القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية موعد مع الجريمة: دين كونتز. إعداد وإشراف: رجاء حمدان.





لسماع الرواية والاشتراك بالقناة ...قناة راجوشو ..الرابط التالي :




"راجو شو يقوم بتلخيص الروايات بإسلوبه المستقل عن الرواية الاصلية بما يتناسب مع حقوق النشر وحقوق الملكية الذي ينص عليها قانون حقوق النشر واليوتيوب


تلخيص رواية: 

 موعد مع الجريمة: دين كونتز. 
إعداد وإشراف: رجاء حمدان.
  







شرب نيد بيرسال وهو يبتسم شراب الشعير نخب جاره الميت ، هنري فريدل، والذي أبهجه موته كثيراً. مات هنري مقتولاً بسبب تمثال في الحديقة، وقع عن سطح منزله المؤلف من طابقين، وسقط على ذلك التمثال المرح ومات على فوره . 



حصلت الحادثة قبل أربعة أعوام. وما يزال نيد بيرسال كل إسبوع يشرب نخب موت هنري مرة على الأقل. جلس بالقرب من طاولة نيد رجل غريب ، وشعر بالفضول حيال حقد نيد المستمر. قال الرجل : كم كان ذلك الرجل المسكين جاراً سيئاً لدرجة أنك لا تزال إلى الآن تحتفل بموته؟ تجاهل نيد السؤال. جاء نادل المشرب، بيلي وايلز، وقدم لنيد كيساً من المكسرات، وسكب للرجل الغريب شراب الشعير. فقال نيد: إن فريدل حيوان مقزز لقد كان يحاول التبول دائماًعلى نوافذ غرفة الطعام في منزلي. 

في حوالي الرابعة وعشر دقائق، أتت إيفي إيلجين إلى العمل. إنها نادلة جيدة جداً ومصدر إغراء من دون منافس. وكان موظف المشرب بيلي يستلطفها كثيراً ولكنه لا يتوق إليها. وبعد ساعة وصلت شيرلي تروبلاد، نادلة المساء الثانية، إلى العمل. ومن ثم جاء طاهي المساء، رامون باديلو. الذي يُقدم المشرب وجبات سريعة فقط. وصل مع رامون، نادل مشرب المساء ستيف زيليس، الذي يتداخل دوامه مع دوام بيلي بساعة واحدة. بينما غادرإلى منزله طاهي النهار بين فيرنون. 

غادر بيلي في تمام الساعة السابعة. وعندما اقترب من سيارته الفورد، لاحظ وجود ورقة بيضاء مطوية وموضوعه تحت مسّاحة الزجاج الأمامي. فتح الورقة فإذا هي رسالة: إذا لم تأخذ هذه الورقة إلى الشرطة وتورطها ، سأقتل مدرسة شقراء جميلة في مكان ما من منطقة "نابا". وإذا أخذت هذه الورقة إلى الشرطة، سأقتل بدل ذلك امرأة عجوز ناشطة في العمل الخيري. أمامك ست ساعات لتقرر. الخيار خيارك. 

 ذهب بيلي مسرعاً إلى صديقه "لاني" وأعطاه الرسالة. قال لاني: لا بد أنها نكتة سخيفة . فقال بيلي: وماذا لو لم تكن نكتة وكان التهديد حقيقياً؟ فقال لاني: ليس حقيقياً. حينها انتقل بيلي إلى المشفى. وقف ً أمام باربارة ماندل يتأملها ، إنها نائمة و شعرها الذهبي اللامع منتشراً على الوسادة ، أزاح بيلي الغطاء عن بطنها وتفقد أنبوب التغذية في معدتها. إنها في غيبوبة منذ أربعة أعوام تقريباً، بعض الأحيان تقول كلمات غامضة، وتتثائب، ولكنها فاقدة للوعي تماماً. مضت على غيبوبتها بالضبط ثلاثة أعوام وعشرة أشهر وأربعة أيام ، والتي سقطت فيها بعد شهر واحد فقط من قبولها خاتم الخطوبة من بيلي. 

في غرفة نومه في البيت وهو على سريره ، ألقى بيلى نظرة إلى الساعة، لقد مرت عشرون دقيقة بعد منتصف الليل. تذكر ما جاء في الرسالة، لديك ست ساعات لتقرر، الخيار خيارك. إن الورقة عندما كانت موجودة على السيارة كانت الساعة السابعة تماماً لذا لم تمر بعد إلى الآن ست ساعات. 

في اليوم التالي، كعادته ، انطلق بيلي إلى عمله في المشرب. كان الإزدحام خانقاً لأن اليوم هو الثلاثاء وهو يوم الفليفلة الحريفة. كان جاكي ـ مالك المشرب ـ يقدم للزبائن الطعام على الطاولات، بينما كان بيلي وايلز يقدم المشروبات ويسكْب شراب الشعير. ومرت ساعات دوامه بهدوء ، ولم يتفوه أحد بكلمة عن قتل معلمة مدرسة شقراء أو امرأة عجوز محبة لعمل الخير، هدأت أعصاب بيلي وشعر بإرتياح . لا بد أن الورقة كانت مزحة سخيفة . أنهى بيلي عمله، اقترب من سيارته ورأى ورقة تحت مسّاحة الزجاج الأماميه. وبينما بيلى يرفع الورقة من تحت المساحة، قدِمَ صديقه لاني وقال وهو يلهث : جيزيل وينسلو، هذا إسمها إنها تدرِّس الإنكليزية في نابا، فتاة شقراء وجميلة، ضربها أحدهم حتى الموت، وانتهى بخنقها بسروالها الداخلي. فقال بيلي: ولكني قدِمت إليك، وأخبرتك ،وأنت شرطي يا لاني؟ فقال لاني: لقد قدمت إليّ بصورة غير رسمية. لم تذهب فعلياً إلى الشرطة. جئت إليّ كصديق وليس كشرطي. ولقد اعتقدت أنها مزحة سخيفة، ما من شرطي حي يملك الفطرة لشم الحقيقة من تلك الورقة! حينها فتح بيلي الورقة الجديدة: إذا لم تذهب إلى الشرطة وتورطها، سأقتل رجلاً غير متزوج لن يشتاق إليه العالم كثيراً. وإذا ذهبت إلى الشرطة، سأقتل أماً شابة لطفلين. أمامك خمس ساعات لتقرر. الخيار خيارك! 

توجه بيلى مباشرةً إلى منزله ، وركن سيارة في المكان المنفصل، صعد درجات المصطبة الخلفية للبيت ، وجد باب مطبخه مفتوحاً على غير العادة. لم يتعرض بيلي للتهديد في أي من الورقتين، فهذا يعنى أن الخطر المحدق به ليس خطراً على حياته، إنه يُفضّل الخطر الجسدي على الخطر المعنوي الذي يواجهه الآن. دخل إلى المطبخ، لم ير أي شيء غريب او يثير الريبة . ولكنه لم ير الورقة الأولى في مكانها كما وضعها الليلة السابقة. 

نظر بيلي إلى الساعة، أشارت 8:09. بقي أقل من أربع ساعات، بغض النظر عن الخيار الذي يتحذه بيلي، سيموت شخص. نام بيلي في غرفة الجلوس على الكرسي الهزاز. وعند الساعة 1:44، أيقظه رنين الهاتف. رفع السماعة ولكن لم تصدر كلمة أبداً من الطرف الآخر ! إنه نفس اتصال الليلة الماضية حيث رن الهاتف ولم يرد أي أحد. فقال بيلي : ماذا تريد مني ؟ لن ألعب لعبتك! أنت شخص مقرف ومنحرف، أنت حثالة تتجمع بصورة بشرية. ولكن ما من رد على الطرف الآخر. لم يكترث المتصل للرد ، أقفل الخط. أعاد بيلي الإتصال بالرقم مرة أخرى. في الطرف الآخر من الخط، رنّ الهاتف، ولكن لا أحد يجيب. انتبه بيلي إلى أن الرقم الموجود على الشاشة الرقمية في هاتفه كان مألوفاً إليه؛ إنه رقم لاني !! وضع بيلي مسدسه في جيبه وخرج من منزله. هل كان الرجل غير المتزوج الذي سيُقتل الليلة هو لاني؟ ؟ ثمة احتمال أن تكون هذه المسألة كلها مجرد لعبة وخدعة، وغير مستبعد أن يكون لاني هو الخادع. كما أن بيلي لم يتأكد فعلياً من أنه تم قتل مدرسة شقراء في مدينة نابا، لم ير تقريراً أو أحاديثاً عن الجريمة في الصحيفة. وصل بيلي إلى منزل لاني، ودخل إلى البيت من النافذة. على رفٍّ قرب الفرن، كانت توجد محفظة لاني، ومفاتيح سيارته ، وبعض من النقود المعدنية، وهاتفه الخلوي، ومسدس الخدمة للاني. لم يكن هناك أحدٌ في المطبخ أو في الصالون. حينها صعد بيلي إلى الطابق العلوي، ولم يقم بمناداة إسم لاني، عرف أنه لن يتلقى أي جواب. دخل بيلي إلى غرفة النوم في الطابق العلوي، وشاهد هناك صديقه لاني جالساً على كرسي ذي ذراعين، ويخترق جبينه رصاصة !! ولكن لايوجد بقع لأي دم أو فتات دماغ تلطخ ورق الجدران من وراء الكرسي. إذاً لم يتم قتل لاني فيما كان جالساً على الكرسي ، وحتى أنه لم يتم قتله في أي مكان من هذه الغرفة! بدأ الألم والوجع يخفق في صدر بيلي. حاول الإسترخاء والتنفس عبر فمه وإستجماع أفكاره التي تشتت بفعل الصدمه . فكر بالإتصال بالشرطة، ولكن هناك ثمة أمور وقوانين لا يعرف بشأنها بيلي، وقد تلقي أصابع الإتهام نحوه، أدلة ظرفية. قد تكون النية القصوى للقاتل هي توريط بيلي في هاتين الجريمتين وجرائم أخرى أيضاً. لذا يتوجب عليه التفكير الآن قبل ان يقدم على أي فعل . أطفأ بيلي أنوار المنزل وغادره. شعر بأن هناك من يراقبه. دخل إلى السيارة وأغلقها. وجد ورقة مطوية على قضيب عجلة القيادة. كان مكتوباً فيها: (هل أنت مستعد لجرحك الأول)؟ وفجأة تهشم زجاج الشباك الذي بجانب بيلي، وهاجمه شخص من الخلف وأمسك بشعره. قاوم، ولكن كان هناك ثمة رذاذ أطلق على وجه بيلي، جعله يفقد وعيه.





 اختفى مفعول المسكن، وبدأ الألم يعيد بيلي تدريجياً من الغيبوبة إلى الوعي. لبرهة، لم يعرف أين هو. ولكن هناك ثمة ألم بطيء ونابض، ممتدّ عبر رأسه.تحسس جسده ورأسه ، كان هنالك عدة ضربات وجروح في جبينه. إذاً فالمعتدي لم يشأ أن يقتله ، وإنما أراد فقط إيذاءه وترك ندبة فيه . نهض بيلي من على الأرض وجلس في سيارته وانطلق وحيداً إلى منزله. 

جلس بيلي في البيت يشرب وهو يفكر في المدرِّسة المقتوله، وفي لاني الجالس على كرسيه مقتولاً في غرفة نومه، وفي ما قد يفعله القاتل لاحقاً. وصار يفكر في باربارة، وفي ما قد يحدث لها إذا مات هو. دخل إلى الحمام وتأمل وجهه في المرآة. لقد نشف الدم قليلاً. طهر الجروح قدر الإمكان ، ثم غطاها بقطع شاش، وثبتها بشريط لاصق. وعند الساعة 4:27، خلد إلى السرير، ووضع المسدس تحت الوسادة.ونام 

 وفي الصباح تناول الأسبرين مع عصير برتقال، رفع الستائر. وفجأة رأى على الثلاجة ورقة مطوية، إنها الرسالة رقم اربعة من القاتل!! سيطر عليه بالتوتر وبالإنزعاج . فكر بيلي بعدم قراءة الورقة وحرقها في حوض غسيل الصحون، وبذلك سيخرج نفسه من هذه اللعبة المجنونة . ولكن المشكلة الأولى التي أنّبت ضميره هي أن عدم التصرف كان يعتبر خياراً، و أن المشكلة الثانية هي أنه هو نفسه أصبح ضحية اعتداء، وقد تم وعده بالمزيد من الأذى . لذا أخذ قرار وفتح الورقة وقرأها( إبق في المنزل هذا الصباح. سيأتي شريك لي لرؤيتك عند الساعة 11:00. انتظره عند المصطبة الأمامية. إذا لم تبق في المنزل، سأقتل ولداً. وإذا أبلغت الشرطة، سأقتل ولداً. تبدو غاضباً، ألم أمد لك يد الصداقة؟ بلى، فعلت)). 

 اتصل بيلي بمالك المشرب جاكي أوهارا وأبلغه بأنه لن يأتي للعمل اليوم، لأن لديه وعكة صحية وان معدته تألمه .عند الساعة 10:53، ظهر شخص من بعيد، قادماً على قدمية. لم يتوقع بيلي أن يحضر الشريك باكراً إلى الإجتماع، فافترض أنه ليس هو. ولكن إقترب منه الرجل أكثر الى أن وصل اليه وقال: سيد بيلي وايلز؟ أعتقد أنك تنتظرني؟ إسمي رالف كوتل. ثم صمت قليلاً تنحنح ثم قال: إن الرجل الذي أرسلني إليك سيء جداً. فقال بيلي: هل أنت شريكه؟ فقال:أنا لست أكثر من حمار. فقال بيلي: ما اسمه، كيف هو شكله ؟ فقال: لا أعرف اسمه، ولم أر وجهه أيضاً. أنا لست رجلاً سيئاً سيد وايلز، أنا ضعيف. قال بيلي: لماذا جئت إلى هنا؟ قال: جئت إلى هنا لأنه دفع لي مالاً، وقال إنه سوف يقتلني إذا لم آت لرؤيتك. إنه يحتفظ بوجه امرأة في مرطبان. فقال بيلي: أية امرأة ؟ فقال كوتل: يقول إنه قد وضعها في المرطبان قبل ثلاثة أعوام. إنه مرطبان كبير جداً وله غطاء كبير واسع. يُغيّر عليه من مادة الفورمالديهيد بصورة منتظة لمنعه من التبلد والتحلل . يبدو الوجه وكأنه لامعالم له ، ولكن ما إن تهز المرطبان، ترى الوجه والأنف والأذنين. لا يمكنك أن تعرف إن كان وجه امرأة أو وجه رجل. يقول إنها كانت فاتنة جميلة، ولكن لا يوجد جمال في المرطبان. وإذا لم أفعل ما يطلبه مني، وعدني بأن يضع وجهي في المرطبان، وفيما يكشط اللحم عنه، سيبقيني على قيد الحياة وواعياً!! 

قال بيلي: لقد أراد هذا الرجل أن تخبرني عن الوجه في المرطبان، أليس كذلك؟ فقال كوتل: نعم، سيدي. وضع الكلمات بأحرفها في فمي لكي أنقلها إليك، وها أنا أفعل ذلك لأنني أريد أن أعيش. والآن أمامك خمس دقائق لاتخاذ خيار. فقال بيلي: أي خيار؟ فقال كوتل: حسناً، هو يقول إنه سوف يقتل شخصاً تعرفه، أنت من سيختار له الهدف من بين أشخاص من حياتك، إنها فرصتك لتخليص العالم من أحمق مريض في عقله وميؤوس منه. وإذا لم تختر له الهدف فإنه سيختار بنفسه شخصاً من حياتك ويقتله . أمامك خمس دقائق فقط لتقرر، الخيار خيارك، إن كنت تملك الجرأة لفعل ذلك. حينها قال بيلي: لن أختار أبداً. أنا ذاهب إلى الشرطة. قال كوتل: لقد تأخر الوقت على ذلك. لقد ترك أدلة في منزلها، وعلى جسدها . لقد وضع القليل من شعرك في معصمها وتحت أظافرها. قال بيلي: إذاً، أنا عالق حتى أذنيّ، ولكني لن أختار أبداً، يمكنه الذهاب إلى الجحيم. فقال كوتل: حسناً، بعد دقيقة سأتلقى اتصالاً منه. بعد مضي سبع دقائق، دخل كوتل إلى المنزل ليتلقى الإتصال، بينما بقي بيلي حائراً متصدعاً يجلس على باب المنزل. مرت سبع دقائق على دخول كوتل إلى المنزل، ولم يسمع بيلي أي رنين للهاتف. حينها قام بيلي ودخل إلى المنزل، ولكن لم يجد رالف كوتل في المنزل. ووجد الباب الخلفي مفتوحاً، ولم يجد كوتل في الفناء. تفقد بيلي البيت بأكمله ، وأخيراً وجد رالف كوتل في الحمام ميتاً!!! 

وقف بيلي منقطع النفس ، مذهولاً ،لايستطيع ان يستوعب شيئاً، ثم خرج من الحمام إلى الردهة، محدقاً للجثة من الممر. كان كوتل مطعوناً بسكين في قلبه. لاحظ بيلي أن السكين التي غرزت بسترة رالف كوتل، إنها تخصه!!!. إذاً، لقد كان القاتل في منزله. خطرت له عدة احتمالات للتصرف، ووقف محتاراً بالقرار الواجب اتخاذه. 

 استدار بيلي حول الجثة يدقق بها ويتمعنها ، فلاحظ أن هناك قرص كمبيوتر بين يدي كوتل فسحبه من يده. ذهب بيلي سريعاً ووضع القرص بالكمبيوتر. احتوى القرص على ثلاثة مستندات، وقبل أن يتمكن بيلي من قراءة النصوص، رن الهاتف. إعتقد أنه القاتل على الأرجح. ولكن كان هناك صوت امرأة تقول: بيلي، أنا روزالين تشان، زميلة لاني في القسم، هل هناك مشكلة بيلي؟ فقال: لا، أنا بخير. فقالت: ألم تتصل الآن إلى هنا وتقفل الخط من دون أن تقول شيء؟ فقال بيلي: أووه، يبدو أني قد أخطأت طلب الرقم .فقد أردت طلب الإستعلامات 411، ولكني أخطأت في الرقم فاتصلت على 911، ولما أدركت خطئي أقفلت الخط. ثم ودع روزالين وأغلق الخط. إذاً ، ربما لا يزال القاتل هنا ، فبينما كان بيلي في الحمام ينظر إلى الجثة كان القاتل هنا يجري الإتصال من المنزل!! 

تفقد بيلي المنزل مرة أخرى،فلم يجد أثر لأحد ما . ذهب الى الحمام وقام بإخراج جثة كوتل من الحمام، ووضعها داخل طاولة المكتب. ثم مسح آثار الدماء التي في الحمام. كان قلبه يخفق بسرعة كبيرة في صدره بطريقة تتخطى الحدود. وفجأة سمع صوت قرعٍ على الباب. فتح بيلي الباب الأمامي، كان هناك شرطيان يقفان على العتبة. تشير اللصاقة على سترة الأول أن اسمه سوبياسكي والثاتي نابوليتينوو . فقال نابوليتينو: هل هناك أي مكروه، لقد اتصلت بنا ؟ فقال بيلي: لقد أخطأت الرقم، وأخبرت روزالين بذلك. فقال: وماذا حدث لجبينك؟ فقال بيلي: لقد تعرضت لحادث بسيط. فقال الشرطي: انتبه من الإلتهاب. سأله الشرطي: هل يوجد أحد في البيت. فقال بيلي: لا، لا يوجد أحد. ولا مانع لدي من تفتيش البيت. قال الشرطي: أجل أفضّل أن أقوم بجولة سريعة في المنزل. 

قام الشرطي نابوليتينو بفحص المنزل بصورة سطحية، بينما ظل بيلي مع الشرطي الثاني أمام باب المنزل. ثم خرج الشرطي الأول وهو يقول: لدى منزلك إطلالة رائعة ، ولكني متفاجيء لأنك تُبقي كل ستائر النوافذ مُسدلة. فقال بيلي: إننى أسدل الستائر بسبب الشمس. إنصرف الشرطيان ، ودخل بيلي إلى المنزل. انتقل إلى حيث وضع الجثة في المكتب، فكانت كما تركها، ورأى أن شاشة الحاسوب ما تزال مضيئة، وتذكر أنه لم يشاهد محتويات القرص. حينها جلس أمام المكتب. احتوى القرص على ثلاثة مستندات الأول إسمه (لماذا )من دون علامات استفهام. وكان يحتوي على: (لأنني، أنا أيضاً، صياد رجال.) انتقل بيلي إلى المستند الثاني وكان اسمه (كيف.) كان يحتوي على: (وحشية، عنف، موت، حركة، سرعة، تأثير، لحم، دم، عظم.) المستند الثالث كان اسمه (متى، )وكان يحتوي على رسالة تستلزم تفسيراً أقل من لماذا وكيف: (آخر قتل لي: منتصف ليل الخميس وانتحارك: بعد فترة وجيزة من ذلك.) 

نظر بيلي إلى ساعة يده، كانت تشير إلى الثانية عشرة وبضع دقائق من ظهر يوم الأربعاء. إذا كان القاتل يقصد فعلاً ما كتبه، فإنه سيحصل ما يريده خلال ست وثلاثين ساعة. فكر بيلي، ما الذي سيدفعه للإنتحار، فموت باربارة وحده لن يدفعه إلى الإنتحار، فطوال الأربعة أعوام تقريباً، حضّر نفسه لموتها، وحاول تعويد نفسه على فكرة العيش من دون الأمل بشفائها. قرأ المستندات مرة أخرى، ثم أوقفل الكمبيوتر. 

 أخرج بيلي جثة كوتل من المكتب وفتش الجيوب. عثر على صورة مجعدة لكوتل عندما كان شاباً، وبدا رجلاً وسيماً، وكانت بجانبه امرأة شابة جميلة ؛ كانا يبتسمان. وعثر أيضاً على بطاقة عضوية من العام 1983 في الجمعية الأميريكة للشكوكيين. قام بيلي ولف الجثة بشرشف من النايلون. طوى الطرفين، وثبت اللفافة بشريط لاصق. وثبتها بالحبل لكي يستطيع جرها. فقد أراد التخلص منها حين يحل الظلام، وإلى أن يحين 

الوقت ،وضع الجثة خلف الأريكة في غرفة الجلوس. وبعد دقائق رن الهاتف فرد بيلي. كان هناك أصوات متداخلة تقول: سأقتل صهباء جميلة. إذا قلت إعفِ عن الساقطة سوف أقتلها بسرعة. وإلا سوف تعاني من عذاب كثير. أمامك دقيقة واحدة فقط كي تقول إعفِ الساقطة. الخيار خيارك. لم يستطع لحظتها بيلي التفكير وقال بسرعة : إعفِ الساقطة. أقفل القاتل الخط، وكذلك بيلي. 




ذهب بيلي إلى السوق، وهناك اشترى كاميرا للمراقبة مع جهاز للتسجيل. أخذ يتمشى قليلاً وينظر الى واجهات المحلات ، وشاهد الصحف المنتشرة في الشارع، وكانت تحتوى العنوان الرئيس الذي يتناول جيزيل وينسلو؛ حيث تم قتل معلمة المدرسة في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء، ولكن لم يتم العثور على جثتها إلا بعد ظهر يوم الثلاثاء، أي قبل أربع وعشرين ساعة من الآن . وكانت صورتها في الجريدة تبدو فيها امرأة جذابة. ذهب بيلي إلى المكتبة وبحث في الكمبيوتر على محرك البحث عن أبشع الجرائم، ولكنه تفاجأ وإنصدم حين ظهر إسم ستيف زيليس، الشخص الذي يعمل معه في المشرب، في إحدى قضايا الجرائم ، حيث كانت القضية تعود إلى قبل خمسة أعوام وثمانية أشهر، حينما اختفت فتاة شابة اسمها جوديث كيسلمان تبلغ من العمر ثمانية عشر عاماً. ، ولم تكن هناك دلالات على سلوك غير أخلاقي أو إجرامي . وأفاد أول مقال صحافي نشر عن تلك الشابة المفقودة، أن طالباً في جامعة كولورادو، إسمه ستيف زيليس، عمره تسعة عشر عاماً، قال إن جوديث كانت فتاة رائعة، حنونة ،صديقة للجميع، ومحبوبة . 

 في الساعة الرابعة وصل بيلى الى منزله . كانت الجثة لا تزال متقوقعة خلف الأريكة. انتقل إلى المطبخ وقام بتثبيت كاميرا المراقبة مقابل الباب الخلفي للمطبخ، بحيث تكون مخفية ولايمكن ملاحظتها ، وثبت المسجل في داخل إحدى خزائن المطبخ . وخرج بعدها لرؤية باربارة. إلتقى الطبيب المشرف على حالة باربارة وقال له: إن باربارة لم تعد تحيا الآن حياة طبيعية ذات معنى . فقال بيلي: بالنسبة إلي، إن حياتها ذات معنى كبير. فقال الطبيب: إنها تعاني. فقال بيلي: لا يبدو أنها تعاني. قال الطبيب: لقد كانت امرأة نابضة تشع بالحيوية، لا تريد أن تبقى هكذا راقدة ، سنة بعد سنة. أفهم ألمك يا صديقي. فقال بيلي: إن حالتها ليست ميؤوس منها، إنها تبتسم أحياناً، كما أنها تمتلك الكثير من الموارد المالية. قال الطبيب: أنا أفكر في باربارة، لو كنت في حالها، لما أردت الإستلقاء هكذا ، عاماً بعد عام . إن جعلها تموت لن يستلزم سوى خطوات ناشطة قليلة . قال بيلي: لا. لن نفعل ذلك، سنتابع الأمور مثلما كنا. 

كان ستيف زيليس قد إستأجر منزلاً بطابق واحد. ذهب بيلي إلى منزل ستيف. فقد كان قد مر قبلها بقليل من أمام المشرب ورأى أن سيارة ستيف موجودة هناك، وهذا يعني أن ستيف ليس بالمنزل الآن ، وأن المنزل خال، لأن ستيف يعيش لوحده في البيت . تمكن بيلي بخفة من الدخول إلى البيت . وقام بجولة سريعة فيه وأضاء الأنوار في كل غرفة. دخل إلى غرفة النوم الإحتياطية فرأى فيها أربع عارضات بلاستيكية، كلها عارضات إناث، عارية، من دون شعر، تم العبث بثلاث منها. كانت العارضة الأولى فيها سكينتان كبيرتان، حيث تم غرز كل سكين في حنجرتها، كما لو أنها طعنت نفسها مرتين. ، وأخرى مقطوعة اليدين من المعصمين. وهناك أخرى بثقب بين فتحة ساقيها، وإذا طفت في البيت اكثر ، يمكن ان تكتشف أدلة على أسرار انحراف. 

كانت غرفة نوم زيليس تفتقد إلى الأثاث تماماً كحال بقية المنزل، سرير، منضدة، ساعة ومصباح. وشراشف السريركانت مبعثرة، وثمة وسادة على الأرض. ولكن لايوجد شيء يثبت أن زيليس آذى أي كائن بشري، وإنما فقط أشبع حياة مريضة خيالية .

 عاد بيلى إلى منزله. وأراد التخلص من جثة كوتل. جره خارج المنزل، ووضعه في صندوق سيارته، وانطلق بالسيارة إلى منطقة قريبه من بيت لاني. كان يوجد هناك فتحة عميقة جداً في الأرض. قام بيلي بإزاحة الغطاء عن الفتحة، وقذف جثة كوتل فيها. ثم ذهب إلى منزل لاني، حيث فكر عميقاً أن يوم الأربعاء والخميس هما يوما الإجازة عند لاني، ولن يفتقده أحد، وبالتالي سوف يتمكن بيلي من إنجاز عمله بأسرع ما يمكن. 

دخل بيلي إلى منزل لاني. لم تكن الجثة في حاله جيدة، ولكن مكيف الهواء ساعد في عدم تحللها سريعاً. لف بيلي جثة لاني بالنايلون وحملها ونزل بها إلى الطابق الأرضي، وجر الجثة إلى الفتحة، ثم رماها في الفتحة، وأغلق الفتحة. رجع بيلي إلى بيت لاني، فلاحظ وجود ضوء في حجرة الجلوس في الطابق الأرضي . دخل إلى الحجرة ، فرأى رالف كوتل جالساً على الأريكة . حينها اعتقد بيلي أن الرجل عاد إلى الحياة، وأنه لم يمت، فكر سريعاً ، وأدرك في اللحظة التالية أن الجثة الأولى التي رماها في الحفرة لم تكن جثة كوتل، وأنه قد تم استبدالها بجثة أخرى. وحينها بدأ بيلي يستدير بمكانه بهدف إطلاق النار على أي أحد يصادفه، إلا أنه تلقى على الفور ضربة قوية أصابت رأسه من الخلف. وبعد فترة، تمكن من سماع صوتاً يقول له: هل أنت مستعد لجرحك الثاني؟ كانت الرؤيا لديه مشوشة، ولكنه تمكن من رؤية رجل يلبس قناعاً وملابس داكنة. كانت يد بيلي اليسرى ممدودة على الأرض وراحتها إلى الأعلى، فقام الرجل صاحب القناع بتثبيت يده على الأرضية الخشبية وثقْب اللحم بواسطة مسمار أطلق بيلى خلالها صرخة قوية، وأدرك أنه أصبح مُسمراً بالأرض، عاجزاً عن الحركة أمام القاتل. رمى القاتل بصورة فوتوغرافية في وجه بيلي. ثم مشى بعيداً عنه باتجاه المطبخ. حاول بيلي أن يطوى يده اليسرى فأحس بصرخة ألم قوية تخرج منه، لم يستطع قمعها ، ولكن لم يسمع أي ضحكة او همسة سخرية من المطبخ، ما يدعم الشك في أن القاتل قد رحل. استدار بيلي ببطء إلى جانبه الأيسر، وبواسطة يده اليمنى تمكن من إنتزاع المسمار. كان الألم يصيبه كالبرق، ثم تحول الألم إلى جمرات نابضة. كانت يده تنزف، ولكن ليس بغزارة. وضع يده تحت الماء البارد في المطبخ إلى أن توقف النزف قليلاً، ثم لفها بمناديل ورقية. كان باب المطبخ الخلفي مفتوحاً على مصراعيه ، ولم يكن أحد هناك. عاد بيلي إلى الداخل فرأى الصوة الفوتوغرافيه التي رماها القاتل في وجهه. كانت صورة لامرأة شابة جميلة، تنظر إلى الكاميرا، مذعورة،. لا بد أنها تلك الفتاة التي تكلم عنها القاتل في الهاتف. قام بيلي بتنظيف الجرح وتطهيره في حمام لاني، بينما كان لا يزال الألم ينبض في يده. عاد ونظر مجدداً إلى صورة الفتاة الشقراء الصهباء، انتابه شعور بألم عاطفي أكثر مما هو جسدي. حملق بيلي بالصورة و دقق في خلفية الصورة، تعرّف إلى الغرفة التي خلفها، إنها غرفة نومه. إذاً لقد تم أسر الفتاة في منزل بيلي، وتم أيضاً قتلها هناك! 


جلس بيلي يفكر ويسترجع ما حدث معه اليوم. لقد اتصل القاتل وعرض عليه خيارين، إما أن يعذب المرأة الصهباء حتى الموت، أوأن يقتلها بسرعة. وعند الساعة الواحدة ظهراً، غادر بيلي منزله إلى السوق، وفي هذا الأثناء أحضر القاتل المرأة إلى البيت، والتقط لها الصورة الفوتوغرافية، ثم قتلها. وعندما عثر القاتل على رالف كوتل مخبأ خلف الأريكة وملفوفاً بالنايلون، تفجرت لديه روح الدعابة ، واستبدل الجثتين، ولف المرأة الشابة في النايلون ثم وضعها مكان كوتل . وقام بيلي عن غير قصد برمي الفتاة في الحفرة. 


والآن بات عليه ان يتخلص من جثة رالف كوتل. حينها اتصل بيلي بجاكي اوهارا مالك المشرب وقال: جاكي،أريد .أن آخذ إجازة يوم الغد أيضاً. فقال جاكي: إن المكان مزدحم جداً ويعج بالزبائن ، ولا أستطيع العمل وحدي. فقال بيلي: ألن يستطيع ستيف الإهتمام بالزبائن منتصف الليل وحده ؟ فقال جاكي: ستيف ليس هنا، أنا وحدي. فقال بيلي: لقد مررت قبلاً أمام المشرب، وكانت سيارته مركونة هناك. فقال جاكي: إنه يوم إجازة بالنسبة لستيف، ألا تذكر؟! ولكن جاء ستيف من الساعة الثالثة حتى التاسعة لإنقاذي. حينها أغلق بيلي الخط. وشعر أنه في يخوض حرباً. عاد ولف كوتل مرة أخرى بنايلون وجره خارج البيت، وفتح غطاء الفوهة، ورماه فيها، ثم أغلق الفوهة. 

ذهب بيلي إلى محطة الشاحنات، وركن السيارة في المرآب. عادت به الذكريات الى الماضي وبالتحديد ، عندما كان إبن الرابعة عشر عاماً، يومها استيقظ على أصوات مرتفعة، وصراخ غاضب. كان صوت أمه وأبيه في الأسفل. لم يكن الجدال شئ شائع في البيت. نزل بيلي حافي القدمين إلى الأسفل. كانت المشاكل بطبيعتها بين أمه وأبيه غامضة


 بالنسبة إلى بيلي، وكانت تبدو بسيطه تذهب بيومها ولا تفضي إلى أي عواقب وخيمة ، حتى الآن. وصل بيلي غرفة الطعام، المقابلة للمطبخ، وسمع أبيه وهو يتهم أمه بالخيانة المتكررة، قال إنها ساقطة. ولكن ما فاجأه وصدمه هو اعتراف أمه بالحقيقة؛ واتهاماتها لابيه التي كشفت على أن والده أقل من رجل، وهزأت به . حينها صفعها الأب. لم يتذكر بيلي كيف غادر غرفة الطعام، ولكنه وجد نفسه في المطبخ، يصيح على والده كي يتوقف عن ضرب أمه، ولكن والده كان غاضبا ويضرب امه بطريقة وحشية ولم ينتبه إلى وجوده. حينها أمسك بيلي بالمسدس الموضوع على الطاولة، وأطلق الرصاص على السقف. استدار والده نحوه وقال له: إبن من أنت؟ إبن من كنت أربي وأطعم طوال كل هذه السنوات، أيها الحقير الصغير؟ حينها ضغطت يد بيلي على الزناد، واخترقت الرصاصة صدر والده فوقع على الأرض. ثم نظر لأمه وقال : أحبك. وأطلق بيلي الرصاصة القاتلة على أمه. 

كان أول من وصل إلى مسرح الجريمة الملازم جون بالمر . حينها كان الولد بيلي يرتجف. قال له الملازم جون بالمر: ماذا حدث يا بني ؟ فقال بيلي: لقد قتلته وقتلتها ! في عمر الرابعة عشرة، لم يكن بالإمكان محاسبة بيلي كشخص راشد. انتقل بعدها بيلي للعيش مع بيرل أولسن، أرملة رجل شرطة ووالدة رجل شرطة "لاني". 

 فكر بيلي في ستيف زيليس. إن الأدلة ضد ستيف، بالرغم من كونها ظرفية، ولكنها تدعم على ما يبدو الشك. قرر أن يراقب ستيف، وعليه في البدء أن يتحدث معه أولاً، لا شيء أكثر، فقط حديث جدي. عند الساعة 2:09، ركن بيلي سيارته على بعد مسافة بناتين من بيت ستيف زيليس، ومشى على مهل ودون استعجال. كان بيت ستيف يبدو مظلماً وراء الستائر المسدلة، إلا ان بعض الأضواء سطعت برفق من بعض النوافذ الخلفية؛ في غرفة نوم زيليس، حمامه. 

تسلل بيلي إلى المنزل بخفة ، وأغلق الباب وراءه. خفق قلبه بقوة. ظن أنه سمع صوتين؛ صوت امرأة وصوت رجل. كان إذن صوت التلفاز. وبينما كاد يصل بيلي إلى نهاية الممر، غادر ستيف غرفة نومه إلى الحمام. كان حافي القدمين، مرتدياً سروال بيجاما ، عاري الصدر.

  جحظت عيناه عندما رأى بيلي فجاة في منزله. على الفور رشّ بيلي الرذاذ عليه. فحرق الرذاذ عيني ستيف، وسقط أرضاً. سحب بيلي مسدسه وضرب به ستيف ضربةً على جانب رأسه. 




أطفأ بيلي جهاز التلفاز، ثم أخرج الأغلال ووضعها في أيدي ستيف، وقال بيلي: عندما تقطع العارضات البلاستيكيات، هل تعتقد أنهن نساء حقيقيات ؟ فقال ستيف: إنهن مجرد عارضات بلاستيكيات. فقال بيلي: هل تحب رؤية النساء متألمات ؟ فقال ستيف: لا. فقال بيلي: إذاً لماذا تقطع العارضات البلاستيكيات ؟ فقال ستيف: لن تفهم. إن ذلك لا يعني أي شيء. ثم أخذ ستيف يبكي باستمرار. قال بيلي: حين تفعل ما تفعله بالعارضات البلاستيكية، حين تشاهد أفلام فيديو مقززه ، هل تفكر في جوديث كيسلمان ؟ حينها أصبح وجه ستيف شاحباً، كما لو أنه تلقى ضربة. 


 قال ستيف: اختفت جوديث قبل خمسة أعوام ، كانت فتاة رائعة وأحبها الجميع. فقال بيلي: إنها بريئة، والأبرياء هم الأكثر لذة، أليس كذلك ؟ أنا أعرف هذا ستيفي. حينها ارتخى فم ستيف وقال: لا تؤذني أرجوك . فقال بيلي: لن أؤذيك! فقط قل لي أين كنت اليوم. حينها بدأ ستيف يبكي مثل طفل صغير وقال: كنت في موعد مع فتاة إسمها ماندي بولارد. فقال بيلي: إتصل بها لنتأكد. اتصل بها ستيف، ولبضع دقائق أصغى سمعه بيلي إلى ستيف وماندي وهما يتحدثان عن العشاء وعن جولتهما في السيارة. إذاً طالما أن ستيف زيليس تناول العشاء مع ماندي، فليس من الممكن أن يكون هو القاتل الذي وضع جثة رالف كوتل في غرفة جلوس لاني، وقام بتسمير يد بيلي في أرضية الممر!! 

خرج بيلي من منزل ستيف زيليس وهو يرتعش بشدة لدرجة اضطرته إلى توقيف السيارة كي يستطيع أن يسيطر على نفسه. أراد العودة إلى البيت فقط ليكون في البيت ، كان في حاجة للهدوء وللإنعزال. حين يصبح في البيت ، سيجلس على مقعد النحت، وليذهب العالم إلى الجحيم. 

 باقي أقل من عشرين ساعة لمنتصف الليل، حيث سيحصل القتل الأخير، لذا باربارة لا تزال في خطر. كلما فكر بيلي أكثر وأكثر في الأشخاص الذين يعرفهم، توصل إلى احتمال كبير أن القاتل قد يكون غريباً تماماً،و بالتالي أصبح أكثر اضطراباً من دون هدف. جلس بيلي في مقهى محطة الشاحنات ليسترخى قليلاً ويجدد طاقته. نظر إلى النادلة وهي تتحدث مع سائقي الشاحنات ويسمع الى حوارهما ، كان الحديث يدور حول أبحاث الحمض النووي والإستنساخ ، ثم ذكر أحدهم أنه في أحد الجامعات يحاولون العلماء ابتكار حيوان بشع ومقزز بدماغ بشري، وسيفعلون أشياء وأشياء غبية كلها من أموالنا التي يأخذونها بالضرائب. فقال أحد الرجال: إذا أردت أن تعرف أين التبديد الأحمق للمال، أنظر إلى تلك الوحشية التي يشيدونها بالقرب من الطريق العام. فقال رجل آخر: أتقصد ما يشيدونه قبالة المشرب؟ فقالت النادلة: إنهم يشيدون مكاناً للفن. قال أحدهم: والرجل المالك "فاليس" سوف يجني ملايين الدولارات من بيع النسخ عن تلك اللوحة الجدارية التي ستعرض هناك. 

 سمع بيلي ما دارمن حوار في المقهى، وخرج مسرعاً إلى مقهى الإنترنت. جلس أمام شاشة الكمبيوتر وبدأ بالبحث عن موقع فاليس إلى أن وصل أخيراً إلى الموقع المطلوب. هذا الفنان يملك موقعاً متقناً ومغرياً، كان هناك فيديو للجسر الأسترالي الذي ثبت عليه فاليس عشرين ألف بالون أحمر، وشاهدها تنفجر كلها دفعة واحدة. وشاهد عدة مشاريع لفاليس الفنان. وفي إحدى المقابلات الصحفية له، قال فاليس إن كل فنان رائع ومتميز هو صياد سمك، لأن الفنانون يريدون لمس أرواح، وحتى أيضاً التقاط أرواح الذين يشاهدون أعمالهم. كان هنالك ثلاثة سطور من الإرشادات لكل عمل من أعمال فاليس، وذلك كي يستطيع المتابعون فهم عمله. كان يحتوى كل سطرمنهم على ثلاث كلمات. لاحظ بيلي إلى أن العديد من هذه الكلمات مطابق لما هو موجود في قرص الكمبيوتر الذي أرسله القاتل له. 

لاحظ بيلي أن فاليس لا يظهر في المقابلات بصورته . ولم يكن له هناك أية صورة حقيقية له، ولكن توجد صورة وحيدة فقط مرسومة بالرصاص رسمها هذا الفنان بنفسه. لم يكن الرسم يطابق تماماً لمظهر فاليس الحقيقي، إلا ان بيلي تعرف إليه على الفور، إنه ذلك الرجل الذي شرب شراب الشعير الفنلندي، بعد ظهر يوم الإثنين، وجلس يستمع بصبر إلى نيد بيرسال وهو يحدثه عن قصة موت هنري فريدل والذي مات بسبب تمثال الحديقة. كانت توجد هنالك عبارة تحت الصورة وهي: مرحباً بيلي. نقر بيلي عليها، فظهرت جملة: أنت تستحق العناء. بقيت هذه العبارة للكلمات الثلاث لمدة عشر ثوانٍ فقط ، ثم اختفت. 




وصل بيلي إلى المبنى القيد الإنشاء الخاص بالفنان فاليس. كان الفنان فاليس يقطن هناك طوال مدة فترة المشروع في المنزل المتحرك. كان الباب الخارجي مفتوحاً. استنتج بيلي على الفور أن زيارته هذه مرتقبة بلا شك. صعد بيلي الدرجات، وما إن دخل من خلال الباب، حتى أغلِق الباب فوراً وراءه. وجد نفسه في مطبخ فخم يؤدي إلى غرفة الجلوس. دخل إلى غرفة الجلوس. أسدِلت ستائرٌ من الفولاذ المعدني لتغطية النوافذ، كما أزِيحت بعض من الألواح الخشبية لتكشف عن لوحات عرض سرية. وفجأة سمع صوت فاليس يصدح وهو يقول: بإمكانك رؤية مجموعتي، على العلم أن عدداً ضئيلاً جداً من الأشخاص فعلوا ذلك، إلا أنه ستتاح لك فرصة المغادرة من هذا المكان حياً بعد رؤيتها، استمتع بها. 

كانت الخزانات في المبنى ملئ بالأوعية الزجاجية، وكان كل وعاء زجاجي مضاء بخيوط ألياف بصرية. كل واحد من هذه الأوعية الزجاجية الصغيرة لم تحتوى على سمك، وإنما على ذكرى لجريمة. طافت بداخلها وجوه وأيد في سائل الحفظ. كان كل وجه شبحياً، ولا يمكن تمييزملامح قسمات وجه عن آخر.فكر بيلي أن فاليس لا يقتل بسبب إشباع غريزة معينة له ، ولا يغتصب ضحاياه الإناث، فهو لا بد أنه يعتبر نفسه كائناً منفصلاً عن العالم . وبالرغم من انحراف هذا الرجل، إلا أن هذا القاتل بدا ذا عقل جمالي في العمل. 

دخل فاليس على بيلي، وبدا أكثر وسامة من الصورة في موقع الويب المرسومة بالرصاص. امتلك حضورومقومات النجم السينمائي، ثقة الملك في نفسه، وهدوء الناسك. قال فاليس: جئتَ إلى هنا وفي نيتك العنف. حينها حدق بيلي في فاليس. فقال فاليس مرة أخرى: كيف حال يدك وجبينك ؟ فقال بيلي: لا بأس بهما جيدين، ولكن أخبرني منذ متى وأنت تخطط لهذا الأداء؟ أليس من يوم الإثنين في المشرب؟ فقال فاليس: بل قبل أسابيع وأسابيع، فالفن العظيم يتطلب التحضيروالوقت . حينها اقترب بيلي من فاليس بسرعة، ورش على عينيه رذاذاً، من قنينة كان يخفيها تحت قميصه، ثم استدار حوله بسرعة ، وضرب الجهة الخلفية لجمجمته بعقب المسدس، فانهار فاليس وسقط على الأرض. 

جر بيلي فاليس إلى سيارته. ثم أخرج بيلي بطانية من صندوق سيارته، طواها عدة طويات ، ووضعها على جسم فاليس، وجعلها ككاتم صوت، ثم اطلق على صدرفالس جميع الرصاصات الموجودة في المسدس. ثم وضعه في صندوق السيارة، وانطلق بالسيارة إلى الحفرة التي بجانب بيت لاني وألقى فيها فاليس مع البطانية. شعر بيلي بالتعب الشديد ، فدخل إلى بيت لاني، ونام هناك بضع ساعات. ثم خرج من بيت لاني وهو يشعر بارتياح، وبتفاؤل حذر، وإحساس كبير بالنصر. 

في صباح اليوم التالي، تجمع حشد كبير من رجال الشرطة حول مشروع فاليس ، فأخبار فاليس ومجموعته المروعة سوف تكون على لسان جميع زبائن المشرب من الآن ، وما من شيء جديد يمكن التحدث عنه غير الحيوانات المقززة ذات الأدمغة البشرية. ذهب بيلي إلى منزله، وأحس بالإرتياح، فبعد موت الفنان لا يوجد حاجة إلى تغيير الأقفال، لقد عاد الأمان مجدداً، وعادت الخصوصية أيضاً. 

 نجح الماء الساخن بالتدريج في تخفيف آلام عضلات بيلي وفاحت رائحة الصابون الفواحة في المكان. تساءل في نفسه ترى كم سيمضي من الوقت قبل أن يتمكن من التغلب على خوفه، أكيد على الأرجح لبقية حياته. فجأة تذكر بيلي الكاميرا التي وضعها لمراقبة البيت. راجع التسجيل فظهر له أنه في تمام الساعة 3:07 من هذا اليوم، فيما كان بيلي نائماً في منزل لاني، أنه دخل رجل من غرفة الجلوس، ودخل المطبخ متوجهاً إلى الباب، ثم خرج من المنزل. وبالطبع لم يكن الزائر فاليس، ، لأن فاليس في هذا الوقت كان ميتاً في الحفرة. 


اتصل بيلي هاتفياً بالشرطي رامسي أوزغارد، المحقق في قضية جوديث كيسلمان، وعرّف بيلي عن نفسه على أنه لاني أولسن. قال بيلي: أريد أن أعرف في تلك السنة التي اختفت فيها جوديث كيسلمان، هل كان يوجد هناك أستاذ في الجامعة يدعى فاليس؟ فقال الشرطي: ليس أستاذاً، كان الفنان المقيم طوال ستة أشهر. فقال بيلي: قل لي هل تذكر ما كان يدرس ستيف زيليس في الجامعة ؟ فقال الشرطي: كان يدرس الفنون! قال بيلي: لا بد أن فاليس قام بالشهادة لصالح ستيف، أليس كذلك؟ قال الشرطي رامسي: لقد قال فاليس إن ستيف كان موجوداً معه يوم اختفت جوديث كيسلمان. شكره بيلي، وأغلق الخط. =قال بيلي في نفسه: ماذا كان يفعل هنا ستيف ظهراً ؟ يفترض أنه كان قد علم باختفاء مرشده الفنان فاليس. ذهب بيلي إلى المكتب ووجد أن الكمبيوتر غير مطفأ. وعندما حرك الفأرة، ظهر مستند: (هل يمكن للتعذيب أن يوقظ النائم في غيبوبة؟ دمها، تشويهها سيكون جرحك الثالث!)

 حينها هب بيلي راكضاً ومسرعاً إلى مشفى باربرة، ولكنه لم يجدها في غرفتها. لا بد أن أحد قام بنقلها. نظر بيلي عبر الممر فرأى رجلاً يدفع سريراً في الطرف البعيد للرواق، ويمشي بسرعة نحو المخرج. ركض بيلي إليه. كان ذلك ستيف زيليس، وكان يدفع سرير باربارة نحو سيارة إسعاف. فقام بيلي بضربه بالمسدس، ووضعه في سيارة الإسعاف. أعاد سرير باربارة إلى مكانه في المستشفى، ثم انطلق بسيارة الإسعاف إلى بيت لاني. وهناك قام بيلي بخنق ستيف حتى الموت، ثم رماه في الحفرة. 

الى حلول الخريف، بقي فاليس مادة دسمة في الأخبار، خصوصاً في البرامج التلفزيونية.والصحافة الصفراء ،وقد تم ربط ستيف زيليس بفاليس، وقيل إن الرجلين شوهدا في أمريكا الجنوبية معاً. وتم الإفتراض أن لاني قتل وجرى اعتباره بطلاً كونه شرطي، حيث أن اتصالاته برامسي أوزغارد أشارت إلى أنه كان يمتلك أسباباً للشك في فاليس وزيليس. وبعض الأخبار تحدثت إن لاني أطلق النار على فاليس وجرحه، ولكن ستيف زيليس قتل لاني، ثم هرب ستيف بجثة لاني للتخلص منها، وبرفقة الفنان فاليس للإهتمام به. 

لم يلاحظ أحد اختفاء رالف كوتل، وتم الحديث عن اختفاء امرأة صهباء، ولكن لم يربط أحد قصتها بفاليس وستيف زيليس. في أواخر الخريف، ترك عمله بيلى كنادل في المشرب، وأحضر باربارة إلى المنزل، ووجد أنه برفقتها الهادئة يستطيع أن يؤلف روايات ويكتب. فباربارة الآن تنقذ بيلي من الرعب، والقتل ، والعنف القاسي، وأعطته فرصة كي يعتاد مرة أخرى على الحب و الحنان، وليكتشف في نفسه رقة كان ليضيّعها إلى الأبد لولا ذلك، فالحب والإيمان والأمل كلهم قيد انتظار باربارة. 


                                    النهاية
تفاعل :

تعليقات