القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية الغريب الجزء الأول .ألبير كامو. إعداد وإشراف . رجاء حمدان




رواية الغريب الجزء الأول .ألبير كامو










 



يصل خبر وفاة والدة ميرسو اليه ولا يظهر أيّة مشاعر حزن على والدته، وعندما يذهب الى مركز الرعاية التي كانت تقيم به والدته كي يحضر مراسم جنازتها ، يرفض رؤية جثمانها و جلس بقربها وهي ميتة، يشرب القهوة ويدخن ويتبادل الأحاديث مع الأشخاص الذين حضروا العزاء، واظهر وعدم المبالاة بموت والدته ، واتضح بان عدم المبالاة والعبثية هي ما ميزت شخصيته الغريبة تلك والتي سببت له فيما بعد العديد من المشاكل واوقعته في مصيبة كبيرة جدا أدخلته السجن . ليتم القبض عليه ويدخل السجن و تدور بقية أحداث الرواية حول الفترة التي يقضيها ميرسو في السجن، حيث يخضع للمحاكمة في جلسات عديدة، والتي كان يظهر خلالها يحتفظ بهدوئه بشكل دائم، وقد وجَّه إليه المحقق ملاحظات كثيرة حول قسوته في التعامل مع من حوله ، وحول قسوته في جنازة والدته عندما لم يبدِ أي تعاطف معها، ويطلب منه المحقق الذي يعجز عن فهم تصرفاته وانفصاله عن الواقع أن يؤمن بالله، لكنَّ ميرسو يصرُّ على أنَّه لا يؤمن بالله، واعتاد في تلك الفترة على العزلة وحياة السجن.... لسماع الرواية الرجاء الانتساب الى القناة من اجل دعم القناة:
https://www.youtube.com/channel/UChQ8cuMtdK57I-YRZ_qtHPg?view_as=subscriber





رواية الغريب الجزء الأول .ألبير كامو.  

إعداد وإشراف . رجاء حمدان 

 

 

 

وصلتني برقية من مأوى المسنين توفيت والدتك والدفن غدا.احتراماتنا..يقع مأوى المسنين في مدينة مرنغوالتي تبعد  عن  من مدينة الجزائر ما يقارب الثمانون كم ..طلبت من رئيسي بالشغل إجازة ليومين ،..كان يومها الجو حارا جداً. تناولت غدائي كالعادة  بمطعم سيليست.كان الجميع حزينا لأجلي، قال لي سيليست مواسياً : ليس للمرء سوى أم واحدة.

ركضت حتى لايفوتني الباص. كنت مشوش الذهن قليلا وتمكنت اللحاق بباص الساعة الثانية المتوجه الى مرنغو، عندما وصل الباص البلدة  كان المأوى يبعد عن موقف الباص كيلومترين ،فقطعت المسافة مشيا. أردت رؤية أمي فوراً. طلب منى البواب الذهاب الى المدير ،نظرالمدير  في الملف  الذي امامه ثم قال لي:لقد  أدخلت السيدة مورسو إلى هنا منذ ثلاث سنوات.وقد كنت أنت كفيلها الوحيد. خلته أنه يعاتبني بأني غير مهتم بأمي فصرت  أبرر له موقفي.لكنه  قاطعني قائلاً: لست مضطراً إلى تبريرموقفك  يا بني ،لقد قرأت  ملف أمك .ما كان بإستطاعتك خدمتها  وتلبية إحتياجاتها. كانت بحاجة إلى عناية دائمة.. وراتبك بسيط. فكان الافضل وجودها  في المأوى ، ولم يمضي عليها سوى عدة أشهر حتي تعودت على جو المكان حتى أنها لاترغب بالخوج من المأوى.فقد أصبح  لديها  أصدقاء من سنها تتشارك معهم بذات الإهتمامات والأفكار ، ثم أردف قائلاً: .إن أصدقاء والدتك سوف يحضرون أيضا للسهر بجانب جثمانها الليلة.كما هي  العادات.

 

 

في القاعة المجهزة للعزاء داخل المأوى  بدأ أصدقاء أمي يدخلون الى القاعة بصمت واحدا تلو الأخركانوا مجموعة تتالف من اثني عشر شخصاَ،. وأكثر ما أثارني ! أني كنت أرى بريقاً  من النور يتوهج من بين ثنايا تجاعيد وجوهم. كانت تجلس في الصف الثاني عجوز تئن بصوت خافت  وتبكي بحرقة .مال علي البواب وقال : لقد كانت متعلقة بوالدتك  كثيراً كانت صديقتها الوحيدة هنا،.والآن لم يعد لها أحدا. .بدأت  كليتاي تؤلمانني.وما زاد الأمر سوءاً عندي هو صمت كل هؤلاء الناس من حين لآخر.

جاء المدير وقال لي : . أعتقد أنك ترغب في رؤية أمك انها في حجرة حفظ الموتى الخاصة  إننا نضعهم فيها حتى لا تتأثر مشاعر الآخرين.

 

 

 

 

فكلما ومات أحد النزلاء في المأوى يصبح المقيمون  هنا  متوترين ليومين وأكثر . 

عند باب بناية صغيرة تركني المدير قائلا:سوف  أتركك الآن،ياسيد مورسو.متى إحتجتني سوف تجدني في مكتبي.ثم  حددنا موعد الدفن عند الساعة  العاشرة صباحا.ثم اردف قائلا على فكرة : إن  والدتك،قد أسرت ذات مرة لرفاقها برغبتها في أن تدفن حسب الطقوس الدينية. وقد قمت بما يجب   لتلبية رغبتها ..شكرته ، وحدثت نفسي ،  إن أمي ملحدة ولم خطر ببالها الدين يوما. عندما دخلت .كانت الإضاءة في الغرفة ساطعة جدا كان في وسط  الغرفة مقعدان  ،يسندان تابوتا مقفل الغطاء .وبجانب  التابوت كانت هناك  ممرضة عربية ترتدي سترة بيضاء 

 

 

دخل البواب  من خلفي راكضا وقال لي وهو يلهث . لقد اقفلنا غطاء التابوت  ويمكنني  ان أفك البراغي لتتمكن من رؤيتها  وهم يفك البراغي ولكني استوقفته فقال لي الا تريد رؤيتها !! فأجبته كلا. تأملني قليلا ،ثم سألني مستفسراً : لم !! فقلت:لا أدري. فقال إني أتفهم الأمر.أعطاني كرسيا، وقال سأدعك وحدك. كان له عينان زرقاوان غاية في الروعه أخبرني أنه بارسياً وله من العمر  أربع وستون عاماً. في المساء.عاد البواب ودعاني إلى حجرة الطعام كي أتناول طعام العشاءولكني إعتذرت فلم يكن لى شهية للأكل بعد .فعرض علي فنجان قهوة بالحليب فلم أمانع .شربت القهوة. عندهارغبت  في تدخين سيجارة .لكنني ترددت إذ قد يكون من غير الصحيح أن أدخن أمام أمي. ولكني وجدت أن الأمر ليس ذي أهمية فقدمت حينها للبواب سيجارة وقبلها  

 

 

 

غفوت  قليلا وعندما استيقظت كان النهار قد طلع شعرت بألم كليتي يزداد علي ..كنت متعبا.فقادني البواب إلى بيته،وهناك تناولت مرة أخرى القهوة بالحليب وعدلت  من هيئتي . كانت الشمس قد ارتفعت قليلا . فوق التلال استشعرت بمدى المتعة التي كنت ساشعر بها بالتنزه لو لم تكن ثمة أمي.

 

 

 

.عندما وصلت  إلى مكتب المدير ،لاحظت أنه إرتدى ملابس سوداء قال لي: إن عمال الدفن  قد وصلوا سأطلب منهم إقفال الثابوت.هل  تريد أن تلقي نظرة أخيرة  على والدتك.أجبته: كلا. ثم طلب مني توقيع بعض الأوراق ، .قال لى :  أننا وقت الدفن سوف نكون وحدنا برفقة ممرضة المأوى. حسب نظام الماوى  غير أنه سمح بإسثناء لأحد أصدقاء أمي ليشارك في تشييع جنازتها؛ هو توما بريز.

وهنا ظهرت على ثغر المدير إبتسامة رقيقة .وقال لي:  هو وأمك لم يكونا يفترقان البتة.و كنا نمازحهما،فنقول لبريزإنها خطيبتك.فكانا يضحكان .يبدو أن  الأمركان  يروق لهما .و قد آلمه  موت السيدة كثيرا ماكان بوسعي رفض طلبه..ثم  أخبرني ان ابلوغنا  الى الكنيسة يحتاج ما يقارب ثلاث ارباع الساعة مشيا على الأقدام ،.وحين وصلنا،قام القس. وناداني وقال لي بعض الكلمات.ثم دخل،وتبعته.لمحت التابوت فكان قد دق بالمسامير بشكل كامل ، وبدأ القس يتلو صلواته. أمام الباب كانت هناك  ثمة عربة مدهونة ومستطيلة ،يقف بجانبها منظم المأتم،.سار  الخوري في المقدمة يتبع العربه ،وحول العربة أربع رجال ،وفي الخلف أنا والمدير وفي نهاية الموكب كان السيد بريز والممرضة . أخدت الحرارة بالارتفاع وشعرت بالحر الشديد ، استدرت قليلا ناحية السيد بيرز فلاحظت أنه يعرج عرجا خفيفا. كانت ثمة دموع كثيرة تنهمر على خديه حتى أنه في وقت لاحق من تشييع الجنازة أغمى عليه .كان هناك أيضا القرويون الجالسون على الأرصفة، ،وفي النهاية أهيل التراب فوق تابوت أمي

 

 

 

عندما عدت ، ودخلت شقتي شعرت بأني سوف أنام في  فراشي يوما ً كاملا من شدة التعب .. وعندما افقت لم أرغب في النهوض من فراشي ، كان لايزال لدي ثلاثة أيام إجازة حيث صادفت الاجازة التي أخذتها لجنازة أمي مع إجازة نهاية الإسبوع ، قررت أن أذهب  لقضاء يومي بالسباحة فذهبت إلى مؤسسة مسابح الميناء ..كان هناك الكثير من الشباب. وفي الماء التقيت ماري كاردونا، كانت تعمل موظفة على الآلة الكتابة في نفس المكتب الذي أشغله  ، كنت وقتها أرغب فيها وأعتقدت أيضا أنها كانت ترغب في كذلك .ولكنها رحلت قبل ان يمنحنا الوقت للتعارف أكثر  .ساعدتها على إعتلاء   الطوافة،.استدارت نحوي. كان شعرها ينسدل عل وجهها بشكل عشوائي وجدت نفسي أصعد بجانبها على الطوافة..سألتها إن كانت ترغب في مرافقتي إلى السينما مساءاً فابتسمت ووقالت  أنها كانت ترغب في مشاهدة أحد افلام فانيويل ، وعندما شاهدتني مرتدياً ملابسي دهشت لوضعي ربطة عنق سوداء،فسألتني هل أنت في حالة حداد .أخبرتها أن أمي توفيت بالأمس ، فلم تبدي أي ملاحظة سوى إنكفاءة بسيطة برأسها 

 

 

بعد خروجنا من السنيما ،رافقتني ماري إلى المنزل.وحينما إستيقظت،كانت ماري قد رحلت. إن اليوم هو الأحد، لاأحب يوم الأحد أشعر فيه بالملل فعدت الى فراشي ونمت. لم أرغب في تناول إفطاري عند سلسيت،على ما هي عادتي ،فلابد أنهم هناك سيبدأون بطرح كم هائل من  الأسئلة عن جنازة أمي ، وأنا لا أرغب بذلك.  

 

 

عند الظهيرة أحسست بالملل و الضجر ورحت اتنقل في شقتي  هنا وهناك على غير هدى. حينما  كانت أمي هنا ،كانت الشقة مناسبة لنا.أما الآن فقد أصبحت واسعة بالنسبة لي،حتى اني قمت بنقل  طاولة الطعام إلى غرفتي. وصرت أعيش فيها ،وأهملت بقية الشقة 

اليوم كان العمل كثيرا في المكتب.وعلى غير العادة كان رئيسي لطيفاً معي.وسألني إن كنت متعبا،وسألني عن عمر أمي عمرها.فقلت له: أنها كانت تقارب  الستين عاماً.

 

 

 

 

 

عد انتهائي من العمل خرجت مع إمانيويل الذي يشتغل في مصلحة الشحن.  وعند المساء عدت مشياً الى شقتي وكنت سعيداً. 






   نهاية الجزء الأول ...الى اللقاء في الجزء الثاني 
تفاعل :

تعليقات