القائمة الرئيسية

الصفحات

تلخيص رواية : امرأة في النافذة: أ . ج . فين. إعداد وإشراف: رجاء حمدان.





لسماع الرواية والاشتراك بالقناة ...قناة راجوشو ..الرابط التالي :

"راجو شو يقوم بتلخيص الروايات بإسلوبه المستقل عن الرواية الاصلية بما يتناسب مع حقوق النشر وحقوق الملكية الذي ينص عليها قانون حقوق النشر واليوتيوب

تلخيص رواية : 
امرأة في النافذة: 
أ . ج . فين. إعداد وإشراف: رجاء حمدان.


 


 الأحد 24 تشرين الأول ... قاربت عودة زوجها إلى البيت. سوف يمسك بها هذه المرة. لاتوجد ستائر في البيت رقم 212 ، ولا شيء يحجب النوافذ. هذا البيت المنفصل ذوو اللون الأحمر بلون الصدأ، ما قصته ؟ هي امرأة جميلة فاتنة ، حمراء الشعر، ولها عينان خضراوان كلون العشب. وهي أكثر جمالاً من زوجها الد كتور .جون ميلر المعالج النفسي. أما الزوجة، فأنا أعرف أنها ربة بيت بكل معنى الكلمة، فهذا واضح. انتقل الزوجان ميلر إلى هذا البيت منذ ستة أسابيع، ولا تزال النوافذ بدون ستائر عارية . 


لاحظت أن هذه المرأة تحب تتناول شراب ما بعد الظهر، مثلما أحب أن أفعل انا أيضاً. بدا لي ان عمرها سر غامض رغم أنها بانت أصغر من السيد ميلر، بكل تأكيد، وأصغر مني. وأما اسمها فلن أستطيع إلا أن أخمنه تخميناً. لذا فقد أطلقت عليها إسم ريتا، لأنها تبدو شبيهة بريتا هيوورث. ها هو زوجها يسير عائداً إلى البيت على غير عادته في هذا الوقت ، بعد وقت قصير من إغلاقها باب البيت من خلف زوجها ، كان صديقها يسير وراءها. أرفع عدسة الكاميرا إلى أعلي رأسه، له شعر مهمل منفوش ، ويضع نظارة رقيقة من النوع الرخيص. أعود بكمرتي إلى البيت 212، حيث يخلع كل من ريتا وصديقها ملابسهما مسرعين. بقي أربع أو خمس خطوات ويصل د. ميلر إلى البيت. تمسك بربطة عنق صاحبها بين أسنانها. يُدخل زوجها المفتاح في القفل. يديره على مهل .
 أقرِّب عدسة الكاميرا على صورة وجهها، فأرى حدقتا عينيها تنفتحان على اتساعهما. بالتاكيد سمعت خطوات زوجها. وفجأة تنفتح حقيبة الطبيب تنفتح ، وتسقط مجموعة أوراق من الحقيبة وتبعثرها الريح في كل إتجاه . يرتبك الطبيب و يبدأ بجمع الأوراق بسرعة . تُدخل ريتا ذراعيها في كمي قميصها ، وتربط شعرها ذيل فرس كما كان، وتخرج من الغرفة. أما صاحبها، فيقفز بسرعة البرق من على السرير ويخرج من النافذة. بينما ريتا تندفع إلى زوجها الذي يبتسم لها. 
وفجأة على الباب الأمامي المفتوح ، يظهر صاحب ريتا ويلوح ل د. ميلر. بيده ويتصافح الرجلان ويدخلان معاً، ومن خلفهما ريتا . 

الثلاثاء 26 تشرين الأول.. كنا قد خططنا لبيع المنزل في مثل هذا الوقت من السنة الماضية. أوليفيا سوف تذهب إلى مدرسة في وسط المدينة، كما أن إد قد وجد له عملاً جيداً ومعقولاً. لكنه ذهب، وذهبت هي معه. 




 الأربعاء 27 تشرين الأول .. يندفع مراهق سريع الحركة طويل الساقين خارجاً من باب البيت رقم 207 كأنه حصان ينطلق للسباق ، ثم يركض في الشارع الى الشرق فيمر من أمام نوافذي. أتناول كأساً، ثم أصعد السلم متثاقلة وأجلس إلى مكتبي. أتناول كاميرتي. يمكنني أن أشاهد الأب يجلس في مطبخ البيت 207. إنه رجل طويل عريض وومن خلفه شاشة التلفزيون مضاءة . يرن جرس الباب، فأندفع انزل السلالم لفتحه. إنه ديفيد، المستأجر عندي، يخبرني بأنه سوف يذهب إلى بروكلين، ويسألني إن كنت بحاجة لأي شيء. قلت: أشكرك. لاأحتاج لأي شيء. أغلقت الباب وتأملت وجهي في المرآة: تجاعيد ناتئة وواضحة حول العينين، وشعر داكن يخالطه الشيب، وشعر مسترخ متهدل على الكتفين. 

الخميس 28 تشرين الأول .. جيراني الجدد في بيت 207 هم ألستير وجين روسل. قاما بدفع 3.45 مليون دولار من أجل مسكنهما المتواضع. أرى الآن جين روسل ، ولكني لم ألمح ابنها من بعد تلك المرة، صباح الأمس. 

السبت 30 تشرين الأول .. إنها العاصفة. ترتجف شجرة الزينة كشخص خائف، وتتلامع الحجارة البيضاءالرطبة الداكنة . يرن جرس الباب. أفتح الباب. إنه ذلك الصبي من آل روس. إنه وجه طفل ، طويل القامة وله عينان زرقاوان وشعرمنسدل رملي أشقر. يقول: أنا إيثان روسل، نحن نسكن في المنزل الذي خلف الحديقة، وقد طلبتْ مني أمي أن أسلمك هذه العلبة. حينها قلت له: مرحباً، أنا آنا فوكس. أدخُلْ. يصافحني، ثم يقدم لي علبة صغيرة ذات الوان بهيجة . فتحت العلبة. كان فيها شمعة فيها وعيدان من الخزامى وأزهار . شكرته ودعوته للجلوس، فجلس على الأريكة. نظر إلى صورة فتوغرافية موضوعة على الطاولة وقال: هل هذه أسرتك؟ فقلت له: هذا زوجي إد وهذه ابنتي أوفيليا. فقال لي: وما ذا تعملين أنت ؟ فقلت: إنني طبيبة نفسية، وعملي مختص مع الأطفال. حينها استأذن وذهب، شكرت إيثان مرة أخرى وقلت له: نراك في الحي.  




الإثنين 1 تشرين الثاني .. بعد أن تناولتُ الإفطار، جلست أتصفح صفحة المحادثة على الكمبيوتر . فترة الصباح الازدحام كثير في هذه الصفحة. غالباً ما يعيش الاشخاص المصابون برهاب الأماكن المفتوحة حالة من القلق الحادة بعد الإستيقاظ.. أقضي ما يقارب من الساعتين في تقديم الدعم والمواساة ، وأنصح أصدقائي مستخدمي الموقع ببعض الأدوية المختارة. بعدها شعرت بحاجه للشراب. نزلت إلى المطبخ وأنا أميل برأسي يمنتاً وشمالاً ، وأسمع فرقعة عظام رقبتي. نزلت الى الطابق الأسفل وطرقت الباب عدة طرقات على المستأجرالموجود عندي ، ديفيد. إنه يعيش هنا منذ شهرين ونصف ، ويعاوني فى رمي القمامة والمحافظة على البيت بشكل عام. قلت لديفيد: آتأمل أن تكون مرتاحاً في الأسفل ؟ فقال لي: نعم. 

الثلاثاء 2 تشرين الثاني .. في شهر شباط ـ أي بعد ما يقارب ستة أسابيع من إنعزالي في هذا البيت، وبعد تأكدي بأن حالتي لا تتحسن ـ اتصلت بطبيب نفسي. وإلى الآن ألتقي به كل ثلاثاء. يجلس د. فيلدينغ في غرفة مكتب إد في مقعد جلدي بالقرب من الموقد، و أنا أجلس مقابله على كنبة مرتفعة الظهر. صحيح أنه يتكلم ببطئ وبهدوء، إلا أن صوته له وقع على السمع مثل باب عتيق يصر . إنه دقيق، محدد تماماً، بالضبط إنه كما يجب أن يكون المعالج النفسي. أخبرته عن حديثي مع أولفيا ومع إد ، وبدا مهتماً للأمر. قلت لو لم نذهب لقضاء العطلة لبقينا معاً. وصف لي بعض العقاقير ، ثم غادر. أجلس في زاوية غرفة مكتبي متخذة موقعاً بين النافذتين الجنوبية والغربية، وأستعرض الحي كله. وكأس الشراب في يد والكاميرا في اليد الأخرى ،ها هي ريتا ميلر عائدة من تمرين اليوغا، عرقها بادي عليها، وهاتفها الخلوي ملتصق بأذنها. أنتقلت بالكاميرا إلى بيت آل روسل. جين وإيثان جالسين على أريكة صغيرة من قماش مخطط. أحب أسرة آل روسل لقد وجدتها صدى لأسرتي أنا. كانت لدي أسرة جميلة ، وكانت لي حياة رائعة ، ولكنها ضاعت الآن ولن تعود. رأيت جين روسل إنها تنظر إليّ. يا إلهي! لا مجال للفرار . إنها ترفع يدها وتلوح بها إليّ. هربت من فوري من على النافذة. بعد عدة دقائق،.
 وفجأة ! رن جرس الباب. إنها جين روسل. تقول لي: لا بد أنك ضجرة وتشعرين بملل! جلستُ أنا وجين في المطبخ نحتسي القهوة . قالت: ماذا تفعلين طيلة يومك. قلت: أقدم للناس المشورة عبر الإنترنت، وألعب الشطرنج ، وأتلقى دروساً في اللغة الفرنسية،. قالت: أصبح الإنترنت نافذتك على العالم. قلت: وكذلك نافذتي الحقيقية. وأشرت إلى النافذة خلفها. ثم جلسنا نلعب الشطرنج وحدثتها عن شهر العسل مع إد. قالت لي: لا بد أنك تشتاقين إلى عائلتك؟ فقلت: صحيح. مشتاقةجداً لهم . لكنني أتحدث معهم بإستمرا وفي كل يوم. لقد أصابني الإكتئاب بعد حادثة.و قضينا ثلاث ساعات نتحدث . وبعد الساعة السادسة بقليل قالت جين: أستأذن بالذهاب فأن لدي شيء هام أقوم وخرجت. ثلاث ساعات وأنا أتكلم إلى جين !! متى كنت أستطيع الكلام مع أي شخص، مدة ثلاث ساعات ؟! أشعر بحيوية و بأنني عدت شابة من جديد، أشعر بشيئ من الدوار. لعله من النبيذ. ولكن اليوم، أضحت لي صديقة. في المساء وقبل أن أن أذهب للنوم على سريري، أسترقت نظرة سريعة عبر النافذة صوب البيت 207. 
ها هم أسرة روسل. جين وإيثان على الأريكة، وألستير تجلس على كنبة تقابلهما. أراه مندفعاً بالكلام .إنه رجل جيد وأب جيد، هكذا قالت لي.




 الأربعاء 3 تشرين الثاني .. خلف الحديقة، أرى نوافذ بيت روسل لم تسدل ستائرها، وغرفهم غارقة في الظلام . وأرى البيت ينظر إليّ. أكتشف أني اشتقت إليهم. شاهدت د. ميلر يخرج من بيته متجهاً إلى عمله. سمعت صوتاً قادماً من المطبخ. أنزل ببطئ لأستطلع الأمر، فإذا هو ديفيد. قال: مرحباً!! إستعدت أنفاسي. كان ديفيد يريد أن يستعير آلة قطع، مشرطاً. أعطيته المشرط وسألته: ماذا تريد أن تفعل بالمشرط؟ قال: لقد طلب جارنا روسل مني أن أعاونه في فتح بعض الصناديق والتخلص من بعض الأشياء القديمة التي لا لزوم لها. ثم شكرني وخرج. بعد خروج ديفيد، قدمت "بِينا"، المعالجة الفيزيائية. وبعد خروجها، لعبت الشطرنج ثم نزلت لأشاهد بعض الأفلام. سمعت صرخة حادة ، صرخة مليئة بالرعب وكأنها مقتلعة من الحنجرة اقتلاعاً. إستدرت صوب نوافذ المطبخ. الغرفة ساكنة تماماً. ترى من أين جاءت هذه الصرخة ؟ إنها قادمة من البيت 207. نوافذ الردهة الخارجية مفتوحة على مصراعها ، ، والستائر تتحرك ببطئ تحت وقع النسيم. اتصلت بهم بالتلفون. ردّ عليّ إيثان. قلت له: ما الذي يحدث عندكم ؟ سمعت صراخاً. قال إيثان: لاشئ الأمور كلها على ما يرام. قلت: هل أنت في حاجة إلى عون؟ قال: لا. وأقفل التليفون. لقد أنكر الابن وجود أي مشكلة، لذا لن أستطيع أن أطلب الشرطة. عدت النظرمن النافذة مرة أخرى فرأيت جين وهي تنزل سلم بيتها. تميل برأسها يميناً وشمالاً. وأخيرا مشت في اتجاه الغرب، صوب الجادة. قلت لديفيد، وكان عائداً إلى البيت: هل سمعت تلك الصرخات المجنونة التي صدرت من بيت آل روسل ؟ فقال: لا لم أسمع شيئاً. وما إن غادر ديفيد البيت حتى رن جرس البيت . كان إيثان. فتحت له الباب وقلت: ما الذي يجري هناك ؟ فقال: إنه أبي، كان يصرخ، وأردت الخروج من البيت. فسألته: أين أمك؟ فقال: لا أعلم أين هي. لكنها بخير. يجب أن أعود، سوف يغضب أبي كثيراً. قلت له: إن أبوك يبدو دائماً غاضباً. إيثان، أريدك أن تحتفظ برقم هاتفي معك دائماً. وكتبت له رقم هاتفي على ورقة صغيرة وأعطيته إياها. وضعها في جيبه وعاد إلى البيت. 

الخميس 4 تشرين الثاني .. أضغط على جبهتي بكفي آملة في التخلص من صداع الشرب، أزحت بعض الأغطية جانباً وخلعت ملابس النوم ،نظرت إلى الساعة: إنها العاشرة وعشر دقائق، إنتهى نهار الأمس المزعج ، مشاجرة منزلية، شيء مزعج،ولكن ما زال بالي منشغل على جين وعلى إيثان أيضاً. جلستُ في المطبخ، أشرب نبيذ ميرلو، أعلم بأن الكحول تسبب الإكتئاب فكيف لشخص مصاب بالإكتئاب أصلاً أن يشربه، سرحت في عائلتي قليلاً. ثم عدت الى غرفة المعيشة أنظر من نافذتها إلى بيت روسل. أرى الطفل إيثان منكباً على مكتبه. وأرى المطبخ خاوياً. أرى جين في غرفة المعيشة في قميص أبيض واقفة على قدميها. إنها تصيح من غير صوت. إنها تترنح وتكاد ان تقع . هناك بقعة كبيرة قرمزية داكنة تظهر على أعلى قميصها. تنتشر البقعة على القميص بسرعه فتصل حتى بطنها. ويديها تتحركان على صدرها. أرى شيء فضي حاد مستقر هناك، كأنه مقبض خنجر. إنه مقبض خنجر! يندفع الدم من فمها. وأصبعها يشير إلى النافذة. إنها تشير إليّ مباشرة. تسقط من يدي الكاميرا. وأنا واقفة متجمدة في مكاني، لا أقوى على الحركة. فتحت هاتفي بسرعة ونقرت على أيقونة الإتصالات الهاتفية، ثم أطلب الرقم 911 . لم تصل الإسعاف بعد! ولكني هنا، على بعد خطوات منها. هناك سكين مغروس في صدرها. فتحت باب المطبخ. أنا الآن في الحديقة. جين إنني آتية إليك! الريح تصفر، وأضواء السيارات تعميني... 

الجمعة 5 تشرين الثاني .. سمعت أحداً يتمتم فوقي: لقد أفاقت إنها تعود إلى وعيها الآن. ويقول شخص آخر: إنها مستقرة. أفتح عيني فأسمع رجل يقول : مرحباً. أنا المحقق ليتل. ترفرف رموش عيناي. الممرضة تقول لي: إننا في مورنينغسايد. الشرطة منذ الصباح هنا وتنتظر أن تعودي إلى وعيك. فسألني المحقق: ما اسمك؟ فقلت: آنا، آنا فوكس. فقال المحقق: هل تعلمين أين عثرنا عليك الليلة الماضية يا سيدة فوكس ؟ لقد وجدوك في حديقة هانوفر. وكنت فاقدة الوعي. فقلت: جارتي جين. لقد رأيتها تُطعن فاتصلت بالطواريء. فقال المحقق ليتل: نعم. لقد استمعنا إلى اتصالك. إنها بخير. فقلت مرة أخرى: إن جارتي طعنت . إسمها جين روسل، عليكم أن تساعدوها. فقال المحقق: هل كنت تشربين؟ فقلت: شربت القليل. فقال المحقق: إهدئي يا آنا فوكس، لقد قمت هذا الصباح بزيارة آل روسل، وجين بخير. قالت الممرضة: هل انت من الذين يصابون بنوبات الهلع ؟ فأخبرتهم عن رهابي للأماكن المفتوحة، وعن اكتئابي، وعن اضطراب الهلع الذي يصيبني. وأخبرتهم عن نظامي الدوائي والعقاقير التي اتناولها ، وعن غنعزالى واحتباسي في البيت عشرة شهور، وعن د. فيلدينغ وعن معالجتي النفسية. أوصلني المحقق إلى بيتي في سيارته. وقال: لقد عثرو عليك وأنت متكومة على العشب، ورأوا باب بيتك مفتوحاً. لم أرد عليه . ثم تابع قوله ها قد وصلنا. أرى البيت أمامي منتصباً ،شكله يشبه الوجه وأرى فم الباب الأمامي الأسود، أرى الدرجات كأنها لسان ممتدة من ذلك الفم، وأرى الأفاريز التي فوق النافذة كأنها حواجب فوق عيون. قال لي المحقق: هل تعيشين هنا لوحدك ؟ فقلت: يوجد لدي مستأجر في القبو. دخلت بيتي. لا يزال كل شيء على حاله وكما تركته عندما انطلقت خارجة من البيت. يكاد قلبي ينفجر ويقفز من صدري. أستطيع الان أن أبكي لشدة ارتياحي. أجلسني المحقق على الأريكة. نظر المحقق إلى صورة ابنتي وقال: أين هي الآن إبنتك ؟فقلت : إنها مع أبيها. رن جرس الباب. كانت مفتشة الشرطة تدعى نوريلي. قالت: لقد أحضرت معي بالسيد روسل! ودخل من خلفها السيد ألستير روسل. لم أكن أتوقع هذا. تململت في جلستي. لست مرتاحة. عدت أقول للمحقق: لقد رأيت جين روسل تُطعن في الأمس. فقالت المفتشة نوريلي: هل رأيت الشخص الذي طعن جارتك؟ فقلت: لا، ولكنني رأيتها تنزف دماً. ورأيت شيئاً لامع فضي مغروساً في صدرها. ولكن ماذا حدث لجين ؟ إنني لاأفهم شيئاً! فقال المحقق ليتل: لم يحدث لها أي مكروه يا دكتورة فوكس. لم يحدث شيء لأي شخص. فقلت: ماذا تعني بهذا ؟ فقال: أظن أن كمية نبيذ ميرلو التي شربتها، والأدوية التي تتناوليها، والفيلم الذي كنت تشاهدينه، كان لكل هذا له أثره ، فجعلك ترين وتتخيلين أشياء غير موجودة. حدقت فيه وقلت : هل تظن أنني تخيلت كل هذا؟ قال: أجل ، وكما قالت الطبيبة في المشفى إن الهلوسة هى من أحد الآثار الجانبية للعقافير التي تتناولينها. قلت: لم أكن أهلوس. 

قالت نوريللي: إن نسبة الكحول في دمك بعد فحصك في المشفى كانت 0.22! وهذه النسبة ما يقارب ثلاثة أضعاف الحد الأقصى الذي يسمح به القانون. 
قلت:ولكني لم أكن أتخيل الأشياء. أنا لست مجنونة. 
قالت المفتشة نوريلي: يا سيدتي، يقول السيد روسل إن زوجته كانت خارج المدينة و إنك لم تريها أبداً. فقلت: غير ممكن ..لقد زارتني هنا. إذهبوا واحضروا جين وإيثان إلى هنا . حينها اتصل السيد ألستير بزوجته. وبعد حوالي دقيقة أتت إلى منزلي جين وإيثان. نظرت إلى جين بتعجب . إنني لم أر هذه المرأة في حياتي كلها!! اقتربتْ مني وقالت: لا أظن أننا قد التقينا قبل الآن. قلت: من تكون هذه؟ قال المحقق ليتل: إنها جين روسل جارتك. قلت لها: لا، أنتِ لستِ جين روسل. نظرتُ إلى إيثان وقلت: إن هذه ليست أمك. قل لهم !! فمال إيثان برقبته وانحرفت نظراته جانباً، ابتلع ريقه وقال: أنتِ لم تلتقِ أبداً بأمي أبداً. حينها خرج السيد روسل والسيدة روسل من البيت يتبعهما إيثان.





 بعد خروجهم قالت لي المفتشة نوريلي: د.فوكس، إن الإدلاء بإفادات كاذبة ووهمية أمام الشرطة يعتبر جريمة. هل تفهمين هذا؟ ثم خرجت المفتشة وتبعها المحقق ليتل. صمت عميق وغريب . لقد توقف العالم. 
أنا وحيدة ، ما الذي حدث ؟. أفكر في تلك المرأة جين . أفكر في أليستر. أفكر في إيثان وكيف أنه أشاح بوجهه بعيداً عني، وكيف مال برأسه، ولماذا ابتلع ريقه قبل أن يجيبني؟. هل كان يكذب، كان يشد بفكيه: وهذه علامة تعني شيء آخر، هذه علامة تدل على الخوف!

 السبت 6 تشرين الثاني .. دخلت المطبخ، وألقيت نظرة في اتجاه بيت روسل. لم أرى أحداً هناك ، لقد نسيت شيئاً مهماً في في خضم هذه المشاكل ، نسيت ديفيد. لقد ذهب قبل يومين ماضيين ليعمل في بيت روسل. لا بد أنه قد التقى بجين هناك . نزلت مسرعة إلى القبو ولكنه لم يكن موجوداً هنا. أستدرت لأخرج من القبو. حينها سمعت صوت خربشة من خلفي يبدو انه من الباب الخارجي. نظرت بإتجاه الباب فرأيته ينفتح وظهر ديفيد واقفاً أمامي ينظر إليّ. فقال غاضباً: ماذا تفعلين هنا بحق الجحيم؟ قلت: إنني آسفة جداً . كنت أبحث عنك. قال:. ولماذا تبحثين عني؟ ماذا تريدن الآن ، فاقتربت منه وقلت: هل التقيت بجين روسل ؟ فقال بإجابة واضحة وقاطعة: لا. خرجت وسمعت صوت باب القبو يغلق من خلفي. بعد ساعة سمعت طرقاً خفيفاً على الباب. أضئت النور في المطبخ وفتحت الباب. إنه ديفيد جاء كي يعتذر على ما بدر منه. دخل وقال: أعتذر ..إنني فقط أكره أن يدخل أحداً منطقتي. لعله كان من واجبي أن أخبرك عنه من قبل، لقد قضيت بعض الوقت في السجن. فقلت: السجن؟ لماذا ؟ فقال: إعتداء على رجل. كانت مشاجرة عنيفة في أحدى البارات، وقد حكم عليّ بثلاثة عشر شهراً. ..فقط ،أردت أن تعلمي بالأمر. حول ديفيد نظره إلى الصور من حوله فقال: طفلة ظريفة! أين هي ؟ فقلت: مع والدها. فقال: هل تشتاقين إليهم ؟ فقلت: في الحقيقة، نعم. اقترب مني وقبلني. 

الأحد 7 تشرين الثاني ... عندما أستيقظ رأسي يؤلمني. ليس هنا ديفيد . بحق الجحيم ، ماذا حدث، ؟ كنا نشرب طبعاً!! ثم صعدنا إلى الطابق العلوي. ثم ذهبنا إلى السرير. أوه، أنا في السرير، ووغطاء السرير ملتف حول جسدي العاري. يا إلهي، صداع يقتلنى في رأسي من أثر الشراب. نزلت إلى المطبخ ، رأيت ديفيد يشرب الماء. قال: لقد كان اعتذاراً حقيقياً، أليس كذلك؟ إحمرّ وجهي ولم أعرف ماذا أقول. اتجَهَ نحو باب القبو وغادر. إذن: لقد حدث ذلك. عروقي جافة إلى حد التيبس . أنا في أشد حاجاتي إلى الشراب. شعرت بدمي يبرد في عروقي بعد أن شربت. دخلت الى غرفة المكتب، نظرت الى خلف الحديقة وكأني أراها من جديد. ليس بمقدورى إثبات وجود جين الآن ولا في الماضي... جين التي أعرفها، جين الحقيقية... ولا أستطيع أيضاً إثبات اختفائها... أو موتها. أفكركثيراً في إيثان. وكيف هو حبيس ذلك المنزل. إنه ولد لطيف. أتحدث مع إد وأوليفيا. بينما أنا أودع إد.

 أنظر من خلال النافذة إلى بيت آل روسل. أشاهد تلك المرأة وهي تنزل الدرجات التي أمام البيت ، ثم تتوقف فجأة وتخرج من جيبها هاتفها وتنظر إليه. ثم تعيده مرة أخرى في جيبها وتستدير شرقاً،وتسير في اتجاهي. وجهها يبدو غير واضح المعالم. يجب أن أتحدث معها. أقفز مسرعة إلى الصالة وأنا في ثوب الحمام، أهبط الدرجات كالريح. أركض بإتجاه الباب وأفتحه. أشعر بالبرد يحيط بي الآن، يحتضنني. أقفز نازلة الدرجات. إنني أرى أشياء لم أراها منذ مضي وقت طويل لأني حبيسة منزلي، ما أكثر الأشياء التي لم أعد أسمعها وأحس بها أو أشمها. إنني أتبعها إلى المقهى الذي يبعد حوالي مائتا متر من بيتي. دخلت المقهى ورائها. وتلاقت نظراتنا أنا وهي. قالت: إن رؤيتك هنا تفاجئني رؤيتك ؟ لقد ظننت أنك... معوقة. 
هززت رأسي بالنفي . سألتها: من أنتِ؟ 
قالت: أنا جين. ثم أخذت قهوتها وغادرت المقهى. عدت إلى بيتي،. التقيت في الطريق بإيثان. قلت له: فلندخل إلى البيت. جلست أنا و إيثان في غرفة المعيشة. فقلت له: لماذا كذبْت؟ من تكون هي تلك المرأة ؟ فقال بصوت منخفض: إنها أمي. قلت له : لقد التقيت من قبل بأمك. فقال: لا، أنت مُشوّشة. أنتِ لا تدركين ما تتحدثين عنه. يقول أبي إنك مضطربة ومجنونة. فقلت له: إذن أين هي أمك ؟ هل ماتت أمك؟ همس لي إيثان بكلمتين اثنتين: أنا خائف. ثم إندفع إلى الباب. فتحه وخرج. أغلقت خلفه الباب وشربت بعمق، وفكرت بعمق. 
شعرت أنني مرهقة، وأحسست أيضاً ببعض الفرح ، لقد تمكنت من الخروج من البيت، وسرت في الخارج، ولا زلت حية. أتساءل عما سيقوله د. فيلدينغ. أتساءل عما قد أقوله له. أضحيت الآن أعرف المزيد. المرأة مذعورة، وإيثان خائف مرعوب . شربت بعمق. تحدث المحقق ليتل معي بشأن محادثتي مع السيدة روسل، وطلب مني أن آخذ الأمور بروية وهدوء . أرغب أن أنسى كل ما يتعلق بأسرة روسل. داهمني فجأة الإرهاق ، إنني في حاجة إلى النوم. سوف أضاعف جرعة الدواء هذه الليلة، ويمكنني غداً أن أشتغل على إيثان. وغداً أيضاً سأكلم إد وأوليفيا. 

الإثنين 8 تشرين الثاني .. ناديت: إد. بصوت واهن وبهمس. أستطيع رؤية هذا... روح صغيرة تحوم أمام بصري ، وتتحرك مثل شبح أبيض في الهواء الصقيعي. أسمع من مكان قريب، صوت يزقزق من غير انقطاع، مرة بعد مرة... نغمة على وتر واحد وكأنها نداء طائر قد أصابه الجنون . ثم، يتوقف فجأةً الصوت. كانت السيارة مقلوبة بنا رأساًعلى عقب . كانت أوليفيا هناك في المقعد الخلفي مثبتة بالحزام. رحت أصيح وأهتز وتهتز معي أوفيليا. نزعت حزام الامان بصعوبة وسحبت أوليفيا من المقعد الخلفي إلى خارج السيارة.، ثم سحبت إد ووضعته بجانب أوليفيا. كان نبضه لا يزال يتردد تحت أصابعي. كان زوجي ينزف، وابنتي مصابة، وجسدي ضعيفاً مضعضعاً، وسيارتنا الرياضية محطمة، ولكن الهاتف بيدي ما زال سليماً . طلبت رقم 911، ولكن لا توجد إشارة هنا في هذه البقعة . صرخت، وإنتحبت ، وصرت أدور في مكاني، حتى دوّخت نفسي. صرخت صراخاً وحشياً ملأ المكان . انقلبت على بطني وألقيت بذراعيّ حول صغيرتي أوليفيا وإد فشددتهما إلى جسدي وأنا أبكي في الثلج. وعلى هذه الحال وجدونا هناك . في صباح الإثنين. إستيقظت باكراً ،أتجهت إلى الطابق السفلي. اليوم لا نبيذ . نظرت من النافذة، رأيت السيدة ميلر تخرج من باب منزلها في موعدها بالضبط ، وتغلق الباب من خلفها. سمعت رنة صوت على كمبيوتري: إنها رسالة على Gmail. 




قبضت على زر الفارة وحركت المؤشر. كان إسم المرسل واضح وغير مبهم ، إنها من جين روسل !! تصطك أسناني وكأس الشراب في يدي. حدقت في الشاشة. أحسست أن الهواء من حولي قد اختفى. الرسالة تحتوي على صورة. نهضت بسرعة واقفة على قدمي، وسقط الكرسي من خلفي. لقد أرسلت لي جين صورتي وأنا نائمة. وهذا يعني: أن جين كانت في منزلي خلال الليل! نظرت إلى البريد الإلكتروني إنه من guesswhoanna@gmail.com (إحزري من يا آنا). وهذا يعني أن الرسالة ليست من جين، بل أن هناك شخص ما مختبيء خلف اسمها ويستهزء بي . اتصلت على الفور بالمحقق ليتل. وبينما كنت أنتظر وصول الشرطة، أبصرت إيثان من النافذة. ناديته فأتى وفتحت له الباب. قال: ماذا تريدين؟ قلت: لقد كانت أمك هنا. وأريته الصورة التي رسمتها لوجهى جين روسل عندما جاءت لزيارتي وعليها توقيعها. أمسك بالورقة. في حينها وصل المحقق ليتل والمحققة نوريلي. وبدأت المحققة في تفتيش البيت، قمت بفتح الحاسوب للمحقق كي أريه الصورة التي أرسِلت لي. فقال المفتش: لا يمكننا أن نتتبع مرسل الصورة لأنها مرسلة من جيميل. جاءت نوريلي وقالت: لا يوجد أحد في البيت. ولم نستطع العثور على دليل يشير إلى دخول أي شخص إلى البيت، وأيضاً لا يتضح أن هناك شيئاً مفقوداً من البيت، فالباب الرئيسي في حالة طبيعية وباب المطبخ أيضاً كذلك. ومن الممكن أن تكوني قد أرسلت هذه الرسالة لنفسكِ. قلت: ماذا؟ فأريتها صورتي وعليها توقيع جين. قطبت جبينها. وفي هذه اللحظة جاء أليستر روسل. وطلب من ابنه إيثان أن يذهب إلى البيت. وقال: أنك تزعجين وتضايقين ابني. أنت تزعجيننا جميعاً. إنك أمراة تعيش أوهاماً وخيالات . أريته الصورة، فقال أليستر: أنت تلفقين الأدلة. أنت فاقدة العقل. حينها دخل ديفيد إلى البيت وصرخ: ما الذي بحدث هنا؟ 
فقال المحقق: نحن من الشرطة. من أنت. يقول ديفيد: أنا ديفيد،إننى هنا مستأجر. 
قال المحقق: إذاً أنت ديفيد. فقلت لديفيد: هل أنت التقطتَ تلك الصورة؟ فقال: هل تظنين أني صعدت إلى غرفتك؟ فقال المحقق: هل التقيت بالسيدة روسل؟ فيقول ديفيد: لا، ولكن زوجها السيد أليستر استأجرني لأقوم لدبه ببعض الأعمال ، ولكني لم ألتق زوجته. فقلت: ولكن يوجد قرطها لديك في غرفة نومك. فاتجهت كل العيون إليّ! فقال ديفيد: لا، إنه قرط كاترين، امرأة كنت أقابلها قديماً وأمضت عندى هنا الليل بضع مرات. فقلت للمفتش : صدقني أرجوك أنا لست مجنونة، ولست أختلق هذه الامور . 
اقترب المفتش ليتل مني وقال: لقد تحدثتُ يا آنا مع طبيبك في الأمس. 
وقال لي د. فيلدينغ إنه مهتم بحالتك كثيراً. وأخبرته أنني شديد القلق في ما يتعلق بما أخبرتني به . وكنت قلقاً عليك لأنك تعيسين في هذا البيت الكبير وحيدة ، ولأنك قلت لي أيضاً إن أسرتك بعيدة عنك، وإن ما من أحد هنا تتحدثي معه. فقاطعته نوريلي قائلة: ولكن اتضح أن ابنتك وزوجك ميتان !!!! قبل هذه اللحظة، لم يقلها أحد على هذا النحو والشكل ! لم يقل لي أحد تلك الكلمات بهذا الترتيب. لم يقلها طبيب الإسعاف الذي أخبرني بأن زوجي لم يستطع تخطّي ما حدث. وإنهما ميتان. نعم. رحلا، ماتا... وأنا لا أنكر هذا. ولكن رغم ذلك: كيف أفسر لهم إنني أسمعهما؛ أسمع صدى صوتيهما في داخلي، وأيضاً خارجي . وأنني أستجيب لهما. قال المفتش ليتل: أخبرنا د. فيلدينغ أن إحدى دوريات شرطة الولاية وجدتكم أسفل أحد الجروف. وفي ذلك الوقت، كان قد مضي عليكم ليلتان في العراء، في عاصفة ثلجية. وأخبرنا أن ابنتك عندما وصلت الشرطة كانت ما زالت على قيد الحياة ، ولكن زوجك كان قد فارق الحياة . وأن مشكلاتك منذ ذلك الوقت قد بدأت . إنه اضطراب ما بعد الصدمة. قال لي أيضاً الدكتورفيلدينغ إنك تتحدثين معهما في بعض الأحيان. لكن ما تعتقدينه أنه حقيقي ليس حقيقياً. يجب أن تنسي هذا الأمر. أنا لم أولد وحيدة. ولكني جُعلت وحيدة. إذا كنت قد تشوهت إلى الحد الذي جعلني أتكلم مع إد وأوفيليا، فإذن فإنه من المؤكد أنني قادرة على إنشاء جريمة قتل في عقلي، مع بعض المساعدة الكيميائية من بعض الأدوية والعقاقير . جلست على حافة السرير ونظرت أمامي مباشرة. أشعلت شمعة صغيرة موضوعة في وعاء صغير. لهذه الشمعة شكل يشبه التين، أوليفيا تحب التين. إنني في حاجة ماسة لأن أبقى في بيتي فقد أمضيت ليلتين رهيبتين في تلك البرية القاسية الغريبة، تحت تلك السماوات الهائلة. أنا بحاجة إلى مكان أستطيع التحكم به، لقد كنت أنظر إلى زوجي وابنتي يموتان أمامي بطيئاً. الحياة هي من جعلتني هكذا. 

الخميس 11 تشرين الثاني .. عند الساعة الحادية عشر تماماً رن جرس الباب . إنتزعت نفسي نزعاً من السرير وأسترقت النظر من النافذة. إنها "بينا" المعالجة الفيزيائية، واقفة عند الباب. نزلت وفتحت الباب وأخبرتها بأنني في حاجة أن أكون لوحدي. إستدارت وإنصرفت.فتحت باب القبو وناديت على ديفيد. جاء وقال لي: إنني أحزم حقائبي أريد ان أترك البيت، وهذا هو المفتاح. بعدها اتصل بي د. فيلدينغ، ولكني لم أشأ أن أرد على الهاتف. بينا، ديفيد، د. فيلدينغ. إنني أخلي البيت. جلست إلى الكمبيوتر الشخصي الخاص بي. وأدخلت كلمة المرور. ومرة اخرى ومن جديد، أرى صورة وجهي النائم. أتراجع إلى الخلف في الكرسي. لقد قالت نوريلي بأنني أنا من التقطت هذه الصورة بنفسي لنفسي. نقرت على أيقونة الصور في هاتفي. ظهرت لي صورتي وأنا نائمة. دخلت على الجيميل كي أصل إلى الرسالة التي حملت هذه الصورة، إنها أنا. لقد فعلت هذا بنفسي. نعم، لا بد أن يكون الفاعل أنا. بالتأكيد أنا !! فلا أحد يعرف كلمة المرور لهذا الكمبيوترغيرى . 
ولكن لست أتذكر أنني فعلت هذا. أقسم أنني لا أتذكر من هذا كله شيئاً. إلى الآن مرت علي ثلاثة أيام دون أن أشرب شيئاً. ذهبت إلى النوافذ وألقيت نظرة طويلة إلى ما خلف الحديقة. ذلك البيت، إنه مسرح دماغي. رن جرس الباب. إنه إيثان. سألته: هل يعلم أهلك أنك هنا؟ قال: نعم.. قلت له: أنا آسفة، لقد كانت سنة صعبة عليّ فقدت فيها طفلتي وفقدت زوجي. فقال: يؤسفني جداً ما حدث لك. أخبرته بأن القبو أصبح فارغاً من المستأجر ، وأنه بإمكانه استعماله. ثم أعطيته مفتاح القبو. شكرني وغادر. 

السبت 13 تشرين الثاني .. إنها العاشرة صباحاً؛ أحسست نفسي اليوم مختلفة. شعرت بأنني بت أفضل حالاً. قررت في هذا اليوم أن ألعب الشطرنج ، وأن أزور موقعاً للأفلام القديمة على الإنترنت. وقد أنظف البيت أيضاً. ولن أراقب بيت روسل تحت أي ظرف كان . لعبت الشطرنج، وشاهدت بعض الأفلام، ومساءاً ذهبت للنوم. وفجأة سمعت صوت تكسر زجاج في المطبخ. نزلت مهرولة إلى المطبخ فإذا بالسيد روسل هناك. فقال: لقد أعطيتِ إبني مفتاح القبو، وها أنا أعيده لك. ابتعدي عنا أرجوكي . قلت له : أخرج الآن من بيتي. اقترب مني وأمسك بكلتا يديه برقبتي ليخنقني. كدت أفقد الوعي عندما تركني. سقطت على الأرض. ثم أبصرته يخرج من الباب ويغلقه خلفه. 

 الأحد 14 تشرين الثاني تفحصت عنقي في مرآة الحمام. أكثر من خمس كدمات زرقاء فاقعة...طوق قاتم حول عنقي. أخذت قراري بأني لن أخبر الشرطة بما حدث ليلة أمس. عدت إلى المطبخ، ووبدأت بتكنيس حطام الزجاج، زجاجات وكؤوس محطمة. أمضيت فترة الصباح في السرير، ثم أمضيت فترة بعد الظهر محاولة ألا أنهار وأبكي، وان ألا أفكر في الليلة الماضية. جلست أقلب الصور في هاتفي. وفجأة مرت علي صورة كنت التقطتها لغروب الشمس، وتظهَر في تلك الصورة المرأة التي كنت أعرفها بإسم جين. أتّصلتُ بإيثان وطلبتُ منه أن يأتي إليّ. وبعد وقت قليل ، دق الباب. كان إيثان فقلت له: تعال أريد أن أريك شيئاً مهماً. وأريته الصورة. فقال: إنها أمي. صمتت بإندهاش . 
فقال: تلك المراة ليست أمي الحقيقية، ليست أمي التي أنجبتني، فأنا ولد مُتبنى، لأن أمي الحقيقية مدمنة كانت تتعاطى المخدرات، لذا تركها أبي. ولكنها، في يوم الهلويين، جاءت هنا إلى هذا البيت وقالت إنها تركت المخدرات وانقطعت عنها . فقلت له : ما اسم أمك الحقيقية ؟ فقال: كاتي. وعندما جاءت امي الحقيقية لزارتك في البيت قالت إن اسمها جين لأنها أضطربت وارتبكت قليلاً. 
وبعدها رأيت أمي أكثر من مرة، كانت تأتي إلى ديفيد وتلتقي به. أنا آسف حقاً لذلك ، ولكنني كنت خائف أن أقول لك كل هذا. فقلت: وماذا حصل أيضاً؟ فقال: جاءت إلى البيت، فأخبرها أبي أنه سوف يتصل بالشرطة إذا عادت مرة اخرى إلى البيت. ولكنها في اليوم التالي عادت إلى البيت. فأمسكها أبي من عنقها، وقال إنه سيقتلها، وعند ذلك صرخت. وفي اليوم التالي، عادت مرة أخرى أمي إلى البيت. وقالت لهما إنه ليس من حقهما أن يمنعاها من رؤية إبنها . صرخت أمي عليها. وبعدها هدأت أصواتهم. وعندما نزلتُ إلى الطابق السفلي، رأيت أمي (كاتي). ملقاة على الأرض. لقد طعنَتْها بالسكين. فقلت له : من الذي طعنها ؟ فقال: أمي (جين). قالت إنها لن تسمح لأحد أن يأخذني منها. وقالت إنها انتظرتْ وقتاً طويلاً حتى يصبح لديها طفل. وقالت إنها لن تسمح لها بأن تؤذيني مرة أخرى. وبعدها أخذا أمي ( كاتي) إلى بيتنا في المنطقة الشمالية من الولاية، ثم دفناها هناك. فقلت لإيثان: يجب علينا أن نخبر الشرطة. قال: يجب أن أخبر والدي قبل ذلك، من فضلك. نظرت إليه: كانت الدموع تتدفق من عينيه. قال: لقد فعلتْ ما فعلتْ من أجلي. لا أستطيع أن أشي بها أرجوكي . فقلت له : لا بأس. إذهب وأخبرهما. أظن أن الشرطة سوف تتفهم أن أباك وأمك كانا يتعرضان للتهديد والمضايقة من أمك كيتي. وقد تكون في ذلك مخالفة لما تم الإتفاق عليه عند تبنيك. قال: شكراً. فقلت له: اتصل بي. دعني أعرف أن كل شيء يسير على ما يرام. وخرج من بيتي. 




الإثنين 15 تشرين الثاني .. 

لاأستطيع النوم ، إنها الواحدة صباحاً وعشر دقائق.. لفت رأسي باتجاه الباب. إيثان يقف هناك في الممر، ووشاحه مرتخ حول رقبته. قلت: لقد ظننتك قد ذهبتَ إلى البيت . قال: لقد ذهبتُ. وتمنيت لهما ليلة طيبة. ثم عدت إليكِ. إنني آتيت إلى هنا كثيراً. أنت أول طبيبة نفسية لا تشخص إصابتي باضطراب في الشخصية. لم أستطيع الحركة. رأيت في قبضة يده شيئاً لامعاً فضي اللون . إنه نصل. إنه أداة فتح الرسائل. فقال لي: هذا ما استخدمته مع كيتي لأنها لم تكن تريد أن تتركني وشأني، ولأنها أيضاً لم تخبرني شيئاً عن أبي الحقيقي. لم تكن أمي "جين "موجودة هناك. وجعلني أبي أقسم ألا أقول شيئاً. والليلة جاء دورك لكي أجعلك تطبقين فمك. إقترب مني وجلس على السرير عند قدمي. أخبرني بأنه هو من صورني وأنا نائمة بواسطة هاتفي. ثم أرسل الصورة لي عن طريق الجيميل. وبينما كان يتحدث، قمت فجأة برفسه في معدته. إنطوي على نفسه فعدت وركلته من جديد، في وجهه. وأزحت الأغطية عني، وأندفعت بكل قوتي إلى الباب. ركضت في الظلام، خائفة ومذعورة من ذلك الصبي.كان يركض خلفي . صعدت السلم الذي يؤدي إلى سطح البيت، فلحقني.تعاركنا . سقطت أرضاً فوضع قدمه على عنقي وضغط عليها.ثم قال : هل تقفزين من على هذا السطح أو أدفعك بنفسي؟ . فقلت له والكلام يخرج من حلقي بصعوبة: لقد أخبرتني أمك من هو أبوك ! تراجع الضغط على رقبتي قليلاً وقال : من هو؟ فقلت: كان أبوك معمارياً. ولكن بعد موته انهارت أمك. ولكن أبوك قد أحبك، وأحبتك أمك. فوقف إيثان قليلاً، فدفعته فوقع من خلال النافذة السماوية إلى أسفل السلم. نزلت السلم. رأيت إيثان مرمياً على الأرض، ملاكاً ساقطاً. تاج قاتم من الدم يحيط برأسه. اتصلت على الفور بالمحقق ليتل. بعد ستة أسابيع .. تساقطتْ آخر ندف الثلج منذ ساعتين . والآن، تظهرشمس الظهيرة في زرقة السماء التي تؤلم العيون. بقيت لساعات أنظر من النافذة، أنظر إلى الثلج. وبعد الساعة العاشرة، ظهرت ريتا ميلر عند باب بيتها تتأمل الطقس. كانت تلف جسدها بثوب ثقيل وتحمل في يدها فنجاناً حاراً .ظهر زوجها من خلفها وطوقها بذراعيه وأراح بذقنه على كتفها. فقبّلته على خده. وبالمناسبة، لقد بت أعرف اسمها. إسمها سو .. إسم مُخيّب! نظرت إلى منزل آل روسل، ذلك المنزل الذي وصفته الصحف: منزل القاتل المراهق الذي يبلغ ثمنه أربع ملايين دولار. المنزل الآن أصبح خال . إنه خال منذ أسابيع. جاء لزيارتي المحقق ليتل ذلك الصباح بعد أن أخذ عمال الطواريء جثة إيثان. قال لي المحقق إنهم اعتقلو السيد ألستير روسل واتهموه بالمشاركة في جريمة قتل كيتي وقد اعترف بها على الفور. قال ليتل وهو يهز رأسه: إنني مدين لك باعتذار. وكذلك زميلتي. والآن، لم أعد أنتظر شيئاً. لقد انتظرت أسرتي فلم تعد. وقد انتظرت زوال اكتئابي؛ ولكنه لن يزول من غير عون وإرادة مني. والآن، حان الوقت. فإذا كنت لا أريد أن أموت فعليّ، أن أبدأ الحياة من جديد . أغمضت عيني. وفتحت عيني. وخطوت بتحد في ضياء الشمس. 


                                    النهاية. 
تفاعل :

تعليقات