القائمة الرئيسية

الصفحات

تلخيص رواية كأنك لا تراها: ماري هيغينز كلارك - إعداد وإشراف: رجاء حمدان




لسماع الرواية والاشتراك بالقناة ...قناة راجو شو... الرابط التالي : 




تلخيص رواية

 كانك لاتراها - ماري هيغنيز كلارك
 إعداد وإشراف - رجاء حمدان






 حاولت لايسي فيما بعد أن تعزي ذاتها بأنها, حتى لو كانت قد وصلت قبل الوقت بدقائق معدودة , فإنها لن تتمكن من انقاذ إيزابيل, بل ربما كانت قُتلت معها. لقد دخلت المنزل مستعملة المفتاح الذي سُلم إليها بصفتها وكيلة عقارية. وفي الدقيقة التي نادت فيها على إيزابيل, سمعتها تصيح (لا, لا...!) ثم تردد دوي رصاصة نارية . إنسلّت بسرعة داخل خزانة البيت . إختبأت هناك عندما ركض رجل أشقر الشعر, أنيق الملبس. تمكنت من رؤية وجهه بشكل واضح , إنه كورتيس كالدويل الذي رافقته في جولة على الشقة في وقت فائت من النهار, السيد الانيق القادم من تكساس . راقبته وهو يعبر مقابلها يمسك في يده اليمنى مسدساً ومتأبطاً حافظة أوراق جلدية تحت يده اليسرى . وثبتْ خارجة من الخزانة ودفعت الباب وأقفلته وراءه . إنتفض كالدويل ملتفتاً, والتقت عيونهما . انقضّ على الباب, ولكنه كان قد أقفل قبل أن يصل إليها. أسرعت لايسي لتطمئن على إيزابيل . عبرت من حجرة الجلوس, تلك الحجرة التي قعدت فيها على الدوام مع إيزابيل, تنصت إلى الأم الحزينة وهي تردد أنها لا تصدق أن موت ابنتها هيذر كان مجرد حادث . انتقلت إلى حجرة النوم , ووجدت إيزابيل مرتمية, ويدها المملوءة بالدماء تشد بقوة على مجموعة من الأوراق. 

كان ذلك قبل عدة أسابيع, بعد عيد العمال عندما رن تليفون لايسي فاريل, وكانت على الجهة الثانية من التليفون , إيزابيل وارينغ تقول : *آنسة فاريل, معك إيزابيل وارينغ, تقابلنا في الربيع الفائت حيث قمت ببيع شقة في المبنى الذي اعيش فيه . الآن أريد ان اطرح شقة ابنتي للبيع, وأود أن تتولي أنت هذا الموضوع *. حددت معها موعداً في صباح اليوم الذي يلي ذلك اليوم . أخرجت ملف الرقم الثالث شرق الشارع السبعين و بدات مباشرة بدراسته. عرفت لايسى من تيم المسؤول عن صيانة الرقم الثالث شرق الشارع السبعين أن إيزابيل وارينغ هي ام هيذر لاندي, المغنية والممثلة الصبية , إبنة صاحب المطعم الشهير جيمي لاندي , والتي ماتت في حادث سير الشتاء الفائت . قال تيم: السيدة إيزابيل غير مقتنعة بأن وفاة هيذر كان مجرد حادث . 

 في صباح يوم الثلاثاء قامت ايزابيل بالكشف على شقة ابنتها مع لايسي, وقالت لها إيزابيل : *رغبت في ان اعلم ما الذي تسبب بمقتل ابنتي. ما الذي جعل ابنتي تركض تاركة منتجع التزلج , ولم تنتظر لترجع مع أصدقائها في صباح اليوم الذي يليه كما كان مقرراً أساساً . إن ابوها يريدني أن أتوقف عن مطاردة الكل , و اعتقد أنه على حق, الحياة يجب أن تستمر. انتقلتُ إلى كليفلاند بعد انفصالي عن زوجي . كانت هيذر في الخامسة من العمر ذلك الوقت . كنت آمل أن تلتقي هيذر برجل عمرها , لكنها كانت مصممة على إعطاء الأولوية لحياتها المهنية والعمل , مع أنه بدا لي قبل موتها أنها ربما التقت شخصا ما . لقد لمست ذلك في نبرة صوتها . ماذا عنك أنت لايسي؟ هل هناك رجل قريب عليك في حياتك ؟*. حينها ابتسمت لايسي بشيء من خيبة الامل , وقالت : لا يمكن القول حقاً إن لدي رجلاً مميزاً في حياتي, فأنا منشغلة بعملي . خلال الأسابيع التي تليها أحضرت لايسي ثمانية زبائن من الممكن ان يشتروا الشقة لمعاينتها . قال لها ريك باركر إبن مسؤولها : *ار. جي. بي. يسأل إن كانت لديك عروض جدية على شقة وارينغ * كان ريك يشير إلى ابوه بأحرف ار. جي. بي. وخرج عندما جاوبته بالرفض . كان ريك صعب المزاج هذا اليوم . ما الذي يشغل راسه ؟ وكيف يكترث لشقة وارينغ حين يخوض ابوه مفاوضات لبيع فندق بلازا ؟!.

إعتادت إيزابيل على ان تتصل بلايسي باستمرار يوميا , وغالباً ما تدعوها بإصرار لمقابلتها في الشقة . رن التليفون , غير أنها تركت الإتصال للمجيب الآلي, سمعت صوت إيزابيل يقول: *عثرت على مذكرات هيذر في الخزانة الضخمة . ثمة شئ فيها ما يجعلني اظن أنني لست مجنونة, وأنني على حق باعتباري أن موتها لم يكن عرضيا . اظن أنه في إمكاني الآن ربما أن أثبت أن أحداً ما أراد ان يتخلص منها *. 

في صباح اليوم الذي يليه , قال ريك للايسي إن هناك زبوناً يرغب في أن يشتري الشقة , إسمه كورتيس كالدويل, محام سيرتحل من تكساس, يبحث عن شقة بحجرة نوم واحدة . رافقت لايسي الزبون إلى الشقة. وحين دلفا إلى الشقة, وجدا إيزابيل هناك في المكتبة تتفحص بعض الأوراق . وحين رأى كالدويل الشقة بدا من الجلي على وجهه أنها أعجبته, ولم يعترض إطلاقاً على السعرالمطروح . وأبدى رغبته في ان يشتري الشقة . وعندما تحدثت لايسي مع إيزابيل قالت لها إيزابيل : *إنسي الموضوع ! لن أبيع الشقة, إنني بحاجة إلى المزيد من الزمن هنا*. حينها عزمت لايسي على ان ترجع لها في وقت لاحق للتحدث معها فيما حدث . وبعدما ترك كالدويل المبنى توجه إلى كشك الهاتف العمومي واتصل برقم وقال : *كنت على حق. لقد عثرتْ على اليوميات. ويبدو أنها غيرت رايها بشأن بيع الشقة. سوف أهتم بهذا الموضوع *. ثم أقفل الخط . دخل ساندي سافارانو الذي كان يُعرّف علي نفسه بإسم كورتيس كالدويل , إلى إحدى الحانات , وطلب كأساً من النبيذ . 

إتصلت إيزابيل بلايسي, وقالت لها : *لايسي, تعالي إلى الشقة, ثمة في يوميات هيذر تفاصيل باعتقادي قد تكون على قدر كبير من الاهمية . إستخدمي مفتاحك للدخول*. في الدقيقة التي فتحت فيها الباب ونادت إيزابيل, سمعت الصيحة و صوت الرصاصة النارية .تسمرت في أرضها لثانية, ثم صفقت الباب بقوة , واختبأت داخل الخزانة قبل أن يركض كالدويل على الدرج مسرعاً , ويندفع خارجاً إلى الساحة , شاهراً سلاحه , ومتأبطاً حافظة جلدية . اقفلت الباب بقوة وأقفلته بالمزلاج, ثم هرعت إلى حجرة إيزابيل . كانت إيزابيل لا تزال تتمايل وهى على قيد الحياة , تشد على رزمة أوراق محاولة انتشالها من تحت الوسادة . كانت إيزابيل تكافح للتكلم , وقالت لها : *لايسي أعطي يوميات هيذر إلى ابوها . إليه وحده. إقرئيها أنت. اوعديني بذلك أرجوك !*. ثم إختفى صوتها , وفارقت الحياة .

كورتيس كالدويل كان يحمل تلك الحافظة الجلدية . ولكنه لم يلاحظ أن إيزابيل اخذت منها بعض الأوراق والصفحات التي أخذتها لايسي فيما بعد , و اصبحت الآن في محفظتها . قالت لايسي كل ما جرى للمفتش , ولكنها أخفت عنه أمر المذكرات التي أعطتها إياها إيزابيل . لمحت ريك يقول أمراً ما للمفتش بصوت خفيض , أمر لم يكن في مقدورها سماعه. وبعد عودتها إلى المنزل , أخذت حماماً ساخناً , ثم خلدت إلى النوم . أفاقت على صيحة مرتفعة , إنه رنين تليفونها . كان صهرها, جاي زوج شقيقتها , يتصل بها. قال لها : *سمعنا في نشرة الأخبار خبر مقتل إيزابيل وارينغ . وقالوا إن هناك شاهدة. آمل ألا تكون الشاهدة أنتي *. أجابت *بلى, أنا الشاهدة *. كانت لايسي قد أخبرت شقيقتها كيت بقصة شقة إيزابيل قبل مقتلها. أقفلت السماعة مع جاي , وآخر ما خطر في بالها وهي تغرق في النوم , كان أمراً قاله جاي أثناء مكالمتها , قال: إنه ليس من الجيد في اي حال من الاحوال أن يكون الواحد شاهداً. ترى , ما الذي دفعه لقول ذلك ؟. 

بعد أن أوصل ريك لايسي إلى بيتها , إتصل بابيه وقال : * قبل أن تسألني, لم يكن أمامي أي خيار ثاني . اضطررت ان اذهب إلى هناك لأن لايسي قالت للشرطة إنني أنا من أعطاها رقم كالدويل, فنادوني . أبي, لا تقلق. لا أحد يعرف أنني كنت على علاقة بهيذر لاندي*. هرب ساندي سافارانو من شقة إيزابيل , بعد أن قضى على إيزابيل , وحصل على الحافظة , وهي المهمة التي أوكلت إليه من البداية . وإن طرحتْ فاريل له أي مشكلة , فسوف يجد وسيلة للقضاء عليها هي أيضاً . فتح سافارانو سحاب الحافظة ونظر الى ما في داخلها , ووجد جميع الأوراق بيضاء خالية من أي حرف , ولا بدّ أن الصفحات الاصلية لا تزال في الشقة !! 

  أفاقت صباحاً في السابعة إلا ربعاً . كانت مرتعبة مما ينتظرها في هذا اليوم . فقد طلب منها المتحري سلون ان تتوجه إلى مركز الشرطة , والتعاون مع رسام من أجل وضع صورة توضيحية لوجه كورتيس كالدويل . بعد انقضاء ثلاث ساعات على تواجدها في قسم الشرطة , لم يتمكن الرسام في الخروج بصورة تجدها قريبة لصورة الرجل الذي شاهدته في شقة إيزابيل . قال لها المفتش سلون: لقد كنتِ في حال صدمة البارحة , ولكنك مع ذلك تذكرت أن تأخذي حقيبتك من الخزانة وأنت مندفعة الى الخارج , وأصررتِ على حملها بيدك ! هل وضعت شيئاً في تلك الحقيبة قبل وصولنا ؟ لم تجب على اسئلة المتحري , بل نهضت واستأذنت بالإنصراف . قررت لايسي أن تطبع نسختين من المذكرات التي بحوزتها , وتسلم المخطوطة الاساسية للمفتش سلون .    

بعد رجوعهما من المطعم , تمت كل التخطيطات لحرق جثة إيزابيل . توجه جيمي لاندي و معاونه ستيف أبوت على الفور إلى مكتب جيمي , وقال جيمي: *والداي, وابنتي وزوجتي السابقة , سيرقدون سوية هناك . يبدو لي أن المسألة غير عقلانية على الإطلاق, ألا تظن ذلك يا ستيف ؟ إيزابيل كانت امرأة مسالمة . لا يمكن القول أنها كانت تتفاخر بمجوهرات باهظة الثمن , بل لم تكن تملك أي قطعة مجوهرات . ذلك الرجل الذي تزوّجَته , وتوفي منذ ثلاث اعوام , وارينغ, لم يترك لها اي نقود , وها هي قد قتلت!*. كانت الدموع تفيض من عينيه .

 بعد خروج أبوت تلقى جيمي اتصالاً من موظفة الهاتف , قالت : *ثمة سيدة اسمها الآنسة فاريل ترغب في ان تتحدث إليك . وتقول إنها الوسيطة العقارية التي كانت السيدة وارينغ تتعامل معها*. أجاب بقوة : *حوليها لي*. 

بعد أن انتظرت لايسي خروج كل العاملين من مكتبها , نسخت نسختين عن مذكرات هيذر, واحدة لابوها , والثانية لها هي ذاتها , والأصلية ستعطيها للشرطة . وسلمتْ نسخة جيمي لاندي له , وخرجت من مكانه , ولم ينظر إليها حتى وهي تغادر من المكتب. 

 حين وصلت لايسي إلى شقتها, كانت الفوضى تفيض بالشقة. اتصلت بالشرطة . طلبت من المتحري سلون أن يرافقها إلى مكتبها في الشركة , وهناك سلمتهم المذكرات الأصلية لهيذر , وقالت للضابط : *كنت أفي بوعد اعطيته لامرأة تحتضر . طلبتْ مني أن أقرأ تلك المذكرات , ومن ثم أعطيها لابو هيذر لاندي , وهذا ما فعلته بالضبط . حملت إليه نسخة هذه الليلة *. ولم تقل عن النسخة التي طبعتها لنفسها, وكانت في درج مكتبها المقفل بالمفتاح . أخذها المفتش إلى مركز الشرطة ليتحرى معها. ثم سمح لها المفتش بان تخرج , بعد أن حذرها من أنها قد تواجه تهماً رسمية بإزالة براهين من ساحة الجريمة وإخفائها . في اليوم التالي تلقى المفتش اتصالاً من المتخصص في قسم بصمات الأصابع . وجد أن إحدى البصمات على يد الباب في شقة لايسي تطابق بصمات ساندي سافارانو , مجرم من الصنف البسيط الذي كان قد توفي منذ سنتين بانفجار !!. 

 كانت الفرصة قد سمحت للايسي أخيراً لاخذ صفحات المذكرات من مكتبها , وبالكاد اخفتها في حقيبتها . استدعاها ريتشارد باركر الوالد إلى مكتبه ليبلغها تعليق اشغالها , بسبب جلبها للبوليس إلى الشركة في اليوم الماضي . وأيقنت لايسي عملياً أنها باتت بلا اي عمل . قررت لايسي ان تذهب إلى المحامي جاك ريغان , الذي يعيش في الطابق الخامس عشر في المبنى الذي تقطن فيه . رحب بها المحامي وزوجته . خرجت لايسي بعد ساعة, وقد اتفقت مع ريغان على أن يمثلها في حال وجهت إليها تهمة الإحتفاظ بأوراق المذكرات .

 ذهبت لايسي إلى منزل شقيقتها كيت . شدت بوني, ابنة شقيقتها , الباب بقوة وفتحته . وفي الدقيقة التي رفعت ذراعيها نحو لايسي لتحتضنها , دوت طلقات نارية . ألقت لايسي بجسمها إلى الأمام , مغطية بوني بجسمها . بدا وكأن الصرخات كانت تاتي من قلب البيت . وملأت الدماء المنسابة من جسم بوني المكان !!!! وبعد ساعات كانت بوني في صحة جيدة في المستشفى . لقد نجت بوني بمعجزة , هناك فقط إصابة في يدها . وفي قاعة الإنتظار في المستشفى , وجدت مفتشين ليتثبتوا من رجعتها بصحتها الى بيتها , بطلب من مكتب المدعي الفدرالي العام غاري بولدوين 

 غير أن الإتصال الذي تلقاه غاري جعله يستشيط غضبا , فقد سرقت مذكرات هيذر من مركز الشرطة . والمفتش سيذهب إلى بيت جيمي لاندي ليأخذ النسخة قبل أن تختفي هي الثانية . استدعى لايسي للحضور إلى مكتبه. قال لها: *إن الرجل الذي تعلمينه بإسم كورتيس كالدويل, هو قاتل بلا ضمير ولا رحمة . إننا بحاجة إلى شهادتك لمحاكمته و توقيفه . إن القانون يخولني توقيفك بصفتك شاهدة اولى . هذا يعني ان تظلي تحت الحراسة أربعاً وعشرين ساعة في اليوم في مكان خاص *. 

 جالساً في صمت في مكتبه بعد أن اغلق الباب , تفحص مذكرات هيذر. كل شيء هنا, مكتوب في صفحاتها . راح يقلب الصفحات . بقع الدم عليها نشفت منذ مدة طويلة . لم تظهر لايسي منذ ثلاثة أشهر . إما أن يكونوا قد احتجزوها , أو أنها في مأمن ضمن برنامج حماية الشهود . يبدو أنها طبعت نسخة من المذكرات سلّمتها لجيمي لاندي , وليس من المستبعد أن تكون قد طبعت نسخة ثانية لها . لقد رجع ساندي سافارانو إلى الاختفاء من جديد , ولكن وبعد أن كشف عن إهمال سخيف له . فقد سمح للايسي أن ترى وجهه , وترك بصمة في شقة فاريل قادت إلى ان تربطه بالسرقة . ينبغي إذن العثور على لايسي , و بعث ساندي للقضاء عليها , وعندها, ربما , و ربما فقط , يصبح في مامن أخيراً . 

 الأسم المكتوب على الجرس في المبنى الصغير السكني كان أليسْ كارول . كانت في عيون جيرانها مجرد امرأة جميلة شابة في أواخر العشرينيات, لا تعمل , ولا تخالط الناس . كانت لايسي على ايمان أنهم يصفونها على هذا النحو . تتذكر كيف امروها منذ ثلاثة شهور ان ترحل , وأوصوها ألا تحمل أي غرض قد يدل على اسمها أو صور عائلية . كان الأمر أشبه بعطلة اجبارية . تذكرت حين قال لها مدربها : *كل ما تعلمينه غير موجود. إنسي كل ما يمت إليك من الماضي, ثمة أغنية قديمة لجيري تقول : أدَّعِ أنك لا تراها ابدا , فات الأوان للفرار , لا تدع عينيك تنظران اليها , كأنك لا تراها*. في تلك الدقيقة اختارت لايسي إسمها الجديد أليسْ كارول , تيمناً بأليسْ في بلاد العجائب . 

صمّت الضجة لاعمال الاصلاحات في الشقة المجاورة لشقة هيذر لاندي سابقاً أذنَي ريك باركر . لقد أزالت البوليس الحظر عن هذه الشقة , وتم تكليفه بيعها لحساب المالك . خرج من الشقة و راح ليتمشى داخل منتزه سنترال بارك . تذكّر حديثه مع المفتش سلون في موضوع جلبِه لكورتيس كالدويل , قاتل هيذر , لشراء الشقة . ركل كرة ثلجٍ كانت تعترض مسيرته . هل بدأت الشكوك تساور البوليس بشأنه لكونه هو الذي رتب هذا الموعد ؟ هل بدأ يساورهم الشك بأنه لم يكن هناك أي اتصال هاتفي من الاصل ؟ أنّب نفسه : كان يجدر بي ان اخترع قصة أفضل !. 

 أخرجت لايسي نسخة من مذكرات هيذر . سألت ذاتها ما الذي رغبت إيزابيل في أن أجده فيها ؟ لقد قرأتْ اليوميات إلى حد أنها حفظتها عن ظهر قلب . كانت اليوميات تتمحور بصورة عامة الاربع سنوات الماضية التي امضتها هيذر في نيويورك . ولكن كان هناك مقطع محدد أثار دهشة لايسي : *إنفجر ابي غضباً اليوم بجرسون في المطعم . فهمت ما كانت امي تقصده حين نبهتني بشأن مزاجه , ونصحتني بالتفكير بشكل كبير قبل أن أعلن له أني لا أود ان اعيش في الطرف الشرقي حين ارتحل إلى نيويورك. سوف يقتلني إن علم كم كانت على حق بهذا الموضوع . يا الهي كم كنت غبية !*. وفي المقاطع الأخيرة القليلة تشير هيذر أنها كانت قلقة للغاية بشأن موضوع ما . كتبت أكثر من مرة أنها واقعة * بين السنديان والمطرقة, ولا اعلم ماذا عليّ أن اعمل *.

 أغلقت لايسي المذكرات وشغلت الراديو ليؤنّسها بعض الشيء , فانبثق صوت يقول: *مرحباً, أنا طوم لينش, وسوف اكون معكم على إذاعة دبليو سي اي في*. طوم لينش !!! ذاك الإسم موجود على قائمة وضعتها لايسي بجميع الأسماء المتواجدة في مذكرات هيذر . كان طوم لينش من رجال الغرب الأوسط الأمريكي , يتولى برامج التوك شو التي تذيعها الإذاعة . كان لينش قد أعلن للناس أنه بالرغم من الصقيع القاسي في البلدة , سيقصد مركز توين سيتيز الرياضي , آملاً أن يرى بعضهم هناك . فاشتركت لايسي بالمركز الرياضي نفسه , وتعرفت هناك على طوم لينش , الذي ابتسم لها بعدما قالت له موظفة الإستقبال, إنها جاءت إلى المركز الرياضي عندما سمعتك تتكلم عنه في برنامجك . 

لم يكن للايسي أي تواصل مع اي شخص . الوقت يمر ببطء لا يطاق . تدبرت احوالها خلال الأيام الأولى بعد ان انضمت الى المركز الرياضي للتقرب من روث ويلكوكس , التي تعمل هناك , حتى باتت صاحبة لها نوعاً ما . وفي يوم قالت لها روث : *سألني طوم لينش عنك , اظن أنك تعجبينه*. حرصت لايسي على عدم اظهار الكثير من الإهتمام بلينش , غير أنها وضعت خطة لان تلتقيه . في الأسبوع الثاني, نجح ما خططته . دخل البار فوجدها جالسة بمفردها , وكانت جميع الطاولات مليئة . أشارت له , بدون إبداء الكثير من الانجذاب , إلى الكرسي الشاغر بالقرب منها . إقترب منها . تذكرتْ ما كان مكتوب بيوميات هيذر : *رافقنا رجل وسيم جداً إلى مطعم باريمور , يدعى طوم لينش, جذاب كثيرا . يقدم برنامجاً إذاعياً . كنت ارغب في أن يدعوني للخروج معه , ولكن لم يحالفني الحظ . لا يبدي أي نوع من الانجذاب نحوي , ولا بأي من الفتيات الأخريات . وفي مطلق الظروف , لا جدوى من الموضوع الآن*. وبعدها بثلاثة أسابيع فقط ماتت هيذر في الحادث. تساءلت لايسي ماذا كانت تعني هيذر: (وفي مطلق الأحوال, لا جدوى من الموضوع الآن) ؟؟!. اقترب منها لينش وتبادلا اطراف الحديث , وفي نهايته ذكر ابنة عمته كايت التي اشتغلت مع هيذر , وهي التي عرّفته عليها , وقال : *إبنة عمتي تشارك في كورس الفرقة المتجولة التي تقدم مسرحية (أنا والملك), العرض الأول يقدم في اليوم الاتي , لدي بطاقتان, هل تودين ان تذهبي معي ؟. 

 حان وقت الإتصال بالاسرة . الإتصال هذه المرة يتم من حجرة في نزل صغير. الإتصال لا يتمّ من نفس المكان لمرتين متتاليتين . ونفس الوصايا من جورج سفنسون لأليسْ ( كان جورج ينادي لايسي بإسم أليسْ) : *تذّكري ما اقوله يا أليسْ , إن تحدثتي عن المركز الرياضي , لا تُشيري إلى إسمه . لا يجوز ان تتكلمي عن الطقس . ولا يجوز ان تتكلمي عن الموقع, ولا حتى ذكر إسم سوبر ماركت , فقد يفضح ذلك كل الموضوع *. وبعد حديث طويل مع والدتها قالت امها : *بوني مشتاقة لك كثيراً. تعتقد أنك تختفين لأن أحد ما يحاول ان يقتلك . اظن أنها سمعت جاي وهو يتكلم مع شقيقتك كيت . إن جاي يتصرف على أفضل ما يكون , إنه يدفع نفقات شقتك , ويواصل تسديد أقساط التأمين عنك . و عرفت أيضاً من صاحبي أليكس أنه يجهز طلبية لتحضير مطعم الفندق والكازينو الذي سيفتتحه جيمي لاندي في أتلانتك سيتي , و من الواضح انه يخاف أن يلغي لاندي الطلبية إن عرف أنك من أقربائه . اتوسل اليك يا ابنتي قولي لي أين أنتي, وسيبقى الموضوع سراً بيننا *. حينها قالت لايسي : *أمي, سيحرمونني الحماية , ويطردونني إن عرف اي شخص في الموضوع .. أمي أنا في مينيابوليس *. تملّك لايسي إحساس بالانقباض و الضيق لاعتقادها بأنها ارتكبت خطأ كبيرا . 

 انقضت حوالي أربعة أشهر بدون أن تسمح اي فرصة للايسي لتعتني بملبسها . بحثت في خزانتها عن أي ثوب من الممكن أن يكون مناسباً لسهرة فلم تلاقي . لبست تنورة وكنزة , وانتظرت هاتف من طوم لينش. جاء طوم في تمام الساعة السادسة والنصف وخرجا سوية . بدأت تحس لايسي أنها تمضي معه سهرة مسلية طيبة . وأحست للمرة الاولى منذ الليلة التي قتلت فيها إيزابيل , أنها تستمتع فعلاً في اوقاتها . كان الحفل يجري في إحدى الضواحي الفخمة . تحدث معها مالك البيت , ويندل وودز , وعرض عليها شغلا بعد أن قالت له إنها تبحث عن شغل . وبعد انتهاء الحفل دعت لايسي كايت وطوم إلى منزلها لاحتساء القهوة . سعتْ وهي تسكب القهوة لتوجيه الكلام بشكل يمكنها من طرح إسم هيذر . قالت : *ذهبتُ إلى نيويورك قبل حوالي العام و النصف , ورأيت إعادة لمسرحية (الصديق). أذكر ممثلة شابة في الدور الاساسي . كان صوتها جميلاً جداً . أحاول أن أتذكر ما هو اسمها *. قالت كايت باندفاع : *هيذر لاندي ! لا بد أنك تذكرها طوم . فهي كانت مغرمة بك . قُتلت في حادث سيارة . خرجتْ سيارتها عن الشارع . والمسكينة امها لم تتقبل الموضوع . اتت إلى المسرح وتكلمت إلينا كلنا بحثاً عن سببٍ ما وراء الحادث*. فقال طوم : *هل كنتم على معرفة باي شيء ؟*. فقالت كايت : * قلتُ لها إنني انتبهت أن هيذر كانت في آخر أيامها ساكنة بشكل عجيب , وكأن هناك أمراً يضايقها . ثمة تفصيل كنت ارغب في أن أنقله لوالدتها , ثمة رجل صادقته في فترة قليلة بيل ميريل , روى لي أنه قابلها بعد ظهر اليوم الذي سبق مقتلها في بار النزل . كان بيل هناك برفقة اصحابه بينهم معتوه اسمه ريك باركر . يبدو أن ريك دبر مقلباً لهيذر في اول فترة من انتقالها لنيويورك. وقال بيل إن هيذر كادت تهرع لان تغادر الفندق ما إن لمحت باركر*. تحطم فنجان قهوة لايسي حين سمعت إسم ريك باركر , لكنها سارعتْ إلى إخفاء قلقها . وودعتهما فيما ذهبا إلى الباب. 

انتقلت منى فاريل , ام لايسي , إلى مانهاتن في موعدها المعتادة عليه كل سبت , لتناول العشاء مع صاحبها أليكس كاربين . كانت منى قد قالت لأليكس بأن لايسي قالت لها عن مكان إقامتها . وصلتْ للموعد تقريبا الساعة السابعة والنصف. وكان هناك كشك للجرائد . نزلتْ واشترت جريدة مينيابوليس , فبهذا تحس أنها أقرب لابنتها . وضعت الجريدة في كيس , وتوجهت إلى الموعد. وحين وصلت إلى المطعم رات أليكس جالساً في انتظارها , فأخذ أليكس منها الكيس ووضعه على الكرسي الفارغ . وبعد سهرة طويلة, رافقها أليكس إلى مركبتها في الساعة الحادية عشر والنصف. 

 قبل عشر دقائق من منتصف الليل جرت مكالمة هاتفية , كانت الرسالة واضحة : قل لساندي سافارانوا على ما يبدو إنها في مينيابوليس . في صباح الأثنين , استقل ساندي الطائرة ذاهبا إلى مطار مينيابوليس الدولي . كان الوجه الجديد بعد العمليات قد جعله رائعا في عيون الفتيات . كان قد جمع بعض التفاصيل التي تعطيه مؤشرات إلى الأماكن التي قد يلاقيها فيها. فالناس لا يغيرون ما يعتادون عليه . كانت خطته واضحة . سوف يتصل بالوكالات العقارية ويقول إنه يجري استطلاع راي بصفة غير رسمية لحساب الجمعية الوطنية للوكالات العقارية, وسوف يطرح سؤالاً هل وظفت الوكالة العقارية أي موظف من سن الخامسة والعشرين إلى سن الخامسة والثلاثين , وإن فعلت , هل كان الموظف رجلاً أم امرأة ؟ والخطة الثانية التي سيجريها في المراكز الرياضية , هو أنه سيعلن صورة لايسي على المراكز, ويقول إنها ابنته و تركت البيت بسبب مشكلة اسرية , وإنه يحاول العثور عليها. وبالفعل بدأ برحلته . 

 بعد أربعة شهور بعيداً عن شغلها , احست لايسي بسعادة لا يمكن وصفها في الجلوس وراء مكتب , مراجعة ملفات الشقق المتوافرة , بعدما تم قبولها في الوظيفة التي عرضت عليها خلال الحفل . وبعد العمل ذهبت إلى المركز الرياضي . اشارت إليها روث أن تدنو منها , وقالت : *عندي لك نبا . بدا طوم لينش غير سعيد حين لم تحضري بعد الظهر . حتى أنه اتاني يسأل عنك . اظن أنك تعجبينه*. احست لايسي بالمرارة , فطوم لينش معجب بشخص ليس له اي وجود في الحقيقة . غادرت على الفور إلى بيتها . وفي اليوم التالي التقت بكايت , فإنها ترغب في أن تعرف أكثر عن موضوع بيل صديق هيذر بطريقة غير مباشرة . و قدرت بأسلوبها أن تحصل على ما ترغب من معلومات. 

 ودّعت كايت , واتصلت بجورج سفنسون , وقالت : لدي تفاصيل جديدة بشأن مسالة هيذر , وعليّ أن أنقلها بشكل مباشر إلى السيد بولدوين . وبالفعل تم تأمين خطاً محميا لها في حجرة فندق , وتم الإتصال بالسيد بولدوين , قالت : *المسألة هي أني عرفت أن ريك باركر , الذي كنت اشتغل لديه , كان في منتجع التزلج الذي كانت تتواجد فيه هيذر لاندي قبل ساعات من مقتلها , وكانت في غاية القلق حين لمحته هناك . كما أن لكايت, إبنة عم طوم, والتي علمت منها هذه التفاصيل , صديق يدعى بيل ميريل. وهو مصرفي أعمال يشتغل في مصرف تشايس. وكان صاحبا أيضاً لهيذر و ريك . بيل قال لكيت إنه كان يتحدث مع هيذر في بار النزل خلال بعد الظهيرة التي سبقت مقتلها . وحين دلف ريك , قطعت الحديث بينهما و تركت البار فورا . و على ما يبدو كان ريك قد دبر مقلباً لهيذر عند وصولها إلى نيويورك قبل أربع سنوات *. وفي الدقيقة التي وضع المدعي العام بولدوين السماعة , قال لمعاونه : *هذا أول خيط حقيقي! باركر متورط في القضية من راسه حتى اخمص قدميه , ولايسي فاريل تعرف أكثر مما تصرح به * . 

 لاحظ طوم أن لايسي لم تعد تأتي إلى النادي الرياضي , فقرر ان يزورها و يطمئن عليها . وحين فتحت الباب, بدت لطوم أنها متعبة , بل في حالة صدمة كبيرة . دعته للدخول , فدخل وجلس عند حافة الأريكة , وقال لها : *الجلسة معك رائعة , ولكن لديّ سؤال أود ان اسالك اياه , هل ثمة رجل ثاني في حياتك ؟*. أجل, أجابت لايسي في رأسها , هناك رجل , لكن ليس بالمعنى الذي تعنيه . الرجل الذي في حياتي قاتل يلاحقني . نظرتْ أليسْ إلى طوم بدقة . في وسعي أن أحبك , وربما بدأت أقع في حبك . تذكرتْ أزيز الرصاصات بالقرب من رأسها , وكتف بوني الصغيره وهى تنزف . لا , لا يمكن القيام بهذه المخاطرة . لا يمكنني أن أعرّض طوم للخطر . فقالت: * نعم , اخاف أن يكون هناك أحد ما في حياتي *. أجابت وهي تقاوم احاسيسها لإبقاء نبرتها طبيعية . بعدها بعشر دقائق, غادر طوم . 

في الصباح حين دخل ريك باركر إلى مكتبه , كان هاتفه يرن . كان المفتش سلون يتصل به , قال له : *ريك, لم نتحدث منذ اسبوعين . يجدر بك أن تأتي لتراني اليوم . عند الظهر. لا تتأخر*. إنتفض ريك حين اغلق سلون الخط بشكل مفاجيء. تذكر في الليلة الفائتة قام بجولة على حاناته المحببة . وأنهى جولته في مطعم جيمي لاندي . في ذات اليوم , عرض ريك باركر الشقة مرة ثانية على زبونة اسمها شيرلي فوربس , التي شاهدت الشقة , وراحت تتكلم إلى ريك عن مقتل إيزابيل , ثم خرجت من الشقة . جلس ريك على كرسي وراء البار, وأخذ يتذكر كلامه مع هيذر. لقد اشترت منه شقة في نيويورك. ولكنها في الأسبوع الذي يليه طلبت منه إلغاء كل عملية الشراء , وطلبت منه أن يعيد لها الدفعة المسبقة التي سدّدتها. 

 اعطت المفتشة بيتي بوندز, التي قابلها ريك باركر ك شيرلي فوربس , تقريرها إلى المتحري سلون . قالت في تقريرها :*باركر في حالة من القلق لا توصف . ترى في عينيه الخوف كلما ذكر إسم إيزابيل مقابله , إلى حد أنه يرتعد *. في الساعة الواحدة , اتصل المفتش سلون بوكالة باركر وباركر , فقيل له إن ريك باركر كان لديه موعد و ترك المكتب . في صباح اليوم الذي يليه , بدا جلياً أن ريك باركر اختفى بكل سهولة , سواء قسراً أو طوعاً ... 

 وفي وكالة ميليسنت رويس حيث كانت تشتغل لايسى , لقد كان العمل لها أشبه بطوق نجاة, فيما كانت تتخبط وسط بحر من الياس , بسبب ترك حياتها الفائتة . وزادها الأمر حيرة أنها انقطعت عن المركز الرياضي التي كانت تنضم له , حتى لا تلتقي بطوم لينش . فقررت الإنتساب لنادٍ ثاني . 

كانت لوتي هوفمان تقرأ جرائد نيويورك كل يوم وهي تتناول إفطارها بمفردها . ظلت على مدى خمسة وأربعين سنة تتناول الفطور بصحبة زوجها ماكس . انقضى أكثر من سنة على رحيله, ولا تزال لوتي لا تصدق كيف خرج ماكس في ذلك اليوم للقيام بجولته الصباحية ولم يرجع . لفت انتباهها نبا في الجريدة : إختفاء ريتشارد باركر جونيور , مطلوب للإستجواب في مسالة مقتل إيزابيل . ماذا جرى له , تساءلت متوترة. قامت لوتي وأخرجت رسالة دونتها إيزابيل لماكس ليلة مقتلها : *عزيزي ماكس , قرأت في مذكرات هيذر , أنها كانت ستراك لتتناولا الغداء سوية . كان ذلك قبل خمسة أيام فقط من مقتلها . وبعد ذلك لم تأت على ذكرك أو على ذكر الغداء برفقتك . وبعد ذلك تشير المذكرات إلى أنها كانت قلقة ومشوشة البال . ماكس, أنت اشتغلت في مطعم جيمي خلال أول خمسة عشر عاماً من عمر هيذر . وكنت أفضل كبير خدم لدى جيمي , كانت هيذر تثق بك و تحبك , وآمل أن تكون فتحت لك قلبها حين التقت بك . هل يمكنك ان تتصل بي ؟*. سرحت لوتي بأفكارها تذكرت كيف قتل ماكس قبل يومين فقط من مقتل هيذر . صدمته مركبة ولاذت بالفرار . لم تكن إيزابيل تعلم بمقتل ماكس . حاولت لوتي أن تعاون إيزابيل. قالت لها إنها رات هيذر مرة حين كانت تقوم برحلة في المنتجع , فرات فتاة و فتى في ملابس التزلج يتعانقان , ولكنها آنذاك لم تعرف الرجل . وحين سألت ماكس عنه قلق قلقاً كبيرا , وقال إنه تاجر مخدرات و معروف انه محترف إبتزاز . ولم يكشف لي ماكس إسم الرجل . اصبحت لوتي موقنة أن ماكس قتل لأنه حذر هيذر من الرجل التي كانت تقابله . فكّرت لوتي , يمكنني ان اتعرف إلى هذا الرجل إن لمحته , لكن لا أحد يعلم ذلك والحمد لله. 

 لم يكن يعتري ساندي سافارانو أدنى شك بأنه سوف يجد لايسي في نهاية المطاف . فعلى الأرجح نوع العمل الذي ستبحث عنه, وطبيعة الترفيه الذي يستهويها كانا أكثر مما يكفي لاخذه إليها . كان الوقت حوالي الظهر حين توجه ساندي إلى (إيدينا) للكشف على وكالة رويس ويلتي , التي بالفعل تعمل فيها لايسي !. ترجل ساندي و دلف إلى الوكالة, وتحدث إلى ميليسنت, ولم يحصل على أي شيء يمكنه ان يفيده . لقد كانت مناورة أخرى فاشلة . النادي الذي يلي ذلك على لائحته كان مركز توين سيتز الرياضي. 

تحدثت لايسي إلى امها فترة أربعين دقيقة , حتى قدمت كيت وزوجها جاي لاصطحابها إلى العشاء , في مطعم أليكس , بدعوة من جيمي لاندي. قالت لها أنها انتقلت إلى نادٍ جديد لتلعب السكواش فيه . نبهت لايسي امها بألا تقول لأحد أين هي . خرجت أمها على الفور نحو السيارة. وفي وسعها أن تخبر كيت وجاي وأليكس ما الذي تفعله لايسي على الأقل للترويح عن نفسها . 

 كان طوم لينش خائب الامل منذ أن قالت له أليسْ أن هناك رجلاً ثانيا في حياتها . كان يأمل سراً أن تأتي أليسْ إلى النادي فيتكلم معها . لمح في أثناء خروجه أن روث ويكلوكس تتكلم إلى رجل أشيب . وعندما غادر الرجل سألها طوم عن أليسْ فقالت له : *لدي أنباء بالتأكيد ستفيدك . ذلك الرجل يبحث عن أليسْ, يقول بأنه ابوها . أخرج صورتها لي وسألني إن كنت لمحتها *. قال طوم:*أليسْ قالت لي إن ابوها مات منذ بضع سنوات, ماذا قلت له*. أكملت روث:* لم أقل شيئاً على الاطلاق . قلت له إنه لا يسعني أن أجزم . فقال لي الرجل: إن هناك مشكلة وقعت بين ابنته وزوجته , وإنه علم أن ابنته ذهبت إلى مينيابوليس قبل أربعة أشهر . وعلى ما يبدو أن زوجته الآن متعبة وترغب بأن تتصالح معها. ولكني لم أقل له أي تفاصيل *. علق طوم*تبدو لي هذه الحكاية ملفقة تماماً*. ثم خطرت له فكرة. إن لم تكن تقول الحقيقة عن ماضيها , هذا يعني أن الرجل الذي تقول أنها مرتبطة به قد لا يكون من الاصل موجودا . و شعر بأنه أفضل حالاً لمجرد هذه الفكرة . 

 عمل سلون خلال الأشهر الأربعة على جمع سيرة كافية عن ريك باركر. فهو إبن وحيد. في سن الواحدة والثلاثين . طرد من مدرستين خاصّتين عاليتي المستوى لحيازته المخدرات . وهناك شبهات ببيع المخدرات . قبل خمس اعوام دفع والد ريك مبلغاً كبيراً من المال لتسوية شكوى بالاعتداء الجنسي, قدمتها سكرتيرة صبية ضد ريك . وعلى أثر هذه الحادثة , قام باركر الأب بقطع الموارد عن ولده . وبات يتقاضى راتبه الأساسي زائد عمولة على صفقات البيع , مثل سائر العاملين في الوكالة . 

 بعد أن أقفلت الخط مع امها , أوصلها سفنسون إلى بيتها . وجدت رسالة من طوم في انتظارها : (أليسْ, من الضروري أن أراك في اليوم الاتي . أرجو أن تتصلي بي). وقد ترك رقم تليفونه . كما وجدت أن روث قد اتصلت بها , وتطلب منها ان تاتي إلى النادي. وصلت لايسي إلى مركز إيدينا الرياضي , وطلب منها ان تنتظر في مكتب الإستقبال. أنهت المديرة مكالمتها الهاتفية قائلة : *نعم بالتأكيد سيدي. لدينا منشآت جديدة وملعب سكواش رائع . نرجو منك أن تاتي لزيارتنا*. 

 بينما كان المفتش سلون في طريقه إلى منزل ريتشارد جي باركر الأب, فكر سلون بعض الشيء : إن قيام لايسي باخذ المذكرات من مسرح الجريمة أمر أضرَّ بمجريات التحقيق , غير أن إقدام شخص على سرقة المذكرات من مركز الشرطة , أسوأ بكثير ولا يقارن . ولم تتوقف القضية عند هذا الحد بل على الأرجح سرقت صفحات من النسخة التي سلمها جيمي لاندي فيما بعد . وبعدما وصل سلون إلى منزل باركر , فتحت له الباب شابة جميلة ترتدي زي خادمة . قالت له: إن السيد باركر سيستقبلك في المكتبة . قال سلون لباركر الأب: *جئت إلى هنا لبحث مسألة ولدك . إنه على وشك أن يصبح مشتبهاً به في قضيتين قتل . إن إبنك هو الذي مهد الطريق للمجرم حتى يدخل إلى شقة إيزابيل . هذا وحده يكفي لان نعتبره شريكاً في التحضير للجريمة. كما أن ولدك مدمن على المخدرات . ويجب أن تشجعه على أن يسلم نفسه للعداله . وإلا, فقد تواجه بذاتك تهماً*. ظهرت على وجه باركر بقع حمراء فضحت قلقه , قال باركر : *لا اعلم أين هو !*. فقالت سيلينا باركر , وكانت واقفة عند الباب : *ولدي في عيادة لتأهيل مدمني المخدرات في هارتفورد, وزوجي يقول الصدق حين يؤكد أنه لا يعلم أين هو ولده , فقد جاء ريك طالباً مني المعاونة وكان والده منشغلاً بمواضيع أخرى ذلك النهار* !!. 

جلست لايسي لا تنبس ببنت شفة في مركبتها , تفكر في حياتها التي في حال الفوضى الكبيرة . فهاهي, على بعد مئات المسافات من اسرتها , تعيش حياة غير جديرة بهذا الإسم, وحيدة ومعزولة. إنها تحيا كذبة حاصرتها وأطبقت عليها, تجبرها على ان تدعي انها انسان آخر . لمجرد أنها كانت شاهدة على جريمة . تجد نفسها أحياناً تتمنى لو لمحها القاتل في الخزانة . فكرت يائسة أن ذلك أسهل بكثير من ان تحيا على هذا النحو . خرجت من مركبتها . وحين استدارت لاقفال الباب , أحست بيد على كتفها . كان ذلك طوم. قال : *يجب أن نتكلم سوية . والدك يجوب مينيابوليس بحثاً عنك لأن امك تحتضر*. شعرت لايسي بشفتيها باردتين وانقبض صدرها. فقال طوم : *هل هذا صحيح؟*. هزت رأسها. قالت: * اتوسل اليك طوم, إرحل*. قال: *لن أرحل, أليسْ اعلم أنك في ورطة ولكني سأقف الى جانبك *. نظرت لايسي إلى الرجل الذي يقبع مقابلها , وهو تماماً الرجل الذي كانت تأمل أن ترتبط به ذات يوم. لكن ليس الآن ! ليس هنا! ليس في موقف كهذا !! لا يمكنني أن اضعه في خطر في هذا الوضع, قالت لنفسها. قالت له : *طوم, اذهب علي أن أتصل باسرتي , وسأتصل بك بعد ساعة*. فقال لها : *عليك أن تقولي لي أمراً واحداً بصراحة, هل هناك رجل ثاني في حياتك ؟*. فقالت: *لا, ليس هناك رجل*. حينها قال وهو يغادر : *سأنتظر اتصالك. أعطيتيني بشرى رائعة جداً, وأملاً جديداً هائلا *. هرعت لايسي تتصل أولاً على والدتها فقالت لها : *أمي لمن قلت إنني هنا ؟* فقالت والدتها : *لم أقل لأحد إطلاقاً*. حينها قالت لايسي : *يا إلهي* وأغلقت الخط ثم تكلمت مع النادي فقالت لها المديرة : * جاء ابوك يا أليسْ يسأل عنك. أعطيته عنوانك. لا اعتراض لك على الموضوع , أليس كذلك ؟ غادر في توه , قبل دقيقتين فقط !!*. لم تترك لايسي دقيقة واحدة تضيع منها. حشرت نسخة مذكرات هيذر في حقيبة يدها , وأسرعت إلى المركبة , وغادرت إلى المطار على الفور . وجدت طائرة على وشك ان تقلع إلى شيكاغو. نجحت في ان تصعد على متنها قبل اقفال البوابات بقليل.

 تمكن ساندي سافانورا من الوصول الى المبنى الذي تعيش فيه لايسي بسهولة. قرع جرس الباب مرتين , ولما لم يجبه احد على الاطلاق , قام بخلع القفل بواسطة الأدوات التي بيده , ثم أعاد القفل إلى عهده السابق . بدأ يفتش الشقة ليتاكد مما إذا كانت تحتفظ بنسخة من مذكرات هيذر. في هذه اللحظة رن الهاتف . سمع البريد الصوتي للهاتف يقول : *أليسْ, معك جورج سفنسون . إننا في طريقنا إليك . إتصلت امك لتقول انك تواجهين مصاعب . إبقي في الداخل و اغلقي الباب . لا تفتحي لاي احد حتى وصولي*. تسمر ساندي في مكانه. إن لم يفر على الفور , فسيكون هو من يقع في الفخ! وبالفعل هرب عن طريق ادراج النجاة . فكّر وقال لذاته : لايسي لم تتصل بالعملاء الفيدراليين, بل رنت على امها . إذاً هذه هي وجهتها. إنها في طريقها إلى المطار لان ترجع إلى نيويورك . المطاردة متعة على الدوام , لكن لحظة القتل لا يقابلها اي شيء . إنتقل إلى المطار وعلم هناك أن جميع الرحلات تأجلت بسبب الثلوج فقال للعاملة هناك : *أيمكنني الإنضمام إلى زوجتي , فقد ذهبت قبل حوالي أربعين دقيقة. امها تعرضت لحادث في نيويورك . إسمها أليس كارول*. سارعت العاملة لمعاونته , وبعد الإطلاع على الحاسوب أبلغته أن زوجته قد غادرت إلى شيكاغو قبل قليل . وهناك طائرة ثانية إلى شيكاغو , ومن المرجح أن تهبط الطائرتان بفارق بضع دقائق. 

 جلس سلون مع بريسيلا باركر في انتظار وصول ولدها ريك , في قاعة الإنتظار في عيادة هاردينغ . صدم سلون حين رأى شكل هذا الرجل . فقد تبدل كلياً منذ آخر مرة قابله فيها . وجهه بات نحيلاً شاحباً , فسأله سلون قائلاً : *لماذا بعثت كورتيس إلى شقة إيزابيل*. فقال : *تعلم جيداً أنني مدمن على المخدرات, وأنها غالية السعر . كنت أشتري كميات متزايدة على الحساب. وفي مطلع الشهر العاشر من السنة , تلقيت اتصالاً من مزوّدي, ذلك الذي أدين له بمبالغ طائلة من المال , يبلّغني بأن أحد معارفه يرغب في ان يمتلك الشقة*. قال سلون : *ما الذي كان بينك وبين هيذر لاندي؟*. فقال و خيبة الامل في عينيه : *التقيت هيذر قبل حوالي خمس اعوام , حينما حضرت إلى مكتبنا بحثاً عن شقة في غرب نيويورك. كانت جميلة *. قاطعه سلون ليستعلم : *هل كنت على دراية بأنها ابنة جيمي لاندي؟*. قال: *نعم, وفي إحدى الليالي طردني جيمي من مطعمه لأنني كنت سكرانا , الأمر الذي ضايقني كثيراً . وبالتالي حين رغبت هيذر في فسخ عقد لشراء شقة من وكالتنا , كانت قد اشترتها دون أن يعرف والدها , وخافت أن يعرف بذلك , حينها وجدتها فرصة جيدة كي ألهو معها قليلاً. فجاءتني هيذر لاندي مصابة بالخوف الشديد . إكتشفَتْ أن والدها اشترى لها شقة, فراحت تتوسل لي كي أفسخ العقد . فرضيت مقابل الحصول على تعويض عيني . لكن في تلك الليلة حين جاءت إلى شقتي , بدا واضحاً أنها كانت خائفة جدا , فقررت عدم المضي قدماً . وحينها تأكدت أني وقعت في غرامها, وقلت لها أن تغادر , وأنني أكبر سناً من أن أخالط أطفالا . وبالتالي نجحت في ان اذلها . وليلتها ذهبت إلى الحانة و سكرت, ووجدت نفسي مدفوعاً إلى داخل سيارة. إنهال عليّ رجلان لا اعلمهما بالضرب المبرح كي أمزق العقد, فمزقته *. فقال سلون : *لدينا شاهد عيان يؤكد أن بعد الظهيرة التي سبقت مقتلها هيذر انطلقت من الفندق , و رأتك هناك* أجاب ريك : *لم اراها في ذلك اليوم* فقال سلون : *لا بد أن هيذر لجأت إلى أحد ما , وأنه أمر بالتعرّض لك. هل كان ذلك ابوها ؟*. تبادل ريك نظرة تفاهم مع امه , وقالت وهي تربت على يده : *قل له يا ريك* فقال ريك : *لطالما أبدى ابي الكثير من الإهتمام بهيذر . اظن ان ابي هو من أرسل الشباب لاخافتي *. 


 أخيراً حين أقلعت طائرتها , أحست لايسي بأن طوق الهلع الذي كان يطبق على عنقها بدأ يفك شيئا فشيئا . عند وصولها إلى شيكاغو , سوف تركب في أول رحلة تتاح لها إلى نيويورك . عليها أن تجد اي شقة تبيت فيها , مكاناً لا يخطر على بال أحد أن يبحث عنها فيه و لا تعرض فيه أياً كان للخطر , إستعادت لايسي تسلسل الأحداث الذي اخذ بها إلى حيث هي الآن. إن أليكس, صديق امها , حين التقيته للمرة الاولى عندما قَدِم لتناول العشاء مع امها , قال لنا إنه التقى هيذر. جاي أيضاً قد يكون عرف هيذر . صحيح أنه أنكر هذا, ولكنه قلق لسبب ما حين ورد اسمها. وجيمي لاندي؟؟ لا , من غير المعقول أن يكون الفاعل. وظلت تفكر إلى أن جاء صوت المضيفة : *نبدأ بالهبوط .... إن شركة نورثوست تتاسف عن التأخير الناجم عن الأحوال الجوية . قد يسركم أن تعرفوا بأن الإنقشاع تراجع فور خروجنا , وأننا كنا آخر طائرة غادرت المطار إلى أن استكملت الرحلات قبل دقائق معدودة فقط*. 

كانت كل خلية من جسم طوم لينش تصرخ فيه ألا يترك أليسْ (لايسى) وحيدة. فاستدار بمركبته و رجع الى بيتها . وما إن اقترب منها حتى رأى مشهد سيارات البوليس أمام المبنى . فهرع إلى بيتها . كان باب شقة أليسْ مفتوحاً. سأل طوم: *ماذا جرى لأليسْ؟ أين هي؟*. قال له الشرطي : *من أين تعلم أليس ؟*. رد الشرطي: *إنني نائب مارشال فدرالي. لا نعلم أين أليسْ. ما نعلمه أنها كانت تتلقى تهديدات*. فقال طوم : *إذاً ذلك الشخص في المركز الرياضي, الذي اخبرنا أنه والدها كان يكذب !!*. فسأل سفنسون : *عن أي رجل تتحدث , أخبرني كل ما تعلمه من تفاصيل . معلوماتك قد تنقذ حياة أليسْ*. عاد طوم إلى منزله . حدّق في الهاتف. هيا أليسْ, إتصلي بي, قال ما بين الطلب و التمني . وطلع الفجر باهتاً , ولم يرن الهاتف . 

 كانت الطائرة تنزل , أخيراً خطر للايسي المكان الذي يمكنها أن تختبيء فيه في نيويورك. إتصلت بتيم باورز , المسؤول عن الصيانة في مبنى شقة إيزابيل وارينغ , آملة أن تجده في بيته . ذهل تيم لسماع صوتها. قالت له لايسي: *إنني بحاجة إلى مكان امكث فيه. ثمة من يلاحقني . أعتقد أنه الرجل الذي قتل إيزابيل . أود ان ابقى في شقة إيزابيل لهذه الليلة على الأقل. لا تخبر باي كلمة عن ذلك لأي كان *.

 حين وصل المفتش سلون إلى مركز البوليس , كان المدعي العام الفدرالي غاري بولدوين في انتظاره . رفع له سلون تقريراً عن مقابلته لريك باركر. سأله غاري: *هل تصدقه*. أجاب سلون : *نعم , اظن أنه يقول الحقيقة*. جلس بولدوين يقول : *خطر لي أن لايسي قد تحاول ان تتصل بك مباشرة. ما رأيك؟*. فقال سلون : *لا اعتقد ذلك البتة . لم أعاملها بكثير من المراعاة* فقال بولدوين : *إنها لا تستحق اللطف . لقد أخفتْ أدلة قتل, وكشفت مكان سكنها , وهاهي الآن تضع ذاتها في موقف خطير للغاية. لم نحصل منها سوى على قلة التعاون و الشكوى *. 

 إتفقت لايسي وتيم على ان يروا بعضهم البعض . قالت في نفسها كم هو غريب إحساس الرجوع إلى نيويورك. لو كان بوسعي فقط ان ارجع إلى شقتي, لكنت ملأت الجاكوزي , طلبت اكلا , واتصلت بوالدتي وبكيت. وطوم أيضاً. وأخيراً وصلت إلى تيم, وأعطاها مفتاح بيت إيزابيل وارينغ, وساعدها لان تصل إلى المصعد. إعترت لايسي قشعريرة حين دخلت الشقة. و فجاة احست وكأن إيزابيل ستظهر نازلة من الدرج . لم تكن تريد الإقتراب من حجرة النوم, ولكنها أرغمتْ ذاتها على ذلك للتخلص من ذلك الشعور بأن جثة إيزابيل لا تزال متروكة فيها. نظرت لايسي إلى الفراش وتهيأ لها أنها تسمع صدى اخر كلمات لها : *لايسي أعطي يوميات هيذر إلى ابوها .. هو .. وحده .. أقسمي .. إقرأيها أنتي أشيري له إلي.. ..* ثم في جهد همست كلمتها الاخيرة : * مان ..* أخذت اخر صفحات من اليوميات التي سرقت من المركز. لم يعد أحد بحوزته هذه الصفحات الثلاث الآن. لا البوليس , ولا جيمي لاندي. هذه هي النسخة الوحيدة المتبقية . كتبت هيذر فيها أنها تقع بين المطرقة والسندان, ولا تعلم ما ينبغي عليها أن تعمل . وآخر ملاحظة كتبت فيها هيذر أنها ستاكل الغداء مع ماكس أو ماك هافنر , لم يكن من الممكن تمييز الحروف بشكل دقيق . وأضافت : *أتوقع ان امضي وقت ممتع. يقول إنه شاخ وإنني كبرت*. فكرت لايسي من يكون هذا الشخص ؟ حين استكملت الرحلات من مطار مينيابوليس , انتقل ساندي على متن أول طائرة مباشرة إلى نيويورك . لم تعد مهمة البحث عن لايسي وقتلها مجرد مهمة عليه إنجازها, بل بات هوساً يستحوذ عليه كليا. المبلغ الذي سيتقاضاه للتخلص من لايسي كبير جدا . قرر ساندي في النهاية انتظار تفاصيل جديدة بشأن لايسي فاريل. لم يخطر على باله على الاطلاق أنه قبل حلول عصر اليوم التالي , سيكون مرة اخرى في أثر فريسته .

 كان جيمي لاندي ينوي الذهاب إلى أتلانتك سيتي في اجازة نهاية الأسبوع للكشف عن الأعمال الموجودة هناك , ولكن مذكرات هيذر ما زالت تستحوذ على تفكيره . وما أحزنه في هذه المذكرات هو أنها توحي بأن هيذر كانت تخاف منه . ما الذي كانت خائفة منه ؟ ما الأمر الجلل العظيم الذي حصل لها قبل خمس سنوات , وكانت حريصة كل الحرص على اخفاءه عنه؟ أنّ كون أحد أوقع بهيذر ونجا بعملته , فهذه فكرة تكاد تفقده عقله , بالإضافة إلى مسألة الثلاث صفحات الأخيرة التي سرقت من مركز الشرطة, وهذا يعني أنها أوراق غاية في الاهمية . صحيح أنه ألقى نظرة على اليوميات ليلة سلّمته إياها لايسي , وأنه في الليلة التي تليها حاول قراءتها, وأنه ثمل لأول مرة منذ اعوام . لكن هناك شخص واحد يمكنه أن يؤكد الحقيقة: هي لايسي فاريل! 

  قرأت لايسي الصفحات الثلاثة الأخيرة من يوميات هيذر مرة ثانية . قرأت من جديد اول سطر من الصفحة الأولى : (( تناول الغداء مع ماكس (أو ربما ماك؟) هافنر: أتوقع قضاء وقت رائع . يقول إنه شاخ وإنني كبرت)). يبدو أن هيذر تتحدث عن رجل تعرفه منذ زمن بعيد. فكّرت لايسي أن المفتاح لهذه القضية برمتها هو والد هيذر . إتصلت بتيم لتحصل منه على رقم جيمي لاندي , وعندما جاء تيم قال لها : *ليلة مقتل السيدة وارينغ, صعدت إلى هنا لاجدد مصافي أجهزة تكييف الهواء. كانت تقرأ مذكرات ابنتها. كانت شديدة الاضطراب عندما قرأت آخر صفحتين , ورأيتها تحيط بدائرة عندما كانت تقرأ *. وبعدما خرج تيم, اخذت لايسي الصفحات. تراءى لها خط ٌّيمكن بالكاد رؤيته حول إسم هافنر. من يكون ذلك الشخص ؟؟. على مسافة أربعين كلم, ارتعشت منى فاريل عند سماع رنين الهاتف. سمعت صوتاً دافئا يقول : *سيدة فاريل, أتصل بك من قبل لايسي. لا يمكنها الاتصال بك , لكنها تود ان تقول لك بأنها بخير وبأنها ستتصل بك حالما تقدر على ذلك *. كان تيم على يقين بأن عليه إنهاء الاتصال , فلقد حذرته لايسي من البقاء طويلاً على الهاتف عندما يتصل بوالدتها , لأنه حتماً تليفونها مراقب. ولم يعلم أنه تم رفع بصماته على الفور من كشك الهاتف بعدما خرج منه. 

دخل المفتش سلون إلى مركز البوليس , بعد أن نصب فخاً للشرطي الذي حاول سرقة اليوميات من المركز, فوضع في جميع أنحاء حجرته كاميرات مراقبة . وقد أدّت الكاميرات عملها بدقة , فقد تم الكشف عن السارق !! إنه نيك مارس معاونه الشخصي !! تسمر بَدَنْ سلون في ذهول كبير : * لقد كان ابوه شرطياً . وكذلك جده كان شرطياً. حظي بكل الفرص الممكنة لأن يكون شرطياً رائعا *. سأل رئيس المفوضين: *لماذا يصبح شرطياً فاسداً على الإطلاق ؟*, ثم تابع قائلاً: *سلون, يجب أن يظل هذا الأمر سرأ بيننا في الوقت الحالي . مهمتك تقضي بالتاكد من أن نيك لن يتمكن الآن من اخذ أي دليل جديد أو تدميره*. بعد ذلك تم الكشف أن تيم باورز مسؤول الصيانة في المبنى, قد اتصل خفية بام لايسي . خطر لسلون أنه من المؤكد أنه يعرف اين تختبئ لايسي . نظر سلون إلى نيك مارس الجالس بجانبه, وفكّر. إلى من سيشي هذا الخبيث بالأمر إن علم أن تيم باورز هو الملاك الحارس الذي يخفي لايسي فاريل ؟ لذلك قرر سلون ألا يقول لاي أحدً بموضوع تيم باورز, وأن يخفي كشفه فساد الشرطي, نيك الذي سرق الأوراق ..

 إتصلت لايسي بشقيقتها كيت فقالت لها : *أعطني جاي اتوسل اليك , فأنا لا أملك سوى خمس دقائق قبل ان اترك هذا المكان *. وعندما أخذ جاي السماعة قالت لايسي : *جاي, هناك إسم اظن أنه مهم. قبل أسبوع من مقتل هيذر, تناولت الغداء مع شخص كبير في السن , إسمه ماك أو ماكس هاف..*. فقال جاي : *ماكس هوفمان ؟؟*. حينها ارتعشت لايسي وتذكرت كلمات إيزابيل الأخيرة :*إقرأيها أرجوك ... مان*. أكمل جاي : *اعلمه . عمل لحساب جيمي لاندي لاعوام كبيرة , ولكنه مات في حادث , قبل مقتل هيذر بأيام. كان متزوجاً, وسأعثر لك على بيت زوجته*. حينها أغلقت لايسي الخط, وخرجت من البيت لأن تيم قال لها بأن زبوناً قادماً لرؤية الشقة . إنتقلت لايسي إلى لونغ آيلند . وفي سيارة التاكسي اتصلت مرة ثانية بجاي لتحصل منه على عنوان زوجة ماكس, فقال لها جاي : *عليّ أن أجري بعض المكالمات , لكنني اتصلت بأليكس, كان يعلم ماكس معرفة وثيقة, وقال إن لديه العنوان*. وبعد ما حصل جاي على العنوان, نقله على الفور للايسي . 

 إقشعرّ المفتش إيد سلون قرفا لاضطراره إلى ان يجلس بجانب نيك مارس، والتصرف معه وكأن المواضيع على خير ما يرام . باشرا مراقبة الشقة التي قتلت فيها إيزابيل . لم تنقضي عليهما بضع دقائق حتى خرجت من المبنى امرأة وضعت حجابا على رأسها, ودخلت سيارة تاكسي كانت تنتظرها. لم يلمح سلون وجه هذه المراة . إنطلقا وراء السيارة إلى طريق لونغ آيلند. قال سلون لنيك : *أتعلم, لطالما ظننت أن لايسي قد تكون طبعت نسخة عن مذكرات هيذر واحتفظت بها لذاتها . إن صح ذلك, فقد تكون هذه النسخة الكاملة الوحيدة لليوميات. ما رأيك نيك*. رأى سلون كيف أن نيك يرمقه بخوف شديد . توقفت سيارة التاكسي أمام الرقم العاشر. بعدها نزلت لايسي من المركبة , وطرقت إحدى الأبواب, حينها قال سلون لذاته إنه الوقت للتحرك. فهو من سيلقي القبض على لايسي فاريل , وسيسلمها لبولدوين . ولم يكن يعلم أن ساندي سافارانو يراقبه من حجرة نوم في الطابق الثاني من الرقم العاشر , حيث كان ينتظر بكل حماس وصول لايسي. ولم يكن يقل عنه ارتياحاً و سروراً . 

 دخلت لايسي إلى عند لوتي هوفمان زوجة ماكس, وقالت لوتي بعد ما سمعت حكايتها : *أخشى ألا يكون في مقدوري الكلام في المسألة. لو أبقى ماكس فمه مقفلا , لكان الآن على قيد الحياة . وكذلك هيذر. و امها أيضاً. هل تستحق الحقيقة كل هؤلاء الضحايا ؟ لا اظن ذلك*. قالت لايسي ممكسة بيد لوتي : *قولي لي ما تعلمين أرجوك. من يقف خلف كل ذلك ؟*. قالت: *الحقيقة أنني لا اعلم . لا اعلم حتى إسمه. ماكس كان يعرفه. هو الذي كان يشتغل في مطعم جيمي لاندي, وهو الذي يعلم هيذر. هذا الرجل يُهرب و يتعاطى المخدرات, ولا أحد يعرف بذلك , بل يعتقده الكل محترماً. بعد ذلك رتب ماكس ذلك الغداء مع هيذر ليقول لها ما يعرفه و يحذرها . وبعد يومين قتل*. ثبّت ساندي سافارانو كاتم الصوت على سلاحه ونزل اول درجة من السلالم . 

 إتصل أليكس بمطعم جيمى لاندي, فرد صوت مساعده ستيف أبوت قائلاً: *أليكس, كيف يمكنني ان اساعدك ؟ لا أريد ازعاج جيمي. إنه محبط كثيرا اليوم*. قال أليكس: *عليّ أن اتحدث معه *. بعدها أخذ جيمي السماعة من ستيف أبوت وقال أليكس لجيمي : *آسف لمضايقتك , تبين لي أن كارلوس, النادل الذي كان يشتغل عندي, ويسعى لان يرجع إلى العمل لديك, أنه يقوم بنشاطات غير طبيعية . لقد كانت منى فاريل على معرفة بمكان لايسي . وفي الليلة التي عرفت بها أن لايسي في مينيابوليس, إشترت بعض جرائد مينيابوليس وتركتها على الكرسي داخل كيس عندما أتت إلى المطعم. وبعد فترة رايت أن كارلوس يحوم حول مائدتنا , ورأيته يبدل مكان الكيس. وكان يخدم طاولتنا مرة اخرى حين أخبرتنا منى أن لايسي اشتركت في ناد رياضي . نادٍ به ملعب سكواش . لا اظن أنها مجرد صدفة أليس كذلك ؟*. 

بدا من الجلي لإيد سلون أن شيئاً ما يشوش بال نيك. كانت تفوح منه رائحة عرق كبيرة رغم الجو البارد داخل المركبة . كان حدس سلون يقول له إن أمراً غريبا يجري. فقال سلون : *هيا, حان الوقت لان نقبض على الآنسة لايسى فاريل*. لم تكن لايسي موقنة من أنها سمعت فعلاً صوت ما على الادراج . لكنها أحست بأن الجو في الحجرة تبدل, وكأن برودة ما فجأة انتشرت في المكان . أحست لوتي هوفمان بالشيء ذاته . أدركت لايسي أنه وجود الشر لاحقاً . ثم سمعت طقطقة خافتة, ورأت الرعب يملأ عيني السيدة هوفمان. كان ينزل الادراج درجة درجة, حينها قامت لايسي من كرسيها وأمسكت بثقالة ألأوراق التي كانت مقابلها . ظهر لها من خلال الدرابزون الخشبي حذاؤه الذي يلمع . وما أن أصبح القاتل الذي تعلمه بإسم كالدويل في مرآها حتى رمت ثقالة الأوراق في اتجاه صدره . فتعثر و ترك السلاح . قفزت لايسي محاولة دفع السلاح برجلها بعيداً عن متناوله , فيما اندفعت لوتي إلى الخارج لتطلب المعاونة . إندفع المفتش سلون بسرعة إلى الحجرة . وقفت لايسي تراقب سلون وهو يغلل يدي المجرم . ثم سمعت في الخارج صوت دوي صفارات إنذار. أطل فجأة من الباب المدعي العام الفيدرالي غاري بولدوين, نظر الى كل من في الحجرة , وقال: *سبقتنا في الوصول إليه. أهنئك تمت المهمة بنجاح. *. إلتفتَ إلى لايسي وقال: *هل أنت بخير آنسة فاريل*. فقال سلون : *أحدنا هنا ليس بخير*. دنا من نيك مارس وانتزع سلاحه وكبّله بالأصفاد وقال : *سرقة الأدلة جرم خطير*. 

طوال ما بعد الظهيرة لم يخرج جيمي من مكتبه . وكان ستيف أبوت يتفقده مراراً قائلاً : *أتمنى لو تتوقف عن قراءة مذكرات هيذر. فهذا يبعث فيك الإحباط*. في الساعة الخامسة, تلقى لاندي هاتفا من المفتش سلون, ينقل له آخرالأحداث , قال سلون : *سيد لاندي, امسكنا بقاتل زوجتك السابقة. وأيضاً هو متهم بقتل ماكس هوفمان. وقد نتمكن من الإثبات بأنه هو الذي تسبب أيضاً بحادث المركبة الذي قتلت فيه ابنتك. إسمه ساندي سافارانو. كما أنه لدينا مشتبه به في سرقة مذكرات ابنتك. إنه اعترف بما جرى . لكنه يقسم بأنه لم يسرق اخر صفحات من مذكرات ابنتك هيذر. هذه الصفحات الأخيرة لم تصلنا من الأساس. سيد لاندي, السيدة لوتى هوفمان, زوجة ماكس, أيضاً هنا وتريد أن تقول لك شيئاً*. أخذت لوتي السماعة,وقالت: *صادفت هيذر مرة, وكانت برفقة شخص . وحين وصفته لماكس صُدم و قلق قلقا شديداً*. ثم وصفتْ لوتي الرجل لجيمي لاندي. بعدها دعا لاندي لايسي ولوتي إلى مكتبه في هذه الدقيقة . صعدت بهم موظفة الإستقبال إلى مكتب السيد لاندي حيث كان جيمي في انتظارهم. حينها قال لاندي : *أرجو منك سيدة هوفمان أن تقولي لي المواصفات من جديد وبشكل دقيق, الرجل الذي رأيته بصحبة ابنتي. ولكن أود أن يستمع شريكي ستيف لذلك هو الاخر *.
 دخل ستيف أبوت إلى المكتب مبتسماً. كانت لوتي تشير بأصبعها إلى ستيف وقد اصفر وجهها فجأة. وقالت : *أنت الرجل الذي شاهدته برفقة هيذر. أنت من قال ماكس عنه إنه لص مبتز و مهرب مخدرات . بسببك أنت أصبحت الآن وحيدة...*. *ما الذي تتحدثين عنه؟*, سأل ستيف مقطباً بعنف . حينها دخل المدعي العام الفدرالي غاري بولدوين الى الحجرة , وقال بولدوين : *سيد ستيف أبوت, لقد قال لنا السيد سافارانو إنك اتصلت بهيذر, وقلت لها إن جيمي أصيب بسكتة قلبية , وإن عليها ان ترجع في الحال يوم مقتلها. وكان سافارانو في انتظارها *. إتقدت عينا جيمي وراحتا تومضان شرسا كالجمر. وكان نشيجه الموجع لا يزال يتردد في أرجاء المبنى حين اقتاد بولدوين ستيف أبوت رهن الإعتقال . 

كانت لايسي متحمسة لمقابلة اسرتها , لكن كان عليها قبل ذلك أن تجري مكالمة هاتفية . كانت لديها أمور عديدة تود أن تقولها لطوم , وأن تشرحها له. فبعد أن قال لها بولدوين, الذي صار فيما بعد صديق لها : *توصلنا إلى اتفاق مع سافارانو, ولم نعد بحاجة إلى شهادتك لاتهام ستيف. لم لا تأخذين عطلة إلى أن تهدأ الامور قليلاً*. فقالت بين المزاح والجد : *أتعلم, لدي فعلاً شقة و شغل في مينيسوتا. ربما يجدر بي ان ارجع إلى هناك بكل بساطة*. إتصلت برقم طوم, فصاح طوم : *أليسْ, أكاد أموت من الاضطراب ! فقدتُ صوابي منذ أن غاردت من هنا *. فقالت : *إنها قصة طويلة. سوف اقول لك كل شيء منذ البداية. هناك أمر واحد ارغب في أن أقوله لك. أليسْ لم تعد موجودة. هل تظن أن بوسعك أن تعتاد على إسم لايسي ؟ إسمي لايسي فاريل !*.

                                         النهاية 
تفاعل :

تعليقات