القائمة الرئيسية

الصفحات

"لعبة التحدي "- الجزء الاول - مكتبة راجوشو



لسماع الرواية 

الجزء الأول والثاني 

https://youtu.be/LaLaDNvbLqM

https://youtu.be/cajOn2zeyy4



رواية لعبة التحدي الجزء الاول بقلم : رجاء حمدان لم تعلم ان لها والدان وعندما اصبحت في سن السادسة توفي والدها بالتنبني بحادث سير مروع ، لم يعد لها سند ولم تعرف لمن تلجأ وعندما أصبحت في سن البلوغ واجهت الحياة بصدر مفتوح وراحت تعمل وتدرس لتحسن من معيشتها ، لم تكن لتلفت لمن حولها فالوقت لايسمح لها بالعلاقات ، ولكن القدر يسوق لها ذلك الرجل الذي يقلب حياتها راسا على عقب ، ويبدأ الامر عندما تقوم بتحريك قطعة من قطع الشطرنج ، لتكتشف انها قد حركت جزءا كبيرا من حياتها لنحو آخر ..... :ما عليك سوى الانتساب الى القناة https://www.youtube.com/channel/UChQ8cuMtdK57I-YRZ_qtHPg?view_as=subscriber " راجو شو يقوم بحكاوي الروايات بإسلوبه المستقل المختصرالوافي الممتع """" ربما تكون الرواية او الاساطير او الحكايات او قصص المشاهير التي نننشرها ...منتشرة على اعلانات جوجل ..ولكن معنا متعة القراءة وسما ع الرواية متميزة ..موقع وقناة راجوشو وفر لجمهوره الكريم كل ما يحتاجه ويلبي ذوقه من افضل الكتب وافضل القصص الشيقة والاساطير والحكايا وقصص المشاهير بطريقة محترفة ، حتى لايشعر القارئ بالملل من السرد الطويل الممل ....لذلك قمنا ب انشاء موقع الكتروني ضخم لقراءة الروايات على الرابط التالي : https://www.rajaoshow.com/ وكذلك عملنا على تخطيط وتصميم الموقع الالكتروني الى قناة سماعية بجودة واحترافية فائقة على الرابط التالي االرسمي للقناة على الرابط التالي: https://www.youtube.com/channel/UChQ8cuMtdK57I-YRZ_qtHPg?view_as=subscriber






"لعبة التحدي "

مكتبة راجوشو

بقلم رجاء حمدان




هناك في أعالي الجبال اللبنانية، بُني ذلك القصر المهيب، والذي تميز بهندسة معمارية ليس لها مثيل من الإتقان والجمال، وسُمي بقصر الخالد على اسم من بُني لأجله، ثم دار الزمان... وتحول الحال إلى حال آخر، فالدنيا لها قاعدة ثابتة في حياتنا، نحن لا نأمن من غدرها، ولا تدوم لنا على حال، سواء أكان ذلك الحال خيراً أم شراً، وذهب العز الذي كان في ذلك القصر وذهب معه صاحبه، ليؤول هذا القصر العظيم لمن يُجيد الاهتمام به، ويعيد له أمجاد عزه كما كان في سابق الزمان، إنه ذلك الشاب العصامي والطموح، والذي أثبت نفسه في عالم الأعمال، وأصبح واحداً من أشهر رجال الأعمال الناجحين وأصحاب الأملاك، إنه فارس رجل غني متبلد الإحساس والعواطف، قاسٍ كقساوة تلك الجبال التي شيد عليها ذلك القصر المجيد، ليعيش فيه حياة الترف والرفاهية التي يعيشها كل من يقطنه.

فارسٌ هذا رجل أعزب قرر عدم الزواج بعد تجربة خطبة فاشلة، من فتاة أحبها بشغف كانت تمتلك قدرا كبيراً من الجمال والجرأة القاسية، والتي جعلتها وبكل بجاحة تتركه وتذهب لصاحبه وصديقه، لمجرد أن شعرت حينها أنه يملك ثروة أكثر منه، كانت في حينها صدمة كبيرة لفارس، مر بسببها بأزمة نفسية خرج منها بصعوبة بالغة، وهى أيضاً السبب في أن جعلت من فارس زير نساء، فبكل سهولة أصبحت المرأة عنده مجرد تسلية، تدخل في حياته بسهولة ووقت ما يشاء يخرجها من حياته بسهولة، وكأنه ينتقم لنفسه من تلك المرأة بكثرة النساء اللواتي يعرفهن ثم يتركهن.






وعلى الطرف الآخر من الهاتف كان رجل الأمن أحمد، الذي يعمل في مجمع الأعمال العقاري الذي يمتلكه فارس، كمشرف على عدد من حراس أمن المجمع، يخبر فارس بأن الأمر تكرر، وهناك من يزال يعبث بمنطقته الخاصة والتي كُتب عليها (يمنع اللمس)، فقد كانت لدى فارس قطعة شطرنج ثمينة موضوعة على طاولة مزخرفة بعناية فائقة، صنعت خصيصاً لتوضع عليها رقعة الشطرنج تلك، ووضع مقعدان متقابلان بجانب الطاولة، مزخرفان على غرار زخرفة الطاولة، فعندما تنظر إليهما تجدهما  وكأنهما إحدى التحف الثمينة من زمن القرون الوسطى، صنعت لملك أو إمبراطور، وخصص لهما زاوية كبيرة، وجدرانها وضع عليها صور لأشهر اللاعبين والمتفوقين في لعبة الشطرنج، وتتوسط تلك الصور صورة لفارس وهو يلعب مع أحد المشهورين في اللعبة  "جاري كاسباروف "، وصورة أخرى وهو يتسلم جائزة التميز في اللعبة، وضعت تلك التحفة في هذه الزاوية المؤدية إلى مكتب فارس، ووضع بجانبها تحذير خاص بعدم اللمس والاقتراب، وكان من المدهش أن هناك أحد ما تجاهل هذا  التحذير واقترب من قطعة الشطرنج، وأنهى حل اللعبة، التي كان يتركها فارس مفتوحة لأحد اللاعبين المتفوقين لتحريك الحجر، أو إنهاء اللعبة إن تمكنوا من ذلك، عندما يحضرون في المساء.

 وصار هذا الشخص من حينها يقابل كل خطوة يقوم بها فارس بخطوة أخرى مقابلها بل وأكبر منها، عندها اقترح عليه أحمد تركيب كاميرا مراقبة، لاكتشاف هذا الشخص، وقال له: ربما يكون أحد العاملين التنفيذيين من يقوم بتحريك الحجر ويتحداك، فأعطى فارسا أمرا بأن يتم تركيب كاميرات خاصة بهذا القسم تحديدا، حتى يتمكن رجل الأمن أحمد من المتابعة، ومعرفة من يقوم بهذا الفعل، وهل هو من الموظفين أم من الخارج؟

في هذا المكان الفخم الراقي كانت تعمل موظفة شابة مسؤولة عن التنظيم والتنظيف، فتاة في غاية الجمال وفي عز الشباب، حالتها المادية سيئة للغاية، فهي مجبرة على العمل في محل للملابس في الفترة الصباحية، والعمل في الفترة المسائية هنا في مكتب فارس، فتاة كُتب عليها الشقاء والذل من أول لحظات حياتها، فتاة لقيطة متبناة مات حتى والداها بالتبني، لتبقى ومنذ نعومة أظفارها بمفردها، تعاني من صعوبات الحياة، وتتجرع من مرارها، ولذلك لم تذق السعادة للحظة، ولم تشعر بالأمان لدقيقة، بل كل دنياها شقاء.






سامية هذه مثال للبؤس والتعتير في الحياة، يحبها كل من خالطها وعرفها عن قرب، والكثير ألحق بها الأذى والسوء بسبب طيبتها، وذات يوم وبينما كانت تعمل في محل فارس، إذا بصوتٍ عالٍ يطلب منها أن تتبعه، لتلتفت وتجد رجلا ضخم البنية، تبعته دون أي سؤال منها، فقد كانت هيبته ومنظره يوحيان بأنه رجل مهم يعمل في هذا المجمع الكبير، وجدت نفسها وقد ولجت ذلك المكتب الفخم، طُلب منها تنظيف المكتب بسرعة قبل أن يحضر زائره المهم، بدأت في عملها دون أن تلتفت له أو تُعيره أي انتباه ، وما هي إلا دقائق، إلا وقد وجد فارس نفسه يحدق بها دون أن يشعر، لقد كانت تمتلك قدرا كبيرا من الجمال يصعب تجاهله، استغرب وتعجب بشدة، كيف لهذا الجمال أن يعمل في مثل هذه الوظيفة الحقيرة؟!

وبدأ الشك يتسلل إلى نفسه، وأنها ما هي إلا مرسال مدسوسة عليه من قبل أحدهم، أو قد تكون مزحة من أحد رفاقه، ولكن كل ذلك تبدد لما رآها في وادٍ بعيدٍ عنه جدا، تتصرف وكأنه ليس في الغرفة أصلا، فقرر في ذلك الحين صرفها من عنده فورا وعلى مضض.

 تنحنح قليلا وقال: عليك الآن الانتهاء والخروج، نطق هذه الكلمات وهو ينظر في عينيها لوهلة شعر بالانبهار، أراد أن يخفي هذا الإحساس ولكنه لم يستطع أن يرفع نظره عن عينيها الآسرتين، ثم ضاع في سحرهما، بينما هي عندما رأت وجهه أصبحت دقات قلبها تُسمع كالطبل، واحمرَّت وجنتاها، وهرولت خارجة من المكتب دون أن تنبس بكلمة، وأثناء مرورها بالركن الخاص لفارس ( الممنوع من اللمس )، لم تستطع سامية منع نفسها عما كانت تفعله كل ليلة بعد أن تنتهي من التنظيف، فوقفت متأملة عند رقعة الشطرنج، وحركت حجرا في خطوة ترد فيها على اللغز الذي تركه فارس كعادته.






لم يتمالك فارس نفسه ويخفي صدمته، عندما شاهد في الكاميرا ذلك الشخص الخفي الذي يقوم بتحديه وعرفه، فها قد حُلَّ اللغز وأخيرا، وعُرف الفاعل، وافتضح المستور، فيا لها من مفاجأة غير متوقعة، إنها عاملة النظافة!!!

أهي التي تقوم بذلك؟ وهكذا بكل ذكاء وبمنتهى السهولة، تقوم بحل اللغز الذي عجز عن حله الكثير! فأخذ يُعيد التسجيل مرارا وتكرارا، وهو في غاية الذهول، وهنا عادت الفكرة تسيطر عليه باستحالة ما يرى، وأنَّ هناك من سلطها عليه، فهل يُعقل أن هذا الجمال والذكاء يعمل في الترتيب والنظافة؟! ويترك فرصا كثيرة يمكنه أن يرتقي من خلالها.

بقي فارس يراقب سامية لبضعة أيام من خلال الكاميرات، وكان يقصد في كل مرة أن يحرك هو حجرا لترد هي بتحريك حجر لخطوة أخرى، حتى أنهت اللعبة وفازت، فعرف أنها فتاة تتمتع بذكاء وحنكة، فهذه اللعبة تحتاج إلى التخطيط والتدبير والقدرة على التفكير العميق، في الحقيقة شغلت تلك الفاتنة عقل فارس، ووصل به الأمر أن يبدأ بجمع معلومات عنها ليتعرف عليها أكثر، وأوكل مهمة البحث هذه إلى أحمد رجل الأمن، وأراد أن يجتمع معها على طاولة لعبٍ واحدة، ليتحداها بلعبة من جانب، ومن جانب آخر أراد أيضاً أن يتعرف إليها أكثر عن قرب، فالذي يعرفه عنها ما يزال شحيحاً.



كانت سامية تعمل في الممر أمام مكتب فارس، ففتح الباب لتجده أمامها بغتة، تجمد الدم في عروقها واتسعت حدقت عينيها في ذهول زاد من جمالهما وانبهاره بها، تلعثمت سامية في كلامها من هول الصدمة، وقالت: هل تريد شيئاً سيدي؟ أخبرها بأنه فارس مازن التاجي، وهو من يملك هذا المجمع العقاري الكبير، لم تصدق ما قاله، وحسبته أحد الموظفين يحاول الإيقاع بها، فطلبت منه الابتعاد، وتحججت بأن لديها عمل تريد إنجازه، ولكنه قال بحدة: إذن أنت من تخترقين منطقة عدم اللمس خاصتي وتعبثين بالأحجار، انعقد لسان سامية وأصبح لونها أصفرا، ولم تقدر على النطق بحرف واحد، وعرفت أنها قد أوقعت نفسها في مصيبة كبرى لا تعلم كيف ستخرج منها، أكمل فارس كلامه وقال: إنني أتحداكٍ بلعبة شطرنج.





أدخل فارس رقعة الشطرنج إلى مكتبه، وقبل البدء في اللعب، لاحظ فارس مدى توترها وارتباكها، فطلب منها الجلوس وشرب شيء يريح أعصابها قبل البدء في اللعبة، قال لها: إنك جميلة جداً وذكية، فاحمرت وجنتاها، وطأطأت رأسها إلى الأسفل قليلا، كان كلامه يقع عليها كالسحر، يحبس أنفاسها فلا تستطيع الكلام أو حتى أن تتحرك من مكانها، فذابت كقطعة سكر في الماء وبقيت ساكنة مكانها، اقترب منها رويدا رويدا كي يكسر حاجز الخوف الذي يراه في عينيها، وربت على كتفها برقة كي يُهدأ من روعها، فشعرت بالسكينة والطمأنينة والارتياح.

بدأ اللعب، وبسرعة مذهلة فاز فارس فأدرك في هذه اللحظة بأنها هي من جعلته يفوز، فقال لها غاضباً: ألم يجدر بك أن تلعبي بطريقة أفضل كما كنت تفعلين سابقاً، حين كنت تعبثين بالأحجار في المنطقة الممنوعة اللمس، فقالت له: فعلا لقد سمحت لك أن تفوز علي، فجن جنونه، وقال لها : من أعلمك أن الفوز الزائف يرضي غروري، كان يصرخ في وجهها ويقذف بالكلام الجارح  دون توقف، بينما هي تحاول أن تحبس دموعها، وكانت تخرج منها بعض  كلمات متقطعة لم  ..أقصد  الإهانة ...إنها مجرد لعبة، ولكنه لم يكن ليسكت وكأنه بركان ثائر، فكان يمطرها بسيل من كلمات التوبيخ والإهانة، وصلت لحال لم تعد قادرة على تحمل كلامه وغطرسته وإهانته أكثر من ذلك، فقالت له: أنا لست ملكك كي تتحكم بي، وتصدر علي أوامرك وتهينني بهذا الشكل، لقد تجاوزت  الحدود معي،  فتح فارس فمه مندهشا من ردة فعلها تلك، وختم إهانته لها بتعييرها بعملها المتواضع كعاملة نظافة، عندها توجهت نحو الباب، وقبل أن تخرج قالت له: حقا إنني في غاية الأسف لجعلك تفوز علي، ولكن فعلت ذلك لأني لا أهتم لأمرك، ويكفيك التنمر، فأنا لدي عمل أريد أن أنجزه وصفقت الباب وراءها، لتتركه يصارع نفسه ما بين ندم وكبرياء على أسلوبه في التعامل معها على هذا النحو، فهو على كل حال كان لا يرغب أن ينتهي لقاءهما على هذا النحو المشين، وعندما قرر أن يلحق بها كانت قد غادرت المكان.







وصلت سامية منزلها وهي تجر أذيال الخيبة والألم، وتسأل نفسها لماذا؟؟ لماذا الجميع يسيء إلي دوما هكذا؟ يا إلهي ماذا أفعل؟ هل سيتصل بشركتها ويطلب منهم فصلها من العمل؟ أم أترك العمل وأُبقي على كرامتي؟  ولكني لا أستطيع أن أفعل ذلك فوضعي المادي لا يتحمل أن أترك العمل ليوم واحد.

وفي اليوم التالي قررت أن تدوس على كل آلامها وحسراتها، وتذهب إلى العمل من جديد، وكأن شيئا لم يكن، وهناك وجدته مجددا  يتمشى بين موظفيه ويتفقدهم، سرت بجسدها رجفة حاولت أن تكتمها، سيطرت بصعوبة على نفسها، عندما رأته مقبلا نحوها، ولكن كان يبدو على وجهه السعادة، وشفتاه تنفرج عن ابتسامة رقيقة يوجهها لها، وهو يقترب منها، قال لها: أعتذر، صمتت وتنفست الصعداء إنها على الأقل لن تفصل من عملها، طلب اللعب معها مرة أخرى، قالت في نفسها على ما يبدو أنه يلعب بي وليس بلعبته تلك، إنه يفوز علي الآن وبجدارة، فأنا لا أمتلك إلا الرضوخ والإذعان، فردت عليه، حسناً سوف أحضر عند الساعة الثامنة بعد أن أنهي عملي.  

لبست ثياباً بسيطة أنيقة فزادتها جمالا وفتنة على جمالها، وعندما رآها فارس انبهر بجمالها وفتن بها، وبدأوا اللعب وفي هذه المرة فازت هي عليه في اللعبة وبجدارة، وجد نفسه يصرح لها بمشاعره ويطلب أن يقيم معها علاقة مقابل مبلغ من النقود، فشعرت بالذل والإهانة، وقالت له: من تظن نفسك أيها الأبله؟ إنني لست كتلك النساء الرخيصات التي تظن!!! وخرجت من عنده مكسورة الخاطر، تلعن لحظة معرفتها به فهو إنسان حقير لا يستحق الثقة.

وصلت إلى فارس أخبار التقصي عن سامية، وأنها عندما كانت بعمر السنتين تم تبينيها من أبويين آسيويين، ولكنها عادت مرة أخرى يتيمة بعد أن مات أبويها بالتبني في حادث غرق باخرة، عندما كانوا على متنها حيث لم ينج من حادث الغرق هذا، سوى عدد قليل ومن بينهم سامية، التي تم وضعها مرة أخرى في ملجإ للأيتام وهي بعمر العشر سنوات.

كانت سامية تلميذة نابغة ومتقدمة، وينتظرها مستقبل باهر، ولكنها انقطعت عن دراستها الأكاديمية واختفت، ولا يوجد معلومات عن سبب اختفائها، وكيف ولماذا؟ وماذا فعلت في تلك الفترة؟

في اليوم التالي كانت إجازة سامية، خرجت إلى المكتبة، فيوم إجازتها تقضيه بالكامل تدرس فيه مساقها في إدارة الأعمال، قاربت على الانتهاء من الدراسة في الجامعة، ولم يتبقَ لها سوى فصل واحد، وتنطلق بعده إلى عالم الأعمال، إن خيالها وطموحها لن يرضيا بأن تكون موظفة عادية، إنها تعد نفسها لشيء أكبر في حياتها.

وفي أثناء عودتها إلى البيت، جاءها الاتصال الذي كانت تخشاه، لقد استغنت عنها شركتها بناء على شكوى مقدمة من السيد فارس، للمرة الألف تذكرت السنوات التي قضتها في السجن ظلما ً بسبب سرقة لم ترتكبها، كم هي قاسية الحياة معها ولا تريد أن ترحمها، أينما تذهب يحل عليها الظلم، تُرى لماذا كل هذا القهر في حياتها؟



 

 

 لم يعد يحطمها الأمر أو يهزها كما كان  في السابق، ففي السابق كانت صغيرة وضعيفة بائسة بدون عائلة وسند تلتجئ إليه، كان الخوف والفراغ وقلة الحيلة يحيطان  بها، أما الآن  هي أقوى وأنضج، لقد شكلتها الحياة بكل قسوتها وجعلتها صلبة قوية وواثقة من نفسها، وعندها من الاستعداد الذي يكفيها لأن تواجه من هو أكبر من فارس الأحمق هذا، فقررت الذهاب إليه وتلقينه درسا لن ينساه ما حيي أبدا، ولما وصلت إليه وجدته مع جمع من الموظفين، يودعهم لأنه يستعد للسفر بضعة أيام خارج البلد، لم تتمكن سامية من الاختلاء به ولومه على ما فعل بها،

وعندما رآها من بين الجمع، رحب هو بها وسألها أين كنت؟ لقد طلبت من رجل الأمن الخاص أن يبحث عنك ويعرف مكان إقامتك، ولكنه إلى الآن لم يفلح في ذلك، هل أنت بخير؟  التزمت سامية الصمت ولم تنبس بكلمة أمام الحضور، ثم استغلت صعوده الدرج وحيدا عندما هم للخروج، فذهبت إليه وعنفته بشدة، لأنه السبب في جعل شركتها تستغني عنها، تفاجأ فارس من كلامها، وقال: صدقيني أنا لم أفعل ذلك، وعلى ما يبدو أن شركتك أساءت الظن بك، عندما وجدوا رجل الأمن خاصتي يبحث عن عنوان منزلك، ويستقصي عن أخبارك، فقاموا بفصلك من العمل.

وعدها بتأمين عمل لها أفضل في مجال خدمة العملاء وعلى الفور، فرحت سامية بهذا الخبر، ووافقت دون تفكير، فقد رأت في فارس الوجه الآخر الحسن الذي لم تره منذ عرفته، أعطاها فارس عنوان العمل الجديد، وطلب منها أن تباشر عملها حتى يعود من سفره، قالت في نفسها: لابد أن فارس قد علم بأنها فتاة جامعية وتستحق هذه الوظيفة، ولكن فجأة قطبت حاجبيها وانتابها غصة في حلقها، وقالت: ماذا لو عرف أني كنت في السجن متهمة؟! غادر فارس وهو يفكر بتلك الشقراء ذات العينين الخضراء، والتي أسرت قلبه وأشغلت فكره.




لم تكن سامية أقل انشغالا من فارس في التفكير فحالها كحاله، لقد بدأ قلبها ينبض بشدة لذكر اسمه، وعقلها دائم التفكير به وصورته لا تفارق خيالها، فراحت تبحث عن شخصه على صفحات التعارف في الانترنت، وتسأل عنه في الشركة التي تعمل بها، وتسأل كل من يعرفه، وكم تفاجأت حين عرفت بالكم الهائل من الثروة التي يمتلكها، وبأنه رجل أعمال مشهور ومرموق في موقعه، وبأنه أيضا لديه رفقة لا بأس بها من النساء، فهو كل يوم يغير امرأة كما يغير قميصه، لم يكن يهمها التفكير بمقدار ثروته، قدر تفكيرها وحزنها عندما سمعت عن علاقاته النسائية الكثيرة. 



الى اللقاء مع الجزء الثاني 

تفاعل :

تعليقات