القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية آستر – الجزء الرابع - مكتبة راجوشو












رواية 

آستر – مكتبة راجوشو

 الجزء الرابع 

لسماع الرواية الرابط التالي : 

https://youtu.be/m83PXcmOy2A


أتحدث عن الهوس الذي يصيب الإنسان نتيجة افتقاده لشخص ما، وتذكره باستمرار كما لو كان هذا الشخص مقدس

كنت أحلم في صغري أن أصير كاتباً معروفاً ومشهوراً، ثم اكتشفت أن الحقيقة ليست مثل الحلم، فقد كنت أكتب بلغة غير مستساغة عالمياً، كما أن الناس المتواجدون في البلد حيث نشأت لا يقرؤون ولا يميلون أصلا إلى مطالعة الكتب، وبعد تحطم حلمي أرغمتني أسرتي أن أقوم بدراسة تخصص ما بالجامعة، ولكني لم أستمع لهم أبدا لأنني لم أجد نفسي يوما في مدرجات وصفوف الدراسة، فتمردت على هذا الواقع المفروض، سافرت، وجبت دولا كثيرة، بلا هدف، ثم التقيت يوما بمطرب واقترحت عليه أن اكتب له بعض القصائد والأغنيات، ثم نجحت أغانيه، وبلا سابق إنذار، وجدتني اكسب أموالا كثيرة

:ما عليك سوى الانتساب الى القناة

https://www.youtube.com/channel/UChQ8cuMtdK57I-YRZ_qtHPg?view_as=subscriber

" راجو شو يقوم  بحكاوي الروايات بإسلوبه المستقل  المختصرالوافي الممتع  """" ربما تكون الرواية او الاساطير او الحكايات او قصص المشاهير التي نننشرها ...منتشرة على اعلانات جوجل ..ولكن معنا متعة القراءة وسما ع الرواية متميزة  ..موقع وقناة راجوشو وفر لجمهوره الكريم كل ما يحتاجه ويلبي ذوقه من افضل الكتب وافضل القصص الشيقة والاساطير والحكايا وقصص المشاهير بطريقة  محترفة ،  حتى لايشعر القارئ  بالملل من  السرد الطويل الممل ....لذلك قمنا ب انشاء موقع الكتروني ضخم لقراءة الروايات على الرابط التالي : https://www.rajaoshow.com/

وكذلك عملنا على تخطيط وتصميم الموقع الالكتروني الى قناة سماعية بجودة واحترافية فائقة على الرابط التالي االرسمي للقناة على الرابط التالي:

https://www.youtube.com/channel/UChQ8cuMtdK57I-YRZ_qtHPg?view_as=subscriber


رواية 

آستر – مكتبة راجوشو

 الجزء الرابع 


لا ادري الى اي وقت استمر الرقص، لكن كان صوت الموسيقى متناغم جدا  مع اصوات دقات قلبي، وشعرت باندفاع كبير جدا في ان انساق، أن أتفوه و اغني غناء غريب، أن يقوم بترقيص جسدي، وان اذوب بحلقات الدوران، لكتب حاولت أن أوقف  جماح هذا الاندفاع الشديد، اعطيت جهدي كل لا انضم الى هذه الفعالية المجهولة، وكنت اود ان يتوقف ذلك بأسرع ما يمكن، سعيت أن أصب تركيزي على  السبب الأساسي الذي جعلني اقوم بالقدوم الى هذا المكان في هذه الليلة، والسبب هو ان اتحدث مع ميخائيل كي يخبرني بمكان  استر، لكني رأيت أنه من الصعب جدا ان يبقى ساكنا، قمت عن الكرسي، وفيما كنت امشي  اول خطواتي  بحذر وخجل توقفت الموسيقى فجأة.         
                     

ثم بعد هذا وفي هذه الحجرة التي لم يكن ينيرها سوى الشمع، لم  اسمع بعد توقف الموسيقى سوى  صوت تنفس الناس الذين قاموا بالمشاركة في الرقص، ورويدا رويدا هدأ الصوت، و اضيئت الأضواء، وبدا أن كل شيء رجع إلى حاله الطبيعي،

 وصب في الكؤوس ثانية العصائر، و راح الاطفال يركضون في كل مكان، ويتبادلون الحديث بصوت مرتفع، وفورا راح الجميع يتحدث وكأن لا شيء حدث، ابدا. بعد ذلك انتهى اللقاء و من ثم راحت الناس تخرج، .. وانا عدت ادراجي.. لم اكن اريد ان اكتشف الآن مكان زوجتي. بل لفتتني جدا محاضرات ميخائيل، و حضرت الكثير منها فعلا، تغيرت بالفعل. بعد ذلك وذات احد الايام، قمت بالطلب من ميخائيل أن نجلس في مطعم بيتزا انا افضله جدا، لنتبادل الحديث، وبالفعل قد جاء، وجلس، بعدما انتظرته.. قال:

ميخائيل: "بإمكاني في جلوسنا هذا أن أعطي بعض الدروس، دروس عن الحب و والحياة و الطاقة سوف تجعلك مطمئنا بالفعل و تفهم ذاتك، وماضيك، لكن كلينا يدرك سبب حضورنا هنا، نحن الآن بسبب زوجتك"

قلت: "تقصد استر؟، اريد ان تساعدني بخدمة، قدني اليها، ارغب ان تحدق بي مباشرة و تقول لي لماذا قامت بتركي، وحينها فقط سأقوم بالتحرر من الهوس وظاهر استر، وإلا فإني لن اتوقف عن التأمل بها في خيالي صباحا و مساءا، وأقوم بسرد قصتنا و ماضينا يوما بعد يوم اجرب في ذلك ان اقرر بدقة اللحظة التي تجاوزت فيها و ازعجتها و بدأت استر تبعد عني حتى انتهت دروبنا".





ميخائيل:" اولا يجب ان اقول لك شيئا، هل قامت بتوديعك؟"

قلت: "لا"

ميخائيل: "هل اخبرتك لماذا ستسافر؟"

قلت: "لا، لم تحكي لي اي شيء، هل اخبرتك انت؟"

ميخائيل: "هل تعتقد ان زوجتك استر بحسب تفكير عقلها يمكنها ان تترك رجلا كانت قد عاشرته لمدة لا تتجاوز على عشرة سنوات بلا اي مواجهة او شرح  أسبابه؟"

قلت: "هذا هو بالفعل ما ازعجني، لكن الى ماذا تريد ان ترمي ميخائيل؟"

ميخائيل: "هل تود حقا ان تدري أين هي؟"

قلت: "نعم.. بالطبع"

ميخائيل: "انها تقوم بصنع بعض السجاد و تعطي محاضرات تعليمية عن اللغة الفرنسية".

انصدمت! سجاد! استر! استر! والتي لديها كل ما تريده من أموال ولديها شهادة من الجامعة في الإعلام والصحافة، وتحكي أربع من اللغات، تجبر الآن لتكتسب مبلغ من المال، وذلك من خلال العمل في نسيج السجاد، وتقديم محاضرات باللغة الفرنسية لبعض المتعلمين؟ يجب ان امسك اعصابي، اكمل ميخائيل:

ميخائيل: "انها لم تتركك، او تترك احد، لقد اختفت عن الناس المقربين لمدة من الزمن، ربما لمدة بسيطة و ربما الى الابد، لكننا لا بد ان نقدر اختيارها ذلك"

كما لو ان نورا مشعا قد سطع فجأة في ذلك المطعم البسيط للبيتزا، المطعم الذي لطالما شعرت بالراحة في داخله، لأنه لطالما جلب لي  احداث جيدة و مشاعر جميلة، كنت اود ان اؤمن ان ما قاله ميخائيل كان حقيقيا، وكان هوس و ظاهر زوجتي يحيط بي وقتها.

قلت: "هل تعرف أين هي؟ هل تعرف أين تكون الان؟"

ميخائيل: "اجل اعلم اين هي الان، وبالرغم من أنني أود رؤيتها مثلك تماما، لكنني احترم رغبتها و اختيارها، بالرغم انني احيانا مثلك اشعر بالتوتر لهذا الأمر الذي اختارته.  قد تكون زوجتك في انتظار احد ما ان يذهب و عنها يبحث في كل مكان، او قد تكون التقيت بإنسان غيرك احبته، او ممكن انها قررت الانسحاب من كل العالم، كيفما كان الأمر، اذا اردت ان تروح و تبحث عنها فلا اقدر ان امنعك، لكن إن قررت ذلك لزاما عليك ان تعلم شيء واحد، يجب الا ترى جسدها وحسب بل روحها كذلك"





احسست بدافع الى الضحك اردت ان احتضنه، او ربما ان اضربه، لقد تغيرت احاسيسي بسرعة ضخمة جدا وسألت: "هل انت.. و استر؟"

ميخائيل: "لقد رأيت في استر الانسانة التي كنت اتمنى لقاءها، الانسانة التي  مدت يد العون لي من اجل بدء مهمتي التي اختارها الله لي، كانت استر الملاك الذي ساعدني على فتح الأقفال، المسارات، الدروب التي أهلتها أن نرجع طاقة الحب الى الناس عبر الدروس التي اقدمها. ولكي لا تقلق او تتوتر ابدا، انا لدي خطيبة، وهي الفتاة الشقراء التي تقف كانت دوما بقربي على المسرح وخشيته، وهي فتاة ايطالية اسمها لوكريشيا"

قلت: "هل حقا ما تقوله؟"

فجاوبت بنعم، وحين استفسرت عن نوع مواهبه السحرية قال انها مجرد تنبؤات احيانا تصيب.

وبعد مدة طويلة من مشاهدتي اجتماعات ميخائيل التي كانت موضوعاتها كلها عن الطاقة الإلهية و المحبة و الإيثار، شعرت بالسعادة حقا ان القدر جعلني التقي ميخائيل، ميخائيل الذي يملك قدرات غريبة بلا شك، فقد رحت الى المطعم لأجد استر و اكتشفت انني صرت شخصا مضيئا اكثر ومهما بالفعل، هل لا زلت اشعر ان إستر مهمة فعلا لي؟ ربما ذلك.. لأن محبتها لي هي التي قلبت حياتي في احد المرات، حين دفعتني لأن اكتب كتابا! وهو الذي يجعلني الآن شخصا مختلف، فهما من ميخائيل عبر دروسه التي ادمنتها، انه على الشخص أن يلقي اية اثقال في حياته غير مهمة و ليدع طاقة المحبة تخرج من خارجه إليه و من داخله الى العالم. وذات يوم وأنا عائد من احدى دروسه لقد تذكرت انه كان قد اخبرني انه قد ارسل مغلف الى منزلي فيه شرحا عن مكان زوجتي إستر، وبالفعل سوف افتحه.. قلت لنفسي ذلك اليوم،  وسأسير في الطريق الذي يقودنا إليها، سأقوم بذلك لا لأنني ارغب فيها ان تكون معي، بل لأنها طليقة في ان تعيش وتبقى حيث هي. حتى هوس استر كان قد بدأ يخف حتى تلاشى تماما بسبب وجودي الدائم و حضور دروس ميخائيل، و الغناء و الرقص و السلام، و التحرر من أعباء المادة و الفخر، و التصالح مع الذات، و حب الروح و الحياة، و التقليل من حدة الحزن و المرارة. اجل اختفى الظاهر و بقي فقط الحب الذي يقوم بتحريك كل شيء في العالم و الروح و القلب و الجسد، الحب الذي يعطي كل شيء قيمة، لقد فهمت من أنا، لقد فهمت ما هو الحب.





نعم .. عدت الى المنزل و اخيرا قمت بفتح الظرف المتواجد على الكنبة من اجل ان ادري اين مكان زوجتي، وعرفت انها في إيثاكا و بالتفصيل أين هي، و عزمت أن أذهب إليها، باليوم التالي بدأت رحلتي باتجاه زوجتي وقد كانت رحلة طويلة، وأخيرا ..، ها انا اقف امام البناية التي بداخلها زوجتي الحبيبة استر، لم يكن جسمي رائع النظافة بسبب رحلتي الشاقة، كانت ملابسي متسخة، ووجهي مليء بالرمل، وجسمي كله عرق، رغم شدة الصقيع. شعرت بالخوف من شكلي أكثر الأشياء غباءا بالعالم من التوتر، كما لو انني قد عزمت على القيام بهذه السفرة الطويلة إلى إيثاكا أتظاهر بملابسي الجديدة. و فيما رحت امشي المئة متر المتبقية، كان علي ان افكر ماذا يجب علي ان اتحدث حين نلتقي اخيرا؟ كنت قد حاولت التفكير طويلا بذلك، ووجدت عبارات مثل،  "لو تعلمين كم انتظرت هذه اللحظة يا استر"، او "هذا حقيقي.. انا مخطئ معك"، او "قطعت هذه المسافة لأقول لك كم احبك" او حتى "انت اكثر جمالا من كل الأيام التي مضت". لكنني بالنهاية قررت ان احكي مرحبا ليس الا. كما لو انها لم تتركي عامين و اشهر تسعة واحد عشر يوما وكذلك احدى عشرة دقيقة من الساعة. كنت اريد ان اخبرها كم تغيرت حين مشيت في الطرقات والأماكن التي تعلمت فيها، اماكن لم اكن ادري اي شيء عنها، ولم اكن اشعر باي اهتمام حولها. كنت اريد ان اخبرها انني فهمت قيمة حياتي من محاضرات ذلك الشاب. 

لم اكن احب زوجتي كما يجب، لقد صنعت قصة عشق كالتي كنت اشاهدها على التلفاز، او ارى مثلها في القصص و الحكايات أو نراها في المسلسلات و البرامج، لكن الموضوع يتحول إلى امر اكثر تعقيدا و تشابكا، بل وأكثر مما كنت أعتقد، لأنني بدأت اتوق للحرية مرة اخرى تقصي عن الحرية و الانطلاق، ثم قلت لذاتي "لم اعد اريد استر وتوقفت عن حبها"، واذا تكرر الحب بيننا ورجع عال كما في قبل، حينها كنت اخبر نفسي "ممم ربما.. لكنني بالفعل مللت"، لقد سعت استر ان تجعلني ارى لكنني لم افعل ولم ارى، كان لا بد من ان اخسرها لكي اعرف ان مذاق الأشياء التي نستعيدها الذ اصناف العسل الذي من الممكن ان نشعر بطعمها في عمرنا كله، كان قلبي فارغا كالصحراء، الان عرفت السبب الذي جعل استر أن تجيء إلى الصحراء، لأن كل ما هو هنا فارغ ايضا.. ومع ذلك.. كان هناك قليل من الرياح في هذه الصحراء، مثل فؤادي بالضبط.. فؤادي الذي هبت عليه ريح حاملة معها مشاعر و أفكار جديدة.




أجل.. حملت معها مشاعر لم احس بها من قبل، أشخاص و فوضى لم اصغي اليها من قبل، لقد استرجعت طاقتي لأني اطلقت ذاتي من مجدي الشخصي، و ادركت انني اكثر امكانية  مما كنت اعتقد بالسابق، فالزمن يصنع

من اولئك الذين لا يملكوا الشجاعة يسيرون سير بطيء، وفي احد الايام و بسبب استر، حققت حلمي أن أصبح كاتبا، و بعد عدة سنوات جعلتني استر ذاتها اسير ثانية، هذه المرة من اجل ان اكتشف ذاتي التي فقدتها خلال طريقي بالحياة،

 

 أما الآن فقد راح يدور في ذهني من التوتر كل شيء غير مهم و اساسي، ادندن اغنية في رأسي، اسأل نفسي لماذا لا يركنون سيارات هنا، ثم انتبهت ان حذائي قد بدأ يصير باهت و مهترئ، وان ساعتي المتواجدة على معصمي كانت على توقيت اوروبي، وكل هذا لأن استر، مرشدتي، زوجتي، وامل حياتي، لم تكن بعيدة عني إلا القليل من الخطوات. قمت من مكاني، كانت قدماي ترتجفان، امسكت يد الباب و اخيرا.. دخلت. رأيتها جالسة هناك بين حلقة من النساء و الاطفال و تقرأ في كتابي: "مع إدراكي بأنني قد فقدت زوجتي الطيبة وربما مدى الحياة، يجب ان نسعى ان نفرح بكل العطايا التي اعطانا اياها الله اليوم، لا يمكن تخزين النعم، لا يوجد مستودعات يمكن حفظها فيها كي تظل و تبقى عندما تحس باطمئنان أكثر مع ذاتك

واذا لم اقدر  هذه النعم بشكل صحيح فإني سوف تفقدها الى الأبد، مهما اوجعتنى الصعوبات اليومية، يجب ان اقدر نعم اليوم القليلة البسيطة، حتى لو ظهرت كلمات لأني أتألم بسبب أمر ما. فمثلا اليوم يبدو هادئا، و الشمس منيرة، و الاطفال يستمتعون ويركضون في الشارع، وهذا هو الاحساس الوحيد الذي يجعلني ان انسى اوجاعي و اعيد ترتيب حياتي" قامت استر بإغلاق الكتاب، نظرت النساء و الأطفال المحيطين بها، محاولين نظراتهم و أبصارهم منها الي ، عندها قالت استر

:" لقد وصل صديق لي للتو سوف اخرج وامشي قليلا معه " وتابعت "لقد انهينا درس اليوم". لقد كانت العبرات في عيوني، لقد كان كتابي بين يديها وتقرأ به، وقفت امامي و قبلت وجنتي و شبكت يدها بيدي و خرجنا. 

قلت: "مرحبا"

قالت: "لقد انتظرتك"

 عانقتها بشدة، وضعت رأسي على كتفها، وانفجرت بالبكاء، مدت يدها مسدت شعري، وبالأسلوب هذا الذي مسدت شعري به بدأت افهم واتقبل كل ما لم تفهمه أو اتقبله في كل حياتي، قالت:" طيلة الوقت انتظرتك، وكم اتمنى انك تعلمت من رحلتك هذه بالبحث عني، ان تعتق ذاتك من المناصب اكثر والماديات، وان تركز على الأحاسيس، فلقد درست انا من ميخائيل أن اللحظة التي نعيشها مثل فضاء شاسع كالصحراء ينتظر أن يتكدس بمزيد من المحبة و السلام  و الامتنان و بمزيد من سعادة الحياة، و اتمنى انك تعلمت انت ايضا من هذا" نظرت في حدقتيه.. و ضحكت بحب. 


                          النهاية 

 

تفاعل :

تعليقات