القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية الغريب الجزء الثالث .ألبير كامو. إعداد وإشراف . رجاء حمدان



رواية الغريب الجزء الثالث   .ألبير كامو.   
 إعداد وإشراف . رجاء حمدان 




يصل خبر وفاة والدة ميرسو اليه ولا يظهر أيّة مشاعر حزن على والدته، وعندما يذهب الى مركز الرعاية التي كانت تقيم به والدته كي يحضر مراسم جنازتها ، يرفض رؤية جثمانها و جلس بقربها وهي ميتة، يشرب القهوة ويدخن ويتبادل الأحاديث مع الأشخاص الذين حضروا العزاء، واظهر وعدم المبالاة بموت والدته ، واتضح بان عدم المبالاة والعبثية هي ما ميزت شخصيته الغريبة تلك والتي سببت له فيما بعد العديد من المشاكل واوقعته في مصيبة كبيرة جدا أدخلته السجن . ليتم القبض عليه ويدخل السجن و تدور بقية أحداث الرواية حول الفترة التي يقضيها ميرسو في السجن، حيث يخضع للمحاكمة في جلسات عديدة، والتي كان يظهر خلالها يحتفظ بهدوئه بشكل دائم، وقد وجَّه إليه المحقق ملاحظات كثيرة حول قسوته في التعامل مع من حوله ، وحول قسوته في جنازة والدته عندما لم يبدِ أي تعاطف معها، ويطلب منه المحقق الذي يعجز عن فهم تصرفاته وانفصاله عن الواقع أن يؤمن بالله، لكنَّ ميرسو يصرُّ على أنَّه لا يؤمن بالله، واعتاد في تلك الفترة على العزلة وحياة السجن... لسماع الرواية الرجاء الانتساب الى القناة من اجل دعم القناة:
https://www.youtube.com/channel/UChQ8cuMtdK57I-YRZ_qtHPg?view_as=subscriber




جفلت ونفضت عن جبيني  العرق والشمس.وأيقنت  لحظتها بأني قد دمرت توازن النهارالذي أحياه ،.عندئذ أطلقت أربع طلقات أخرى ، كان الجسد ساكنا، وكانت  الرصاصات تخترقه دون أن يظهر عليه  أثرها.

 

 

تم توفيقي مباشرة واستنطاقي عدة مرات.في المرة الأولى كان استجوابي بالمخفر،وبدت كأنها  قضية غير مهمة ولا تهم أحدا.لكن،وبعد عدة ايام أراد القاضي أن يعرف فيما إذا كنت قد عينت محاميا للترافع عني.فقلت  بأني لم أفعل ذلك،ثم سألته هل من الضروري تعين محام.لاني  أرى قضيتي في  غاية البساطة حتي أني لم أخذ الأمر على محمل الجد .فقال القاضي إنه  القانون هنا.وإذا لم تختار محامي ،فإن المحكمة سوف تعين محاميا يدافع عنك ، فأخبرته أن الأنسب هو أن تتولى المحكمة أمر هذه التفاصيل.






.في الأيام التاليه حضر  محام لزيارتي بالسجن. عرفني بنفسه،وقال إنه قد إطلع على ملفي جيدا .ووجد أن  قضيتي معقدة نوعا ما ،إلا أنه متفائل  بتحقيق النجاح ، ولكن علي أن أثق به. فشكرته، ثم قال لي:دعنا ندخل في  صلب الموضوع. جلس مقابلتي على السرير وأخبرني بأن المحققون قد قد تحروا عن حياتي الخاصة.وعرفوا بأن والدتي توفيت مؤخرا،في مأوى رعاية المسنين. وقد علم المحققون من خلال التحقيق الذي أجري في مرنغو. أني قد أبديت برودا يوم دفنت أمي وأن هذا الشئ سوف يكون دليلا يدينني ،مالم أجدرداً مناسباً للأمر . ثم سألني سؤالا أدهشني هل شعرت بالحزن يومها . أجبته بأني قد  فقدت مساءلة نفسي ،.لاشك في أني كنت أحب أمي كثيراً، لكن هذا الأمر لايعني شيئا. فتغير مزاجه وبدا عصبياً .وطلب مني بحزم  بأن لا أكرر هذا الكلام، على مسمع قاضي التحقيق او أثناء جلسة التحقيق . شرحت  له أنه يوم دفنت أمي كنت تعبا جداً  من حرارة الشمس وكنت  بحاجة للنوم.لدرجة  إني لم  أحط علما بكل ما كان يجري حولي. بدا المحامي غيرراضي .وقال لي: هذا غير كاف. ثم  قال لي بنبرة تحذيريه   إنه سوف يتم ،الإستماع إلى مدير الماؤى وموظفيه،كشهود،وأن هذا الأمر قد  يورطني شر ورطة فقلت له : ما علاقتهم  بقضيتي، ثم  إنصرف وكان يبدو عليه الانزعاج.




بعد ذلك بأيام قليلة مثلت مرة أخرى أمام قاضي التحقيق..طلب مني الجلوس ، أعلموني  بأن محامي ولسبب طارئ لم يتمكن من الحضور وأنه بإمكاني ألا أجيب عن الأسئلة ، وأنتظر  حضور المحامي بجلسة أخرى  ليكون معي.ولكني أجبته أنه بإستطاعتي الإجابة عن أسئلته بنفسي .وبدأ التحقيق.أخبرني بأني أوصف بشخص منغلق على ذاته قليل الكلام.فأخبرته : بأني في كثير من الأحيان لا أجد الأمور بذات أهمية لأتكلم . إبتسم، وعدل من جلسته ثم قال لي  ينبغي  عليك توضيح بعض الأمور وطلب مني إعادة مساري في ذلك اليوم على الشاطئ  .وعند كل جملة كنت أنطقها كان يقول حسنا.. ومرة أخرى عاد يسألني هل أطلقت الطلقات الخمس تباعا؟ . قلت لقد أطلقت رصاصة واحدة في البداية،ثم بعدها  بلحظات أطلقت الأربع الباقية.فسألني لماذا انتظرت مدة،بين الطلقة الأولى والطلقات الباقية  فلم أقل شيئا وصمتت.فبدا القاضي مهتاجا. ثم مال نحوي قليلا ،وبنبرة حازمة وغريبة قال لي: لم؟لم ؟ أطلقت الرصاص على جسد ساكن على الأرض؟.،وهنا أيضا لم أعرف بم أجيبه. وظللت ممعنا في صمتي. وبصوت كالرعد  سألني هل أنت مؤمن بالرب.فأجبته بالنفي فبانت على ملامحة كمية كبيرة من الغضب .ثم قال لي إن كل الناس يؤمنون بالرب، هذه قناعة وإلا الحياة تفقد معناها.صرخ أو تريد أن تصبح حياتك بلامعنى؟. فقلت له بالنسبة لي،لم يكن هذا الأمر ليعنيني،. فعاد يصرخ .وهو  ينظر بشيء من الحزن.ثم قال بصوت منخفض : مارأيت روحا أكثر قسوة من روحك قط . قام القاضي وسالني  سؤالا أخيرا قبل انتهاء التحقيق وقال : هل أنت نادما على مافعلت . فقلت لست نادم ولكني أشعر بشيء من الإنزعاج.

 

 

 

 

 

 ذات يوم،وبينما كنت  ممسكا بقضبان الحديد في زنزانتي ، دخل علي أحد الحراس وأخبرني أن هناك من جاء لزيارتي.عندما وصلت الى قاعة الزيارات .. لمحت ماري ،بفستانها المخطط ووجهها الهادئ ،تخيلت  ايامنا والسباحة والسير على الشاطئ ، كان بجانبي حوالي عشرة مساجين يتحدثون الى زوارهم ،أكثرهم من  العرب. كان صوت ماري يختفي بين اصوات الزائرين فالكل كان يتحدث بصوت عالى كي يوصل صوته للآخر . صرخت مارى لتسمعني صوتها قالت : إن رايمون يبلغني سلامه،فأجبتها: شكرا.لكن صوتي غطاه صوت جاري

 

 

صاحت ماري  مجددا: سوف تخرج، وسنتزوج! .أجبتها: أتعتقدين ذلك؟. كان الضجيج يوتروني .ولكنني  رغبت في أن أنعم أكثر بحضور ماري.لا أعلم كم  مر من الوقت علينا . ، كانت لا تكف عن التبسم ..لوحت لي ماري بإشارة قبلة وهي تودعني .

كان أكثر  ما يشق على نفسي ، هو أيام اعتقالي الأولى،حيث كنت أفكر كرجل حر  . كنت أشعر برغبات كثيرة تجتاحني أردت أن أكون على الشاطئ أتمشى وأن أنزل البحرأسبح وان أكون بجوار ماري . كنت  حينها أشعر بمدى ضيق جدران زنزانتي.ولكن بعد بضعة أشهر.صرت  أفكر  أفكار رجل مسجون. أترقب  موعد نزهتي اليومية في الساحة وانتظر زيارة محامي.وكنت أحسن التصرف في ماتبقى من وقتي.

 

 

كانت هناك ثمة مشكلة ضخمة لي في السجن وهو عدم وفرة السجائر أخبروني أن هذا الأمر ممنوع.كنت أقضي أيامي بصعوبة الى أن وصلت لدرجة كنت فيها أمص قطع الخشب التي كنت أنتزعها من لوح الخشب الموجود تحت فرشتي . وأمضي يومي وأنا في حالة غيثان متواصل.قلت لهم لماذا تحرمونني من هذا الشيء الذي لا يؤذي أحدا.ولكني فهمت فيما بعد انه جزء من العقوبة. بيد أنني كنت قد إعتدت على الحياة دون تدخين،وماعادت بالنسبة لي  عقوبة ،كانت مهمة قتل الوقت من جملة المنغصات الأخري .ولكني تمكنت من تخطيها باني  علمت نفسي التذكر.فكنت أنهمك فى التفكير  وأحصي ماهو موجود في غرفتي،وصرت  كلما زدت إمعانا في التفكير تذكرت  الأشياء المنسية والمجهولة في مخيلتي . عندها أدركت  أن رجلا لم يعش سوى يوم واحد حراً يستطيع أن يقضي مئة سنة في السجن؛إذ سوف تكون لديه كم هائل من الذكريات ماتكيفه كي لايمل. ،وصرت  أنام ثماني عشرة ساعة في اليوم.فيتبقى من يومي  ست ساعات أقتلها مابين الوجبات وذكرياتي 

 

 

 أخبرني المحامي أن قضيتي مسجلة في الدورة الأخيرة بالمحكمة الجنائية و أن الجلسات لن تستمر أكثر من يومين وأن المحكمة  ستنظر في قضيتك على عجل،فهناك قضية قتل أبوي أهم من قضيتك فى هذا  الموسم. وسينظر فيها ،مباشرة بعد قضيتك.

سألت الدركي لماذا تعج القاعة بكل هذا الحضور فأجابني إنها  الصحافة ، تقدم رجلا وصافح الدركي بحرارة. عرفت من كلامه أنه صحفي  ثم التفت لي  مبتسما.وقال : أرجو أن تمضي أمورك على خير.شكرته ، فأضاف لقد غطينا قضيتك،تغطية مبالغ فيها بعض الشيء.. فمنذ أشهر لم تكن هناك ثمة قضايا ذات شأن غير قضيتك وقضية القتل الأبوي. دوى رنين  جرس في القاعة،فعاد الجميع للجلوس إلى أماكنهم.أقبل المحامي نحوي ونصحني بأن تكون إجاباتي مختصرة عن الاسئلة الموجهة لي وأن أترك له ماتبقى..أعلن محضر قضائي بداية المحاكمة. قال الرئيس إنه يجب إستدعاء الشهود.فراح المحضر ينادي الأسماء التي أدهشني وجودها وشدت انتباهي.  كان مدير المأوى وبوابه والشيخ توما بريزوسلامانو  ورايمون وماسون وماري التي أومأت لي بإشارة قلقة. ، وسيليست، بجانبه شغالة المطعم  . 


 

 

بدأوا أولاً بالإستماع الى شهادة البواب.الذي  نظر إلي ثم أشاح بعينيه عني.أجاب عن الاسئلة التي وجهت له.وقال  إني لم أرغب في رؤية أمي   ، وأني لحظتها دخنت وإني شربت قهوة بالحليب.شعرت وكأن  شيئا ما يلوح في عبارات الحضور الخفية ، ففهمت لأول مرة أني كنت مذنبا..نظر إلي المدعي العام بتهكم.وفي هذه اللحظة سأل محامي البواب إن كان قد دخن معي لحظتها .غير  أن المدعي العام عارض هذا  السؤال بشدة وقال أيهما المتهم هنا؟ غير ان الرئيس طلب  من البواب الإجابة عن السؤال.فقال البواب بنبرة إستياء أعرف  بأني مخطئ.لكنني  لم أجرؤ على رد السيجارة التي قدمها لي السيد  ثم قال إنه هو من قدم لي القهوة بالحليب.عندها بانت على المحامي ارتياح المنتصر بيد ان المدعي العام بادر بإدارة الدفة لصالحه وقال كان  بإمكان المتهم أن يرفض قبول القهوة  وهو أمام جثمان أمه .عاد البواب إلى مجلسه.و حان دور توما بريز وقال إنه  يعرف أمي جيداً،وإنه لم يراني سوى مرة واحدة، كانت هي يوم دفن أمي .وقال  لقد كنت في حينها   حزينا وأتألم وأن الحزن قد منعني من رؤية مايحدث..حتى أني أغمى علي.لذا لم أتمكن من رؤية السيد ،

عندما مثل سيليت .سئل هل هو أحد زبائنك،فأجاب:نعم  ،وهو أيضا صديق ثم سأله الرئيس عن مدى إنطباعه عني،فقال إني كنت رجلا ثم سئل عما إذا  كنت منطويا على نفسي،فأقر بأني لست من النوع الذين يثرثون في اي شئ  

 

 

 

 

 

عاد  سليست للجلوس في مكانه ..ودخلت ماري.كانت تبدو متوترة جداً. أراد الرئيس أن يعرف ما مدى العلاقة التي كانت تجمعنا  ،فقالت إنها صديقتي. وإنه كان  من المفروض أن نتزوج . ثم  نهض المدعي العام عن كرسيه وسألها : ،منذ متى وأنتما على علاقة . فحددت له  التاريخ. فقال المدعي العام بنبرة تهكم :  أوليس هذا  التاريخ يطابق تاريخ  اليوم الموالي لوفاةوالدتك .ثم  أصر أن تلخص له  ماري ماجرى في اليوم الذي التقيتها فيه. فأمام إصراره قالت لقد  سبحنا معا ، وذهبنا الى السينما ،ثم تحدثت عن عودتنا معاً إلى بيتي..حينئذ قام المدعي العام، وقال بنبرة  حادة وهويشير إلي بسبابته سادتي القضاة : إن هذا الرجل، غداة يوم  وفاة أمه ، ذهب  للتنزه والى السباحة،وبدأ قصة علاقة غير شرعية ، ثم ذهب الى السينما للضحك أمام فيلم فكاهي. فإنفجرت ماري باكيه ،وقالت إن الأمر ليس كما يصوره المدعي، إنها تعرفني تمام المعرفة، وتعلم إني لم أفعل أي سوء.الا انه طلب منها الانصراف وعادت الجلسة للإستئناف . تم الإستماع إلى ماسون ،الذي افصح بأني رجل شريف وبإني رجل شجاع .وعلى وجه السرعة تم الاستماع الى سلامانو حيث ذكر بأنه لم يعد يجمعني بأمي سبيل للحديث،ولهذا السبب وضعتها بالماؤى . ثم جاء دور رايمون،آخر الشهود.أومأ لي رايمون بإشارة،ثم قال فورا إني كنت بريئا.غير أن  الرئيس قاطعه قائلا نحن لا نسألك عن إنطباعك  وإنما نريد أن تخبرنا وقائع. فاستغل السؤال ليوضح  أن الضحية كان يكرهه هو وليس أنا ،منذ أن  ضرب أخته.وأن  تواجدي بالشاطئ كان محض صدفة.فسأله المدعي حينها أن يوضح عن الرسالة التي هي أصل الإدانة وسبب  المأساة، فتلك الرسالة كانت مكتوبة بخط يدي.فأجاب رايمون أن الأمرجاء بالصدفة حيث انه هو من طلب ان أكتبها نيابة عنه .فتصدى له المدعي العام متسائلا عما إذا كان من محض الصدفة بأني لم أتدخل لأمنع رايمون من ضرب عشيقته،ومحض الصدفة من أن كون شهادتي في المغفر من أجل ريمون والتي كانت وقتها أشبه بالتواطؤ لصالح ريمون .ثم سأل رايمون عن عمله ،فأجاب بأنه أمين مخزن ،حينئذ قال المدعي العام إن الشاهد يكذب كونه يمارس القوادة،وبأني شريكه  وصديقه.




إعترض المحامي،إلا أن  الرئيس طلب ترك المدعي العام  حتى ينهي كلامه. حينئذ إلتفت المدعي العام نحوي وقال: إن الرجل قد سلم نفسه ، غداة وفاة أمه ، لأحط أنواع الفستق،وإرتكب جريمة قتل دوافعها تافهة ،  عندها صاح  المحامي رافعا يديه،ولكن،هل هو متهم بدفن والدته أم بقتل رجل؟.فضج الحضوربالضحك .عندها إستقام المدعي العام واقفاً من جديد ، وقال بصوت عال: أجل، إني أتهم هذا الرجل بدفن  أمه بقلب مجرم.وبدا تأثير وقع هذا الكلام على الحضورواضحا . ،بدا محامي مهزوزا، وراح يمسح العرق عن جبينه فأدركت حينها بأن أموري لاتسير على مايرام.ورفعت الجلسة

نهاية الجزء الثالث

  ...والى اللقاء في الجزء الرابع 

تفاعل :

تعليقات