القائمة الرئيسية

الصفحات

تلخيص رواية: الشيطان والآنسة بريم: باولو كويلو. إعداد وإشراف: رجاء حمدان.

تلخيص رواية:
 الشيطان والآنسة بريم: باولو كويلو.
 إعداد وإشراف: رجاء حمدان.

لسماع الرواية والاشتراك بالقناة ..قناة راجوشو ...الرابط التالي :

"راجو شو يقوم بتلخيص الروايات بإسلوبه المستقل عن الرواية الاصلية بما يتناسب مع حقوق النشر وحقوق الملكية الذي ينص عليها قانون حقوق النشر واليوتيوب """"


تلخيص رواية:

الشيطان والآنسة بريم: باولو كويلو.

إعداد وإشراف: رجاء حمدان.


 


إنقضى خمسة عشر عام على العجوز برتا وهي تجلس بشكل يومي أمام باب منزلها.

ولكن كان لجلوسها هذا الصباح أمر آخر فقد شاهدت شخص غريب يمشي في الطريق الوعرة، ويسير ببطءٍ بإتجاه فندق البلدة الوحيد. مع أن هذا الغريب لم يكن كما توقعته .، إلا أنه حضر مصحوباً بظله: فقد كان مصطحباً الشيطان برفقته.

 في الوقت الذي إحتاجه الرجل الغريب في ملئ بطاقة الفندق للإقامة فيه ، كان سكان بسكوس، البالغ عددهم  مئتان وواحدٍ وثمانون فرداً، قد عرفوا أن هناك شخص غريب حضر لبلدتهم  ،إسمه  كارلوس، أنه مولود في الأرجنتين، ويسكن في شارع كولومبيا في بوينس أيرس،.

 صعد الرجل إلى حجرته وأفرغ حقيبتةالصغيرة التي كانت تحتوي : بعض الثياب، ، وزوجان من الأحذية ، وآلة حلاقة كهربائية.... وإحدى عشرة سبيكة من الذهب وزن كل قطعه كيلوين غرامين. وفي اليوم التالي، تناول فطوره بسرعة ، وأعاد السبائك الذهبية  إلى حقيبة الظهر، وسار بإتجاه الجبل غرب القرية.

 = كان الرجل بين الفينة والأخرى يتلفت يمنة ويسرة ومن خلفه ليتأكد بأن لا أحد يتبعه وعندما أصبح متوغلاً دا خل الغابة. راح يحفر حفرة بجانب صخرة تتخذ شكل حرف Y ، خبأ في الحفرة سبيكة ذهبية واحدة . ثم حفر حفرة أخرى بجانب صخرة  ضخمة يشبه شكلها النسر، وخبأ فيها  السبائك العشر الأخرى . وغادر الغابة، وهو في طريق عودته صادف أحداً يجلس على ضفة النهر،وعندما إقترب  كانت إمرأة  وبين يديها كتاباً تقرأه

اقترب الرجل من  تلك الشابة وحياها، فعرفته على نفسها وقالت أدعى شانتال وأعمل في حانة الفندق في فترة المساء ، فقال الرجل : هل ترغبين في رؤية شيءما ؟ وضعت الفتاة  الكتاب جانباً وقالت :  من الأفضل أن أريك، أنا، أماكن لم يسبق لك مشاهدتها. فقال الرجل : إن الذي أريد أن أريك إياه لا يبعد من هنا أكثر من خمس دقائق. إختلط في نفس الفتاة شئ من الإثارة والخوف . ولكنها وقفت ومشيت تتبع الغريب.

وصل الغريب مع الشابة  إلى حيث أخفى السبائك الذهبية ، وأراها السبائك . فقالت بتوتر : من أنت؟ ولماذا أريتني الذهب؟  وماذا تفعل هنا ؟ قال لها : بداية أريد أن أقول لك ، لا تصدقي الوعود، فالعَالم يمتلئ بها حد الإنفجار : الحب السرمدي ،والثراء . فيعتقد البعض أنهم جديرون بإغداق الوعود.بينما البعض الآخر يتقبل  أي شيء يضمن لهم أياماً أفضل. ثم  راح يتحدث عن حياته الخاصة. ظنت شانتال مثله  مثل جميع الرجال الناضجين، لايفكرسوى بقضاء  ليلة حب مع امرأة أصغر سناً. وأنه يحسب، مثله مثل  أي كائن بشري، بأن المال سيشتري له  كلما يريد . فردت عليه : إنني أنضج وأكبر سناً من أن أؤمن بالوعود ولا أريد أن أرتكب الاخطاء. ولكنها تعلم في قرارة نفسها ودون ريب أن ما قالته ليس صحيحاً، فهي تعمّدت الجلوس في المكان الإستراتيجي المتوقع أنه سوف يمر به عند  عودته، على أمل أن تحادثه، وتحصل منه على وعدٍ كانت تنتظر تحقيقه، أو على بضعة أيامٍ تقضيها معه تحلم فيها بحبٍ جديد، وسفرٍخارج البلدة  بلا عودة.

قالت شانتال: حسناً، بما أنك لا تريد أت تقول لي شيئاً عن الذهب الذي أريتني إياه، فإنني عائدة إلى نهري ولأاكما قراءة كتابي.وشكراً لك على النزهة  قال الرجل: لاعليكي  انتظري! سوف أشرح لك ما أبغي . أنا رجل  صناعيٌّ غنيٌّ جداً، ومشهورٌ جداً. وكان لدي الآلافٍ من المستخدمين، وكنت  حازما وقاسياً عند الضرورة، وطيباً صبوراً وقتما أشاء. ولقدأتيت الي هنا  إلى بسكوس لقصدٍ معين، قررت أن ألعب لعبتي الخاصة وراهنت نفسي عليها: وهي أن أقصد مكاناً منعزلاً، حيث جميع من فيه  يعيش بحب، وسلام، وأمل ورأفة، وأريد أن أرى إذا كنت أستطيع أن أفلح في جعلهم ينتهكون بعض الوصايا العشر. فالجميع هنا  في هذه القرية يتمتعون بمزايا  الشرف ابتداءً بك، وأنت بإستطاعتك سرق سبيكة الذهب إن رغبت بذلك ، ولكنك  بذاك تُخلين بوصية من الوصايا العشر وهي (لا تسرق). وأنا  مستعد أيضاً أن أعطي  بقية سبائك  الذهب لسكان بسكوس، إذا أخرقو  وصية (لا تقتل).

أكمل الرجل كلامه وقال : سوف أبقى هنا لمدة أسبوعاً واحداً. فإذا وُجدت في نهاية الاسبوع  أحدٌ من أبناء البلد ة ميتاً، فإن هذه السبائك  ستعود لسكان بسكوس ، وأستنتج من ذلك أن، الجميع أشرار. ، وإذا سرقتِ أنت هذه السبيكة الذهبية وصمدتْ القرية أمام الإغراء، أو العكس، فسوف أستنتج أن هناك صالحين وأشرار.

تعود  سكان  بلدة بسكوس على عادات الرجل الغريب فقد  كان يستيقظ في الصباح الباكر ، ويتناول فطوره وينطلق بعدها مسرعا ًنحو الجبال. وكان من عادته العودة إلى الفندق عصراً. كان يحب الإستماع إلى حكايات وقصص أهل المنطقة، والتعرف على العادات والتقاليد وكلام الخرافات التي ما تزال راسخة في حياة أهل الريف. وكان بدوره يسرد عن نفسه  حكاياتٍ متناقضة ويستهل بالكلام عن مغامراته وحياته العملية . وعلى كل الأحوال، فإن سكان بسكوس إعتبروه شخص لطيف حسن المعشر . ولم يكن يتكلم مع الآنسة شانتال بريم، نادلة الحانة، إلا من أجل طلب الشراب.

في الليلة التي أعقبت لقاءهما، لم تستطع شانتال النوم. ، لقد وجدت نفسها في حضرة الخير، ولم يجول ببالها أنها سوف تروي ما سمعته من الرجل الغريب . فهي تعرف تمام المعرفة أنها تعيش بين أناسٍ شرفاء.

وفي الليلة الثانية من لقاءهما ، وجدت نفسها شانتال في حضرة الخير والشر. استيقظت باكراً، وقبل أن يبزغ الفجر. ومشت في الشارع الخالي ، ثم إنعطفت يميناً وتوجهت نحو الغابة، كا نت تشعر بالخوف من الرجل الغريب أن يكون يراقبها ويتتبعها ،فكانت كل لحظة كانت تمشي قليلا ثم تقف  تتلفت يمنة ويسرة لتتأكد أنها لوحدها الى أن بلغت الصخرة التي اتخذت شكل Y. راحت تحفر في نفس المكان الذي خبأ فيه الغريب السبيكة الذهبية ، وأخرجتها. نظرت الى السبيكة لقد كانت  تبلغ قيمتها  ما يكفيها من المصروف من دون عمل مدى الحياة. أمسكت بحلمها بين يديها. وقالت لنفسها هذا هو الحظ الذيأنتظره كي أتحرر من أيام وليالي بسكوس الممله والرتيبة. ولكن فجأة دب في أوصالها الذعر، فلربما الغريب  يكتشف اختفاء السبيكة الذهبية ويذهب ليبلّغ الشرطة. وقد أن تتهمني الشرطة بسرقة السبيكة الذهبية من ذلك الرجل! وينتهي الأمر بمصادرة  الشرطة للسبيكة، وأطرد من العمل، وتسوء سمعتي. فعادت أدراجها وقامت بإعادة السبيكة إلى مكانها في الحفرة وأهالت عليها  التراب. وأدارت شانتال ظهرها للكنزوحلمها ، وعادت بإتجاه الفندق. كان الغريب يتحدث ويسرد القصص والحكايات على الموجودين في الفندق ، وسمعته شانتاليقول : إن للخير والشر وجهاً واحداً. فهما يتعلقان  باللحظة التي يلتقيان فيها بالكائن البشري وهو في طريقه بالحياة وهوالذي  يقرر أي منهما يستخدم في حياته .

وفي الليلة الثالثة من اللقاء مع الغريب ، وجدت نفسها في حضرة الشر. وقد جاء على هيئة تعب وعياءٍ شديد مصحوبٌ بحمّى. فبقيت تهذي وتتقلب شانتال في فراشها طوال الليل، ولكن  مع بزوغ الفجر شعرت بأن الحمى بدأت تختفي . وعند الصباح كانت قد استعادت قواها،

 قررت شانتال أن تخبرالجميع من في الحانة بقصة الكنز. فإن صدّقوها فسوف يقبضون  على الغريب ويسحبوه  إلى الشرطة، ويتركونها وشأنها حرة طليقة في أخذ سبيكتها الذهبية ، وإن لم يصدقوها فسيذهب الرجل الغريب وهو مقتنع بأن جميعهم  صالحون، ولكن هذا ليس بالتصور الصحيح. فجميعهم جبناء في غاية الضعف ، بما فيهم هي بالذات، هم جبناء في الوقت اللذين يقدرون في تغيير قدرهم.

قابلت شانتال خلال جولتها في القرية ببرتا، تلك الأرملة العجوز  التي تقضي معظم وقتها جالسة على عتبة بيتها، متيقظة إلى كل شاردة وواردة تحدث. تحدثتا عن حالة  الطقس، وبعدها تكلما عن الرجل الغريب، وتكلمت برتا، للمرة الألف، عن زوجها وكيف مات  عن طريق طلق ناري بالخطأ من أحد الصيادين. ثم قالت لها شانتال:علي الذهاب الآن  ، فلدي أعمال علي إنجزاها قبل حلول المساء. كان جميع أهل القرية يرون أن برتا عجوزاً ساحرة.

جلست شانتال في حجرتها بالفندق وأخذت تفكر بعمق ، وأدركت أن عليها أن تأخذ  درساً جوهرياً من قصة موت زوج برتا . وبالتالي عليها أن تُركزبشكل جيد  كي تكون في إصابتها الطريدة ناجحة . لهذا ينبغي عليها  إعداد خطة  ناجحة بالتمام لهدفها . فقررت تأجيل ، سرد وقائعها  للقاء الرجل الغريب،ليومين  ولربما تلغي فكرة السرد هذا نهائياً.

في  المساء، إقترب الغريب منها ووضع قُصاصة ورقٍ في يدها بدون أن يلفت إنتباه أحد . كان الغريب يطلب منها أن يلتقيا في نفس المكان الذي التقاه فيها أول تعارف لهما  التقيا. كان المطر يتساقط بغزارة ، فأخذته شانتال  إلى كوخٍ صغير يستخدمه  الصيادون مكمناً لهم ، للإحتماء من المطر. فقالت له: ماذا تريد؟ قال: إنك أرى أنك تؤجلين ما طلبته منكِ. فقد وصلنا الى نهاية الأسبوع، وإذا امتنعتِ عن إخبار الجميع عن حكاية السبائك ، فسوف أفعل ذلك بنفسي. فقالت: حسنا سوف أفعل ما طلبته مني.

 قالت له : لقد أتيت إلى بسكوس لأنك تائه وتريد أن تعرف المزيد عن طبيعتك وشخصك ، تريد أن تعرف ما إذا كنت شريراً أم صالحاً. وأعتقد بأنك  شخص جبان. فقال: لا لست جباناً. لقد تزوجت من المرأة التي أحببتها ، وأنجبتْ لي طفلتين رائعتين. كنتُ أمتلك مصنع للأسلحة. قالت: وما شأن هذا بقريتي ؟ وما هي علاقة ذلك الشئ بإنتهاك وإخلال الوصايا،  والخير والشر والجريمة والسرقة ، وماهية جوهر الكائن البشري، ؟ فقال: أنا رجلٌ قانوني، وكنت أظن نفسيرجلاً صالحاً. وفي ذات يوم، أقدمت جماعة وخطفت زوجتي وابنتيّ الإثنتين، وطالبت  بفدية ، كانت كمية كبيرة من السلاح. ولكني رحت وأبلغتُ الشرطة. وقبل نهاية النهار، قامت فرقة من الكوماندوس  وهاجمت مقر المختطفين، وأمطرت الخاطفين بوابل من الرصاص. ولكن وقبل أن يُقضى على  جماعة المختطفين ، تمكن المختطفين من الإجهاز على زوجتي وابنتيّ وقتلهما . وكان الخاطفون حينها يستخدمون أسلحة من التي ينتجها مصانعي.

بعدها تخليت عن جميع أعمالي ، وتساءلتُ كيف يمكن أن يكون الانسان على هذه الدرجة من الإجرام. بكيت وضحكت في آن واحد من سخرية القدر الذي جعلني أرى  أنني كنت أداةً للشر والخير  معاً. عندها تبدد لديّ  كل مشاعر الرحمة ، وصار  قلبي خاوياً خالياً من الإحساس.ومن وقتها وأنا أحاول  أن أعرف ما الذي دار في رؤوس هؤلاء الإرهابيين. أريد أن أعرف الصراع بين الخير والشر وهل  يمكن للخير أن يفوز. قالت: لِمَ إخترت بسكوس؟ قال: كانت مجرد مصادفة. كل ما يعنيني هو أمرٍ واحد: أريد  فقط أن أعرف إذا كان هناك آخرون قد يتصرفون خلافاً لما فعله هؤلاء الإرهابيون.

وفي المساء، كانت الآنسة بريم  تقف أمام الجميع وتطلب منهم أن يصغوا لها. قالت شانتال: في هذا المساء  ، ونزولاً عند طلب الرجل الغريب، سوف أنصب مشنقة في ساحة البلدة . فمنذ أربعة أيامٍ أراني الغريب عشرة من  السبائك الذهبية، أي بما يكفي لضمان مستقبل بلدة بسكوس لأربعين عاماً مقبلة. ثم قام بعد ذلك وأخفي  السبائك وطمرَها تحت التراب  في الغابة، لا أعلم  أين. وهذا الذهب سوف يصبح ملكاً لأهل بسكوس إذا تم قتل أحد سكان بسكوس، في غضون ثلاثة أيامٍ مقبلة من الآن . وإذا لم يُقتل أي أحد ، فسوف يذهب الغريب ويغادر القرية مصطحباً كنزه معه . وهذا هو كل ما في الأمر. وقد نصبت المشنقة في الساحة كي يعلق عليها إنسان بريء، وسوف تكون التضحية الذي قدمها هذا الإنسان عوض عن الرفاهية التي ستنعم بها بلدة بسكوس.

 أومأ الرجل الغريب بإشارة من رأسه، تدل على موافقته لكلام شانتال . وراح الجميع ينظرون لبعضهم وهم يتسألون  بصوت منخفض ،ثم عادت شانتال إلى عملها. فقالت صاحبة الفندق للغريب : ألم يساوركَ أدنى  شكٌ في أنه من الممكن أن تكون أنت من سيتعرض للقتل؟ فقال الغريب : بالتأكيد،  لقد فكرت في ذلك الأمر . ولكن إن حدث شيء لي وقام أحد بقتلي ، فسوف توجه للجميع تهمة المشاركة في قتلي  ،وبالتالي لن تستطيعوا الحصول على المكافأة الموعودة.

بدأ الجميع بالمغادرة ، فتناولت شانتال محفظتها وتوجهت نحو الباب تريد هي الأخرى المغادرة ، وقبل أن تخرج ، استدارت وقالت للغريب: إن الشيطان الذي يصاحبك يبتسم، فأنت الأن قد دخلت لعبتك التي خططَت لها. لقد أعددتَ لخطتك طريقاً على نحوٍ لا يُكافأ معه إلا الشر. إن لم يُقتل أحد، فلن ينال الخير إلا الثناء.ولن يجني أهل البلدة أي مكافاة ، أنك تريد أن تثبت بأن كل الناس أشرار. قال: إلام ترمين في كلامك هذا ؟ قالت: إلى رهانٍ  يكون أكثر عدلاً وإنصافاً. فإذا لم يُقتل أحدٌ من أهل القرية ، خلال الأيام الثلاثة القادمة، تُعطى سبائك الذهب  العشرة  للقرية، جزاء استقامة ونزاهة أهلها. وأنا أنال سبيكتي جزاء لي لاشتراكي في هذه اللعبة القذرة. فقال الرجل: وإن قبِلتُ هذا الإقتراح، هل ستشيعين  هذا الخبر بين الجميع. فقالت: لا لن أفعل، أقسم لك بحياة جدتي، وبخلاصي الأبدي. فأومأ الغريب بالموافقة، بإشارةٍ من رأسه.

 

 

 لم تكن شانتال تفكر إلا بالدور الجوهري الذي سوف تؤديه فلم يبقي على رحيل الغريب سوى ثلاثة أيام و كانت في قرارة نفسها تعتزم إخبار الجميع بأمر الرهان المنصف الذي عرضته على الرجل معلنة أنهم كسبوا المعركة وأصبحوا أثرياء, كان يجول في خاطرها أن الجميع سوف يهرعون لها و يقبلوا قدميها ويقدموا لها الشكر على ما غنموه من ثراء وبحبوبة. الصباح التالي كان مصحوبا بالضوضاء على غير العادة, فقد إستيقظت شانتال على صوت سيارة الفرّان و كان هناك جمع من الناس الصامتين . لم تفهم الفتاه ما يجري و بعدما غادرت الشاحنة إستفسرت شانتال عن سبب تجمعهم أجابها أحد الحاضرين أنها لم يكن حريا بها  أن تلعب دور الوسيط لذلك المعتوه أوهل هناك ما تكسبه من وراء هذه الحكاية وهل نسيتِ الشرف والكرامة! فكانوا غير مقتنعين البته أن يرتكبوا  جريمة لقاء المال حتى و إن كان المبلغ كبيرا. أجابت الفتاة أنها لا تريد أن يفعلوا ذلك وهي فقط فعلت ما طلبه منها ذلك الرجل. تفرق الجميع بهدوء. أما شانتال فكانت ترتعد كأن الجميع متفقين على أنها هي المذنبة  وأنه ليس الغريب ولا الإقتراح، بل هي المحرضة على الجريمة و كأن العالَم فقد رشده. 

 كانت الفتاة مرتعبة سارت نحو الجبل علها تفرج عن نفسها و مرت بالقرب من العجوز برتا , دعتها العجوز للجلوس معها , إرتمت شانتال بين ذراعيها مرتجفة خافة , لم يكن بوسع العجوز إلا طمأنتها فهي تعرف و كذلك الجميع يعرفون أن المشكلة لا تعنيها أبدا و لكنهم بحاجة الى مذنب لإلقاء اللوم عليه. طلبت العجوز منها أن تقضي بعض الوقت خارج بسكوس لكن الفتاه لم يكن لديها مال و لا مكان لتذهب إليه. أخبرتها العجوز أن تذهب للغابة و تصلي علها تجد ضالتها و تجد المدينة التي ينبغي أن تذهب إليها.

 

 كانت شانتال تفكر جديا بالإبتعاد عن بسكوس, سارت شانتال باتجاه الصخرة التي على شكل Y, و أخرجت السبيكة من التراب الممهد حيث كانت مدفونة. وما أن أمسكت السبيكة حتى سمعت صوتا , إستدرات فوجدت نفسها أمام وحشٍ متعطش للدم. إنه الذئب الملعون . لم تستطع الحراك , تجمدت في مكانها كشّر الذئب عن أنيابه، وأطلق زمجرة مخيفة . لم تكن تعرف ما عليها أن تفعل في تلك للحظة حتى ظهر فجأءة رجل من العدم خلف الذئب. ضرب الذئب بحجرٍ على رأسه، فاستدار الذئب بسرعة واثباً لكن الرجل كان قد اعتلى غصناً، مبتعداً عن أنياب الحيوان. وكذلك فعلت شانتال كان ذلك الرجل هو الغريب نفسه. طلبت شانتال من الغريب أن يوقد ناراً بأحد الأغصان، ففعل ذلك. وهبط إلى الأرض حاملاً الغصن المشتعل. سدد الغصن نحو الذئب الذي بدأ بالتراجع، ثم هرب ذلك الوحش بأقصى سرعته.

 و بعدما نزلا عن الشجرة تجادل كل منهما عمن أنقذ حياة الأخر. إدعت شانتال أنها هي من أنقذت حياة الرجل وأن السبيكة من حقها.قاطعها و قال انه هو من أنقذ حياتها و لكنها  أنقذتِ شيئاً ما في نفسه, فلم يكن يفكر سابقاً إلا بالإنتقام. أما الآن، و بعدما تولى أمره بنفسه و إسترد شجاعته بنفسه. وببلوغه هذه الخاتمة، أكتشفُ، في قرارة أعماقه، نوراً. فهو الان لا يريد برهانا على أن البشر فاسدون، بل أدرك على أنه و من دون قصد منه، جلب على نفسه ما أصابه، لأنه شرير، ورجلٌ فاسدٌ أيما فساد، وأنه أستحق القصاص الذي أنزلته الحياة به.

 أصرت الفتاة على أن السبيكة لها و أشارات أن كل منهم يذهب في طريقه هي و السبيكة و هو قاطعها مسرعا هذه سبيكتي الذهبية , أصرت شانتال على ملكية السبيكة فهي أدت دورها و إذا لم تحصل عليها  ، فسوف تضطر للعودة إلى بسكوس. ستطردُ من عملها وستوصم بالعار من قبل الأهالي. لم يبدي الرجل إعتراضا بل قال لها إفعلي ما ترينه مناسبا, ثم مضى في سبيله. تأملت شانتال السبيكة هنيهة ثم أعادتها إلى مكانها، ثم غادرت عائدة إلى غرفتها.

 

 أما في القرية الهادئة  فكانت هناك جلبة حيث اجتمع أعيان قرية بسكوس في الكنيسة. كانوا: مالكة الفندق، وكاهن الرعية، ورئيس البلدية، وزوجة رئيس البلدية، والحدّاد، ومالك معظم العقارات في محيط القرية, وذلك  لمناقشة و تدارس أمر إقتراح الغريب وهو الجريمة. كان للكاهن رأيا مغاير فلم يرها سوى تضحية من أجل أن يعم الخير على كل سكان القرية. لم يبدى الحضور إنزعاجهم و دلّ الصمت على أن الجميع متفقون. أشارت زوجة رئيس البلدية على الحضور البحث في الجانب العملي، فمن سيكون الأضحية ومن سيكون المُنفّذ.  في البدء تم اقتراح اسم الآنسة بريم، فوالدتها ميتة، وجدّتها ميتة، ولا أحد سيلاحظ غيابها. كان هذا الإقتراح مستحسنا من قبل  زوجة رئيس البلدية حيث أن الأنسة بريم هي التي حملت الشر لأهالي القرية و حثت السكان على إرتكاب الجريمة و أضافت ومهما يحصل فإن روايتها لن تقارع روايتنا نحن جميعاً، وليس هناك ما نُتهم به، فضلاً عن مكانتنا. فهم الكاهن ما كانت السيدة تعني فالأنسة بريم يقع على عاتقها المسؤولية فعلى حد إعتقادهم أنها هي من كان السبب وراء  التحريض على وقوع المأساة. أبدى الكاهن إقتراح اخر فقد عرض نفسه للتضحية أو العجوز برتا. لاقى إقتراح العجوز قبولا لدى الأفراد  وتم الإتفاق على أن يجتمع رئيس البلدية برجال القرية ليخبرهم عن الأضحية وعن كيفية التنفيذ.

قبيل الساعة التاسعة مساء ظهر ضيفان غير متوقعان عند باب العجوز برتا وهما سيدتا القرية، مالكة الفندق، وزوجة رئيس البلدية وذلك للإطمئنان عليها. أبدت العجوز ملاحظتها حيث أخبرتهم أن القرية تبدو مختلفة هذا المساء. أجابت مالكة الفندق: هناك اجتماعٌ للرجال في الساحة، للتداول في ما ينبغي فعله مع الغريب. قالت العجوز: من الأفضل أن نقبل اقتراحه، وليغادر بعد يومين. فالكاهن قال مرة بأنه لا مانع من التضحية برجلٍ لإنقاذ البشر! تبادلت الإمرأتان نظرات خاطفة تنم عن الذهول والضيق. قالت برتا: إن الأشخاص المسنين مُعرضون للموت المباغت. هذه سنة الحياة. لقد قضيت معظم نهاري أفكر بالموت. سألتها مالكة الفندق عما إذا ما كان هناك سبب محدد لشعورها بهذا. أجابت العجوز أن الأمر يصبح عادة و خصوصا لمن هو في سنها. قالت مالكة الفندق: إن الموت حق. فهو الشافي أحياناً من آلامٍ لا فائدة منها. أيدت العجوزذلك تماماً، ولكنها خائفة من الموت.  وشكرتهما على الزيارة.

لم يكن مستغربا من السيدتان إندهاشهما من علم برتا فكانتا تشكان أنها تعلم،  و لربما ثمة من أخبرها. فقد أدركتْ  تماما سبب وجودهن و انهما  هنا لمراقبتها.

 في القرية أزدحمت الساحة بالرجال . وقف الكاهن على كرسيّ وأخذ يخاطب الحشد بأن الجميع يعرف مستقبل بكسوس المهدد بالزوال فإذا لم يتخذوا الإجراء اللازم فإن القرية التي يعشون فيها ستزول و تمحى من الخرائط وحدها سبائك  ذهب الغريب سينقذ مستقبل بكسوس فلذلك فإن عليهم لزاما التضحية برفد ما فالتوبة و التوضحية تسطيعان أن تضمن للكل الخلاص. إعترض شخص من الحضور و صاح عاليا إن الاهالي لم يروا الذهب فلربما تكون كذبة ، قاطعه رئيس البلدية قائلا:  أن الغريب سيريهم الذهب في اليوم التالي. وراح رئيس البلدية يُعدد النعم التي ستغمر القرية، وتكلم عن توزيع الثروة على الجميع بحصصٍ متساوية.

تقدم أحد الحضور بالسؤال عن ماهية الضحية فأجابه رئيس البلدية أن الإختيار قد وقع على العجوز برتا , لم يبدي أحد أية إعتراض على هذا القرار. قال الكاهن مخاطبا الحضور ،   أنه يريد أريد موافقة الجميع شفاهياً على ذلك فصاح الحداد يقول نعم، وتبعه رئيس البلدية، ثم تتالى الجميع على إعطاء موافقتهم. أتى الكاهن بفكرة تجعل منهم بريئون من دم الضحية فطلب من الحضور أن يأتي كل واحد منهم في اليوم التالي ببندقية محشوة برصاصة واحدة و يضعوها في الكنسية و ستكون هناك بندقية واحدة محشوة بالرصاص من كل اثنتين. وعندما تطلقون بندقياتكم، يستطيع كل واحدٍ منكم أن يعتقد بأنه براء من دم الضحية.

 كانت شانتال تشاهد سكان بسكوس  من غرقتها يعبرون الساحة، والبنادق في أيديهم حيث كان الرجال يدخلون الغرفة الملحقة بالكنيسة، ويخرجون بأيدٍ فارغة. هرعت الفتاة لتعرف ما يجري فأخبرتها مالكة الفندق بإختيار برتا كضحية. أخبرت شانتال مالكة الفندق أن  تكلم الغريب فإن لديها خطة يمكن من خلالها و لعلها تستطيع الفوز بالإثنين معا: الذهب و حياة العجوز.

 وراء الجبال عند الغروب كانت العجوز برتا تتأمل المنظر من شرفتها رأت الكاهن، يتبعه ثلاثة رجال، وافداً باتجاهها, علمت أن ساعتها قد حانت وأنها هي الضحية التي ستغدق الذهب على بكسوس. أخبرتهم أنها لبثت ردحاً طويلاً من الزمن لا تجد أحداً يتكلم إليّها  ثم لان فطنُ الجميع لوجودها, بالامس جاءتها  مالكة الفندق وزوجة رئيس البلدية، واليوم هو, تسألت عما إذا كانت ذا شأن مهم قال الكاهن بالضبط، بل  هي اليوم أرفع الناس شأناً في القرية. أعقبت قائلة عما إذا كانت ستترك ميراثا أجابها مؤكدا  أنها ستترك وراءها عشر سبائك من الذهب وسوف يتذكرها الجميع من جيل إلى جيل. إستطردت قائلة أنهم بذلك سيحكمون على شخص برئ بالموت. لم يكترث الكاهن و قدّم لها الكاهن علبة بلاستيكية مملوءة بحبوب منومة وقال لها أنها عليها أخذها و عندما تستيقظ ستجد نفسها بجانب زوجها وإذا رفضت فسوف تبتلعهاا بأية حال.  

أدركتْ  العجوز برتا أن المقاومة لن تجدي نفعا.  إبتلعت الحبوب مع كميات كبيرة من الماء.  وقبل أن يسري المخدر في جسدها ألقت  العجوز نظرة أخيرة على الجبال، كانت تحدث نفسها سرا إنها عاشت حياة جميلة، ولدت وماتت في مكانٍ أحبته، وإن لم يبادلها الحب. إنّ من يحب أملاً بمقابل، يُهدر وقته. بدأ مفعول المخدر يسرب في جسدها كانت تسمع لكاهن يحدثها عن الخير أجابته أنه لا فائدة من ذلك فهو يعرف الخير ولا يختلف عن الغريب الذي أتى لتدمير القرية . ثم أغمضت برتا عينيها.

على بعد مسيرة نصف ساعة من القرية خرج جميع من في القرية كان كل رجلٍ يحمل بندقية في يده  و كان من بينهم حطابان إثنان يحملان نقالة وضعت عليها بيرتا  يتوجهون باتجاه نصب هناك. صرخ رئيس البلدية مخاطبا الجميع بان عليهم إنهاء الأمر بسرعة . ابتعدت النسوة من الخلف و صوب الرجال بنادقهم نحو جسد العجوز الساكن. لحظتها صرخ صوت, صوت انثوي قاطع الامر , كان صوت الأنسة بريم هو الذي قاطعهم , قالت عما إذا  رأوا الذهب أوتأكدوا من أن الذهب حقيقي. قام الغريب  بإخراج الذهب من حقيبته، ووضعه وسط حلقة الرجال, لم تمضي لحظات حتى اكدت عشر نسوة أن الذهب حيقيقي و أضافت زوجة رئيس البلدية مؤكدة  إنه ذهبٌ حقيقي وهناك على كل سبيكة خاتم الدولة، والرقم التسلسلي، والوزن.  لم تكتفي شانتال بذلك أرادات أن تعدلهم عن رأيهم قبل أن يذهبوا بعيدا. إعترضها رئيس البلدية فليس الوقت وقت خطابات ويجب على الرجال  القيام بواجبهم. أسرعت شانتال بإخراسه و أضافت أنه أحمق و عديم المسؤلية.

همّ رئيس البلدية أن ينقضّ عليها، ولكن رجلين أمسكا به. قال أحدهم لنستمع إلى ما تريد الآنسة قوله. قالت شانتال ، في المدرسة  تعلمنا ، عن أسطورة الملك ميداس، الذي مُنح القدرة على تحويل ما يلمسه إلى ذهب. ولكنه عندما جاع وأراد أن يأكل، تحول الطعام إلى ذهب. وتحولت زوجته عندما أمسك يدها إلى ذهب. وفي أقل من أسبوع، مات ميداس من الجوع والعطش. سردت شانتال هذه القصة لتعلمهم بأن الذهب في حدّ ذاته لا يساوي شيئاً. إن ما له قيمة هو المال النقدي.  ثم أضافت كيف ستحولون الذهب إلى نقود؟ أجابها مالك الأراضي بأنهم سوف يأخذوا السبائك إلى المصرف، ويستبدلولها بنقود. بسرعة أجابت شانتال أن البنك سيطلب منهم شهادة شراء الذهب. وبما أنها غير متوفرة، فإنكم ستقولوا إن السبائك أعطِيت إلينا من قبل شخصٍ غريب. وهنا ستبدأ التحقيقات، لمعرفة مصدر الذهب. و يمكن للجميع أن يتصوروا ماذا سيحصل إن تم اكتشاف أن هذا الذهب مسروق، أو أنه سلكَ عبر مهربي المخدرات.

 تسللت كلمات شانتال إلى عقول الجمع و اتجهت أنظار الجميع إلى الغريب، وبدأ الخوف ينتابهم. ولم تكتفي بذلك و حسب بل وأضافت شانتال أنهم  باستطاعتهم أن يقتلوا هذه المرأة البريئة، أما هي فترفض الإشتراك في هذه الجريمة. وأكدت أنها واثقة بأن رئيس البلدية سيجد نفسه وراء القضبان، وسيصبح الجميع، متهمين بسرقة هذا الذهب. أما هي فستكون بمنأى عن أي تهمة.

عاد الرشد إلى عقول الجمع في تلك اللحظة قام أحدهم بفتح مغلاق بندقيته مغلاق بندقيته، وكذلك فعل بقية الرجال، مما يعني امتناع الرجال عن إطلاق النار وانقض الحداد على رئيس البلدية وعلى الكاهن، وانتزع منهما بندقيتهما. ثم بدأ الجميع بالتفرق، وعاد كل واحدٍ إلى بيته.

 بقي ثلاثة في حوش الغابة عند النصب برتا المنومة وإلى جانبها شانتال والغريب. ،. قال الغريب لشانتال إليكِ ذهب قريتك فهو لك أجابت شانتال مسرعة مأكدة أن الذهب لها و حتى  السبيكة المدفونة قرب الصخرة الشبيهة بالحرف Y.

أخبرها بأنها سوف ترافقه للمصرف لتحويل هذا الذهب لنقود. وتكفّل الغريب بكل إجراءاتِ تحويل الذهب إلى نقود، وإيداعها في حساب شانتال . ألقت الفتاة، نظرة أخيرة على الوادي والجبال،  حيث ألِفت التجوال في صغرها فهي عزمت أن تغادر القرية فلم ترجع إلى القرية إلا لتودع  العجوز برتا. و إلتقت ببعض السكان و حيوها كأن شيئ لم يكن كأن بسكوس لم يزرها الشيطان . قالت برتا لشانتال بأن القرية سيبنون نافورة ماءٍ تكريماً لها. مقابل صمتها. و إنها مسرورة لذلك. أسدت العجوز نصيحة  للفتاة كما لو كانت إبنتها  و قالت لها أنها عليها أن تفعل ما إقترحته عليها سابقا  و أن تفكر في الرحيل عن القرية  فقد تقصر الحياة وقد تطول، و كل شيء مرهون بالطريقة التي نحيا و نعيش بها هذه الحياة. ابتسمت شانتال، وعانقت صديقتها القديمة بحنان، وأدارت ظهرها لبسكوس دون تفكيرٍ بالعودة.

 

                                 النهاية.

 

 

 

 

 

تفاعل :