لسماع الرواية
الجزء الثالث والرابع
"لعبة التحدي " الجزء الثاني
مكتبة راجوشو
بقلم رجاء حمدان
لم تكن سامية أقل انشغالا من فارس في التفكير فحالها كحاله، لقد بدأ قلبها ينبض بشدة لذكر اسمه، وعقلها دائم التفكير به وصورته لا تفارق خيالها، فراحت تبحث عن شخصه على صفحات التعارف في الانترنت، وتسأل عنه في الشركة التي تعمل بها، وتسأل كل من يعرفه، وكم تفاجأت حين عرفت بالكم الهائل من الثروة التي يمتلكها، وبأنه رجل أعمال مشهور ومرموق في موقعه، وبأنه أيضا لديه رفقة لا بأس بها من النساء، فهو كل يوم يغير امرأة كما يغير قميصه، لم يكن يهمها التفكير بمقدار ثروته، قدر تفكيرها وحزنها عندما سمعت عن علاقاته النسائية الكثيرة.
بدأت سامية عملها بهمة عالية وفي غاية الحماس، كانت شعلة من النشاط
والحيوية، مهمتها استقبال الزبائن ومتابعة عقودهم مع شركة فارس، وفعلاً أبلت بلاء
جيدا في عملها، وأثبتت جدارتها في فترة وجيزة.
في إحدى المرات جاءها شاب مهذب يحمل بيده حقيبة، هبت سامية لاستقباله
وبدأت تشرح له طبيعة العمل، وأن مكتب السيد فارس للاستشارات، يقدم أفضل الحلول
المناسبة لعملكم، ويبقى على تواصل مستمر معكم للنصيحة والمتابعة، وبعد أن انتهت
سامية من الشرح والمميزات التي يقدمها المكتب لزبائنه، طلبت من الشاب الدخول إلى مكتب نائب المدير لتوقيع العقد معه، لأن
المدير العام السيد فارس خارج البلاد، شكرها الشاب وطلب منها خدمة، بأن تبقي
حقيبته عندها ريثما يُنهي المقابلة، وافقت سامية ورحبت بخدمته، واحتفظت بالحقيبة في
درج مكتبها، فتح الشاب الحقيبة وأخذ منها بضعة أوراق، ثم عاد وأغلقها ثم دخل مكتب
نائب المدير، وبعد نصف ساعة خرج الشاب وأخذ الحقيبة وشكرها.
بعد ثلاثة أسابيع عاد فارس من سفره وهو في غاية الشوق لرؤية سامية، أخبره
رجل الأمن أحمد بأن أحد العملاء الذين حضروا إلى الشركة أثناء غيابه قد فقد من
حقيبته رزمة كبيرة من المال، تقدر بعشرة آلاف دولار، وأن الزبون متأكد من أن سامية
هي من سرقت المبلغ لأن الحقيبة كانت بحوزتها، وقال رجل الأمن إضافة لذلك: ولا تنسى
يا سيدي تاريخها الماضي فهي دخلت السجن بسبب السرقة.
جن جنون فارس، وقال لها: لماذا خنت الأمانة، وسرقت المال من الحقيبة،
أنكرت سامية السرقة، وقالت: أرجوك إنني أنظف من أن أفتح حقيبة وأسرق ما بداخلها،
صدقني أرجوك، ركز فارس عينيه المحمرتين بعينيها، وقال باستهزاء: هل أنت متأكدة من
ذلك؟ ارتعش جسدها النحيل من الخوف وأحست أنه يُلمح لها بماضيها الأليم.
كان لابد أن تستميت في الدفاع عن نفسها، ولكن كيف وهو يهددها بأن
يدخل الشرطة في الأمر، وطبعاً من يصدقها وهي لها ملف سابق عند الشرطة، خطرت على
بالها فكرة، لعلها تكون مخرجاً لها من هذه المصيبة التي حلت بها، قالت له وهي تعلم
مدى شغفه بالشطرنج: إنني أتحداك بلعبة شطرنج، إن غلبتك عليك أن تنهي هذا الأمر
بطريقتك، وإن غلبتني فافعل ما تراه مناسبا من عقاب.
جلس الاثنان في منزل فارس يلعبان الشطرنج، كانت اللعبة طويلة، وفيها
من التحدي الكثير، وكانت المفاجأة أن اكتشف فارس كم تملك سامية من مهارة عالية، لن
يتمكن معها بأن يتغلب عليها رغم قدراته العالية وعلمه بهذه اللعبة، وتمكنت سامية
من الفوز عليه، قال لها: سوف أدفع للرجل المبلغ المسروق من حقيبته، وأجعله يتنازل
عن البلاغ المقدم في قسم الشرطة، قامت من مقعدها ولبست معطفها لتستعد للخروج،
ولكنه أمسك بيدها بحركة فجائية وسحبها نحوه، فأصبحت سجينة بين يديه لا تستطيع الإفلات
منه، قال لها وهو يطوقها بقوة: أريدك، فقالت: رغم أني لا أملك ما تملكه من نساء ومن
شهرة ومال ولكني لست بالسهلة لتقيم معي علاقة غير مشروعة، فقال لها مبتسما بخبث:
ومن قال لك إن علاقاتي مع نسائي غير مشروعة، سأتزوجك لمدة محدودة بعقد زواج سري.
لم يكن أمام سامية إلا الموافقة للتخلص من جبروت فارس، وخوفاً على
نفسها من أذيته، فهو يعلم عنها ما يجعل روحها بيده، أخبرها أنه لا يريد أي خطأ في
العلاقة، وأنه يجب ألا يحصل حمل بينهما.
أمضت سامية ثلاثة أشهر مع فارس، كانت كلها أياما غاية في الجمال والحب،
وهو كان بمنتهى الرقة والذوق معها، وأحست أن له قلبا حنونا على عكس ما ظهر لها
سابقاً، وتعلقت به أكثر وأكثر، وتمنت أن تكون أيامها كلها بجانبه، تساءلت كيف لهذه
المشاعر المتوهجة أن تنتهي بعقد مدته ستة أشهر؟ وهل للمشاعر حدود ووقت نحدده
بيدنا؟، ولكنها عادت وأقنعت نفسها، بأن عليها أن تكبح عواطفها وتسيطر عليها، فهو
رجل معتاد على معاشرة النساء بهذه الطريقة، دون أن يدق قلبه لإحداهن أو يحتفظ
بأخرى، إن النساء في حياته تحت طلبه، ولا يبذل مجهودا في إيجادهن، فلماذا يُبقي
عليها هي من دونهم؟، وبالتالي عليها ان تكون مستعدة لهذا اليوم، يوم إنهاء عقد
الزواج المزعوم هذا.
قاربت المدة على الانتهاء، ولم تشعر بأن فارسا بدأ يمل منها، حتى إنه
لم يكن يذكر طيلة مدة إقامتها معه بأن بينهما أي عقد.
اتصل فارس بها، وقال: إن عليها أن تستعد لمفاجأة سعيدة مساء، وعندما أصرت
على معرفتها أخبرها بأنه سوف يصحبها ليوم كامل، في يخته وسط البحر ولوحدهما.
على أنغام الموسيقى الرقيقة، كانا يتناولان عشاءهما على ظهر اليخت وكأنهما
عاشقان متيمان، قالت له وهي تنظر إلى البحر: إنني لا أحب البحر، فقال لها: لماذا؟
وهل يوجد أجمل مما نحن فيه الآن؟ ويختنا يلعب بين أمواجه، فقالت بفتور: هل تعلم أن
للبحر وجهان لا يرحمان؟ فقال مستغرباً: أعلم أن البحر له وجه واحد يحملنا عليه الآن،
فقالت: إنه لا يرحم مَن فوقه فيثور فجأة ويبتلعه داخله دون رحمة، ولا يرحم من يكون
بداخله فيموت عندما يخرج من جوفه، صمت قليلا وحاول أن يفهم هل تعني شيئاً بكلامها
هذا، وتشبيهها البحر بأن له وجهان.
شعرت بالغثيان والدوار ولم تستطع أن تنهي طعامها، قال لها: لابد أنه
دوار البحر، اذهبي إلى أسفل اليخت، وحاولي أن تنامي وتأخذي قسطاً من الراحة.
خرجت سامية من عند الطبيب، في حالة ذهول تام وشرود، تُحدث نفسها، كيف
حصل هذا؟ هذا ما كان ينقصني، أن أحمل من رجل يعتبرني نزوة من نزواته، وهل سيصدقني
بأن ما حصل مجرد صدفة ولم يكن لي يد في هذا الحمل.
صرخ في وجهها: لقد حذرتك من الحمل، ألم نتفق على ذلك الأمر، هل أردت
لوي ذراعي بهذا الحمل، لا لن تستطيعي، عليك أن تجهضيه حالاً، لا أريد أطفالا لست
مستعداً لذلك، قالت والدموع لا تكف عن وجهها: لا أعلم كيف حصل ذلك إنها مشيئة الله،
فقال لها والشر يتطاير من عينيه: سوف أحجز لك عند طبيب مشهور لتتخلصي منه، ردت
بقهر: أتخلص منه، أتخلص من ابن قد رزقني الله إياه، وأنت أليس هذا جزء منك؟؟ هكذا
تستغني عنه بسهولة، فقال: أنا لا أريده، لا أريد طفلا من ..وسكت هنا قليلا، فأكملت
هي لا تريد طفلا من أم قليلة الشأن ماضيها مخزٍ وسارقة، لقد عاشرتني أربع أشهر، هل
وجدت أنني سارقة، إن الضعيف والمكسور يزداد عليه الظلم دون رحمة، أنا لا أريد منك
شيئا، ولا أطمع بأموالك، أحببتك لشخصك، قلبي هو الذي اختار، و لو فكر عقلي ما
عاشرتك يوما، ولكني سوف أثبت لك وللجميع من أكون.
حملت سامية حقيبتها وغادرت البلدة دون علم فارس، جن جنونه وبعث وراءها
من يبحث عنها ويتتبعها، ولكن لم يستطع هؤلاء أن يجدوا لها أثراً، كان يجلس بالساعات
يحملق في صورتها، إنه يعترف لنفسه، بأنها تختلف عن النساء الأخريات اللواتي عاشرهن،
إنها تمتلك ميزة تنفرد بها عن غيرها، فهي بداية تبهرك بجمالها، ثم تجذبك نحوها بطيبتها
وبراءتها، لقد تركت فراغا كبيراً في مشاعره منذ رحيلها، حتى إنه لم يعد قادرا على مصاحبة
امرأة غيرها، ثم يعود من جديد ويهز برأسه، ويقول لنفسه: من غير المعقول أن أحب امرأة
لها ماضٍ كماضيها، كيف يكون لي ابن من امرأة لديها سجل إدانة بالمحكمة.
تناول فارس الصحيفة من أحمد وراح يقرأ بنهم: "القبض على السيد
عدنان العلي، بتهمة الاحتيال والسرقة"، فقال فارس: أليس هذا الشخص عميل لدينا؟
وهو الذي فقد من حقيبته مبلغا من المال، فقال أحمد: نعم سيدي، وقد اتضح أنه يذهب في كل مرة إلى مكتب ويضع حقيبته عند
السكرتيرة، ثم بعدها يدعي بأنه تم سرقة مبلغ مالي من الحقيبة، فيضطر صاحب العمل أو
السكرتيرة، أن يدفعوا له المبلغ كي يتجنبوا السمعة السيئة، إلى أن وقع هذه المرة
في شر أعماله، حيث كانت كاميرات المكتب توثق كل الحركات وثبت أن الحقيبة لم تفتحها
السكرتيرة، وتم مواجهته بالأمر والضغط عليه في قسم الشرطة، حتى اعترف بجميع ادعاءاته
الكاذبة، ومنها يوم جاء إلى مكتبك أثناء سفرك، وأبقى الحقيبة عند سامية، وبعدها ادعى
سرقة المبلغ من الحقيبة.
مضت ثلاث سنوات وفارس على حاله، لم يستطع خلالها أن يصاحب امرأة أخرى،
بل إنه كان يتجنب اتصالاتهم ودعوتهم له، أصبح أكثر عقلانية، وأكثر حرصاً في تعامله
مع النساء، أو أنه فعلاً قلبه أحب ولم يعد يتسع لامرأة غير سامية، راح يقلب صفحات
الفيس بوك ويبعث التهاني والتعليقات على صور أصدقائه، أمضى ما يقارب الساعة وهو
يتفحص الرسائل والصور، ليس من عادته أن يقضي كل هذا الوقت يقلب الصفحات، فهو لديه من
الأعمال ما هو أهم بكثير من هذا، ولكن
الفراغ الذي بداخله، دفعه للجلوس أمام الجهاز وإشغال نفسه به، وفجأة!!! وهو يقلب
الصفحات مر عليه وجه ليس بغريب عليه، أوقف الصورة وتأمل عنوانها إنها سامية، يحيط
بها عدد من الأشخاص وبجانبها شاب يمسك بيدها، فتح صفحتها وراح يقرأ، منذ عامين
كانت تمتلك شركة، والآن أصبح لشركتها فرع أخر، سأل نفسه كيف حصل كل هذا بهذه
السرعة؟ هل وقعت على سرقة كبيرة وفتحت بها شركتها؟، احتفظ بالصفحة وأرسلها إلى
أحمد وطلب منه أن يحضر عنوان سامية.
جاءه أحمد يحمل بيده ورقة، قال له: بعد أسبوع من التقصي والبحث
المستمر،عرفت عنوان بيت سامية، وكذلك عنوان شركتها، ها هو مكتوب هنا في الورقة
تفضل، وأكمل في تعجب!!! لقد علمت أن شركتها تنمو بشكل سريع، وقد قامت بإنشائها من
مالها الخاص، لم تأخذ قروضا من البنك، ولم يساعدها أحد في رأس المال.
وصل فارس إلى البلدة التي تقطن بها سامية، وتوجه فورا إلى شركة سامية،
لم تكن الشركة بفخامة شركته طبعا، ولكن لابأس بها بالنسبة لعمرها الزمني، عندما
دخل عليها ورأته، تفاجأت سامية ولم تسيطر على أعصابها، حتى إنها أوقعت الأوراق
التي بيدها، وتبعثرت أمامها، قال لها: لم تتغيري كما أنت، فردت عليه: بل أصبحت
سيدة أعمال، ولم أعد عاملة النظافة تلك، فقال لها: قصدت جمالك لم يتغير، فأنت
فاتنة كما كنت دوماً، هزت برأسها والتزمت الصمت، فهو كعادته يستطيع أن يسكتها في
الوقت الذي يختاره، فتابع كلامه، من أين استطعت الحصول على المال لإنشاء هذه
الشركة؟، وكيف استطعت أن تفعلي كل هذا بهذه المدة القصيرة؟، فقالت: كيف نجحت بهذه
السرعة فأنت تعلم مدى ذكائي منذ كنت أتغلب عليك بلعبة الشطرنج، ولم تستطع الفوز
علي، أما بالنسبة لكيف حصلت على المال لإنشاء الشركة، أتذكر اليوم الذي أهنتني به
واتهمتني بماضي المخزي، فعندما وصلت إلى هذه البلدة، كنت قد أنهيت دراستي الجامعية،
وحصلت على الشهادة، فتمكنت من إيجاد وظيفة
محترمة في إحدى الشركات، واستطعت من خلال الدخل الذي أحرزه منها أن أستأجر بيتا،
وأن أعين محاميا طموحا ليفتح من جديد، القضية التي كنت فيها متهمة بالسرقة، وبعد
حوالي ستة أشهر، تمكن المحامي من إثبات براءتي ونفي تهمة السرقة عني، حيث استطاع
المحامي أن يصل لمحل المجوهرات الذي كنت
أعمل فيه، أنا وزميل لي كان اسمه عمر، وصل إلى هناك وفتح تحقيقات عدة مع صاحب المحل،
وعمر الذي ما يزال يعمل عنده، فتبين أن عمر قد كاد لي، ونوى الشر منذ اليوم الذي
رفضت فيه إنشاء علاقة معه، فاستغل اللحظة المناسبة وسرق مفتاح الخزانة الخاص بي في
العمل، وفتح الخزانة ووضع قطعة من المجوهرات المعروضة في حقيبتي، ثم عاد وأقفل
الخزانة، وأعاد المفتاح مكانه، حيث كنت قد وضعته على طاولة العرض وفعل ذلك دون أن أشعر
به، اعترف عمر بكل هذا بعد أن واجهه المحامي وأوقعه في الكلام، وتمت تبرئتي من
التهمة التي حبست لأجلها ثلاث سنوات ظلماً، وقدمت لي المحكمة تعويضاً مالياً أسست
به هذه الشركة.
بقي فارس يعتذر لسامية مدة شهر كامل، ولم تكن لتلين أبداً، كانت
كرامتها تعز عليها، وكانت إهانته لها ما تزال تجرحها، وخصوصاً تلك الكلمات التي لا
يزال أثر سماعها في أذنيها، حين قال: "أنا لا أريد لأبنائي أما لها ماضٍ مخزٍ"،
كان يذهب مرةً إلى مكتبها، ومرةً إلى بيتها معتذرا لها، ولكن دون فائدة، كان أكثر
ما ينغص عليه، هو وجود ذلك الشاب المحامي سامر، إنه دائماً بجوارها سواء في المكتب
أو حتى عندما يزوروها في المنزل، كان يمسك نفسه حتى لا يركله عدة ركلات، ويقول له:
لماذا تلتصق بحبيبتي هكذا؟، كان يخاف أن يسأل عنه سامية، فتقول له ما يخشاه: هو
صديقي وحبيبي الذي يقف بجانبي ويساندني بعد أن تركتني وتخليت عني.
قال فارس لسامية وهو يحادثها بالهاتف: أريد أن أتحداك بلعبة شطرنج، إن
ربحت، عليك أن تخرجي معي وإن فزتِ لن أتصل بك ثانية، واتفقا على أن يحضر إلى
منزلها عند الساعة الثامنة.
كانت اللعبة بينهما مد وجزر، هو يبذل قصارى جهده ليفوز بخروجٍ مع
سامية، وبالتالي ينجح في استعادتها مرة أخرى، وهي تريد أن تفوز لتبرهن له أنها ماتزال
تلك القوية الذكية التي لا تُهزم، وفي النهاية فاز فارس، ومن شدة فرحه قام وقبلها،
وقال: ليس لديك مفر الآن، أنت مدينة لي بالخروج سويا، في هذه الأثناء فتحت الخادمة
الباب، ودخل سامر فقامت سامية لترحب به، ووجهت كلامها لفارس، وكأنها تنهي الزيارة
قائلة: حسناً غدا الساعة الثامنة سنلتقي، خرج فارس وهو يكتم غيظه وغضبه بعد أن كان
منتشياً بالفوز.
وعلى أنغام الموسيقى الهادئة، اجتمعا وأخذا يتناولان العشاء، فقال
لها: ماذا يكون لك سامر؟، قالت: إنه صديق، فقال بتوتر أي نوع من الأصدقاء؟ هل هو
حبيب؟، أجفلها سؤاله وصمتت قليلا، ثم قالت بهدوء: هو صديق مقرب، أعتمد عليه في
عملي، لأنه محام متميز، منذ أن قام بتولي قضيتي وإظهار براءتي، جعلته يهتم بالأمور
الشائكة في الشركة مع العملاء، ويقوم بحلها، وأنا أثق به جداً، فقال لها: إذن هو
ليس بحبيب؟، فقالت: لا، كان في صدره نفس محبوس، فأخرجه باطمئنان وتبسم، ثم قال
لها: إنني أحبك، لقد ندمت على التخلي عنك في ذلك الوقت، لقد خرجت من بيتي ولم تخرجي من قلبي وعقلي، ولم
أترك يوما يمضي دون البحث عنك، ولم تعد امرأة تملأ مكانك في قلبي، نظرت إليه بخبث،
وقالت: لقد سمحت لك أن تفوز علي، أمسك بذراعها وسحبها إلى خارج القاعة، وقال لها:
هل تتزوجيني، فقالت له: بعقد محدد الوقت؟،
فقال: أجل، بعقد مدى الحياة، لا أريد العيش بدونك، ثم حضنها بشوق ليطفئ
ناراً قد اشتعلت في جسده منذ زمن، قالت له: لدي مفاجأة لك دعنا نذهب إلى البيت.
صعدا إلى الأعلى وفتحت إحدى غرف النوم، كانت الدمى تملأ المكان، وهناك
سرير صغير، فاقتربت من السرير وهي تمسك بيده، وقالت: إنه طفلك، احتفظت به ولم
أستطع أن أقتل جزءا منك ينمو في داخلي، اقترب منه وهو يتحسسه ويمسح على شعره، إنه
كملاك! كم هو جميل جداً!، حبيبتي كم أنت عظيمة؟! لقد منحتني أجمل هدية في حياتي،
استيقظ فارس الصغير على صوتهما الدافئ، وحمله فارس وهو يحتضنه بيديه، ويقول له: فارس
فارس التاجي، حياتي لك ولأمك، لن نفترق بعد الآن، فاقتربت منهم سامية وهي سعيدة
لرؤيتهما لأول مرة معاً، فحضن الاثنان معاً، وقال: استعدي فسوف أعلن غداً، عن
تحضير أجمل حفل زفاف لنا، يا أجمل زوجة.
النهاية
تعليقات
إرسال تعليق