القائمة الرئيسية

الصفحات

تلخيص روايه خمسة أيام في باريس :دانيال ستيل - اعداد واشراف :رجاء حمدان




تلخيص رواية خمسة أيام في باريس - دانيال ستيل 
إعداد وإشراف - رجاء حمدان












لسماع الرواية والاشتراك بالقناة ...قناة راجو شو... الرابط التالي : 
  


تلخيص رواية
 خمسة أيام في باريس - دانيال ستيل 
إعداد وإشراف - رجاء حمدان










كان الطقس جميلا على نحو غير طبيعي حين نزلت طائرة بيتر هاكسل في مطار شارل ديغول قرب الباب بالضبط, وبعد بضعة لحظات كان في يده حقيبته و يمشي في المطار وهو يضحك ، لقد أحب بيتر هاسكل باريس. 

كان يسافر اكثر من مرة في السنة إلى أوروبا لأن الإمبراطورية الصيدلانية التي يراسها تملك فروعاً في ألمانيا, وفرنسا،و سويسرا غير المصانع والمختبرات الضخمة في إنكلترا، ومن الممتع الاتيان إلى هنا وتبادل الأفكار و التعرف على سبل جديدة للتسويق، وهذا مكمن قوته الحقيقي. 

إنه هنا لولادة ابنه (فيكوتيك، حلم حياته) لأن فيكوتيك سوف يغير حياة و نظرة جميع الأشخاص المريضين بالسرطان، سوف يُعدل بصورة كبيرة برامج المعالجة ومبدأ المعالجة الكيميائية في كل العالم, سيكون أحد أهم إسهامات بيتر للجنس البشري. لقد عاش الأربع سنوات الماضية من أجله وفضَّله على اهله، غير أنه سيدرّ الملايين على مؤسسة ويلسون دونوفان . 

لم تكن الاموال هي من تهم بيتر فما يهمه هو الحياة, سوف تشعل بصيص شموع في ليل السرطان المعتم. لقد بدأ كحلم كبير لكنهم أصبحوا الآن على بُعد امتار قليلة من النصر الاخير, وكان بيتر يحس بالحماس كلما فكر في ما هو على وشك الحدوث. 

سارت اجتماعاتهم في سويسرا والمانيا على نحو رائع وكانت التجارب التي اقيمت في المختبرات أكثر أهمية مما تم عمله في الولايات المتحدة، فما أن توقع دائرة الادوية و الاغذية الأمريكية عليه سيبدأ إعطاء تراكيز قليلة منه إلى عدد قليل من المرضى المتطوعين ليعرف كيفية تفاعله. 

فقد قدمت شركة ويلسون دونوفان طلباً للتوقيع على الدواء إلى دائرة الادوية و الاغذية في يناير قبل عدة شهور، وما أن توافق عليه سيتم الشروع بالتجربة ثم أخيراً يطلق العلاج ... كان بيتر موقنا تماماً من أن الأختبار الذي يفعله بول لويس سوكارد مدير المختبر في باريس سيؤكد الانباء الحسنة التي تلقاها للتو من جنيف. 

تعلم بيتر التكلم بالفرنسية على مر الاعوام رغم أنه يجري كل اشغاله مع سوكارد رئيس المختبر بالإنجليزية. كان من الجلي للناس أن بيتر رجل مهم وصاحب تكلف و ذكاء مهمين، كان هادئاً و طيبا ويوحي بالثقة وفي سن الرابعة والأربعين إنه رئيس إحدى أكبر المؤسسات الصيدلانية في العالم وهو يعمل بالتسويق، تزوج وهو في السادسة والثلاثين سنة من إبنة فرانك دونوفان الرئيس, لم تكن خطوة ذكية أو مخطط لها سلفاً فقد راها في جامعة ميتشيغان عندما كانت كاتي في عمر التاسعة عشر وهو في العشرين، كانت مجرد فتاة جذابة وبعد موعدين أصبح مغرما بها دون أن يعرف أنها إبنة فرانك. 

كان بيتر فقيراً ولكنه فخور جداً بذاته, و خاف من أن يقول الناس أنه تزوج الابنة الوحيدة و الوريثة لأكبر شركة صيدلانية, وتضايق وإنزعج من كاتي لأنها لم تقل له ذلك. لقد اشترى ابوه أخيراً مزرعة الألبان التي اشتغل بها طوال حياته، فكان يعرف أنها لن تقبل ان تحيا بالمزرعة وهو لا ينتمي إلى عالمها، وكان بيتر يريد العمل بكل الأشكال وعدم اتباع طرق مختصرة. 

أستدعي للخدمة العسكرية وتم بعثه إلى فيتنام, وأمضى سنة واحدة في دانانغ ثم تم بعثه إلى سايغون للشغل مع الإستخبارات، لم يكن يرغب بالرجوع والعمل مع والده حين ينتهي من الخدمة العسكرية لكن بعد موت امه وهو في فيتنام وجد أنه من المتعب والشاق على والده أن يبقى وحيداً، وأقام صلات عاطفية سطحية في فيتنام إنتهت بسرعة، أما كاتي برغم أنها بعثت له بطاقة معايدة إلا أنه استحسن عدم مراسلتها فماذا سيحكي لها إستمتعي بحياتك الثرية في كونكتيكوت وأنا ساكنس الروث في مزرعة الألبان لبقية عمري.... 

وفور رجوعه أكمل السنة التي كانت باقية من دراسته و حصل على شهادته، ثم وجد شغلا في شيكاغو في مجال التسويق بعد أن أصر عليه ابوه أن يبحث عن عمل لما رآه من عدم تأقلمه بالشغل في المزرعة. دُعي في يوم إلى حفل يراسها صديق قديم له من ميتشيغان وهناك تلاقى بكاتي مرة اخرى ، كانت قد انتقلت لتحيا في شيكاغو أيضاً وكانت في اخر سنواتها الدراسية في نورث وسترن, كانت أكثر فتنة من ذي قبل و علم على الفور من أنه رغم إبقاء ذاته بعيداً عنها لمدة ثلاثة سنين ما زال كل جسده يرتعش لرؤيتها، وهي بالطبع لم تنسه قط فقد احست أنه أكثر وسامة من الماضي. 




كانت أثناء الحفلة تنظر اليه وتخشى جداً من القيام بخطوة غير صحيحة فهي تعلم مدى فخره بذاته، وهو كان يراقبها ويتساءل عما صارت عليه وما الذي تريده منه. كانت بمثابة خطراً على كرامته، فهي تمثل صلة بين ماضٍ لا يقدر على عيشه مجدداً ومستقبل له فيه أحلام وطموحات لكن من دون أية فكرة عن طريقة تحقيقه، لكنه أخيراً وبعد كلام لساعات بينهما قرر في ذاته أنهما يقدران أن يبقيا مجرد اصحاب رغم أنهما الأثنين لا يوقنان بذلك، والحقيقة أن شغل بيتر في مؤسسة ويلسون مع فرانك دونوفان في نيويورك كانت بتدخل من اب كاتي السيد فرانك, فهو من أقنعه بأن الشغل مهم لمستقبله ولا دخل لكاتي بها، وهكذا رجع مع كاتي إلى نيويورك أي أن كاتي رجعت إلى بيت والدها وهذا ما أراده ابوها فرانك. 

كانت شقيقته موريال في سن الثانية والعشرين ولديها ثلاثة ابناء فقد تزوجت بعد الثانوية العامة، كانت ترى شقيقها بطلاً وأنه مهما بالفعل وانهى سوف يكون رائعا في شغله وهكذا كان والده يراه أيضاً, وقد أرادوا له أن يرضى بتلك الوظيفة، وهكذا قبل بها و انتقل إلى نيويورك. وبعد سنتين من اللقاءات بين بيتر وكاتي تزوجا، كانت تعرفه أكثر من أي أحد, تفهم نواياه و طموحاته, لقد كان لديه العديد من الأحلام واليوم بعد عشرين سنة يجعل فيكوتيك كل الطموحات القديمة تتجسد حقيقة. 

شغل بيتر في شركة فرانك بالنسبة لفرانك كضربه بحجر واحد لعصفورين, فقد وجد رجلَ تسويق جيداً لعمله ومن جهة أخرى ارجع ابنته إلى البيت, فقد كانت ترفض الرجوع إلى نيويورك وآثرت أن تظل في شيكاغو بجانب بيتر, لكن عندما قبل بيتر بالعمل عادا سوياً لنيويورك. 

لقد تزوجا رغم أن ابوه لم يوافق ابدا على هذا الزواج فقد كان رأيه أنه سيكون اليد المستأجرة إن تزوج بها, و قال له أنه سيندم وأن الناس لن يتطلعوا إلى ما هو عليه وما حقق بكده ومهارته بل سيتطلعون إلى كيف بدأ ، لكن بيتر لم يقتنع بكرمه ويصدقه. ولم يقدر والده حضور حفل الزواج بسبب إصابته بحادث قبل اسبوع من الحفل وكان عليه أن يلازم السرير, أما أخته فقد كانت على وشك أن تلد ابنها الرابع ولم يكن بوسعها أن تحضر زفافه أيضاً. 

إنقطع هو فترة عنهم بسب توالي المشاريع وألاعمال عليه, وأخيراً قال لابوه أنه سيذهب لزيارته مع كاتي في العيد ولن يمنع ذلك اي شيء ، ولم يخبر بذلك كاتي لأنه شك أن هذه الطريقة الوحيدة للسفر إلى هناك، لكن ابوه توفي قبل العيد فأصبح حزيناً ونادماً على اللحظات التي فوتها دون زيارته. وأخيراً راح ليحضر الدفن, كان يقف هو وكاتي كالاغبياء وكانت أخته تقف بعيداً تذرف دموعها بجانب زوجها وأطفالها وكان بينهما مسافة. وقد رات كاتي وجود تناقض واضح بين المزارعين وأهل المدن فلم تكن مرتاحة لذلك البتة وأخبرت بيتر بذلك. قال بيتر لشقيقته موريال بذلك فقالت له أنه رغم زواجهما فإن كاتي لا تنتمي إلى هذا المكان ولم تعرف أيضاً ابوهما، فحزن بيتر كثيراً لذلك. 

وما زاد التوتر بينهما هو ما دونه ابوهما في الوصية حيث أنه وصى بالمزرعة لموريال وزوجها جاك. كان بيتر يتفهم الموضوع لكن كاتي غضبت, قال لها بيتر بأن ابوه أفنى عمره لكي يبتاع المزرعة ولذلك لم يرغب أن يبيعها، لذلك تركها إلى ابنته وزوجها فهي تعني لهما جدا ولن يبيعاها، أما بيتر فعنده شغله وحياته مع كاتي, قالت كاتي في ذاتها على الأقل لن ارجع إلى هذا المكان مرة ثانية وبيتر لن يرجع أيضاً، لقد أرادت كاتي أن تكون كل جذوره و اصوله وولائه فقط لها رغم أنها لم تعلن عن ذلك علانية. 

انتقل بيتر وكاتي إلى نيويورك، وبكى على ابوه في صمت واتصل خلال هذه المدة مرتين بموريال التي كانت دائماً مشغولة بالأولاد أو الشغل، فتوقف عن الإتصال بها لأنه لم يكن يحب الإنتقادات العلنية التي تقولها حول كاتي وكانت تسليته الوحيد هو العمل. سكن مع كاتي في غرينتش التي تبعد عن نيويورك ما يقارب الساعة بالسيارة, وقد ابتاع لهما والد كاتي منزلا كبيراً رغم رفض بيتر إلا أن كاتي أرادت ذلك. 

تعلمت كاتي الطبخ بمدة قصيرة وبحلول العيد صارت حاملاً بطفل بيتر، كان هذا الطفل العزاء له على خسارته ابوه والذي كان يؤلمه أكثر مما يفصح به. لقد أنجبا ثلاثة اولاد في السنوات الأربع الأولى وكان تدخل والد كاتي بعيشتهما كبيرا ودائماً, كانت كاتي تقف إلى جانب ابوها مما ضايق بيتر لكنه بالنسبة إليه فقد كانت الأشياء الجيدة في حياتهم أكثر من الأشياء المزعجه ولم يكن عليه أن يتذمر لذلك الى ان بدأت تدخلا ت والدها بحياتهما بشكل ملحوظ . 





وبعد عدة سنوات ماتت شقيقته موريال بالسرطان تماماً كوالدتها وهي في التاسعة والعشرين من عمرها، حزن بيتر جدا وحضر الجنازة، ثم بعدها عرف أن جاك باع المزرعة و سافر ولا يُعلم إلى أين، ثم وصلته انباء أن زوج شقيقته تزوج وأن أولاد أخته أصبح لهم أماً ثانية وحياة جديدة، وعندما اتصل به زوج شقيقته لطلب المال بعث المال ولم يذهب مع أنه كان متحمسا لرؤية أولاد شقيقته، لقد سمع كلام كاتي التي قالت له أنه فات الأوان لكي يتواصل معهم .

 كبر أولاد بيتر وتم بعثهم واحداً تلو الآخر إلى بلاد اخرى لتلقي الدراسة الثانوية, كان هذا بمثابة مبدا في عائلة فرانك الذي تدخل في تعليم أولاد كاتي و بيتر وهم مايك ثم بول ثم باتريك, وهكذا ظل بيتر وحيداً, وكانت كاتي و الابناء هم العائلة الوحيدة التي يملكها بيتر، ورغم أنه كان يشتاق لشقيقته و عائلته إلا أنه لم يخبر كاتي بذلك. =إشترى بيتر بنفسه منزلا اضخم من المنزل الذي منحهم إياه فرانك في كروم مارثا وأجبر كاتي على ان تسكن فيه في إجازة الصيف, كان الابناء سعداء بالبيت الجديد حيث جعل لهم أبوهم حجرة خاصة لإقامة الحفلات ودعوة الاصحاب، وتطور هو بالشركة وجلب لها ارباح هائلة لم يكن لفرانك ذاته أن يحلم بها وجعلته يحس أن أفضل شيء عمله هو عندما جلب بيتر إلى الشركة وجعله رئيسا لها، ورغم هذه التطورات التي عملها بيتر والمكاسب إلا أنه لم يتنازل عن كرامته ومبادئه. 

رجع بيتر يفكر في فيكوتيك و يحس بالرضى فهو سوف يساعد حياة البشرية من السرطان أو على الأقل ان يمنحها الوقت الاطول، وأراد إحضار فيكوتيك إلى الحياة بأسرع ما يمكن وذلك لذكرى امه و شقيقته موريال، كان يريد أن يساعد به الأشخاص القانطين في المزارع والمناطق الريفية و المتوحدين بسبب الفقر أو الاحوال التي كانت ستقضي عليهم لولا هذا الدواء. 

أوليفيا تاتشر التي مات ابنها الصغير بالسرطان وزوجها الآن مرشحاً للرئاسة، راى بيتر صوراً عديدة لهما من قبل أما اليوم فقد شاهدهما في الفندق و احس بمدى الحزن في نظرة أوليفيا، وشعر بانجذاب اليها فلم يبعد عينيه عنها ، ذهب إلى حجرته واتصل برئيس المختبر بول لويس سوكارد و اراد ان يراه اليوم بدلاً من إجتماعه صباح الغد، وحين خرج مرة ثانية للقاء سوكارد راها في الممر, شعر أن أنفاسه انقطعت وأراد الإندفاع إليها وسؤالها عدة الأسئلة إلا أنه منع ذاته، خرج وركب تاكسي أوقفها له الموظف وأبتعد بها وهو منشغل يفكر في أوليفيا. 

كان اللقاء مع سوكارد مقتضباً وموجزاً كما توقع بيتر لكنه لم يكن مقبولا لبيتر, فقد احس كأنما أحداً ضربه بحجر على دماغه بعدما قال له سوكارد أن فيكوتيك عقارٌ خطر وقد يسبب الموت في حالة إساءة استعماله, ويحتاج لعدة اعوام لتطويره إذا كان صالحاً للإستعمال في البداية, وهو غير مؤهل بعد للتجارب البشرية، سأل بيتر بعض الأسئلة الغريبة وأجاب سوكارد عنها, ثم سأل إن كان من المحتمل وجود خطأ ما جرى أثناء الإختبار لكن قال سوكارد من المستحيل لأي خطأ أن يحدث، وقال في النهاية يجب التخلي عن الدواء وإن أرادوا تطويره ربما سيحل بعض الامراض لكن دون أية ضمانات، لكن هناك اختبار واحد لم يتم فعله بعد وسوف يغير بعض النتائج لكنه لن يغيرها بالضبط. بدا أن هذا اليوم هو أسوأ ما جرى لبيتر حتى أسوأ من فيتنام وأسوأ من كل ما حدث في حياته ، وذلك يعني خسارة أربعة أعوام من عمل وكد متواصل وأمل كان يبعث في قلبه الوميض لتحيقيق هدفه . 





عاد للفندق وقد كان بائسا تماماً ويفكر بالعواقب التي تنتظره وتبدد طموحاته حول فيكوتيك, حاول الإتصال بكاتي التي لم ترد بالطبع بسبب كثرة انشغالها مع اصحابها وفي الجمعيات لكي يحس بالقليل من الراحة في التكلم معها, وعندما لم يجدها قررالذهاب إلى النادي والسباحة للتخلص من بعض همومه، وبينما كان يسبح ويغوص كانت أوليفيا هناك, راها من بعيد في ثوب سباحة أسود بدت متلئلئة ورشيقة, كانت تسبح بهدوء تغوص للداخل وتخرج إلى السطح بين دقيقة وأخرى. 

سبحا بالقرب من بعضهما قليلاً فابتسم لها بيتر وهي ابتسمت له ردا على ابتسامته ثم سبحت هي بعيداً، كان يحدق بها بافتتان وبدا أنها بدون مرافقة حارس شخصي, فسبح بقربها ببطء وما أن دنا منها خرجت بلباقة من المسبح ولفت نفسها بمنشفة و تركت المكان ، وخرج هو أيضاً وعاد إلى حجرته واستلقى على فراشه وقد شعر بتحسن عما قبل, ساعدته السباحة كما أن مشاهدة أوليفيا مجدداً سحرته, كانت فاتنة جداً وإنما هي خيالية جداً وجعله كل شيء فيها يحس نوعاً ما بأنها وحيدة، وكان يحس أن رؤيتها تجعله يريد التمدد ولمسها كفراشة فريدة لمجرد التأكد من أنه بوسعه فعل ذلك. 

في الساعة الرابعة صباحا إتصل به فرانك و صحاه وسأل عن الانباء حول منتجهم الجديد, قال له بيتر بأنهم لم ينهوا الإختبارات الاخيرة بعد وأنه يحتاج لعدة أيام للبقاء في باريس كي يعلم النتيجة، كان فرانك متحمسا للإحتفال والحصول على المكاسب فقد سمع الانباء من اجتماعات ألمانيا وسويسرا لكنه لم يسمع ما جرى في باريس ولم يجرؤ بيتر على القول له، لكن كيفية إخبار فرانك هي الشاغل الوحيد في راس بيتر حتى أنه لم يقدر إنهاء بعض الاشغال التي أحضرها معه, كان يرغب في عمل أي شيء ليحس بتحسن سوى العمل. 

ذهب في نزهة في النهار و رجع للفندق وطلب طعام العشاء, وفي اللحظة التي كان يفكر في أن يخرج ليسبح رن جرس الإنذار, قام عاملو الفندق بطرق أبواب حجرات النزلاء وطلبوا منهم ان يخرجوا وساعدوا النساء وكلابهم، كان سبب الإنذار إبلاغ عن قنبلة موقوتة. تجمع الكل خارج الفندق في ساحة اسمها ساحة الفاندوم ومن بينهم كانت أوليفيا التي ظل بيتر ينظر إليها بافتتان رغماً عنه، كان يرى فيها ثمة شيء هادئ و لطيف على نحو جميل كما لو أنها كانت ملاكاً ووصلت للتو إلى الأرض. 

بدت أوليفيا متضايقة من نظر الناس إليها وكانت فرحة عندما يتجاهلها الكل، وكانت تحاول الوقوف للخلف وراء كل النزلاء أما بيتر فكان يحدق بها طوال الوقت . خرجت بعض الإشاعات حول الشخص الذي ترك القنبلة لكن ذلك لم يهم أوليفيا التي كانت تتدارى وأدارت ظهرها للنزلاء وبدت كأنها تسرع حتى بدا واضحاً أنها تهرول بسرعة نحو الزاوية, ولم يكن يهم أيضاً بيتر الذي كان يحدق بها وبدأ يبتعد و يلاحقها رغم أنه لم يكن يعرف ماذا سيقول لها إن توقفت وسألته لماذا يلاحقها. 

توقفت ورأته، كانت تعتقده مصوراً ثم تقدمت امامه وسألته من يكون, وحين عرفت أنه الذي كان بالمسبح اعتذر منها و خجل منها بسبب تطفله وقال: فقط أردت أن أتأكد أنك بأمان فالوقت تاخر، فسألته بصراحة: لماذا تلاحقني إذاً؟, وهي تنظر إليه تمنى حينها لو قدر أن يلمس وجهها ثم أجاب: لا أعرف فضول .. غباوة.. شهامة .. إعجاب.. أراد أن يقول إنه مفتون بها لكنه لم يقدر. 

 قالت له أنها هربت من الظلم ربما .. أحياناً اعمل ذلك، وبعد أن تحدثا معا قليلاً أخبرها عن ذاته وعرض عليها احتساء كاس قهوة فقبلت، ثم سألته هل تتبع النساء دائماً هكذا فقال لها : إنها المرة الأولى فقالت: في الواقع أنا فرحة جداً لأنك فعلت ذلك وبدت سعيدة وكان هو سعيداً بوجودها الى جانبه ، وبدأت تخبره عن ذاتها وبالأخص بعدما عرفت أنه يعرف هويتها، فقالت له أنه لا أحد ينتبه لوجودها إلا إذا أرادوا منها إلقاء كلمة انتخابية في نادي النساء, وأنها تحس أنها كالشجرة الإصطناعية التي تضفي على ديكور المسرح السعادة دون أن تحتاج للاهتمام ، كان بيتر مفتونا بها وتمنى لو أنه غير متزوج، لكنه متزوج ولن يعمل ذلك بكاتي ولن يخونها. 

كانت تخبره عن معاناتها , وعندما بدأت تخبره أن إبنها مات وهو صغير وقد بدا الحزن ملاحظاً على وجهها أمسك بيدها و اعتذر على ما حصل لها وهي لم تسحب يدها، لقد كانا غريبين الامس في حوض السباحة واليوم صارا اصحاب تقريباً في مقهى مونمارت، حتى أنها قالت له انها تقدر إنجاب طفل آخر لكن ليس في هذه الاحوال وليس من زوجها المنتخب للسياسة فإن السياسة عدو لها. أصبح الوقت الساعة الخامسة صباحا فقررا المغادرة, كانت تحلم بأن يكون لديها صديق تفتح له قلبها وكذلك بيتر كان هذا مايريده , فقد كانت زوجته متعلقة بابوها فرانك ولا تخفي عنه أي شيء وهذا ما كان يزعج بيتر ويمنعه من إخبارها بكل شيء. 

عندما وصلا كان يحس بالأسف لكليهما وبالأخص لأوليفيا، فكل واحد منهما عليه أن يواجه مستقلبه، كان مفتونا بها وأراد أن يصرح لها بحبه لكنه منع ذاته ومنع نفسه من أن يقبّلها, وكانت الساعات التي امضاها يتحدث معها في المقهى بمثابة هدية القدر له، و قالت له إن ساءت بها الأمور ستفر إلى مكان طالما ذهبت إليه أيام الجامعة وهي بلدة صغيرة جنوب فرنسا لصيد السمك إسمها لافيير. 

أوليفيا كانت تعرف أن زواج بيتر من خلال حديثه فيه نقص لكنها لم تريد أن تخبره بذلك كي لا تضايقه، ودّعها بود كصديق و تركها. كانت متمنية لو يكون لها وهو أيضاً تمنى الشيء ذاته , فهو لم يتكلم براحة البتة مع كاتي كما تكلم مع أوليفيا. 

نام بيتر حتى ظهر اليوم وعندما أفاق كان متعبا ومع ذلك كان كل ما فكر فيه هو أوليفيا ووجهها وعينيها , تحدث مع كاتي و قال لها أنه سيظل عدة أيام بسبب تأخيرٍ بالإختبارات، كانت المكالمة غير مثالية و قصيرة، وبقي يتذكر وجه أوليفيا و يتصور كما لو أنها في مطبخ بيته وتعد له الطعام لكنه استفاق على نفسه فجأة, لم تكن أوليفيا حياته بل كاتي هي حياته ولكنه ما زال يكره علاقتها بابوها التي تجعلها تقول له كل شيء وتجعله يتدخل في حياتهما. 





بات بيتر مفتونا بأوليفيا، قرر الذهاب إلى المسبح وحاول أن يقابلها, بحث عنها في المصعد وفي النادي وفي كل مكان لكنه لم يراها ابدا ، وسبح وحيداً لكن السباحة لم تفيده ولم تبعدها عن فكره ، عاد إلى حجرته وفتح على الأخبار على السي إن إن وفقد عقله عندما كان المذيع يقرأ نبا عن أوليفيا: لقد فرت أوليفيا تاتشر ليلة الامس إثر تهديد بقنبلة وكان يلاحقها رجل, ولا نعرف إن كان يلاحقها بخبث أو بالصدفة أو عن خطة مسبقة بينهما , وأن شخصاً رآها تدخل الفندق فجرا , لكن في الوقت هذا لا نعرف إن كان هذا فعلا كريهاً أو أنها مجرد خرجت لترفه عن ذاتها مع بعض الاصحاب, وكل ما يعلمونه عنها أنها اختفت وغير متواجدة بالفندق. 

قرر بيتر أن يخرج إلى زوجها ويخبره أنه من كان معها في الامس وأوصلها إلى الفندق ولم يقابلها بعد ذلك حتى يبرأ نفسه, وأن يقول له عن المكان الذي قد تكون فرت اليه وهي قرية لافيير, وحين انتظر بباب حجرته حتى يقابله إشتم رائحة الدخان وسمع القهقهات وشك فيما إذا كان زوجها مهتماً بالعثور عليها فعلاً, وعندما عاد لحجرته وجدهم يتحدثون في الاخبار عن القتل أكثر من الخطف ويعرضون صوراً لها وهي بائسة وتبكي حين توفي شقيق زوجها ومات إبنها. جن جنون بيتر فهو يعلم أكثر مما يعلمونه وشعر أنه مدين لها بالسكوت حتى يتأكد من أنها في تلك البلدة. 

أخذ مركبة من الفندق وذهب ووصل إلى بوييه وهو يتصور أوليفيا, يتخيل وجهها وعينيها وكل شيء فيها، كان يفكر إذا كان تتبعه لها هذه المرة شيئاً حسنا فهو بالكاد يعلمها لكنه في هذه المرحلة قرر أن عليه البحث عنها وربما أقنعها بالرجوع معه. وصل إلى لافيير في السادسة و غفا حتى التاسعة ثم صحي على ضجيج أولادٍ يلعبون قرب المركبة وخرج للبدء بالبحث عنها, سار على طول الشاطيء وكان ينظر إلى البحر و الشمس , إنه مكان ساحر فعلاً كما قالت له أوليفيا ثم فجأة رآها من بعيد وهي تمشي باتجاهه وتبتسم له, كانت جميلة و ساحرة. 

جلسا على مقعد وسألته ماذا يعمل هناك وهو سألها: قلت لي أنك سترجعين. وغاصت عينيها في عينيه من دون دهشة و لا غضب وبرضى تام لوجودهما معاً، وبقيا كذلك يحدقان في بعضهما بصمت, كانت فرحة من مجيئه وهو كان فرحا لرؤيتها، وتحدثا عن حياتها و بؤسها مع زوجها وأخيراً قالت: أتمنى لو اظل هنا إلى الأبد وبدت كما لو أنها تعني ذلك. 

سألها بيتر: حقاً؟ هل إذا هجرته ستعودين إلى هنا؟, أراد أن يعلم أين يتخيلها في راسه حين يفكر بها في ليالي الشتاء الباردة و الطويلة في غرينتش. 

قال لها: بما أنك مهمومة مع زوجك فعليك تركه إذاً، لكن في نفسه كان يخاف عليها من البقاء وحيدة وكان ليس من السهل عليه عدم رؤيتها، فمنذ يومين صارت مهمة بالنسبة له، لكن قال لها: عليك أن تتكلمي مع زوجك على الأقل لطمأنته بسبب الانباء التي صدرت عنك، لم ترغب بذلك و دَعته لان يظل معها في تلك القرية واستئجار حجرة في الفندق الذي تنزل به وأن يخرجا إلى السباحة معاً في المحيط. 

جلسا على الشاطيء و بدا وكأنهما متسكعين, قال لها: أريد أن اظل هنا من أجلك وكان يحدق بها ويبتسم ... ولكن ليس لدي الحق في ذلك. كان البقاء معها مثل البلسم الذي يشفي كل اوجاعه فقالت: اعلم ذلك لكن لا أتوقع منك أي شيء وبدأت تقول له قصدها فقال لها: ششش و ناما على رمل الشاطيء و التقطها بين ذراعيه وقبّلها. لم يكن هناك من يهتم لما يعملانه أو لالتقاط الصور ونشر الانباء عنها، لقد قبّلها بكل الشوق الذي كان نائماً بداخله, وحينها احس كم أن كاتي كانت باردة معه، كانت قبلات أوليفيا له عنيفة بقدر قبلاته وروحها أكثر شوقا, وبعد ذلك قال وهو يلتقط أنفاسه: أحبك أوليفيا, قد يكون ذلك جنون بالنسبة إليك لكنني احس كما لو أنني عرفتك طوال عمري ولا أملك الحق في قول ذلك, لكنني أحبك وحينها هي قالت له أنها تحبه أيضاً. 

إشترى لبس سباحة له وسبحا في المحيط وكانت أكثر فتنة من المرة الأولى في نادي الفندق في باريس, ولكنها احست بالحماية معه, ثم لاقا قارباً فجلسا ليستريحا به, وقد احتاج إلى كل قوته ليمنع ذاته من فعل شيء معها في القارب الصغير فقد كانت تسحره بلطفها وجمالها، ثم رجعا إلى الشاطيء وأخبر كل واحد منهما الثاني عن حياته منذ الطفولة حتى تلك الدقيقة، وكان من الصعب منع ذواتهما من الإنجراف وراء مشاعرهما لكنهما اتفقا أن هذه الصداقة رائعة وإن حدث شيء بينهما سيعقد عليهما المواضيع فيما بعد، لكن تواجده معها و الصدق الذي كان بينهما في التحدث جعله يريد تغيير كل ما حصل معه. 

رجعا إلى الفندق وتناولا الطعام بعد أن اصرت عليه أن يبقى الليلة وينطلق إلى باريس في صباح اليوم التالي بعد ليلة نوم، وعندما ذهبا لاستئجار حجرة له لم يجدوا حجرة فارغة للأسف, وقفا يتطلعان لبعضهما وقالت: يمكنك النوم على الأرض في حجرتي معي, وابتسمت له ابتسامة خبيثة مع توكيد التزامها بعدم القيام بشيء سيندمان عليه فيما بعد ، لكن يصعب تذكر ذلك بعض الوقت ومن المحزن الإعتراف بذلك، قال: هذا أفضل عرض حصلت عليه منذ مدة سأقبل به!.

 وبعد نزهة في المساء على الشاطيء سألها ماذا ساعمل بدونك؟ قالت: لا تفكر في ذلك وقبلته, وقد بذلا كل قواهما ليبتعدا عن بعضهما البعض ، ثم سارا نحو الفندق ببطء وهما ممسكين ببعضهما وصعدا إلى حجرتها الصغيرة، و قال لها يجدر بك أن تبقي مستيقظة طوال الليل و ترشيني بالماء البارد, وابتسم لها ابتسامة خبيثة بينما كان يقول ذلك، و قال لها أنه سيفعل أي شيء ليحصل على عصا سحرية ويغير كل احوالهما لكي يصبح لهما الحق في فعل ما يريدانه لكنهما عرفا أنهما لا يملكان الحق في ما يرغبان به وكان هذا اختباراً حقيقياً لاستطاعتهما على عدم إطلاق العنان لرغباتهما. وعندما دخلا إلى الحجرة أعدت له فراشا غريباً على الأرض و نام ببنطاله الجينز و قميصه القطني, أما هي فارتدت قميص نومها ونامت على الفراش وأمسكا بأيدي بعضهما وتحدثا لساعات ثم غفت هي على الرابعة فقبلها وعاد إلى فراشه الأرضي. إستيقظا في الساعة العاشرة وكان متكسرا من الأرض, ودلكت له ظهره قليلاً ثم جلس وقبلها مرة و ثانية, وأخبرته: أنها حلمت بأنها كانت على وشك ان تغرق في حوض السباحة وهو ساعدها، ثم قالت: إن هذا ما حصل بالفعل عندما رأيتك كنت أغرق وأنت من ساعدتني، وهنا ذهبت كل وعودهما بأن لن يصير بينهما شيء هباءاً فقد كان اشتياقهما أكبر من وعودهما. قالت له بأنها تحبه وكانا فرحين أكثر من أي يوم سابق ، وقال بيتر: لست قويا, في النهاية ابتسمت له بنعاس وقالت: أنا سعيدة لأنك لست شهماً ثم قررت الرجوع معه إلى باريس، خرجا من الفندق كما لو كانا خارجين من جنة عدن. 





وصلا إلى الفندق وهما بائسين وقبّلا بعضهما بعنف ثم أنزلها قبل الفندق بقليل و نظر اليها وهي تدخل والدموع تنهمر من عينيها وهو كان يفكر بها و يبكي ، لقد وعدا بعضهما بأن لا يتكلما مع بعضهما لكنهما سيرسلان لبعضهما من وقت لثاني، وأنهما سيتذكران ما جرى معهما في اليومين الفائتين وبالأخص عندما أطلقا العنان لرغباتهما في الصباح، كان قلقاً عليها و خائفا مما سيحصل معه. 

وحين عاد إلى حجرته وجد ظرفاً صغيراً ينتظره، لقد اتصل به الدكتور بول لويس سوكارد وطلب أن يكلمه في أسرع وقت، حينها خرج من الخيال الذي عاشه مع أوليفيا وعاد راسه إلى الحياة الحقيقية التي هي عائلته وعمله رغم أن أوليفيا كانت مسيطرة على قلبه و فكره وكل ما به. إتصل بيتر بالدكتور بول سوكار و خرج للإجتماع به, وكانت الانباء أن مادة واحدة من المواد المهمة في فيكوتيك ضارة ويمكن التخلي عنها ولن يكون عليه التخلي عن المنتج كاملا بل استبدال هذه المادة فقط، ويمكن إحداث بعض الاختلافات في ستة أشهر أو عام. كان بيتر تائهاً في أفكاره ثم رجع للفندق وحزم حقائبه و ذهب متوجهاً للمطار, وبينما كان يركب السيارة راى أوليفيا من بعيد تركب سيارة ضخمة مع زوجها والحرس الشخصيين, أومأ لها من بعيد و ترك كل منهما في طريقه. 

رجعت أوليفيا وصدرت الأخبار تقول بأنها رجعت وقد كانت فاقدة للذاكرة لثلاثة أيام بسبب حادث مركبة وهي في طريقها لزيارة صاحب لها, وشخص ما راها في المستشفى وأخبر عنها. كان بيتر مندهشا لما لفقوه من كذبة حول هروبها وذلك لكي لا يؤثر الامر على ترشيح زوجها للرئاسة، وكان بائسا لأنه سيغادر و يرجع لكاتي وفرانك و يهجر أوليفيا وربما لن يقدر رؤيتها بعد ذلك ولو لمرة. 

جلست أوليفيا في حجرة الجلوس في جناحها وهي عازمة على أن تقول لزوجها بأنها ستهجره لكن بالطبع هو لم يكن معنيا لما تريد، هو فقط كان يخاف من أي شيء يمكنه أن يؤثر على انتخابه، وحين قالت له طلب منها أن تظل معه الخمس اعوام القادمة حتى تنتهي مدة حكمه الأولى إن فاز بالإنتخابات وأن تنجب له ابنا وأن يعطيها مبلغاً من النقود نهاية كل عام، شعرت أنها تدين له فهو كان اب لولدها الذي مات ومازال زوجها، فقالت له أنها ستقبل مقابل شروط أن يكونا متزوجين فقط مقابل الناس، وأن تكون لها حجرة نومها الخاصة أينما خرجا وأن لا تنجب أولاداً ثانيين وأن تأخذ مليون دولار نهاية كل عام، لكن إن لم يفز فستتركه في اليوم الذي يلي الإنتخابات. هي بالطبع لم تكن تريد ان تبقى معه مجدداً لكنها ارغمت نفسها على ذلك كي لا تحس أنها مدينة له بشيء بعد ذلك، كان زوجها فرحا فقد حصل على ما أراد لكن ليس الابن، وحاول آخر شيء بإقناعها بتبني ولد فوجود طفل سيعاونه في فوزه بالإنتخابات، لكنها لم ترضى أن تتبنى طفلاً معه ومن أجل السياسة فقط، كانت تفكر بإنجاب ابن من رجل آخر وربما تتبني ابنا ولكن ليس معه .

 في هذه الأثناء كان بيتر قد وصل نيويورك و انتقل على الفور إلى الشركة والتقى بفرانك الذي كان يحضر زجاجة مشروب جاهزاً للإحتفال بالأخبار السعيدة، وعندما قال له بيتر أن فيكوتيك يوجد به مادة سامة وعليهم تبديلها بمادة ثانية وسينجحون ولكن يحتاجون إلى مدة أطول كانت ركبتي فرانك ترتعشان ولم يكن قادراً على الوقوف وجلس على المقعد وقال: لكننا اجرينا اختبارات في جنيف وفي برلين وكانت النتائج حسنة في كل مرة في اختباراتهم، قال له بيتر: لكن في باريس لم ينجح جزئياً الآن على الأقل ، جن جنون فرانك عندما سمع أنه يريد من ستة شهور إلى عام كي يصبح جاهزاً ليمثل أمام دائرة الادوية و الاغذية بينما كان موعد الجلسة بعد ثلاثة شهور فقال لبيتر: أمامك ثلاثة شهور لتحل وتتخطى اي عوائق وأن يكون جاهزاً للمثول أمام دائرة الادوية و الاغذية ، كان بيتر مجهدا وحدثت مشاحنات بينهما.





 غادر بيتر إلى المنزل وعندما دخل المنزل لم ترحب به كاتي و ظلت باردة معه, وبعد ذلك وفيما كانا يتناولان طعام العشاء كانت تدافع عن ابوها والذي كان قد سبق وأخبرها بما حدث بينهما من شجار , كانت بالطبع تقف في صف والدها ولم تهتم لتأثر بيتر ،ولم تشعر حتى بمدى اجهاده، غضب بيتر منها لموقفها وطلب منها عدم التدخل في موضوع كهذا فهي لا تعرف المواضيع جيداً، هي تعرف المواضيع فقط من وجهة نظر فرانك. 

كان بيتر مجهدا جداً وخلد إلى النوم وكانت كاتي بقربه لكن رغماً عنها، فلم تكن تريد تصديق أحد غير ابوها رغم أن بيتر شرح لها ما جرى بالضبط لكن لم يكن يهمها سوى الوقوف مع ابيها حتى لو كان على حساب زوجها، وفي أثناء غفوته حلم بيتر بأوليفيا تختفي من أمامه وتظهر له كاتي وهي غاضبة. 

خفت المشاجرات خلال الأسبوع وبعد ذلك اراد فرانك منح مزيد من المال لحل عوائق فيكوتيك, ولكن كان على بيتر أن يحل المشاكل باسرع ما يمكن ، وعندما اتصل ببول سوكارد كي يتحدث معه على الإجراءات وجد أنه قد أخذ عطلة ولا أحد يعلم أين ذهب في عطلته، إنزعج بيتر فإنه ليس الوقت الملائم لذلك. بقي بيتر في نيويورك لينجز الاشغال خلال الأسبوع أما كاتي و ابوها والأولاد فذهبوا إلى الريف. 

في يوم ظهرت انباء زوج أوليفيا أنه ترشح للرئاسة وكانت أوليفيا تقف بقربه, وعلم بيتر أنها تفعل ذلك ليس حباً به و لكن من أجل الواجب فقط ، كان حينها يفكر في ما جرى وكيف أن أوليفيا فتحت عينيه على الحقيقة بطبيعتها الرائقة, فكل شيء كان طبيعياً أصبح الآن يسبب له الضيق, طريقة تعامل كاتي معه وطريقة ابوها وغياب الابناء حتى أنه لا يقدر ان يتكلم إلى أحد فكاتي لا يهمها سوى والدها. 

وبعد أسبوعين جاءته مكالمة ذهل لما سمعه وذهب لكي يتحدث مع والد كاتي فقال له فرانك: لقد طردته ، قال بيتر: لماذا طردت بول لويس سوكارد ؟ لأنه أخبرنا الانباء السيئة؟ لكنه ساعدنا على المدى الطويل, إنه أحد أشهر خبراء فرنسا وكان يمكنه أن يعاوننا لتسريع الأبحاث. بدأ بيتر يحس أن والد كاتي مجنون حقاً، ثم اتصل ببول سوكارد و تاسف منه كثيراً و قال له أنه لا علم له بطرده وأنه صدق كل ما قاله عن فيكوتك وأنه سيعمل برايه، فهم بول سوكارد ذلك و قال ل بيتر أنه تلقى عرضاً من شركة ثانية وهو يحاول أخذ قراره. 




وفي يوم كان وحيداً في البيت يشاهد الأخبار وإذا بالأخبار تتكلم حول حادث يخت لزوج أوليفيا فجن جنونه ، كان الخبر كالتالي: لقد كان ما يقارب عشرة أشخاص على اليخت منهم السيد تاتشر وزوجته أوليفيا تاتشر و اخوها عضو الكونجرس وبحاراً وبعض الاصحاب، وارتطموا ببعض الاحجار خلال الإعصار وغرق اليخت ونجا السيد تاتشر وحيدا وما زالوا في عملية البحث عن الباقين، ومن بين الغارقين أوليفيا وقد لاقوها وهي في حالة خطيرة في مستشفى أديسون جلبير، بعد ذلك عرضوا صوراً لها وذكروا كل المشاكل التي حصلت معها، كان بيتر مرتعبا جداً على أوليفيا وأخذ يجهش بالبكاء. وبعد أن أتى ولده إلى الحجرة ومعه كاتي صعد بيتر إلى حجرة النوم وحاول الإتصال بالمستشفى لكن الممرضات لم يطمئنوه قالوا فقط إنها في العناية المشددة في غيبوبة ، وبقي يتصل كثيراً بالمستشفى ليعرف اخبار أوليفيا إلى أن قالت له الممرضة أنها بخير وقد استيقظت.

 بعد مدة عادوا إلى البيت وكان وقت الرجوع إلى المدرسة قريباً جداً، كان ما يزال يفكر بأوليفيا ومقتنعاً بارائها حين أخبرته أن كل ما عمله كان بشطارته وجهده ولا دخل لكاتي أو فرانك بذلك. وبعد يومين جاءت له بطاقة بريدية في شغله كانت مكتوبه بخط يدها الصغيرة, إنها من أوليفيا كان عليها رسمة لقارب صيد صغير و رمز علامة البريد أنها من لافيير البلدة الصغيرة جنوب فرنسا وتقول: لقد ذهبت من المنافسة للأبد وأنا هنا مرة ثانية ، آمل أن كل شيء معك على احسن ما يكون ، تذكر أن كل ما عملته هو بفضل جهدك وليس بفضل أحد ثاني، أحبك دوماً إعتني بنفسك، قرأ البطاقة مرة ثانية وكان سعيداً لأجلها, إنها تعيش بحرية الآن بعيداً عن حياة زوجها السياسية. 

صدرت نتائج لفيكوتيك وكانت احسن من التي قبلها لكن لم تكن حسنة إلى حد اعلان المنتج وتجربته على الناس، وبدأت المشاكل بين بيتر الذي كان يخشى من إطلاقه مبكراً ويكون السبب في قتل مرضى بريئين وبين فرانك الطماع الذي ينتظر الربح في أسرع ما يمكن, وخلال نقاش كبير بين بيتر وفرانك قال فرانك لبيتر: أنا من عملتك ووضعتك في هذا المنصب لأن إبنتي رغبت بك , وهذه الشركة هي مالي ومال كاتي ولن اجعلك تقرر ما تريد فالقرار لي أنا، أنت مجرد شخص عملته بهذه الهيئة لأن إبنتي رغبت الزواج به، جن جنون بيتر وحينها تذكر حديث ابوه عندما قال له: إذا تزوجت كاتي سوف تصير اليد المستأجرة. 

وأثناء الحديث اصابت فرانك نوبة قلبية فقد كان يصيح بشدة ويلقي كلاماً كالخناجر على صدر بيتر فقد كان كالبالون المضغوط حين يتفجر، أغمي عليه ورن له بيتر على الإسعاف لكنه عرف في سريرته أنه مهما جرى لن يسامح فرانك على خبثه، و قال لكاتي التي جن جنونها و عرفت أنهما كانا يتناقشان لكن بيتر لم يقول لها كيف كان ابوها يتحدث ويصرخ لأنه إذا توفي كانت ستلقي اللوم عليه هو. 

خلال يومين تحسن فرانك و قال لكاتي ما جرى بينه وبين بيتر, لكن ما قاله لها هو الكذب فقد عكس المواضيع وأخبرها أن بيتر هو من تشبث به بقوة وألقى عليه كلاماً قاسيا حتى كاد يقتله، وعندما قالت كاتي لبيتر هذا وكانت مُصدّقة تماماً لما قاله ابوها جن جنون بيتر ولم يكن مصدقاً أن فرانك رغم حقارته ووكلامه ضد المنطق عن إطلاق المنتج قد اتهم بيتر بما حدث معه 





تحسن فرانك بعد أسبوعين و رجع إلى المنزل وبقيت كاتي في بيت ابوها تعتني به وكان ذلك افضل لبيتر، بقيت كاتي تقف بصف ابوها حتى أجبرت بيتر على المثول أمام دائرة الادوية و الاغذية لتجربة المنتج على الناس قبل أن تنتهي كل التجارب. كان بيتر غير موقن مما يفعله واتصل بالطبيب بول لويس سوكارد وطلب نصيحته، وعندما بعث له التقارير بالفاكس قال له أنه يريد مزيداً من الوقت وليس عليه المثول أمام دائرة الادوية و الاغذية وطلبِ الإذن لكي يعلن المنتج. 

كان حزينا ويشعر أن كرامته وحياته في خطر, ورغم أنه قال الكثير لكاتي عن خطورة الدواء الان إلا أنها تقف في صف ابوها وتريد ما يريده ابوها، كانت باردة جداً وقاسية مع بيتر وهي تتكلم معه، في هذه الأثناء كان بيتر غارقا في أفكاره وفكر في ماذا سيحدث لهما و للابناء؟.

 خرج بيتر ومعه كاتي للمثول أمام دائرة الادوية و الاغذية، كان قلقاً مما سيجري وكاتي كانت قاسية معه فهي تؤيد أفكار ابوها كما فعلت دائماً، وحين مثل بيتر أمام دائرة الادوية و الاغذية أخبرهم عن فيكوتيك بكل اخلاص وخرج من الحجرة بعد أن أخذ موعداً ثاني بعد ستة أشهر. كانت كاتي تحترق غضباً وكان بيتر يعرف ذلك وربما خسر زوجته و ابناءه أيضاً, لكنه احس أنه محترم وأنه فعل الشيء الصحيح وعلى ابناءه أن يعرفوا ما الذي ناضل والدهم من أجله. تاسف من كاتي عندما خرجت من الحجرة وأخبرها أنه لم يكن يريد اخبار الحقيقة لكن كان من الصعب عليه أن لا يقول الحقيقة أمام اللجنة، طبعا كاتي لم تفهمه كما هى دائما لكن هذا لم يعد يهمه. 

دخل إلى اللجنة وهو رئيس مؤسسة عالمية وخرج منها وهو لوحده وقد خسر وظيفته وزوجته ومنزله ، لكنه لم يحس بالأسى فكان ما يحس به هو كرامته التي لم يتخل عنها، وفيما هو يتطلع إلى السماء ويبتسم لذاته سمع صوتاً مألوفاً من خلفه وفيه نكهة وميزة توحي بأنه جاء من زمن ثاني لقد كانت أوليفيا ، كان يتوق لاحتضانها وكان يتذكر الأيام الخمسة التي امضاها في باريس وما حدث بينهما وكل الأحداث التي غيرت حياتهما، و قالت له أنها فخورة جداً به وأنه قوي لما فعله، وقالت له أن شقيقها علم كل شيء عنه ورتب لها كل شيء لتأتي و تسانده. 

لقد تخلى كل من بيتر وأوليفيا عن حياتهما و صارا الآن حران رغم أن هذا بثمن كبير, لكن كان من الاحسن حدوث ذلك لكليهما، ثم تواعدا مرة ثانية وفي النهاية قال لها: هل اقدر أن أشتري لك فنجاناً من القهوة، وابتسم كل واحد منهما للثاني. نعم إنها الحرية، وأمسك بيدها و مشيا نحو الحرية يدا بيد . 


                                             النهاية.
تفاعل :

تعليقات