القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية: نبض: أدهم الشرقاوي. الجزء الثاني

=








 رواية:

نبض: أدهم الشرقاوي. الجزء الثاني  

إعداد وإشراف: رجاء حمدان.


 رواية  تُحاكي  الواقع  الذى نعيشه، فهي تصوّر حربًا أهلية، صراعًا بين العبيد والأحرار في حلبة الوطن.... ا(لآن يا نبض أجد اللحظة مؤاتيه لأرتكب خيانتي الأولى لك ! قررت أخيرا أن أكتبك ، بعض النساء نخونهن إذ نكتبهن . فتحويل امرأة مثلك إلى لغة يعتبر خيانة من زاوية ما ).



 ما عليك سوى الانتساب إلى هذه القناة للاستفادة من المزايا المتعددة للقناة

: https://www.youtube.com/channel/UChQ8cuMtdK57I-YRZ_qtHPg/join

" راجو شو يقوم  بحكاوي الروايات بإسلوبه المستقل  المختصرالوافي الممتع  """" ربما تكون الرواية او الاساطير او الحكايات او قصص المشاهير التي نننشرها ...منتشرة على اعلانات جوجل ..ولكن معنا متعة القراءة وسما ع الرواية متميزة  ..موقع وقناة راجوشو وفر لجمهوره الكريم كل ما يحتاجه ويلبي ذوقه من افضل الكتب وافضل القصص الشيقة والاساطير والحكايا وقصص المشاهير بطريقة  محترفة ،  حتى لايشعر القارئ  بالملل من  السرد الطويل الممل ....لذلك قمنا ب انشاء موقع الكتروني ضخم لقراءة الروايات على الرابط التالي : https://www.rajaoshow.com/

وكذلك عملنا على تخطيط وتصميم الموقع الالكتروني الى قناة سماعية بجودة واحترافية فائقة على الرابط التالي االرسمي للقناة على الرابط التالي: https://www.youtube.com/channel/UChQ8.@ وصفحتنا على الفيس بوك الرابط التالي

: https://www.facebook.com/RajaoShow





 رواية:

نبض: أدهم الشرقاوي.

إعداد وإشراف: رجاء حمدان.



لا أعرف ماذا يريدون منها، أن تبقى تُضرب إلى ما لانهاية، أو تموت من الضرب ذات سكرة شديدة. حتى الذين كانوا أكثر تحضراً قالوا كان يجب عليها أن تصبر لأجل أولادها! أريد أن أعرف من الذي أقنع الناس أن عيش الأولاد في جو موبوء بالمشاكل والعنف وقلة الاحترام، أفضل من عيشهم مع أحد الأبوين في جو من الهدوء والطمأنينة!

هناك عظماء كثر كانت أمهاتهم أرامل منذ صغرهم، ولم يمنعهم هذا من أن يكونوا عظماء، وهناك عظماء رباهم أباؤهم أيضاً، السر لا يكمن في وجود الأبوين وإنما في طريقة تعاملهما!

لا أعرف لماذا يريدون أن يقنعوني أن دعاء إذا أخذت أولادها وربتهم وحدها في بيئة صحية نفسياً وأخلاقياً بعيداً عن بيئة بيتها الموتور كأنها ترتكب  جريمة. لماذا إذا قامت الأرملة بتربية أولادها وحدها كان هذا عملاً عظيماً يستحق الإشادة، وإذا فعلته المطلقة تختلف المعايير!

يا نبض:

المرأة قادرة أن تربي، سواء مطلقة، أو أرملة، أو إذا كان حضور زوجها صفراً، وجود الزوج ليس شرطاً لممارسة الأمومة. التربية إرادة قبل أن تكون رجلاً أو امرأة، بإمكان امرأة أن تقوم بها وحدها، وبإمكان رجل أن يقوم بها وحده، إذا أرادوا ذلك! والناسُ في هذا سواء، شرقهم وغربهم.

=جورج واشنطن، أول رئيس للجمهورية في أمريكا، ربته أمه لأنه كان يتيماً، وهو حتى اليوم أعظم رؤساء القوم!

=المهاتما غاندي أيضاً ربته أمه لأنه كان يتيماً.  وكانت تقول له كل صباح، قل معي: أنا حر، أنا شجاع، سأقول الحقيقة دائماً! فخرج من تحت يديها العظيم الذي تعرفينه!

=تقول العرب يا نبض: إن لم يكن وفاق ففراق!

=ودعاء لم تفعل أكثر من أنها نفّذتْ ما خلصت إليه العرب في تجاربها، لم يكن من وفاق أبدأ، فأرادته فراقاً. ليس سهلاً أن تتحول المرأة من كائن أنثوي إلى كائن قط! وهي حين اختارت أن تتوقف عن ممارسة أنوثتها في سبيل أولادها وجب أن تُقدر لا أن يُنهش لحمها في المجالس!

دعكِ الآن من دعاء... أحسب أني أسهبت، وكل ما يجول في خاطري قد قلته، قد توافقيني وقد تخالفيني، وهذا حقك!

لك أن تقاربي الأمر من زاوية مختلفة، فيأتي حكمكِ مغايراً تماماً لحكمي، فأحكامنا عادة تأتي  تبعاً للزاوية التي نرى من خلالها أية قضية.








  وما دامتْ نافذة القرية مفتوحة، أطل منها وأخبركِ بما أرى!

أتذكر السّاعة أم أحمد...

كانت عقيماً لا تلد. كانت أم أحمد تحب أولاد القرية بجنون، وتستميت في الدفاع عنهم حتى عندما كانوا يخطئون. كان يؤلمها أن يضرب أبٌ ابنه، أو توبخ أمٌ ابنتها.

=كانت أم أحمد تجد في عطفها على الصغار تعويضاً عن أمومتها المفقودة، فالأمومة في النساء غريزة، على عكس الأبوة في الرجال فإنها بالتجربة!

=نقص الأمومة في النساء عجز قاتل، تشعر المرأة فيه أنها مصابة بكيانها، والحالة الطبيعة لكل فاقد أن يسعى لتعويض ما فقده بالطرق المتاحة، وطريقة أم أحمد كانت أن تُقنع نفسها عبر الإهتمام بالصغار ومحبتهم أنها وإن كانت عاجزة عن الإنجاب، فليستْ عاجزةً عن الأمومة!

=كنا نرى في أم أحمد شخصاً نبيلاً لأنها كانت تُشبع غريزة نبيلة، والأمومة لا تُشبع إلا بالعطاء، والإشباع يكون نبيلاً أو قبيحاً وفقاً للحاجة المفقودة!

=الإشباع يا نبض أناني في تصرفه، لأنه مغول في الذاتية، وغارق في الشخصانية، فأم أحمد حين أشبعت غريزة الأمومة في أولاد الآخرين، كانت تفعل هذا لأجلها لا لأجلهم، ولكننا نحكم على أنانيتها هذه بالقبول لأنها تدغدغ فينا قيمة عظيمة هي الأمومة!

=والأمومة يا نبض نوعان! أمومة بيولوجية، وأمومة نفسية! والأمومة البيولوجية تتحقق بالولادة والإرضاع، والأمومة النفسية تتحقق بالحب والرعاية والإهتمام. لا تكتمل الأمومة إلا بكليهما.






أحد الأشخاص الذين لا أنساهم ما حييت، الشيخ علي، إمام مسجدنا القديم، رحمةُ الله تغشاه في قبره ما أطيبه، وما أنقاه، ما زلت أذكره يا نبض. البعض لا نعرف قيمتهم إلا حين نفقدهم، والشيخ علي أحد الذين عرفتُ قيمتهم بعد أن فقدتهم. عندما مات الشيخ علي، وجاء إمام جديد، عرفتُ تماماً ماذا فقدت!

كان الشيخ علي مصحفاً يمشي بين الناس، أو هكذا بدا لي! كان يحفظ القرآن كجري الماء، ويشرحه لنا عمليّاً!

ما مرِض أحدٌ فلم يزره، وما مات أحدٌ فلم يُشيّعه، ما تخاصم اثنان إلا كان أوّل المصلحين، وما تشاجر زوجان إلا كان أول المقربين. يزور الفقير فيسعده، ويزور الغني فيتعفف عما عنده. بينما شيخنا الجديد كان أكاديمياً صرفاً، يحفظ الأحاديث بالسند، والنص بالصفحة، ولكن علمه كان ميتاً لا يجاوز منبره، ولا يبرح محرابه، موظف يُحصّل رزقه بعلمه، والمسجد عنده ورشة، يخطبنا، ويؤمنا، ويتلقّى راتبه، والسلام! صديق الأغنياء وخصيم الفقراء، تعرفه بيوت المسؤولين وتجهله بيوت المساكين.

=كان الشيخ علي يخبرنا أن الجزاء من جنس العمل، وأن من قام لله في الظلمة أخلفه نوراً في وجهه، ووالله ما نظرتُ في وجهه إلا خال لي أن فيه مصباحاً!

=كان يحضّنا على طاعة أهلنا، ولم يكن يوبخنا. كان ذكياً يعرف كيف يربي، لا يجرح صغيراً في نصيحة. وحدث مرة أننا كناعائدين من حلقته نركض كما يفعل الصغار في الطرقات، فشتمنا مختار الضيعة رغم أننا لم نتعرض له، وكانت الطريق واسعة، فلما قصصنا عليه القصة، سألنا: وماذا قلتم له.

=قلنا: لا شيء. فقال: ولم؟

=قلنا: لأنه المختار، وهو كبير... فقال: صاحب الحق كبير مهما صغر، وصاحب الخطأ صغير مهما كبر!

=إن أحد رزايا مؤسسة الدين! تحويله من فكرة حياتية إلى مؤسسة، يتحول فيها الناس من دعاة إلى موظفين. منذ صار الدين مؤسسة، صار فيه من المظاهر أكثر مما فيه من الدين. والتدين الذي لا ينعكس أثراً في السلوك هو تدينٌ أجوف.

=أترككِ الآن يا نبض، وأقفل نافدة القرية عليك وعليّ، تماماً  كما أتمنى دوماً أن أقفل بيتنا صغيراً عليك وعليّ، وأنجب البنت التي تشبهكِ، والتي لن أسميها باسمك، لأنك ستكونين أمها.

=الآن يا نبض أرجعُ بك / بي إلى أول الحكاية ......

هذه الحكاية التي لو عدتُ إلى أول الطريق لمشيتها مرة أخرى حتى آخر خطوة فيها رغم تعثر النهاية .....

=هذه الحكاية التي استحالتْ فاجعة، جديرة بالتكرار رغم فداحة الخطب، وعمق الجرح... لا أريد أن أستبق الفاجعة الآن... فلينتظر بوم صدري فلَهُ وقت ينعى فيه بالخراب!

=أتذكركِ جالسة في مكتبة الجامعة... في يدك اليسرى كتاب، وفي يدك اليمنى قلم تمنيتُ أنه أنا!

=حين جلست في المقعد المقابل لكِ، رفعتِ بصرك تلقائياً عن الكتاب فسألتك إن كان يمكنني الجلوس، اكتفيتِ بهزةٍ من كتفيك وشبه ابتسامة، قلتُ لك بعد دقيقة صمت: هل أستطيع معرفة اسمك؟ قلتِ: نبض. إسم غريب، صحيح؟ غير أني لم أعقّب سوى بابتسامة. قلتُ لكِ: أظنك من محبي القراءة. فقلتِ: يبدو أن الكثير من الناس لا يحب القيام بما عليه. طيلة حواركِ معي كنت محتفظة بابتسامتك التي تجعل جدية الحديث أقرب للفكاهة.  

=قلتِ: وأنتَ، ما علاقتك بالكتب؟ فقلتُ: أحاول جاهداً أن أجعلها وثيقة، أحاول أن أقرأ دائماً، وأن أكتب أحياناً. قلتِ: شاعر؟  فقلتُ: لا، لست شاعراً بالمعنى الدقيق للكلمة، أميل إلى الكتابة الحرة والنثر أكثر من القافية والوزن، التحرك في المساحات الواسعة يناسبني أكثر، الوزن قيد، وأنا لا أحب القيود!

=مع كل لقاء بيننا يا نبض كنت أشعر أني أفتح باباً في دهليزك، وكلما عرفت جزءاً منك ازددتُ عطشاً لمعرفتك أكثر، اللذيذ بك هو أن الصفات المتناقضة حين تجتمع فيك تنسجم بشكل غريب، مظهرك من الخارج يوحي بأنك أكثر الكائنات هدوءاً، ولكن من يقترب منك يعرف أنكِ تحملين في داخلك أجيجاً ضارياً، كما لو كنتِ بركاناً محاطاً بالجليد، في عينيكِ حزنٌ صامت، ربما يوحي به سوادهما، إلا أن وجهك يحمل نضارة الربيع وبهجته، قلبك ناعم كالقطن، لا يمكن لأحد أن يدخله إلا ويرغب في المكوث فيه أبداً، تحبين الحياة، بالأحرى تحبين خلق الحياة في كل شيء، رقتك لا توصف ولكنها لا تضعفك بل تزيدك قوة.

 صرت أنتظر اليوم التالي لأراكِ، وبداخلي شعور أنك تفعلين. لم أعد أنتظرك في المكتبة، كل مكان أراك فيه هو موعد جديد، وكان كل ما أريد هو أنت.

= أقول لكِ: هل تتعرفين على الحب إذن إن وجدته؟ تقولين: قد أستغرق وقتاً لأعرف، الحب فخ جميل ولكن ليس كل من ينصبه لنا يريدنا نحن بالضرورة، الكثير ينصب الفخاخ لأجل متعة الصيد لا أكثر، وحين نقع سيبقى الأسر ويرحل الآسر.

=فقلتُ: من يحبك يرغب أن يوقعك في قلبه لا في فخه. قلتِ: إذا وجدته سأقبل أن أقع مُغمضة العينين.

=معكِ يا نبض كانت الحياة تمضي بعُجالة، كنت أشعر أني أريد أن أمسك بها وأطلب منها التريث قليلاً، لا أعرف كيف حدث وأيقظتِ كل ما هو نائم وبعثتِ كل ما هو ميت في أعماقي، صرت مستعداً للحب فقط. كأن الحب يُمثل اكتشاف أبواب جديدة بداخلنا نجد مفاتيحها مدفونة في روح أخرى، وما أن نجده حتى نجد أنفسنا.

أتذكر كلماتك حين كنت تقولين لي:

التعامل مع الحب يتطلب منك أولاً أن تتخلى عن التفكير في الخطوة القادمة، أن تدرك أن المشاعر لا يمكن لها أبداً أن تقاس بالسنتيميتر، تُعطي دون أن تحسب، أن تتوقف عن محاولة الفهم وتبدأ محاولة الشعور، لأنك لن تفهم الآخر إلا حين تشعر به.

سألتك: هل قطع الحب طريقك يا نبض من قبل ؟




قلتِ: لمَ تسأل؟ إذا كنتَ تسأل عن كوني عشت علاقة حب فجوابي هو كلا، أما إن كنت تسأل عن كوني تعرفت على الحب فنعم، أستطيع أن أعرف الحب من أدق تفاصيل الحياة. يكفي لحظة تأمل واحدة في هذا الكون لتكتشف أنه نسيج هائل من الحب: العصافير في أحضان الشجر، الغيم في قلب السماء، الأودية في صدور الجبال. كل شيء هنا يعلمنا أن نحب، الحياة لا ترسم لنا لوحة السعادة الخالصة، ولكن عبقريتها تكمن في دفعنا لاستخلاص لحظات جميلة حتى من أقسى مواقفها.


نهاية الجزء الثاني ...والى اللقاء مع الجزء الثالث 

تفاعل :

تعليقات