القائمة الرئيسية

الصفحات

تلخيص رواية لأنني أحبك:غيوم ميسو - اعداد واشرف رجاء حمدان




لسماع الرواية والاشتراك بالقناة ...قناة راجو شو... الرابط التالي : 


تلخيص رواية 
لأننى احبك - غيوم ميسو 
إعداد وإشراف - رجاء حمدان 









مساء عيد الميلاد وسط مانهاتن .. صعدت الموسيقية نيكول إلى المسرح تحت صوت التصفيقات الحارة , كانت نيكول امرأة شابة في الثلاثينيات من عمرها وبمظهر جذاب رزين, كانت مشهورة جدا  وبارعة فقد اخذت عدة تكريمات لا تحصى على خشبة المسارح العالمية, ولكن قبل خمس سنوات حلت عليها مصيبة  سوداء دمرت حياتها وأثارت ازمة وضجة  في وسط الصحافة والتلفزيون. على مسافة تقل عن الخمسمائة متر من هنا وقف رجل منتصبا بمشقة على طرف الطريق, ويكون هذا الرجل هو الإس دي اف ( إختصارٌ يقصد به متشرد ), كان هزيلا واهناً, كان في الخامسة والثلاثين من عمره مع أن مظهره  المزدرى يوحي أنه في الخمسين , في ما مضى كان لديه عائلة وعمل و زوجة وطفل ومنزل أما اليوم فلم يعد سوى طيف ضائع ..


آخر نقرة قوس من نيكول أحنت بعدها رأسها للجمهور وتلقت باقات عدة من الزهور ثم تركت المكان هي ومساعدها إيريك ليصعدا إلى السيارة, وفجأة  وبلمحة جاء رجل من قُطاع الطريق لينتزع ما معهما , خضع إيريك له و اعطاه الساعة   والهاتف المحمول ثم وقف الرجل وبعنف  وجه ضربة بالسكين لنيكول التي كانت حينها فى  دهشة وشبه منومة مغناطيسياً.. أمر غريب أن يقال أننا في لحظات الموت نرى اللحظات الاشد اهمية من وجودنا ولكن نيكول لم تشاهد إلا مشهداً واحداً : شاطيء ممتد  طويل على مد البصر ومقفر إلا من اثنين يشيران ناحيتها بفرح, الأول الرجل الذي عشقته منذ الأزل ولم تستطع ان وكيف تحتفظ به, والثاني إبنتها  طفلتها المدللة التي لم تحسن حمايتها, وفى هذه اللحظه من الاحساس وبلمح البصر جاء رجل وحاول حمايتها فتلقى عنها ضربة السكين بجسده النحيل  الواهن ثم ارتمى وتكوم على الأرض. جثت نيكول على الأرض على برودة الثلج لترى الرجل الإس دي اف الذي  فداها بحياته وانقذها , إنحنت باتجاهه ثم  صرخت وقالت لإيريك : إنه مارك زوجي !!.


إمتد مارك هاثواي على وسائد الصالون بينما قامت الجارة الطبيبة سوزان مارك بفحصه ومداواته , و قالت لنيكول أن جرحه بسيط ولكن حالته العامة ليست على ما يرام نظرت نيكول  بتاثر إلى مارك فرأت إنه لم يعد ذلك الرجل الذي تزوجته, وحدها الشهادات والتكريمات المعلقة على الجدران تشهد أن مارك كان ذات يوم عالمُ نفسٍ عظيم ناجح ومشهور, فقد كان نيكول ومارك يوماً من أشهر الشخصيات والثنائيات في نيويورك. كان كل شيء فى حياتهم رائع إلى عصر يوم الأحد من آذار حين اختفت إبنتهما الصغيرة ليلى ذات الخمس اعوام في احد المراكز التجارية هناك, وآخر مرة شوهدت فيها كانت تنظر الى الألعاب  وهى تقفز أمام واجهة ديزني ستور, وكانت مربيتها الأستراليه قد تركتها لبضع دقائق لتشتري بنطالاً من إحدى المحال المقابلة القريبة, لم تؤدى الإستفادة من أشرطة فيديو المراقبة إلى شيء لأن المركز التجاري كان ممتلئ يغص بالناس, وهكذا مرت الأشهر تلو الاشهر  والسنوات ولكن ليلى لم تظهر ثانية. أما مارك فإنه من ذلك اليوم حياته قد توقفت تماما , فبعد ثلاث سنوات من ضياع ابنته  قرر أن يترك منزله دون أن يترك أي خبر او اثر  لا لزوجته ولا لصديقه كونور, وبعدها  لم تعرف نيكول طعم السعادة عدا عن  احساسها بالالم  والضياع الذي كان يتضاعف يوماً بعد يوم. إستفاق مارك وتبادل مع نيكول الحديث حيث قالت نيكول : أنت عالم نفس جدير  يا مارك, لقد عاونت الناس على حل  وتجاوز مشاكلهم .. لقد ماتت ليلى يا مارك, مضت خمس سنوات دون اي دليل على وجودها وإذا تم العثور على شيء فسيكون جثمانها, اهتز مارك بعنف وغضب ثم قال : إخرسي, إننى لا أريد أن أترك هذا الألم, إنه الشيء الوحيد الذي يبقيني على قيد الحياة, أريد أن أستعيد صغيرتى  ثم خرج من المنزل وسط صراخ نيكول : إنني بحاجة إليك  أرجوك !. حاولت نيكول الإتصال بكونور صديق زوجها حينها ولكنه لم يستجب لاتصالاتها !.


الدكتور كونور ماك كوي كان قد بنى عيادته الأولى بالإشتراك مع صديق طفولته مارك, حيث كانا قد كبرا وترعرعا في حي فقير من أحياء شيكاغو ولكنهما معا حققا نجاحاً عظيما ما كان له  إلا أن يستمروينموا اكثر فاكثر  لولا المأساة التي أصابت مارك, حينها مد كونور يد المساعدة لمارك ولكن تلك المساعدة لم تكن كافية  لتنزع مارك من الالام التى استحلت به وحطمته. خرج كونور من عيادته و جلس في سيارته  شارد بافكاره إلى أن أخرجه رنين هاتفه من تفكيره , ورأى إسم نيكول هاثواي على الشاشة .. نيكول ؟, لم يعودا يتحادثان قط منذ أن كانت على علاقة مع المحامي إيريك الاحمق, وراح يهيأ نفسه للرد عليها إلى أن داهمته سارقة  فجأة فتحت باب الراكب في سيارته و اخذت الحقيبة الجلدية التي فيها الملفات السرية التي تحتوي على أوراقه الخاصة بالعمل وعلى الأسرار الأكثر شخصية لزبائنه. أخذ يركض  بسرعة ورائها إلى أن امسك بها , كانت فتاة في الخامسة عشر من عمرها تدعى إيفي, راح كونور يتفحص وجهها فقد كانت تلهث وترتجف من البرد وخلف عيونها المحاطة بالكحل هناك عينان براقتان لصبية خائفة , تملك كونور شيء غريب ناحية تلك الفتاة, فقد كانت تذكّره بشخص ما بينما كانت إيفي تنظر اليه  بريبة ناحيته, لقد علمَتها الحياة أن تحذر وتخاف الرجال حتى مع وجود ذلك الشيء المطمئن الذي ينبعث من ذلك الرجل, وبعد ربع ساعة كانت إيفي تقعد في إحدى المطاعم تلتهم وجبتها بشهيةِ شخص لم يتناول طعام منذ يومين بينما كان كونور يجلس خارجاً ينظر اليها, لاحظ أنها تضع لصقات على يديها وهناك آثار حزوز ذاتية على باطن ذراعيها, تقاطعت نظراتهما وتلاقت و عرف كونور أن هذه الفتاة تذكره بنفسه, كان يشعر أنهما يتقاسمان الوجع نفسه, ذهب إليها وعرض عليها مبلغ مئة دولار مقابل أن تجاوب على سؤال واحد فوافقت فقال كونور : ما حاجتك للنقود ؟ فقالت بقوة : لكي اشتري لنفسي بندقية !, تجمد كونورفى مكانه  واجتازت صورة السلاح الناري ذهنه فجأة متبوعة بانفجار وصراخ, ذكرى مطمورة  منسيه منذ وقت طويل حينها أخرج من جيبه ورقة نقدية أخرى وقال : لماذا أنت بحاجة الى البندقية ؟, فقالت : لأنني بحاجة أن أقتل رجلاً !, أخرج كونور قطعة ورقية نقدية ثالثة وقال : لماذا  تريدين قتل هذا الرجل ؟, قالت : كي انتقم لنفسي !, إنبثقت في رأس كونور ثلاث كلمات من الماضي (ثأر لا يعرف السماح), ثم خرجت إيفي تاركة كونور محتاراعلى ذاته .... كان كونور مكرث نفسه وجاعل جل حياته ليسرَّ أرواح الآخرين بينما كان فى ذاته رجلاً غامضاً وخفياً, كل مغامراته العاطفية بقيت دون منظور مستقبلي . رن هاتفه المنزلي, إنها نيكول بالتأكيد فلقد نسي أن يعاود الاتصال بها رفع السماعة لم يكن صوت نيكول كان صوت امرأة فتية شابة وقد تغير صوتها  كلياً بفعل الخوف وكانت تتهم نفسها بقتل شخص ما ؟ !.



بعد ثلاثة أشهر .. 
منحنياً وغير مبال بما يحيط به تقدم مارك إلى زاوية الغرفة ووصل جهازه إلى المقبس الكهربائي فجاءت رسالة صوتية : مارك هذا أنا نيكول, يجب أن أخبرك بشيء مهم ,  لقد كنت على حق لقد عثروا عليها , إنها على قيد الحياة يا مارك, ليلى حية !!!! .. موجة كاوية عبرت جسده وصعقته فجاة, كان هو الذي يبكي بحرقة ... غادر مارك مكانه وهو يركض  باقصى طاقته واستقل المترو إلى بروكلين, وفجأة بين الغموض الذي يكتنف دماغه جاء شيء ما, التاريخ إنه 24 آذار 2007   وقد تم العثور عليها البارحة !, فقد كانت ليلى قد اختفت في 23 آذار 2002 مضى على ذلك  الحدث خمس سنوات يوماً بعد يوم !. وصل مارك إلى منزله وكانت واقفة أمام المنزل  عربة الشرطة, دخل إلى المنزل فقال مارشال الشرطي المتكفل بقضية ليلى : غير متاكدين 100 % فتحاليل ال DNA   ما زالت تحت الإعداد ثم ضغط مارشال على زر الحاسوب فظهر وجه طفلة حينها صاح مارك دون تردد : إنها ليلى إنها ابنتنا, فقال مارشال : طفلة في الثانية عشر وجدناها بالأمس في أحد المراكز التجارية , عمرها ومحياها والسمات الوراثية جعلنا نظن أنها ابنتكما, لقد وجدناها في الساعة نفسها والمكان نفسه الذي اختفت فيه  مع فارق خمس سنوات !!, ولكن ليلى لم  يبدر منها اى شعور ولم تتلفظ باي كلمة ..



خرج بعدها مارك ليقص شعره و يبتاع لنفسه ملابس ليذهب فيها  لملاقاة إبنته, ورجع إلى البيت ونادى على نيكول ولكن لا أحد يرد, إنتزع الكرت البريدي وقرأ بضع كلمات بسرعة : حبيبي مارك لا  أريدك ان تقلق بشأني, لا أستطيع الذهاب إلى لوس أنجلوس ولكن أكثر ما يهمني أن أكون الى جانبك ومع ابنتنا مجدداً لكن ذلك  صعب ومستحيل الآن , في الايام القادمة ستفهم ذلك, مهما يكن ومهما يحدث بعد ذلك فاعلم أنني أحببتك على الدوام وسأظل أحبك !!!!.



وصل إلى المستشفى مارك هاثواي وفرانك مارشال الذي أبدى استغرابه الكبير لعدم مجيء أم الطفلة لرؤية ابنتها  ثم قال : سأدع ليلى ترجع معك إلى نيويورك بشرط أن تخضع ابنتك يومياً للعناية الصحية من قبل طبيب نفسي تابع للمكتب, وبمجرد أن تتحدث  فنحن من سيأخذ افادتها , قال مارك بعد أن شد على ياقة العميل الفيدرالي : الطبيب النفسي هو أنا ولن ترى إبنتي اي طبيب غيري ! .. عندما وصل مارك إلى الباب راى هالة من الشعر المعقوص الذي يخرج من بيجامة وردية واسعة ومن ثم طفلة صغيرة وبجانبها ممرضة, إنها هي !! لقد كبرت , لم تأت ليلى بأي حركة, لم يقرأ في عينيها ذعراً ولا خوفاً ولا ألماً بل على العكس يبدو عليها الارتياح وهاهي تبتسم وتفلت يد الممرضة وتركض باتجاه مارك وتحتضنه بشدة .



أخذ مارك ليلى ليعودا إلى بيتهم , لم  تتفوه ليلى بأدنى كلمة ومع ذلك كانت تبدو كحورية سعيدة بمجيئ ابيها ,  نامت  ليلي في التاكسي بينما كان يستمع مارك إلى الموسيقى, تفحّص مارك غلاف القرص الموسيقي في التاكسي فكانت عازفة كمان بثياب خفيفة وكانت الصورة توحي بكائن ثنائي الرأس شهواني ومثير للخوف والفزع ومكتوب عليها : نيكول تعزف لباخ !, حينها استفاقت ليلى ووصلوا إلى المطار فتقدم منهم صحافي إسمه ميكائيل فيليبس ليأخذ  بعض التصريحات من ابنته فصده مارك فقال الصحافي : أنت مصاب بلعنة مقدسة يا هاثواي وإنك حتى لا تستوعب ذلك, لدي معلومات  تسمح لى وتجيز لي التواصل معك, أنت شخص لا تعلم الحقيقة لا عن امرأتك ولا عن ابنتك !.



إيفي .. كانت إيفي آخر النازلين من العربة, دخلت إلى قاعة المغادرة فبعد ساعات سوف تكون في مدينة نيويورك بعد العائق المؤلم وغير المتوقع الذي أجبرها على الذهاب إلى لوس انجلوس, وكان بمقدورها من الآن أن تصل إلى الرجل الذي تلاحقه وكان لديها عنوانه,  أجل ستقتله وبعد ذلك ربما يصبح  لديها الألم أقل قسوة .
أليسون .. فتاة في السادسة والعشرين ذات  شعر قصير وجينز ضيق, كان جسدها  الضئيل يرتعش بالكامل وكان عليها أن تجد جرعة الكوكائين كى تسترد هدوئها واتزانها  و تذهب إلى نيويورك .



إيفي, أليسون, ومارك .... كلهم في المسرح الصغير, كان بينهم شيء مشترك فجميعهم ساخطين  محطمين وعلى وشك الإنفجار, عندهم ماض بئيس حزين و يشعروا بأنهم ضحايا ومذنبين ولكنهم خلال دقائق سيركبون الطائرة ذاتها ومن ثم ستتغير حياتهم !.
اجتاز مارك  البوابة الأمنية  وخلع سترته ولحقت به  ليلى التي أثار اجتيازها جرس إنذار نظام الحماية, فمرر الحارس جهاز الانذار على ليلى فكان الجهاز يرن حالما يمر بعنق ليلى مما يعني وجود شيء ما معدني مزروع تحت بشرة ليلى, تم استدعاء ليلى ومارك إلى حجرة للتحقيق تخللها اتصال من السيد مارشال, حينها اعتذرت المحققة وأعادت لهم جوازات السفر, ذهبا بعدها لياكلوا شيئا ثم غادرا, بينما جلست إيفي على نفس الطاولة بعد مغادرتهما لتشرب ما تبقى من عصير البرتقال والجريب فروت, ولاحظت إيفي صحيفة بجانبها فقرأت  عنوان الجريدة فكان : إنتحار الملياردير ريتشارد هاريسون, وفي آخر الخبر .. هدوء و تعقل السيد ريتشارد يتعارضان مع سلوك  ابنته الوحيدة أليسون التي حرصت الصحافة الشعبية على تغطية مغامراتها .


كان مارك وابنته يجلسان في كرسيين متجاورين وكانت تجلس إلى جانب ليلى فتاة في الخامسة عشر بشعر باهت وسخ, أخذ مارك يتكلم مع ليلى بينما كانت ليلى تبتسم , وأخرج لها رواية هاري بوتر فمسكتها وجلست تقرأ بعينيها, إنها اذا تقرأ!!, من علّمها القراءة ؟؟؟.

أخذ مارك يتلوى على مقعده, كان يرتعد وقطرات من العرق تتلألأ على جبينه, كان يعرف سبب هذا الالم انه (الفطام الكحولي) فلم يكن قد تناول قطرة  واحده من الكحول منذ اكثر من ست وثلاثين ساعة. رفعت ليلى عينيها عن الكتاب كأن شيئاً ما يقول إن ابنته لم تكن جاهلة وغافله عن حالته الصحية و النفسية  حينها قالت إيفي : هل أنت بخير سيدي ؟, فقال أجل اننى بخير ووبدأ بالتعرّف عليها , شيء ما في مارك اعطاها الثقة , دفء في النظرة ذكّرها بالطبيب الذي راته قبل ثلاثة أشهر ثم قالت : هل هي حاجتك إلى الكحول ؟  لقد كانت أمي حالتها مثل حالتك قبل أن تتوفى, إشتدت آلام مارك فترك ليلى مع إيفي لعدة  دقائق وذهب ليغسل وجهه بينما بدأت التخيلات والاوهام  تسيطر عليه,وصار  يرى هلوسات غير موجودة بينما اهتمت ايفي بليلى وكانها الاخت الكبرى  وعينها على ليلى لا تتركها ثانية , حينها رفعت ليلى عينها وكانت قد مضت عشر دقائق على مغادرة مارك مقعده , فتحت ليلي  فمها وحدثت المعجزة فقالت : حدثينى كيف توفت أمك ؟ وجّهت ليلى السؤال إلى المراهقة .


تذكرت إيفي ... في حي من احياء لاس فيغاس هناك شاحنة وفيها طاولة تجلس عليها إيفي  وكانت في الثالثة عشر من عمرها, كانت تقرأ الكتب عندما جاءت كارمينا تناديها بينما كانت والدتها تيريزا هابير متمددة في المستوى السفلي من السرير, وكانت في الرابعة والثلاثين من عمرها ومع ذلك تبدو اكبر من عمرها بعشرين عاماً بسبب  مرضها المزمن كان الإلتهاب الكبدي والذي تطور إلى تليف ثم إلى سرطان, ذهبت إيفي والتي تعمل مع كارمينا في فريق النظافة في فندق أواسيس, كانت تشتغل يومياً مقابل بضعة دولارات ، كانت إيفي تحب  مطالعة الكتب و القراءة كثيراً وبالأخص الروايات والشعر, وهكذا صار الأدب جواز سفرها إلى كل مكان و حديقتها السرية, ووسيلة غير متوقعة للخروج من القاع الذي ألقت بها الحياة فيه. في أحد الأيام تسلمت إيفي مرتبها وأخرجت من حقيبتها كتاباً  عنوانه (البقاء على قيد الحياة) كانت قد عثرت عليه في الليلة الماضية  مرمى إلى جانب سرير إحدى حجرات الفندق, وكانت عبارة عن دراسة مكتوبة بقلم عالم نفس عصبي من نيويورك يدعى كونور ماك كوي,  احست وبدا لها  أن الكتاب وكأنه مكتوب من أجلها و كأنه موجه لها شخصيا  , أنهت إيفي الكتاب ثم كتبت قائمة طويلة من اهدافها التي تتمنى تحقيقها, كان في بدايتها (أن تتلقى والدتي كبداً جديداً وأن تشفى من مرضها ), وفي نهاية القائمة (أن يحبني شخص ما ذات يوم) .



صعد مارك السلم الضخم المؤدى إلى المقصورة العلوية حيث توجد إستراحة البار  وطلب كاساً من الكحول, نظر حوله وكانت هناك شابة غير هيّابة تتخذ لنفسها مكاناً إلى جانبه بانتظار أن تطلب مشروبها, كانت أليسون وقد أثارت فضوله فنظر اليها بعمق : شعر أشقر ذابل, رشيقة , مظهر بنت جذابة وعندما انحنت لتلتقط حقيبتها راى وشم على خاصرتها, رمز بوذي قديم هو دولاب القوانين, حينها تبادلا  بعض الكلام وتعرفا على بعضهما, ثم نظر فيها مارك و شعر أنها بحاجة إلى شخص تقول له بما يدور في راسها فقال : قولي لي يا أليسون بما فاتني منذ خمس سنوات ؟.



أنهت أليسون حكايتها وخفضت عينيها وشعرت ببعض الالم لكونها باحت وتحدثت بالكثير عن حياتها الخاصة لشخص حديث عليها لا تعرفه ابدا , وكان مارك مصغى إليها  بكثير من  الاهتمام, كان يراودها  تجاهه شعور بالرضا وبالثقة, نظر مارك إلى الفتاة بتركيز  وقال : لأي سبب تريدين معاقبة نفسك ؟, أدارت أليسون عينيها وانقبض شيء ما في صدرها , انه العَرَض المرضي الذي وضع مارك أصبعه عليه تماماً.  فتحت أليسون فمها ولثانية ظنت انها ستعترف بكل ما تسره لنفسها و تتخلص من الالم الذي يعذبها منذ سنوات ,الا ان الكلمات بقيت محتجزة في حلقها والدموع أطلت من عينيها, في الوقت نفسه أعلنت المضيفة أن الطائرة داخل منطقة مطبات هوائية وعلى الجميع الإلتزام بمقاعدهم ووضع حزام الامان ,  حينها انفصل كل من مارك وأليسون عن طاولتهما على أمل أن يلتقيا مرة اخرى .



عاد مارك قلقا  إلى مكانه , كيف إستطاع أن يترك ابنته لوحدها خلال ما يزيد على النصف ساعة ؟, توقف على بعد أمتارقليله  وكانت ليلى لا تزال في مكانها ترسم, وعندما رأى رسوماتها  شعر بارتياح , كانت رسوماً بألوان زاهية حيوية جميلة , فاقتنع أن تلوينات ليلى لم تكن تكشف انها تلقت صدمة عنيفة في حياتها حينها قلّب في الرسومات فرأى شكلاً هندسياً مرسوما بعناية وموجودا على كل الأوراق وكان هذا الشكل  يمثل رمز دولاب القانون, قانون المصير البشري إن هذا الرمز هو الذي شاهده منذ قليل على خاصرة أليسون !, حينها قال مارك : لماذا رسمت هذا يا ابنتي ؟, أجابت الطفلة بسكينه  وهدوء : لا ادري !!!, أصابت الدهشة والذهول مارك فقد أجابته ليلى للتو, شعر مارك بأنه يرجع إلى الحياة من جديد خصوصا عندما تكلمت مرة اخرى وطلبت منه ابنته الايسكريم وصارت فجأة ثرثارة, وكان عليه أن يستفيد من ذلك فسألها : هل ستحكين لي ما حدث يا ابنتي ؟ قالت : يجب ان تسال ماما كنت أراها كثيرا والآن أريد أن أنام !!!.



وقع مارك حينها في هاوية الحيرة و الشك ولكن مارك ظل يرفض ان يصديق بأن نيكول استطاعت باي شكل من الاشكال أن تتورط في عملية اختطاف ابنتها, تأمل مارك ليلى  بحنية وبعطف ,  لقد ورثت ليلى ملامح نيكول ونظرة مارك كما يقول الناس, ومع ذلك كان مارك يعلم أن هذه الاقوال غير صحيحه لسبب وجيه وبسيط و منطقي وهو أن ليلى لم تكن إبنته البيولوجيه !!, فعندما تعرف مارك إلى نيكول كانت خارجة من علاقة مع رئيس الأوركسترا الفرنسي دانيال غريفين و كانت في بداية حملها , فأحب  مارك ليلى كثيراً واعتنى بها كما لو أنها ابنته الحقيقة , ولم يخبرا أحدا بذلك فكان فى ذلك الوقت غريفين قد توفي بأزمة قلبية ومع الوقت انتهى السر واختفى بالكامل, وذلك لأن الحب هو ما يكون العلاقات العائلية وليس الدم.



كانت إيفي تجلس بجانب الشباك ولم تفوت اي كلمة من الحديث الخاص بين مارك وابنته رغماً عنها, شكرها مارك وسألها إن كانت ابنته قد قالت لها شيئاً أثناء غيابه فقالت إيفي: إنها سألت عن وفاةوالدتها , فأراد مارك أن يعرف حكاية إيفي أيضاً ؟, قالت إيفي مكملة بقية حكايتها عن امها: كان الوقت يقارب منتصف الليل وكان جرس التلفون يرن, كانت مكالمة من المستشفى, ولقد اخبرها الدكتور كرايج دافيس خبر توفير عضو من أجل أمها وأنه  يجب القدوم فورا, وبالفعل ذهبنا إلى المستشفى وذهبتْ والدتي إلى غرفة العمليات, مرت ساعة ولم يكن يفترض إلا أن ينتظرا سوى فترة قصيرة قبل أن تبدأ العملية, وأخيراً عاد الدكتور وقال :  وصلت لدينا نتائج التحليل الان ,  لقد تناولت الكحول مؤخراً وهذا ينهي الإتفاق , حينها قالت الأم تيريزا وهى مصدومة: لم أشرب شيئاً يا دكتور وأقسمتْ على ذلك, وبعدها نادى الطبيب الشخص التالي الذي على القائمة وكان اخر كلامي لأمي هو : إنني أكرهك, وبعد ذلك توفيت ..


كان هناك امرأة  مجهولة تراقب إيفي وهي تتابع من بعيد مراسم جنازة والدتها, وعندما وصلت الى جوارها  قالت لها: إسمي ميرديث دوليون وكنت أنا سبب وفاة أمك قبل سنة, فقد أظهرت الفحوصات إصابتي بسرطان الكبد, وكانت فصيلة دمي نادرة مثل فصيلة دم والدتك, وكانت أمك هي العائق أمام شفائي كما أخبرنا الدكتور دافيس, حيث قال الدكتور إنه إذا كنا على استعداد للقيام بتدبير بعض المال فهو سيتدبر الأمر لزحلقة أمك من برنامج المستقبلين, لقد إستوعبت إيفي أخيراً أنهم خدعوها و تلاعبوا بتحليلات الدم الخاصة بوالدتها, أكملت ميرديث : إنني لم أفعل ذلك من أجل اولادي  ولكني فعلت ذلك الشئ  لأنني كنت خائفة من الموت, وذلك كل شيء  حيث تضعنا الحياة أحياناً في أوضاع صعبة خارجه عن ارادتنا لا نستطيع أن نتخلص منها إلا بالتخلي عن القيم و المبادئ التي ندافع عنها, وقد عرفت إيفي اخيرا أن الدكتور قد غادر إلى نيويوك بعد موت والدتها وقررت أنها  سو تنتقم لامها وتقوم بما تراه مناسباً لتقتل الدكتور كرايج دافيس.



توقفت إيفي عن الكلام ثم تحججت في الذهاب إلى المرحاض بينما رفع مارك تلفونه المحمول فوجد عدة مكالمات فائتة من رقم مجهول, فأعاد الإتصال بالرقم  فكانت زوجته نيكول, حينها فتحت ليلى عينيها فقال مارك : أتريدين أن تتحدثي الى ماما ؟ فقالت ليلى : لا وبلهجة رافضة بشدة , إنبهر مارك  من ردها هذا ،فقالت نيكول : مارك يجب أن أنهي المكالمة, أعرف ما حدث لليلى أنا آسفة, حينها جاء صوت من خلف نيكول : (هذا يكفي), سأل مارك : من هذا يا نيكول ؟ من الى جانبك , حينها جاء الصوت مرة أخرى: (أغلقي الهاتف أو ستفسدين كل شيء), فقالت نيكول : أحبك وأغلقت السماعة ! جال في خاطره الصحفي الذي التقاه في المطار ومن ثم ابنته وبدا له أنهما كانا يحذرانه من نيكول بالتناوب , لم يعد يعرف ما يجب عليه فعله ؟.



إنحنت إيفي على مرحاض الحمام كي تخرج ما ببطنها و تتقيا وجبة الإفطار الضئيلة, كانت وعكاتها الصحية تزداد سوءا , دوار وآلام في الرأس وطنين في الآذان, نهضت و غسلت وجهها وحينها شعرت بحكة شديدة أجبرتها على أن تخدش نفسها, حينها طوت كمها فشاهدت علامة بنفسجية  غريبة الشكل خلف كتفها الأيسر فاستدارت لترى الشكل الغريب المرسوم لترى رمز دولاب القانون !!. أغلقت إيفي باب المرحاض وقد خافت مما عاشته للتو, ان الوشم المرسوم على كتفها يشبه العلامة المخيفة التي رسمتها  الطفلة الصغيرة الجالسة إلى جانبها ؟, إجتازت الطريق ووقعت حقيبتها فامسكها مارك والتقط كتاب كونور الذي كان قد وقع منها فقال ل إيفي أن هذا يكون  صديقه فسألته : هل كل ما يرويه في كتابه واقعي؟, فقال : كل شيء واقعى وحقيقي, فقالت : ولكن ليس كل شئ فى الحقيقة, هناك أشياء مفصلية لم يستطع كونور حكايتها. أغرق مارك عينيه على  إيفي, كان يعرف أنه بمقدرته أن يثق بها إنها منا أكد له ذلك صوته الداخلي فقال: لم يقول كل الحقيقة لأنه لم يسجن !.



تذكر مارك ... حي غرينوود في الطرف الجنوبي من شيكاغو, حيٌّ اشبه بالخراب , إنها بغداد تحت القنابل في قلب أمريكا, كان مارك الصغير يعيش مع أبيه الذي يشتغل حارساً لمدرسة عامة, وكانت والدته قد تركتهما لأنها لم تكن سعيدة, وتعرّف على  صديقه كونور في نفس الحي حيث كان طالبا غريباً بعض الشئ ومتوحداً وبملامح فوق أرضية وأصبحا صديقين حميمين, وبينما كان مارك مبادر و مثابر و متعاطف فقد كان الأكثر انكسارا وهشاشة, وبالمقابل كان كونور شخص هادئ متأمل ولكن أيضاً كان شديد التكتم و يشغل نفسه بالبحث عن المطلق, إكتشفا سويتهما  أن الحياة ليست سوى ألم أو  حزن وأن      العلاقات الإنسانية فيها تكون من دون قوة, كانا يحلمان  ويخططان بالحصول على منحة للإلتحاق بإحدى كليات داون تاون, وكانت درجاتهما  النهائيه عالية ولكن ليس بالقدر الكافي بغض الطرف عن السمعة السيئة لمدرستهما, ووكانا  يحتاجا  الكثير من النقود, وكان  الحل الوحيد للحصول على النقود هو الإتجار بالمخدرات, ولكن كونور كان له رأي مختلف فقال : إذا تخلينا عن مبادئنا نكون قد تخلينا عن كل شيء , سوف نكون محظوظين وباحسن حال لا أعرف كيف لكنني أقسم لك أننا سنخلص أنفسنا من هذا الحال.



في أحد الأيام تعرض كونور لحادث حريق من قبل رجلين من تجار المخدرات في المنطقة بينما كان جالس بين سلات القمامة يتابع دروسه , كان في الخامسة عشرة من العمر ويريد فقط أن يحل واجباته المدرسية, تحول كونور على أثر الحروق لمومياء من كثر الحقن التي تم غرزه بها , وعندما رأى حروق جسده تالم جدا, لقد أصبح وحشاً. كانت الدكتورة لورينا هي من اعتنت  واهتمت بكونور خلال فترة علاجه, وطمأن مارك كونور وقال له: إنها منا.



منذ حادث الحريق لم يأت رجال الشرطة  اليه إلا مرة واحدة, وقد أعطاهم كونور الأسماء والعناوين للمجرمين ولكن لم تتوصل الشرطة الى اي شيء , فما  زال التاجران يتسكعان كعادتهم داخل الحي دائما , وبدأت تنمو وتتبرعم في ذهن كونور فكرة الانتقام الذي لا يعرف الصفح !, كان كونور من أجل ان يخفف عن ذاته  كان يستمر برسم الوجه نفسه دائماً, وجه يمنحه السكينة و الاطمئنان, وجه أنثوي اتى من حيث لا يعلم , إمرأة لم يعرفها ابدا ...



لم تكن هناك وسيلة لخنق الألم الذي يشعر به كونور سوى الثار والانتقام الذي لا يعرف الصفح, ولم يستغرق الأمر فترة طويلة فقد جمع المعلومات الكافية عنهما وصار الوقت لأن ياخذ بثاره , و انعكست الادوار الضحية أصبح جلاداً والجلاد أصبح ضحية, رش عليهما البنزين ثم اخرج عود ثقاب ورماه عليهم وبدأت النيران بالاشتعال , ثم أخذ صندوقاً مليئاً بالنقود كان بحوزتهما و خرج, وكان مارك ينتظره في الأسفل ثم هربا معا .
لم يصدق مارك  نفسه بأنه قد اخبر هذه الفتاة كل هذه الاسرار لدرجة أنها أنسته خيانة نيكول, بينما كانت إيفي تستمع لقصة مارك بانبهار  وافتتان ووجدت في قصة كونور صدى حقيقى لقصتها الخاصة, فعندما كان كونور مراهقا وجب عليه أن يواجه نفس الأسئلة التي تواجهها اليوم : كيف نتخلص من الحزن؟, وهل يمثل الانتقام أفضل رد على الفظاعة  التى يرتكبها البعض ؟.



إنتابت مارك رغبة  شديدة في الوصول إلى الرقم الذي تحدثت قبل قليل منه نيكول, إنطلق إلى رجل يمسك بحاسوبه ويتصفح أسعار البورصة على الشبكة العنكبوتية, تظاهر مارك أنه دائخ وسيقع أمام الرجل وأسقط على نحو واعٍ عصير الفاكهة على قميص وبنطال الرجل, حينها صاح الرجل  محتج وقام بإيداع حاسوبه في خزينة الأمتعة واتجه إلى المرحاض حينها اتجه مارك ليسرق الحاسوب, وعلى الفور وضع رقم الهاتف على إحدى البرامج واستلم النتيجة المريبة المدهشة : كونور ماك كوي مركز تايم ورنر نيويورك .. !!!!, إذاً كان الصوت الذي يامر نيكول هو صوت كونور صوت أعز أصدقائه, ولكن ماذا كانت تعمل زوجته عند كونور   بالضبط ؟, حينها قرر أن يفتح إميل الهوتميل الخاص بنيكول ولكنه يجهل ولايدرى ماهى كلمة السر, وبعد عدة محاولات فتح الايميل, كانت أغلب الرسائل عادية إلا رسالة واحدة غريبة من مصدر غريب وكانت عبارة عن فيلم فيديو بواسطة كاميرا مراقبة, وعندما ظهر وجه ليلى على الشاشة توقف العالم عن الحركة حوله و تجمد الدم في عروقه, كان الفيلم قد صور في اليوم الذي اختفت فيه ليلى, حينها صعق  مارك لأن البوليس أكد له أنه لا وجود لاي صورة التقطت لإبنته عن طريق كاميرات المراقبة, وهذا دليل أن رجال الشرطة كانوا يعلموا أشياءاً لم يقولوها ابدا , عاد إلى الكمبيوتر, توقف الفيديو, حينها اغتاظ  مارك  هذا الاثناء حضر الرجل صاحب الكمبيوتر فأخذ الجهازبغضب من بين يديه وأراد أن يشتكي عليه.



إستيقظت ليلى وطلبت الايسكريم فقام كل من ليلى وإيفي ومارك لاكلها, كان مارك للمرة الأولى يرى إيفي تبتسم هذا جعله يشعر بالسعادة قليلا, شعربشئ من  الحسرة لأنها لم تروِ نهاية حكايتها لكن شيئاً ما كان يحدث به نفسه  بأنه سيعرف الكثير عنها قبل الهبوط في نيويورك, فما من لا شك فيه أن هذه الرحلة كانت رهيبة ومفاجئه  وثرية بالحكايات و ملئية بالإندهاشات الرائعة .




بعدما هرب  كونور ومارك إلى  مدينة مانهاتن كان مارك  هو من يتخذ القرارات, فعثر على شقة صغيرة قريبة من الحرم الجامعي, ثم بذل كل جهده كي يجتاز آخر العوائق الإدارية لتسجيلهما في الكلية, فلم يواجها أي عوائق مادية  بفضل النقود التي اخذها كونور من بيت بائعي المخدرات , كانا يعلمان بالضبط ما يريدا عمله وما خططا له وهو الحصول على الدكتوراة وينشئا عيادتهما الخاصة بهم . بدأ كونور يسترد صحته وعافيته تدريجياً ولكنه مع الفتيات كان على الدوام لديه ذلك الإنطباع بأنه غشاش, فبسبب تلك الحروق العينة  المغطية لجسده الداخلي فإنه كان يتعجل ليكون هو الذي يترك الفتاة عوضاً أن يكون هو من تهجره الفتاة , ومع ذلك فقد كان الرجلان تاجرا المخدرات ياتيان على الدوام في احلامه و كوابيسه, وشعر بالأسف  والندم الشديد لقتله إياهما لأنه أصبح مثلهما .



نظر مارك لإيفي وقال : ليس عليك أن تفعلي مثلما فعل  كونور, ليس عليك أن تفسدي حياتك وتسعين  للانتقام ولثار, إننى أستطيع أن أفهم معنى حزنك, لقد تعرضتْ والدتك لعمل غي أخلاقى وإجرامي ومن الطبيعي أن تغضبي ولكن بإستطاعتك ان تحوِّلي هذا الشئ  إلى قوة إيجابية, لو قتلتي ذلك الدكتور فلن يعيد ذلك والدتك ولن يعود شيء كما كان من قبل, عليك أن تسامحي  وتنسى الانتقام وهذا لا يعني أن تنسي أو أن تغفري له فعلته المشينة, أتعرفين يا إيفي إن الشخص الحقيقي الذي تذهبين لقتله أو لومه هو أنت نفسك لأنك وضعت كلام والدتك موضع شك، حينها استسلمتْ إيفي لحالها ودفنت رأسها في كتف مارك , كان مارك قد حرر فيها شيئاً مدفونا في الأعماق السحيقة . ثم ذهبت إيفي إلى المرحاض مع ليلى بينما شاهد مارك أليسون فتوجه إليها, فمنذ لحظة حدّة محادثتهما السابقة كانت تتمنى أن يعود فكان هذا الرجل الذي لم يكن وجهه غريباً عليها يتميز بجاذبية  فاتنة رهيبة لا تقارن بالسحر والفتنة, قال مارك : سالتك سؤالاً هذا الصباح لكنك لم تجيبيني عليه  , لماذا تريدين معاقبة نفسك ؟, في البداية  ظلت أليسون صامتة ثم شعرت نفسها أنها منجذبة نحو حاجة لا يمكن ان تقاوم إلى الافصاح بكل شيء, بالطبع كان بوسع النتائج  التى ستدلى بها أن تكون مخيفة, السجن الخزي يكون عند النظر بعمق للأمر, فقد أصبحت حياتها منذ سنوات عدة  سجناً ثم قالت بهدوء : لقتلي صبياً صغيراً !.



كانت أليسون قد دهست طفلاً صغيراً أثناء أيام شبابها بينما تكفّل أبوها ريتشارد في دفنه  سرا حتى لا ينتشر الخبر , في اليوم الأول لم يحدث شيء وليس أكثر من ذلك في اليوم الثاني والثالث والرابع .. بعد أسبوع إعتقد  ريتشارد أنهم لن يصلوا إليهما أبداً وأن ابنته خرجت من هذه المشكلة ... لكن كيف يسع المرء أن يمسح فِعلاً شيء كهذا الامر الشنيع  من ذاكرته ويتوهم أنه لم يحدث ؟.  زلزت أحداث قصة أليسون مارك و اخافته فقال : ليس هناك ثمة ما لا يغتفر عبثاً, ستتكبدين كل احزان والالام العالم لكن ذلك لن يرجع الطفل ويعيده إلى الحياة, حياتك  بعد لم تنتهِ, بإمكانك أن تقدمي المساعدة لأطفال آخرين بحاجة للعطف والمعونه لتعوضى عن فعلتك تلك , لا أن تبقي سجينة لماضيكي, ربما كان الحزن لا يُجدي نفعا أبداً إلا أنه قد يفتح الطريق إلى شيء آخر, بعدها قام مارك ناسياً محفظته على الطاولة وحين راتها أليسون كان مارك قد ترك المكان وذهب, لم تشأ أن تفتحها ووضعتها في جيبها وتعهدت لنفسها بإرجاعها إليه في ما بعد على سبيل الوعد برؤيته مرة اخرى .



في اللحظة نفسها في مانهاتن ألقى كونور نظرة أخرى على ساعته بعد أقل من ساعة, كان عليه أن يرى مارك وهي اللحظة التي كان ينتظرها مع نفاذ الصبر و الخوف, وعلى بعد أمتار منه كانت  تجلس نيكول تسأله : أخبرنى كيف ستكون ردة فعل مارك حين يعلم الحقيقة ؟, هو أيضاً كان قد طرح  هذا السؤال على ذاته مرات عدة هل ستصمد صداقته بمارك أمام ما سيحدث بعد فترة ؟, ولكي يقنع نفسه بذلك  الامر أخذ يتذكّر ليلة عيد الميلاد المخيفة, تلك الليلة حين حضرت اليه ثلاثة كائنات بلا هدف .


ليلة عيد الميلاد ... كان بياض الثلج يتلألأ تحت مصابيح سوهو, بعدما صف كونور سيارته ذهب إلى شقته, إستشعر فراغاً كبيراً في روحه, أغلق كونور عينيه حيث كانت صورة إيفي تتارجح في راسه , حينها رن هاتفه  المحمول فمن المؤكد أن المتصل نيكول ولكنه كان صوت فتاة متوترة خائفة تقول : أبي هو من دلني عليك, قال لي أنك الوحيد الذي يمكنهأن يساعدنى , أنا أليسون هاريسون  لقد قتلت شخصا !, قال كونور : أين أنت الآن, أجابت: تحت شقتك بالضبط. بعد ساعة كانت أليسون غافية على الكنبة, كان كونور يعرف من تكون هذه الشخصية فقد سبق وأن رأى صورتها في الجرائد والمجلات, فإسمها دائماً كان مرافقا للفضيحة والصحافة الشعبية, وخلال ساعة تقريباً حكت أليسون قصتها المخيفة : حادث في السيارة و موت طفل صغير , والجثة التى قام ابوها بإخفائها, تكلمت عن الالم الفظيع واستحالة العيش ودوامة التدمير الذاتي ومحاولات الإنتحار المتكرره , روت أليسون في نهاية قصتها : أن الطفل الذي قتلته يظهر كل ليلة في كوابيسها !, حينها انتابت كونور قشعريرة قويه وهو ينصت إلى المرأة الشابة وكأنه يصغي إلى ذاته في شبابه. في نفس الليلة جاءه اتصال آخر من الشرطة يقول : إثنين من رجالنا قبضوا على فتاة في إحدى العمارات  تدعى إيفي هاربر وقالت إنها تتعالج عندك , فكذّب حينها كونور وقال : نعم إنها مريضتي, وأحس الدكتور بنوع من النشاط  الزائد لمجرد التفكير أنه وجد إيفي مجدداً, حينها كانت أليسون تصيح إبتعد يا جيرمي أرجوك  !, كانت تهذى وهى  تحلم فأيقظها كونور فقالت : إسم الطفل الذي قتلته جيرمي, كان إسمه مكتوبا على سلسلته التي وجدتها في سيارتي ثم أخرجت السلسلة لتريها للدكتور.



لبس  الطبيب معطفه ليأخذ إيفي وغادر الشقة ليستطيع أن يعبر عن ألمه, كان يعرف من يكون جيرمي !!!!!, اصطحب كونور إيفي من مركز الشرطة و اخذها إلى عيادته وبعدها جاءه الإتصال الثالث في ذات الليلة نفسها وكانت  المتصلة نيكول وقالت : عليك أن تساعدني, اكلمك بخصوص مارك, كان يعيش مشردا  في الشارع, إنه ضعيف ومريض ولديه مشاكل صحية عديدة إذا لم نفعل شيء سيموت !, عاش كونور للتو ليلة عجيبة خلالها جاءت اليه ثلاثة كائنات جريحة وهي أليسون وإيفي ومارك, شعر أنه يرزح تحت مسؤولية  وضغط كبير, ترى هل سيكون قادراً على مساعدتهم وكيف ؟.
تابعت الطائرة نزولها بينما قالت ليلى : لقد رأيتك عندما كنت في الظلام الحالك في النفق نفق المترو .. إستغرق مارك لحظة طويلة ليفهم كيف تعلم و تعرف أنه كان يمضي حياته في أنفاق مانهاتن و أنابيب المجاري, سنتان كان قد دفن خلالهما نفسه حياً في عالم المشردين المهمشين ثم أكملت : لقد حزنت لأنني رأيتك, لقد كنتُ في الأعلى !! و اشارت ب أصبعها نحو السقف !, حينها قال مارك : لماذا لاتريدين أن تتحدثي إلى ماما ؟, قالت : لأنها كانت تعلم ذلك في حينه .. كانت تعلم أنني ميتة !!!!!!.


في نفس اللحظة ذاتها  في المقصورة الاعلى كانت أليسون تضم بيدها المحفظة,ثم  دفعها الفضول لفتحها فكانت هناك صورة تذكارية لمارك وزوجته, نظرت أليسون في ملامح نيكول فلاحظت انها جميلة جداً وأنيقة, وبينما كانت تريد إغلاق المحفظة رات صورة أخرى ملتصقة خلف صورة الزوجين, كانت صورة شخصية  صغيره لفتاة في حوالي الخمس اعوام بهيئة صبي متأنث وفي يدها سلسلة فضية مكتوب عليها إسم جيرمي !!!, لقد فهمت أليسون أنها دهست إبنة مارك وبسبب خوفها و رعبها هُييء لها أنه صبي, ولعلها عرفت في ما بعد أن  هذه السلسلة تعود إلى ابن عم ليلى الذي كان قد قدمها هدية لها عندما كبر معصم يده  ولم يعد يتسع لها, حينها قامت أليسون و ركضت إلى المقصورة الرئيسية . أكملت ليلى كلامها لمارك : أنا منذ البداية ميتة منذ دهستني السيارة, كنت قد خرجت من المحل كي العب فتهت بسبب العاصفة وكان من الممتع السير تحت المطر, نعم لقد توفيت ولكن يجب عليك ألا تحزن أو تغضب ,  حينها صاح  مرعوبا مارك في محاولة أخيرة : كلااااا !!.



إستدار الدكتور فرأى أليسون تريد أن تخبره بما علمت, إستدار مارك وأليسون نحو مقعد ليلى, البنت الصغيرة  إنها لم تعد موجودة  فى مكانها !! لكن ذلك ليس كل شيء, المضيفات والستمائة راكب  أيضا اختفوا, كانت الطائرة  تطير في الهواء فارغة الا من ثلاثة اشخاص : مارك, إيفي, واليسون !!, لا يوجد حتى طيار أو مساعد له, كانت الطيارة تتحرك منقادة لقوة خفية غريبة إقترب مارك وأليسون وإيفي من بعضهما, مسكوا ايدي بعضهم وكانوا مرتعبين, حاول كل عقل منهما أن يجد تفسيراً منطقيا لما هم بصدد عيشه, أهو الحلم أم هلاوس كوكائين أم أنهم على شفا حفرة من الموت ؟, قبل تحطم الطائرة ببضعة ثوان همست أليسون لمارك : أنا آسفة ! بينما قال مارك لايفي : لا تخافي !, إرتطمت الطائرة بسطح الماء بقوة ثم تعالت صرخة مقطوعة ثم بعض الأزرق يليه بعض الأسود وبعد ؟؟ و بعد ...



ثلاثة أجساد مارك وأليسون وإيفي, ممددة الى جانب بعضها البعض في المستشفى, ثلاثة رؤوس مغطاة بخوذة مزودة بأقطاب كهربائية مشبوكة بجهاز كمبيوتر, وكان كونور ونيكول في الانتظار .. لم تكن هناك  ثمة طائرة ولا رحلة ولا حادثة تحطم ابدا, إلتقاء مارك وأليسون وإيفي كان سيناريو جديد للعلاج الجماعي القائم على التنويم المغناطيسي من اجل معالجتهم  بنفس الوقت جميعاً,  معالجة الثلاثة أشخاص الذين جاءوا طالبين مساعدته في ليلة عيد الميلاد المعروفة !, لم يشأ كونور ولا نيكول أن يعلنا لمارك أن ليلى قد توفت, فمن شأن اخباره بذلك أن تحوله  هذه الفاجعه نحو الإنتحار أو الجنون, فكانت تلك الخطة التي حاكها الدكتور كونور ليجتذب إيفي نحو الخلاص من انتقامها وجعل أليسون تتقبل خطيئة قتل ليلى !.



بدأ المنوَّمُون  المرضى الثلاثة بالإستيقاظ, اقترب كونور نحو مارك ووضع يده على كتفه بهدف الاطمئان عليه, ثم استيقظت وراءه أليسون ثم إيفي, تم إضاءة ضوء الحجرة بالتدريج فتراءى لعيون الجميع الطبيب كونور, وكان مُطرّزاً على جيب قميصه رمز العيادة وهو رمز دولاب القانون !, هل نجح كونور في رهانه ؟, لطالما اعجبه التنويم المغناطيسي, حيث أنه  في حالة التنويم المغناطيسي يقوم الطبيب ومريضه بالدخول إلى خزائن اللاوعي وإلى الذكريات المنسية  الاليمه والحزينة ويعيش الأحلام كما لو كانت حقيقية, كان على إيفي وأليسون ومارك مواجهة شياطينهم و ما يخيفهم ويرعبهم , وهكذا لعب التنويم المغناطيسي دوره بان اعطاهم إيحاءات للحداد والقبول و المسامحة, واستخدم كمسرِّعٍ للعلاج و اعطى الفرصة لارواحهم وإحساساتهم ان تحرز في بضعة ساعات التطورات التي كانت تتطلب اعوام و اعوام من العلاج التقليدي !, بعدها خرج المرضى الثلاثة من العيادة و لحق بهم كونور وراح يراقبهم من بعيد لأن النتائج لهذا العلاج غير متوقعة , فالنتائج غير مضمونة, حينها ابتعدت أليسون مشيرة إلى سيارة اجرة ومودعة الدكتور النفسي بإشارة من يدها, بينما ابتعدت نيكول نحو سيارتها الخاصة, وجلس مارك قريبا من كونور يقول : كانت واقعية جداً وحية جداً لو رأيت كم كان وجهها حقيقياً,!!, شكراً لسماحك لي بالتحدث إليها مرة ثانية, كان أمراً مهماً بالنسبة لي !, ثم اقتربت نيكول و سالت زوجها : أين تريد أن تذهب ؟ فقال دون تردد : إلى منزلنا !.



كانت الشمس قد بدأت تختفى تقريبا وكانت إيفي تجلس بالقرب من اسلاك أحواض السفن, فجلس كونور بقربها وسألها عن أوضاعها وحالها فقالت بخير, كان عليه أن يتأكد أن إيفي لن تقتل ذلك الطبيب وبعد ترددٍ كبير أخيرٍأخرج من جيب معطفه سلاحا ذو مقبض حديدي .. لم تهتم إيفي لرؤية المسدس ثم قال : لقد وجدت كرايج دافيس, إنه يعيش في شارع القديس جون الديفين, اعلم رقم شقته ومواعيد دوامه وبوابة المدخل, لو تطلبين مني القيام بذلك  بدلا عنك فأنا على استعداد أن أذهب لقتله, إذا أردت أن تنتقمي لنفسك فإن ذلك سينتهي هذه الليلة.. مرت دقيقة قبل أن تلحق إيفي بكونور ومن دون ان تنبس بكلمة إنتزعت المسدس من يديه وبمزيج من الإفتتان والنفور  نظرت إلى السلاح وألقته بكل قواها في مياه البحر الباردة !.



, بعد شهرين من جلسة العلاج حصل على وظيفة طبيب شوارع نفساني لم يعد مارك ابدا إلى عمله في عيادة كونوراصبح يعالج المتشردين بكل ما أوتي من علم, وفي ذات صباح علم مارك من الراديو بخبر موت أليسون هاريسون بحادث مؤسف سقوط  طائرة الهيليكوبترالتى تقلها  في الأمازون, و مضت عدة أشهر لتحديد مكان حطام الطائرة ولكنهم لم يعثروا قط على جثة الوريثة الثرية او على جسد الطيار, وبعدها بأشهرعدة  تلقى مارك بطاقة عليها إشارة دولاب القوانين دون توقيع, ولكنه فهم فورا أنها من أليسون تقول : غالباً ما أفكر فيك لعلك كنت على حق, من واقع القول ان المرء يقدر أن يبدأ حياته من جديد ولا يكتفي بتكملتها , فقط الأمل هو ما اتمسك به من الآن فصاعداً ... ثم سلسلة أرقام عرف من خلالها أنه موقع جثة ليلى حسب موقع ال جي بي إس. وانطلقا سريعاً هو وزوجته نيكول ليقولا للصغيرة الى اللقاء , ثم استولت عليهما الحياة مرة اخرى فرزقا بطفل أول ثم بثان بعد ثلاث اعوام !. ومرت الاعوام, وبعد عشر اعوام حدثت مصادفة غريبة عجيبة إذ إلتقت عيني مارك بأليسون هاريسون, فيزيائياً كان قد حدث لها تحول غريب, لم يكن يحس بأي مرارة تجاهها وتمنى أن تكون قد وجدت الطمانينة. خمن حينها مارك أن أليسون قد بدأت حياتها تحت اسم و شخصية و هوية أخرى جديده برفقة كابتن الطائرة الذي ساعدها في التخطيط لقصة وفاتها, وأنها سعيدة في نهاية الامر !. من جانبها تعرّفت أليسون إليه وعلى الرغم من  أنهما لم يتبادلا سوى نظرة طويلة فقد شاهد كل منهما في نظرة الآخر إنعكاس لكل ما كابده في حياته .


خرجت إيفي ركضا من المستشفى وناولت سيارة الاجرة عنوان المطعم, كانت قد مضت عشر سنوات منذ ان لاقت كونور لاول مرة , وصارت المراهقة إمرأه جميلة في الخامسة والعشرين من عمرها , حصلت على شهادتها الجامعية في الطب , أرادت إيفي أن تقول كلمة شكر ل كونور على كل ما فعله من أجلها فهو من استقبلها في أحضان العائلة التي يشكلها مع مارك ونيكول وهو من دفع تكاليف دراستها, ومن ثم كان لديها اعتراف يجب أن تبوح به, شيء ما كان يثقل قلبها منذ مدة طويلة. فتشت إيفي في ملفات كونور القديمة المحفوظة في المستشفى ووجدت رسوماته القديمة وصورة وجه المرأة التي كان يرسمها خلال فترة حزنه, لقد كان وجهها, وهذا أعطاها القوة و الشجاعة للإعتراف بغرامها لكونور.



وصل كونور في وقت مبكر إلى المطعم وأخذ يتذكر كل ما مر به وكيف أنه قد حصل على لقب أفضل دكتور في أمريكا قبل سنتين, أما على المستوى العائلي و الشخصي فكان مارك هو الشخص الوحيد الذي تجرأ فباح له بالسر الذي يتصارع معه و يعذبه منذ قرابة العامين. لم تكفّ إيفي خلال كل تلك الاعوام عن مباغتته محاولة دونما توقف أن تحصل على إعجابه. من جانبه ولوقت طويل تميزت علاقتهما بتواطؤ قوي ثم ابتعد عنها حينما تأكد له أنه واقع في حبها, , حينما يكون معها يحس باستيقاظِ ما كان يفتش عنه في أعماقه وهو الأمل والرغبة في الإنفتاح والثقة بالمستقبل, لقد أحب كل شيء فيها هو الآن في الخامسة والأربعين من عمره, تذكر ذلك ثم ترك المكان وذهب إلى حي طفولته, وتذكر كل ماضيه و تحدى خوفه, وحينما خرج كانت إيفي بانتظاره بجانب السيارة, عثرت عليه في أعماق ذاتها, بثقة تقدمت بإتجاهه, كانت تعرف أن كل شيء سيمشي على احسن ما يرام من الآن فصاعداً لأنه هنا, حيث نتحاب لا يخيم الليل أبداً .     


                

                                                 النهاية.

تفاعل :

تعليقات