القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية الغريب الجزء الرابع .ألبير كامو. إعداد وإشراف . رجاء حمدان







رواية الغريب الجزء الرابع    .ألبير كامو.   
 إعداد وإشراف . رجاء حمدان 




يصل خبر وفاة والدة ميرسو اليه ولا يظهر أيّة مشاعر حزن على والدته، وعندما يذهب الى مركز الرعاية التي كانت تقيم به والدته كي يحضر مراسم جنازتها ، يرفض رؤية جثمانها و جلس بقربها وهي ميتة، يشرب القهوة ويدخن ويتبادل الأحاديث مع الأشخاص الذين حضروا العزاء، واظهر وعدم المبالاة بموت والدته ، واتضح بان عدم المبالاة والعبثية هي ما ميزت شخصيته الغريبة تلك والتي سببت له فيما بعد العديد من المشاكل واوقعته في مصيبة كبيرة جدا أدخلته السجن . ليتم القبض عليه ويدخل السجن و تدور بقية أحداث الرواية حول الفترة التي يقضيها ميرسو في السجن، حيث يخضع للمحاكمة في جلسات عديدة، والتي كان يظهر خلالها يحتفظ بهدوئه بشكل دائم، وقد وجَّه إليه المحقق ملاحظات كثيرة حول قسوته في التعامل مع من حوله ، وحول قسوته في جنازة والدته عندما لم يبدِ أي تعاطف معها، ويطلب منه المحقق الذي يعجز عن فهم تصرفاته وانفصاله عن الواقع أن يؤمن بالله، لكنَّ ميرسو يصرُّ على أنَّه لا يؤمن بالله، واعتاد في تلك الفترة على العزلة وحياة السجن... لسماع الرواية الرجاء الانتساب الى القناة من اجل دعم القناة:
https://www.youtube.com/channel/UChQ8cuMtdK57I-YRZ_qtHPg?view_as=subscriber





إعترض المحامي،إلا أن  الرئيس طلب ترك المدعي العام  حتى ينهي كلامه. حينئذ إلتفت المدعي العام نحوي وقال: إن الرجل قد سلم نفسه ، غداة وفاة أمه ، لأحط أنواع الفستق،وإرتكب جريمة قتل دوافعها تافهة ،  عندها صاح  المحامي رافعا يديه،ولكن،هل هو متهم بدفن والدته أم بقتل رجل؟.فضج الحضوربالضحك .عندها إستقام المدعي العام واقفاً من جديد ، وقال بصوت عال: أجل، إني أتهم هذا الرجل بدفن  أمه بقلب مجرم.وبدا تأثير وقع هذا الكلام على الحضورواضحا . ،بدا محامي مهزوزا، وراح يمسح العرق عن جبينه فأدركت حينها بأن أموري لاتسير على مايرام.ورفعت الجلسة

 



 

مرافعة المدعي العام أرهقتني. كلامه ولهجته القاسية التى وجهها لي أثناء مرافعته ، ،أثرت في وأيقظت إنتباهي .ففي رأيه أنني قد إرتكبت جريمتي متعمداً وعن سابق قصد . تحدث عن وفاة أمي،وركز على برودي وعدم إهتمامي لوفاتها ، ،فخروجي  غداة وفاتها للسباحة مع امرأة والذهاب للسينما وحضور فيلم  فرنانديل الفكاهي ،ثم العودة إلى المنزل بصحبة ماري. كلها أمور  تدل عل عدم مبالاتي وحبي لإمي على حسب رأيه . وعندما إنتقل الى قصة رايمون. كان مايقول معقول.فقد كنت بالفعل قد كتبت بخط يدي رسالة بالإتفاق مع رايمون لإستدرج عشيقته،وتسليمها لرجل  عديم الأخلاق.وأني قد استفززت خصم رايمون على الشاطئ. وقد أصيب رايمون بسبب ذلك.ثم طلبت منه مسدسه.بنية استعماله وبعدها عدت الى الشاطئ  بمفردي،. أطلقت رصاصة على العربي وقتلته كما خططت.ثم إنتظرت لبرهة. وبثبات وتصميم أطلقت أربع رصاصات أخرى على جسده المسجي  ،وانا في كامل وعي  ،قال المدعي أيضا ً.لقد إستمعتم إليه،.إنه يعلم قيمة الكلمات ويعرف كيف يجيب . فهذا الرجل ولا مرة عبر عن أسفه ،على  جريمته الفظيعة أثناء التحقيق معه .وددت لو أشرح له بشيء من التودد وابراز حسن النية  بأني ما أسفت لشيء ما يوماً.كنت دوما أعيش يومي أو غدي ولاأنظر للخلف  .

 


 

 

تحدث المدعي عن روحي كان يقول إني، بلاروح.ولاأحمل في داخلي أي شئ إنساني .ثم قال وهويرص كلمات الإدانه إنني أطالب برأس هذا الرجل،وأنا  مطمئن البال .أنهى المدعي العام كلامه بهذه العبارات القاتلة   ثم جلس على كرسيه و خيم الصمت في القاعة .أما أنافقد كنت معقود اللسان مندهش . ، سألني الرئيس بصوت خفيض إن كان لدي ما أود أضافته ، فقلت مرتجلا ،بإني لم أكن أنوي قتل العربي.فأجابني الرئيس إن إجابتك تنطوي  على إقرار بالجريمة،وأنه يرغب في فهم  الدوافع التي كانت وراء فعلتي. فأجبته ،وأنا أخلط الكلمات ببعضها وأعي ما هي مدى سخافة كلماتي ،أن الأمر قد حدث بسبب الشمس .فضجت القاعة بالضحك.هز المحامي بكتفيه ، وطلب  تأجيل القضية إلى اليوم التالي .

 

 

بدا لي محامي أنه أقل موهبة بكثير من المدعي العام ، ولكنه عندما جاء دوره كي يمثلني تكلم عن روحي.فقال : إنني على خلاف مع ممثل الإدعاء لقد وجد في روحي  أني كنت موظفا ورجلا شريفا وكنت شخصا محبوبا لدى الجميع محبوبا وأشعر بمشاكل وهموم غيري وقد كنت ابناً بارا فقد كنت معاونا لأمي قدر إستطاعتي وعندما وضعتها في مأوى المسنين كان ذلك لعجزني عن توفير الراحة لها التي توفرها لها بيت المسنين ثم أضاف إن من الخطيئة وضع أمي في المأوى فلماذا تقوم الدولة بدعم هذه المؤسسات وتشجعها.




 صرت مرهقا من هذه المرافعات وباتت لهفتي إلى أن أنتهي من كل هذا وأعود إلى زنزانتي وأنام أهم ما أرجوه .أنهى المحامي الجلسة  صائحا بأن القضاة لن يرغبوا في أن يرسلوا موظفا نزيها الى الموت أضاعته لحظة طيش .وطلب التخفيف في الحكم عن جريمة بت أحمل وزرها للابد .ورفعت الجلسة للاستراحة . بحثت عن ماري بناظري.لمحتها بين سليست ورايمون.أومأت إلي بإشارة،ابتسمت لى ابتسامة حزينة  أحسست بقلبي ينقبض ، حتى أني لم  أرد على ابتسامتها. عاد القضاة الى أماكنهم في القاعة .  بعد سلسلة من أسئلة المحلفين. سمعت حكمهم بالقول :إنه  مذنب بجريمة قتل متعمد  بعدها . غادر المحلفون القاعة،واقتادني الدرك  إلى غرفة صغيرة  للإنتظار .تبعني  المحامي:كلمني بود وثقة  وقال ان الأمور سوف تسيرعلى مايرام  ،وأن الأمر سينتهي بالسجن بضع سنوات مع  الأشغال القسرية.سألته هل ممكن النقض،. قال : غير ممكن.. فلايمكن أن ينقض حكم بمثل هذه القضية دون وجود سبب وجيه .بيد أنه  ثمة إمكانية للإستئناف .ولكني على يقين  بأن الحكم سوف يكون  لصالحي . انتظرنا لساعة . حتى سمعنا  رنين جرس بدء جلسة النطق بالحكم .قال لي  المحامي. لن يتم إدخالي  إلا عند النطق بالحكم. وعندما قرع الجرس مرة أخرى،وفتح باب الغرفة ،كان كل ما سمعته هو الصمت الرهيب في القاعة  إنتابنيإحساس كئيب رأيت الصحفي الشاب يشيح بعينيه عني.لم أنظر ناحية ماري. خاطبني الرئيس بطريقة جافة ،قائلا  بإسم الشعب الفرنسي  سيقطعون عنفي في الساحة العامة...أمسك  المحامي يدي . سألني  الرئيس هل لديك ما تضيفه فأجبته كلا : عندها قام الدركي واقتادني لخارج القاعة والعودة لسجني .

 

 

 

 


للمرة الرابعة رفضت إستقبال القس. ،ليس عندي رغبة في الكلام ، إن مايهمني هو أن أعرف إن كان هناك مخرج مما أنا فيه .

وضعوني  بزنزانة بمفرودي .كانت زنزانتي الجديدة بها نافذة من قضبان  أستطيع من خلالها رؤية  شئ من السماء حينما أستلقي،. فكنت أمضي  أوقاتي في النظر الى صفحتها .  تساءلت هل استطاع يوماً أحد من المحكومين م الإفلات من نظام الآلة الصارم هذا ،وهل استطاع أحدُ ما  أن خترق نظام الحرس ويهرب قبل تنفيد الحكم ... 

 

 

كنت أبذل كل جهدي لأحول مجرى أفكاري المتكاثفة الي مخيلتي.إلا أن .محاولاتي كانت تذهب سداً .كلما تخيلت أن الإستئناف رفض وأن الفجر  الأخير حضر  .وأخيراً كي أستطيع تمضية يومي أقنعت نفسي بأن أكون عقلاني  وألا أعارض ذاتي.كنت أعلم أنه عندما يحين الوقت يأتون فجراً. فشغلت ليالي بإنتظار هذا الفجر.فأنا لا أحب أن أفاجأ.وعندما يحين ذلك الوقت فعلي أن أكون متيقظا وجاهزاً للأمر .لهذا عزمت ألا أنام إلا سويعات قليلة من نهاري،أما في ليالي فكنت أنتظر إلى منتصف الليل حتى أبدأ في الترقب والتأهب لبزوغ الفجر .أصعب ما كان في الأمر هو إنتظاري  لتلك الساعة الرهيبة التي سيأتون فيها.وعندما يبدأ النور  يتسلل معلنا نهارا جديدً إلى زنزانتي.كنت أركز سمعي الى وقع الخطى  حتي يكاد قلبي ينفجر. كنت ألصق أذني بخشبة  الباب مترصدا بجنون لسماع الأصوت ،حتى إني أبدأ بسماع أنفاسي المتحشرجة في  داخلى ويبدأ الجزع يملئ أوصالي ، وفي الختام، يهدأ قلبي  ،حيث أكون  قد كسبت أربعا وعشرين ساعة أخرى.وأقضي نهاري بالتفكير بموضوع الاستئناف.

 




 

.كنت أضع في حسابي أسوأ الاحتمالات: وهو أن يرفض طلب الاستئناف. عندها،سوف يعدمونني 

عندما دخل علي القس كنت مستلقياً على فراشي .ولما  أبصرته سرت في جسدي  رجفة خفيفة. فبادر قائلاً يطمئنني :لاتجزع . أنها زيارة ودية،لاشأن لها بالمحاكمه .جلس على سريري،وظل صامتاً  لبرهةٍ طويلة  خافضا رأسه يحدق في ارضية الزنزانه ، وبغتة  رفع رأسه وحدق في وجهي قائلا:لماذا لاتزال  ترفض مقابلتي؟فأجبته أنني لا أؤمن بالرب..عندئذ عدل جلسته وأسند ظهره للحائط. وقال :: هل أنت متيقن  من هذا الأمر فأجبته.إن  لم أكن متيقنا مما يهمني،فإنني  متيقن تماما مما لايهمني .. فسألني : هل كلامك هذا بدافع اليأس فقط.فقلت له : لست يائسا بل أنا خائف .. فقال : سيعينك الرب إذن.فكل اللذين كانوا في مثل حالك ،كانوا يرجعون إلى الرب.فقلت له :  أما أنا  فلا أريد أن أنشد العون من أحد ، وليس عندي وقت لأضيعه فيما لايهمني.

 

 

تملل في جلسته وندت حركة انزعاج من يده ثم هب واقفاً وناداني ياصديقي: انني لاأكلمك بهذه الطريقة لانه محكوما  عليك بالإعدام،فنحن جميعا محكمون بالموت فقاطعته قائلا إن الأمرليس سيان  .فرد: بالتأكيد .لكنك ستموت فيما بعد،وإن لم تمت اليوم ففي أي وقت قد تحدث وفاتك.فكيف ستواجهه إذن ؟ فقلت له  سأواجهه بالطريقة التي أواجهه بها الآن. عندها .حدق في عيني مباشرة وقال : . إذن ليس لديك أمل في شيء، وأنك حين تموت ستفني !! أجبته: أجل.عندها تجهم وجهه ، وعاد للجلوس. ثم قال لي إنه يشفق علي. وأني أحمل وزراً لايطاق بالنسبة لإنسان .

 





أما بالنسبة لي  فقد بدأت أشعرأنه  يضجرني .. راح يتحدث بإلحاح وبصوت قلق ،. كان يعبر عن يقينه بأن طلب استنئاف الحكم سوف يقبل ،. ولكن في اعتقاده أن عدالة البشر لا تذكر،مقابل  عدالة الله التي هي كل شيء.فقلت له : إن العدالة التي صنعها  البشرهي التي حاكمتني.فقال ومع هذا فهي لن تمحي خطيئتك. فأخبرته إني لا أعرف ما معني الخطئية. أخبروني  بأني كنت مذنبا. وسأدفع  الثمن لذنبي، وبعدها لن يكون هناك شئ لديهم ليطلبونه  مني. مشي بإتجاهي خطوة وراح  يحدق في السماءمن خلال القضبان. قال لي : أنت مخطئ يابني، إنهم بوسعهم أن يطلبوا منك  أكثر مما تتوقع. ثم قال بشئ من الحزن كلمات وكلمات لم يكن عقلي يريد أن يسمعها،وبغتة  سألني إن كنت أسمح له بتقبيلي.فقلت له  : كلا عندها .استدار،وخطا في الإتجاه الآخر  .ثم قال بصوت أو تحب هذه الدنيا إلى هذه الدرجة . لم أجبه وظل واقفا الناحية الآخري مدة لابأس بها. كان وجوده يزعجني ويثقل علي ، رغبت منه أن يرحل،و يتركني، ولكن في حينها صرخ منفجراً يسألني :  إذن ماهو تصورك عن الحياة الأخرى. حينئذ صرخت أنا أيضاً وقلت : تصوري هي حياة،أستطيع فيها أن أتذكر هذه الحياة.ثم قلت ،أني تعب وأرغب أن أستلقي واستريح .أراد أن يستمر في الكلام ويحدثني  عن الرب، فأخبرته ياسيدي  إن وقتي محدود وضيق.ولا أرغب في إضاعة  ماتبقى من وقتي مع الرب. حينها سألني لماذا  ألقبه بسيدي بدل أن أناديه أبت.استفز هذا الامر  أعصابي، فأجبته بوقاحة أنه ليس أبتي،. فقال : وهو يربت على كتفي سأصلي لأجلك يا بني .حينها فقدت السيطرة على نفسي وانفجر شيء ما بداخلي.وبدأت  أصرخ وأرتعد ، وقلت له لاأريدك أن تصلي لأجلي. بل إني شتمته وأمسكت بذيل ثوبه.وأفرغت عليه كل الغضب  الذي يحمله قلبي،إنه يعتقد بأنه  متيقنا،أليس كذلك؟إن يقينه  لايساوي شعرة من شعر امرأة.هو ليس متيقنا بنفسه إن كان حيا أو ميتا فهو يحيا كميت. بيد أني أبدو صفر اليدين،إلا أني  متيقن من نفسي،ومتيقاً من حياتي ومتيقنا من  هذه  الميتة القادمة.أجل، إنني على يقين أكثر منه ،وإني على صواب،بل لطالما كنت على صواب . ولقد عشت حياتي بطريقتي هذه ، كان بإمكاني أن أعيش بطريقة أخرى.ولكني لم أفعل  في حين فعلت أشياء أخرى.وماذا إذن بعد هذا ؟ أشعر وكأني كنت انتظرطيلة عمري تلك الساعة  التي سآنال فيها جزائي..فلمن أقاصي مستقبلي 

 





لقد كانت هناك ثمة هبة  تتقدم نحوي من خلال سنوات لم تأت بعد،.فلما  يهمني موت الآخرين ، ويهمني حب أم،أو  يهمني إلهه، ، ولماذا أهتم بالمصائر طالما سيصطفيني،في النهاية مصير واحد أنا بالذات وهو الموت ، ويصطفي الملايير من ذوي  الحظوة،الذين يدعوهم  القس،بأنهم إخوتي؟ فليفهم إذن؟بأن كل الناس محظوظين.

 

 

 

                        النهاية 

 

تفاعل :

تعليقات