة قبل الساعة الثالثة، لأن السيد والسيدة سيذهبان في زيارة خاصة وسيقضيان كل الأمسية في الخارج. فأرجوك، أخبرني ما الذي يجب عليّ فعله؟. لست مرتاحة للإقامة بالمنزل ورأيت أن أستشيرك في الاستمرار بالعمل أم الخروج من البيت."









فقال عون: "هل حصل شيء ما أفزعك وجعلك ترتابين لهذه الدرجة؟"

ردت رغد بحيرة: "على أن أعترف بداية بأن السيد والسيدة لم يسيئا إليّ في أي شيء، ولكنني غير مرتاحة إلى تصرفاتهما، ولا أشعر بالإطمئنان ناحيتهما. كان السيد غانم لطيفًا للغاية، وعرّفني على زوجته وطفلهما الذي أرعاه. علمت أنهما متزوجان منذ ثلاث سنوات ونيف ، وكان قبل أن يتزوج من رباب زوجته الحالية، متزوجًا من زوجته الأولى التي توفيت منذ خمس  سنوات وله منها إبنة شابة، " ولكنها لاتقيم معهم  فهي تعيش خارج البلاد.

فقال عون: "منذ متى وابنته مغادرة البلاد؟"

أجابت رغد: "أخبرتني الخادمة دلال أنها غادرت منذ ثلاث سنوات، أي بعد أن تزوج السيد غانم من رباب بعدة أشهر. فهي لم تعد تطيق أن يحتل أحد مكان أمها، فذهبت إلى مدينة خالها وأقامت هناك."

فقال عون: "على ما يبدو أن رباب لم تستطع أن تصاحب إبنته ليلي وبدأ بينهما خلاف واضح حتى تركت ليلي منزل أبويها وغادرته."

فقالت رغد: "أشعر بأن الخادمة لم تخبرني الحقيقة بالكامل، ولكن بدت لي رباب متفانية في خدمة زوجها وإبنها، ومع هذا أشعر أن لديها شيئًا ما تخفيه."

فقال عون: "وهل خدم المنزل عرفوا الزوجة الأولى والإبنة ليلي؟"

ردت رغد: "لا، الخادم عزيز جاء منذ سنتين هو وزوجته، والطابخة دلال كانت تسبقهم بأربع سنوات، ولكنها لم ترى زوجته الأولى. وقد خدمت إبنته ليلي لمدة سنة قبل أن تغادر البلاد."

فرد عون: "إن الأمور كلها طبيعية ولا تدعو للقلق."

فقالت رغد: "بعد وصولي بيومين، كنت أتناول وجبة الإفطار، حضرت السيدة رباب برفقة زوجها وقالت لي: 'أريد أن أهديك فستانًا يبدو أنه ملائم لمقاسك أكثر من مقاسي، ستجدينه في غرفتك، إرتديه وانزلي إلى غرفة المعيشة وشاركينا الجلوس.

 

بعد تجربة الفستان كان جيدًا، ومقاسه مناسبًا لي." وبعد نزولي غرفة المعيشة أبديا سعادتهما بشكله، وطلبا مني أن أجلس على كرسيّ ظهره للنافذة، جلست عليه وبدأ السيد غانم يحدثنا ويلقي علينا قصصاً مضحكة، وهكذا رحنا نتحدث ونضحك ، وبعد حوالي الساعة طلبت مني السيدة رباب أن أذهب إلى عملي، وقالت : بإمكانك خلع الفستان، وبعد يومين بالتمام وبعد الإفطار عادت السيدة وطلبت مني ان أرتدي ذات الفستان مرة أخرى وتكرر المشهد نفسه ، وكانا يحرصان أشد الحرص على ألا أنظر إلى النافذة، ولكني لاحظت وجود رجل خارج المنزل يرتدي بدلة رمادية، وظهر لي أنه كان ينظر بإتجاهي، عندها طلب مني السيد غانم أن أشير الى الرجل بالإبتعاد ، ففعلت ذلك. وكما تعلم فإنه بناءاً على طلب السيد غانم وشروط العمل عنده كنت قد قصصت شعري بالطريقة التي أرادها ، كان شعري  طويلاً ولم يهن على أن أرميه فوضعته في لفة كبيرة، وعندما أردت أن أضع اللفة في الخزانة التي في غرفتي، كانت المفاجأة !!!! .

لقد وجدت لفة من الشعر في أحد أدراج الخزانة، وكانت من نفس لون شعري وكثافته ، فهمهم  عون : فعلا يبدو الأمر غريبا ،  فقالت رغد : لم يقف الأمر عند هذا فحسب ، ففي إحدى المرات قررت أن أصعد نحو السلالم العليا الى الطابق الذي فوق غرفتي ، فقد كنت أسمع مرات عديده صوت نقرات ما فوق غرفتي وعند صعودي هناك لاحظت  وجود جناحٍ غير مستعمل، وبابه مغلق بقفل غليظ من الخارج، قلت بنفسي أعلم أن الباب يقفل بالمفتاح ولكن لماذا هذا القفل الكبير عليه ، وعندما سألتُ الخادمة دلال عن هذا الجناح، قالت بأنه للسيد غانم فهو يستعمله كمختبر كيميائي لتجاربه ، وهذا الجناح يحظر على الجميع دخوله بل يحظر علينا الصعود الى الطابق العلوى بأكمله . ولكني عدت مرة اخرى لنفس الجناح أتحسس القفل لعلي أعرف فتحه  فبدى لي من المستحيل فتحه سوى بمفتاحه الخاص به ، وضعت أذني على الباب وتهيأ لي بأني سمعت صوت يشبه الأنين من الداخل ، ولكني قلت في نفسي ربما كان السيد غانم بداخل معمله يقوم بتجاربه الكيميائية كما أخبرتني الخادمه دلال , فرد عون مستطردا : ولكن الأقفال كانت ما تزال محكمة بالباب من الخارج فكيف يكون في الداخل ، فقالت رغد بالفعل هذا ما عدت وقلته لنفسي ولكن بقي لدي شعور لا بد أن هناك سر ما غامض ، فقال عون : عليك أن تتوخي الحذر وأنت في منزلهم يبدو أن لديهم أسرارما ولكن لا أظن أن هناك عليك خطر ما ، وإن حصل  وشعرت بخطر أخرجي فوراً من ذلك المنزل الغامض الكئيب ، فقالت رغد ولكني محتاجة للعمل والراتب مغري ولربما تكون هذه هواجس وظنون وأنا أبالغ في الأمر . فقال عون : على كل حال إن حصل أمر وشعرت بالخطرعلى نفسك  إستدعيني وأنا على الفور سأكون بجانبك ان البيت الغامض يبعد حوالي نصف ساعة  وهو على أطراف المدينة ، ودعته رغد وعادت الى البيت ، كان السيد غانم ورباب في إنتظارها ، قالت لها رباب إن سامي الصغير يغط بالنوم ولكنه سوف يصحوا ليأكل ، فقالت رغد لا تقلقي سيدتي سوف أعتني به.









  إطمئنت رغد بأن الطفل يغط في نوم عميق وأن دلال في المطبخ تعد طعاما للعشاء ، وعزيز وزوجته منهمكين في العمل بالحديقة ، وعلى أطراف أصابعها صعدت السلالم العليا نحو الجناح المغلق ، حملت معها عدة مفاتيح بأحجام مختلفة وراحت تجرب كل مفتاح على القفل لعل إحدى المفاتيح يفتح هذا القفل اللعين .

كان السيد غانم قد بدأ يبتعد عن البيت قليلا عندما تحسس جيوبه وتذكر أنه قد نسي تلفونه في غرفته فوق الطاولة الجانبية للسرير ، لقد وضعه هناك قبل أن يذهب للإستحمام ومع تعجله للذهاب نسيه هناك ، فقرر أن يعود أدراجه نحو البيت لجلبه ، قالت له رباب دعك من التلفون ساعة من الزمن ، فقال لها لايمكن فمن يملك شركات كشركات التنوير خاصتي لايمكنه أن يستغى عن تلفونه  فهناك موظف أو زبون أو عميل يتصل في كل لحظة ، فقالت رباب بمكر : لقد  اقترحت عليك ضم شركتي الى شركات التنوير ومساعدتك  ولكنك رفضت مع أني أملك العلم والخبرة الكافيه التي تملكها أنت ، فقال غانم : عليك أن تكتفي بشركة السروات التي كتبتها بإسمك وإجتهدي بها ، فقالت رباب : وماذا تأتي شركتك التي أعطيتني إياها بجانب شركات ليلي التي تديرها ، يكفي إسمها وعراقتها ، فقط قل شركة التنوير تجد آلاف العملاء يهبون اليها ، فقهقه غانم وقال منتشياً : أجل لقد ورثت ليلي عن أمها وجدها شركات ذات سمعة ومركز كبير .

 

كانت منهمكة رغد في  تبديل المفاتيح في القفل عندما شعرت بيد تمسك شعرها من الخلف وصوت تعرفه جيدا يقول : لن أرحمك انك تلعبين بالمنطقة المحرمه ماذا تفعلين هنا ها ؟ ، التفتت رغد بصعوبة نحو السيد غانم وبصوت مخنوق ومرتجف قالت : سيدي أنا لم أصعد هنا من دون سبب ، لقد سمعت صوتا وطرقا من هذه الناحية وجميع الخدم كانوا مشغولين بأعمالهم وأنت والسيدة لم تكونا موجودين  لأستدعيكم للحضور الى هنا فقررت أن أصعد وأستكشف الأمر ، فقال غانم وهويكز على أسنانه بغيظ  : لو رأيتك تدعسين درج السلالم مرة أخرى سأرميك الى الكلاب التي بالخارج،  وأنفك هذا لاتدسيه بما لا يعنيك ، أنت تعلمين أن هذا المكان هو مختبر خاص لتجاربي والصوت الذي تسمعينه هو ناتج عن تجاربي الخاصة التي أترك فيها المواد  طوال الليل لتتفاعل في المرجل  فتصدر فقاعات تشبه الأصوات التي تسمعينها ، هل فهمت الآن ايتها الفضولية ؟، أرخت رغد نظرها نحو الأرض وقالت أجل سيدي أجل أرجو المعذرة فهمت الآن ، هل تسمح لي بالعودة لاطمئن على الطفل

في مساء اليوم التالي استدعي السيد  غانم  رغد الى مكتبه ، وكانت برفقته رباب  التي بادرت بالكلام قائلة  : لقد أخبرني السيد بما قمت به في الطابق العلوى يوم أمس ، أعلم أن نيتك خير وأنك كنت ترتابين من حركة ما ، ولكن البيت هنا هادئ والجميع يعيش فيه بسلام ولا يوجد ما يجعلك ترتابين منه  إنها مجرد تجارب خاصة قام بها السيد، وصوت التفاعل الذي سمعتِه هو جزء منها."

 وقد اعتدنا على تلك التجارب وعلى ما يصدر منها من أصوات ،حينها إستطرد  السيد غانم الكلام نحو رغد وهو يأمرها :  لا داعي لتبرير موقفك لقد فهمت الوضع الآن على ما أعتقد ، ولكن إياك أن تعيديها مرة اخرى وإياكي والصعود الى الطابق العلوى ، فردت رغد بخجل : أجل سيدي لن أفعل  ، فرد السيد غانم  : حسنا ،الآن  أريدك  أن تفتحي الباب ستجدين رجلا خارج السور  يبقي رأسه وعينيه مسمرتين نحو النافذه ، فقلت : ذلك الرجل ذو الجاكيت الرمادي اللذي رأيته من النافذه ، فقال السيد : نعم ذاته أريدك أن تبعثي له برسالة مع عزيز يبدو أنه يشتبه بك ويعتقدك شخصا آخر ، كتب لها كلمات الرسالة،  فستلمتها منه وذهبت نحو الخارج ، نادت عزيز وسألته لماذا الأضواء مطفأة بالحديقة على غير العادة فقال لها:  لقد تعطل خط إنارة  الحديقة منذ ساعة فقالت  رغد : هل ترى ذلك الشخص الواقف خارج السورالذي ينظر بإتجاهي  فقال : أجل  ، فقالت : أريدك أن تعطيه هذه الرسالة وقبل أن تسلمها له فتحت الورقة وعلى الضوء الخافت من عمود الكهرباء الواقع  خارج السور إستطاعت أن تقرأ ( عليك الذهاب من هنا فأنا لست من تعتقد ، انتهي كل شئ ) كل ما حصل كان يمكن ان يكون مقبولا ويجعلها تصدق ما قاله السيد غانم لولا الجملة الأخيرة التي أدخلتها في حيرة (وهي انتهى كل شي )ماذا يعني ذلك ؟!!! الجملة تعني وكأن هذا الشخص له علاقة بشبيهتي وتريد أن تنهي العلاقة معه .









في إحدى المرات كانت رغد تساعد دلال في إعداد فطيرة التفاح ، قالت رغد هل كان لإبنة السيد خطيب أو حبيب تركته ورحلت ، فقالت دلال : كان هناك شاب أحبته وأحبها بشغف وتقدم لخطبتها ولم يوافق السيد وقال لها : إنه لا يناسبك وليس من مستواك إنه يطمع بأموالك ويمثل عليك الحب ، فقالت رغد :  وهل استسلمت لرأي أبيها ، فقالت دلال : على ما أظن فعلت ذلك لأنها حزمت حقيبتها بعد قتال عنيف مع والدها وإمرأته وسافرت عند خالها خارج البلاد

مساءا استغلت رغد غياب السيد والسيدة عن البيت وتسللت نحو الخارج وما كادت قدماها تتعدى حدود السور حتى شعرت بخطوات سريعة تقترب منها وتمسك بذراعها بقوة أرادت أن تصرخ ولكنه وضع قبضته القويه على فمها وراح ينظر اليها بتمعن ثم أرخى قبضة يده عن فمها وسألها : من أنت؟ فردت رغد بغيظ : بل أنت من تكون طوال الوقت تقف كالخشبة أمام النافذة تنظر للداخل ما بك ؟ فقال لها : إنك تشبيهنها كثيراً ، لون شعرك وتسريحته وطولك ونحافتك ظننتك هي !!! فقلت من هي تلك التي تتحدث عنها وتشبهني ، فقال الرجل:  ليلي ، فقلت بتعجت هل تقصد ليلي إبنه السيد !!! فأجاب الرجل نعم هي ، فقلت : وما شانك بها إن ليلي خارج البلاد منذ ثلاث سنين ، فرد الرجل  في آسي : ذهبت الى أبيها كي أخطبها لقد أحببتها بجنون وهي كذلك واتفقنا على الزواج ولكن والدها طردني واتهمني بأني أطمع باموالها حاولت أن أفهمه بأني أحبها لنفسها ولا يهمني ما تملك من مال ، ولكنه زاد إصراره بالرفض ولم يرحم توسلات ليلي بتركنا وشأننا وقد قالت له : أنها لاتريد أموالها إن كانت الثروة ستقف في وجه حبنا ، ولكنه صرخ في وجهي وقال لي أغرب عن وجهي أيها الحقير وطلب من الخدم إخراجي من البيت وأمسك بيد ليلي وأخذها الى الأعلى نحو غرفتها ، ومن وقتها لم أرى ليلي ، جاءتني منها رسائل بأنها ذهبت عند خالها وأنها قد بدأت تتاقلم على البلد هناك وتحبها ، وبعد خمسة شهور جاءتني رساله أخرى من ليلي تقول فيها أنها قد تزوجت وهي سعيدة بزوجها وتتنمي لي أن أجد  الزوجة المناسبة لي ، فقلت له : حسنا ما الغريب بالأمر ربما تكون ليلى قد تاقلمت هناك على البعد ووجدت الرجل المناسب لها الذي جعلها تنسى حبك ، فرد بغضب : ليلي لايمكن أن تتركني وتسافر لا يمكن أن تفعل ذلك !!! انها تحبني وقد تعاهدنا على الزواج ولن يفرقنا سوى الموت ، لن أصدق ان ليلى قد غيرت رأيها بحبنا  في يوم وليلة ، فقلت : ولكنها بعثت لك بالرسائل وهي بكامل حريتها ولو أرادت أن تكون بقربك لما تزوجت وبعثت لك بأن تتزوج وتنساها ، وقد علمت أنها جاءت قبل سنة الى هنا وكانت تخبر الجميع بأنها سعيدة  بحياتها الجديدة ، فقال الرجل : للأسف لم أستطع مقابلتها لأتحدث معها كي تشرح لي الأمر ، لذلك بقيت طوال الوقت أرصد قدومها لأتمكن من مقابلتها والحديث معها وجه لوجه فالرسائل التي تبعثها لي لاتفي بالجواب الصريح عما يدور في عقلي من تساءلات محمومة وحينما وصلت لم أتمكن من مشاهدتها إلا من خلال النافذة وهي تدير ظهرها لي ، وبعدها أرسلت لى رسالة  مقتضبة تطلب مني أن أتركها وشأنها حتى أنها لم تنظر لي من النافذة لتودعني ،  وفجاة سمعت من بعيد صوت عزيز يصرخ : من هناك ، فقلت للرجل :  ما إسمك قال عادل جبري ، قلت له وأنا أتوجه مسرعة نحو البوابه لنا لقاء آخر لن أتاخر عليك ، قابلني عزيز وصرخ علي بغضب وقال : ما الذي أخرجك دون علمني ألا تعلمين بأن خروجك دون إذن يغضب السيد وسوف يتسبب هذا الأمر في طردك ، فقلت له بتوسل أرجوك لا تفعل هذا لا أريد أن اترك عملي ليس لي دخل اخر أو أهل يصرفون على وإن تركت العمل سوف أجوع ، فرد بهدوء : إذن لماذا لا تتبعين التعليمات الموجه اليك بعدم الخروج دون إذن من السيد نفسه ، لقد أصر السيد على هذا الأمر وشدد على ذلك .


الى اللقاء في الجزء الثاني 
تفاعل :

تعليقات