القائمة الرئيسية

الصفحات

تلخيص رواية جزيرة الكنز-روبرت لويس ستيفنسون - اعدادواشراف - رجاء حمدان






تلخيص رواية
جزيرة الكنز-روبرت لويس ستيفنسون
اعدادواشراف - رجاء حمدان





بدأت هذه القصة عندما كنت صغيراً عندما كان والدي يدير حانة اسمها (أدميرال بينبو)، وفي ليل قارص البرودة وصوت رياح مدوي هلَّ علينا  فجأة بحار عجوز ذو وجه نديب , كان طويل القامة ذا بشرة بندقية اللون ولديه ظفيرة سوداء , كان شديد القذارة وكان يصفر ويغني : خمسة عشر رجلاً في صندوق كان لرجل ميت.. يوو وو وو، وزجاجة رم ! .
قال الغريب : خليج قريب يُسهل الوصول إليه ، ثم قال لنفسه سأمكث هنا بعض الوقت ، أنا رجل بسيط لا أريد سوى لحم الخنزير والبيض والواجهة المطلة على الخليج هناك كي أراقب السفن , يمكنكم أن تنادوني بالكابتن .
كان الكابتن رجلاً صامتاً يقضي معظم أيامه على الجروف الصخرية عند الشاطيء ينظر إلى الآفاق عبر تيليسكوب نحاسي لامع ,وفي المساء يجلس في ردهة الحانة , لكن كنا أنا وأبي وجميع نزلاء حانتنا نتجنبه , وهو عادة لا يكلم أحداً .
وكان في الليل يأتي ويسأل إن مرَّ أي بحارة من هنا , كنا نظن أنه يعاني من الوحدة لكننا اكتشفنا أنه يختبيء من شخص ما لأنه كلما اقترب بحار نجده يراقبه كالفأر من خلف الستار، ثم وثق بي ووعدني أن يعطيني عملة فضية قيمتها أربع بنسات شهرياً مقابل أن أترقب له بعيني اليقظتين أي بحار يأتي بساق واحدة , وكان يكرر عليَّ دائماً ( إنتبه بشدة للبحار ذي الساق الواحدة)، حتى أصبحت أحلم بهذا البحار صاحب الساق الواحدة بكوابيس .. لقد دفعت ثمن مساعدتي له غالياً .

كان الكابتن يقصُّ في الليالي العاصفة قصصاً مرعبة والنزلاء يغنون معه أغانيه خوفاً على حياتهم , وكان إن حدث شيء لا يعجبه ثار غضبه وطرق الطاولة بيده ولا أحد يجرؤ على مغادرة الطاولة قبل أن ينهي قصصه وأغانيه المرعبة .
بقي في حانتنا إلى أن نفذ كل ما معه من مال ولكن لم نستطع أن نطالبه بالأجرة , وكلما ذكّره أبي بالموضوع  يحملق في أبي ويغضب إلى أن يغادر أبي الغرفة ، لم يبدل ملابسه قط  وكلما اهترأتْ قبعته ألقى بها في البحر.
في يوم أتى الطبيب كي يفحص والدي , وبعد الإنتهاء من الفحص جلس في الردهة يتحدث إلى نزيل آخر , حينها أتى الكابتن ولوح بيده إلينا فتوقفنا عن الكلام  جميعاً ما عدا الطبيب فقد استمر يتحدث بصوت عالٍ وواضح , حملق الكابتن فيه وانتهره قائلاً : صه ! فالتفت إليه الطبيب ليفزي وقال جملة واحدة :  لم أضطر في حياتي قط إلى الإنصات إلى الأوغاد وبالطبع لن أستثني هذه الليلة , وثب الكابتن في غضب وفتح مطواته مهدداً بطعن الطبيب , لكن الطبيب بقي واقفاً كالصنم لم يخاف وتحدث بصوت عالٍ وواضح قائلاً: إن لم تبعد هذه المطواة فسأشنقك!!!! , حينها انزوى الكابتن وجلس متبرماً وأكمل الطبيب قوله : والآن وقد علمت بوجود أمثالك في مقاطعتي فستخضع لمراقبتي , فأنا لست طبيباً فحسب وإنما أنا قاضٍ أيضاً ,  وإذا سمعت شكوى من أحدٍ ضدك فسأقبض عليك وأنفيك خارج المدينة وكفاك هذا التحذير. بقيَ الكابتن صامتاً تلك الليلة وليالٍ عديدة  بعدها ، ولم يمضِ  وقت طويل حتى حدث شيء غريب، كان الجو قارصَ البرودة وطبقة من الجليد تغطي الأرض وكان والدي مريضاً فترك إدارة الحانة لي ولوالدتي ، وفي صباح أحد الأيام كانت أمي في الأعلى مع أبي , خرج الكابتن إلى الشاطيء مبكراً وبعدها قدم رجل مقطوع من يده اصبعين , بدا أنه من البحارة، وسأل هل هناك طاولة لصديقي بيل فقلت له: إنني لا أعرف أحداً  اسمه  بيل لكن  هذه الطاولة  معدة  لشخص  يدعى الكابتن , فقال إنه بيل وهو يحب أن يدعى الكابتن ولديه جرح غائر في خده الأيمن وهو غريب الأطوار، هل هو في هذا المنزل؟ . بعد قليل عاد الكابتن لتناول الإفطار وتقابل مع الغريب ، وعندما رآه الكابتن ذعر وكأنه رأى شبحاً فقال له بعنف ها قد وجدتني بلاك دوج ، ثم حدثت بينهما مشاجرة عنيفة وكان بلاك دوج يجري خلف الكابتن بسيفه  ثم ركض خارجاً , وكان الكابتن ينظر إليه بذهول , ثم وضع الكابتن يديه على عينيه وسقط على الأرض مغشياً عليه. نزلتْ أمي مهرولة ورفعنا سوياً رأسه عن الأرض , لكنه بدا شاحباً كمن يشرف على الموت فأحضرنا الطبيب لينفري له , وبعد أن فحصه قال: إنه يعاني من جلطة دماغية، ثم شق الطبيب كمه مما كشف عن الكثير من الأوشمة أحدها رجل يتدلى من حبل مشنقة كتب تحته (بيلي بونز فيلينت ) . قال الطبيب لا بد أن ننقذ حياة بيلي بونز فيلينت وأن عليه فتح وريد الكابتن , فبدأ الدم يسيل إلى الخارج , عندئذ أفاق الكابتن صارخاً : أين بلاك دوج؟ فأجابه الطبيب لا يوجد هنا بلاك دوج ، أنت تعاني من جلطة دماغية وأنا أنقذت حياتك مرغماً.
حاول الكابتن النهوض ونظر إليَّ  بترجّي كي أقترب منه ، وعندما فعلت همس لي متوسلاً: لا أستطيع أن أمكث هنا أكثر من إسبوع , لقد كنت أرى رؤى لأولاد فلينت نفسه، ثم سألني إن كنت رأيت البحَّار الذي طلب مني أن أرقب قدومه وقال لي لا أقصد بلاك دوج فهناك من هو أخطر منه ، قد يسلموني إخطار الموت الذي نسميه الوصمة السوداء ، إنهم يتعقبون صندوق أمتعتي ، إذهب وأخبر الطبيب أن يحضر كل المساعدة الممكنة إلى هنا . لكنني لم أذهب بسبب موت والدي في نفس اليوم .  وبعد مدة حضرشخص غريب يتوكيء على عكاز ، كان  كفيف العينين لا عينين له بل جفنين فقط ، وسأل عن المكان الذي هو فيه فقلت له إنها حانة أدميرال بينبو فقبض بيده على يدي وقال: خذني إلى الكابتن وعندما نصل قل ها قد حضر أحد أصدقائك يا بيل ، وعندما وصلنا فعلت ما طلبه مني وقلت بصوتٍ عالٍ ها قد جاء صديق لك يا بيل , فهبَّ الكابتن وأصبح بكامل وعيه ولكنه بدا مذعوراً ومريضاً حتى الموت , فقال الرجل الكفيف أمكث في مكانك يا بيل وطلب مني أن أمد يده بجانب يد بيل , وعندما فعلتُ أمسك بيده ووضع شيئاً فيها وقال : ها قد تمت المهمة  ثم خرج مسرعاً . وبعد أن استعاد الكابتن وعيه ونظر إلى ما في يده فزع  وقال : الساعة العاشرة بالتمام ! لم يتبقَّ سوى ست ساعات، فنهض على قدميه وفجأة أمسك بحلقه ثم سقط عند قدمي ، هرعت إليه لكن دون جدوى , لقد مات الكابتن وكان هذا  هوالموت الثاني الذي أشهده خلال يومين .
بعد ذلك أخبرت أمي بكل ما عرفته , وأدرك كلانا أن أصدقاء الكابتن البحارة المزعجين سوف يأتون سعياً وراء أمتعته ، فذهبنا إلى أقرب مدينة لنحصل على العون لكن دون جدوى , كل ما حصلنا عليه هو  مسدس محشو بالرصاص , فكان الناس كلما  سمعوا عن إسم الكابتن فلينت كانوا يتوارون ويخشون مساعدتنا، فعدنا لوحدنا إلى البيت.  كانت جثة الكابتن ما تزال في مكانها , أخذت الورقة المجعدة التي كان يخشى من أن تكون نصيبه  وقرأتها , كان مكتوب فيها أمامك حتى الساعة العاشرة ، وكانت  الساعة تدق السادسة  ، تهللنا لأنه يوجد أربع ساعات قبل حدوث مكروه وبدأت بالبحث عن مفتاح صندوق أمتعته , كان معلقاً بخيط في رقبته فأخذته   وفتحنا الصندوق فوجدنا ملابس نظيفة بيضاء ومسدسات وعملات فضية وحلي من بلاد بعيدة ، وتحت هذه الأشياء كان يوجد لفائف وأوراق صفراء قديمة، وبينما نحن نتفقد الصندوق سمعنا نقر عكاز الرجل الكفيف بيو وقد أمسك بقفل الباب وهزه بقوة لكنه كان مقفلاً ، أخذت أمي الحلي  وأخذت أنا اللفائف الصفراء القديمة وهربنا . ونحن في طريق  الهروب غابت أمي عن الوعي , جررتها إلى أسفل الجسر واختبأنا، وبعد قليل عاد الرجل الكفيف ومعه رجاله , وعندما وجد الباب مفتوحاً والصندوق مفتوح علم أنني أخذت ما يسمونه قبضة فلينت وقال تباً إنه الفتى , لقد كان هنا فالباب كان موصدا منذ قليل , إبحثوا عنهم في كل مكان إنهم قريبين. كان صفير رجال الدرك قريب من التل ، أما الرجل الكفيف فقد سمعته من مخبئي يصرخ وينعت رجاله بأنهم جبناء وحمقى . وفي أثناء بحثهم عنا سمعت صوت امتطاء خيول فقد حضر شاب ومعه مجموعة من رجال الشرطة لمساعدتنا ، وعندما سمع رجال بيو أصوات الخيول هربوا وتركوه وحده ينقر بعكازه ويسبهم , ثم  وقع عند أقدام الخيول ولاقى حتفه .
عدنا إلى البيت وهناك عادت أمي إلى وعيها , ووجدنا الحانة كالخراب ، أخبرْنا رجال الشرطة بالقصة , وعلموا أن القراصنة كان مقصدهم اللفائف التي كنت أحتفظ بها في معطفي , وخرجت مع رجال الشرطة كي أودِع اللفائف عند الطبيب حتى تبقى في مأمن ولا يصلون إليها . لم يكن الطبيب ليفزي في منزله لذا ذهبنا إلى حانة واسعة حيث كان يتسامر مع جون تريلوني ، وبعد أن أخبرتهم ما حصل وعن أمر اللفائف ، أخذ السيد تريلوني يذرع المكان جيئة وذهاباً ثم قال للسيد دانس الضابط : أنت رجل نبيل ما كان لك أن تضيع وقتاً في القلق بشأن سحق الرجل الكفيف الشرير تحت أرجل الحصان فالفتى هوكينز قيمته كالذهب .
سأل الطبيب ليفنزي السيد تريلوني إنْ كان سمع عن شخص يدعى فلينت , فأجاب أنه كان أكبر قرصان متعطش للدماء , وكان أكثرهم ثراء وخسة , وكل القراصنة كانوا يخشونه ، وبعدها فتحوا اللفائف وقالوا لا بد أنه مذكور مكان مفتاح الكنز في إحدى اللفائف وجعلوني أشارك معهم في البحث . كانت محتويات اللفائف وبعض الأوراق مختومة , وكان هناك كتاب , تفحصنا الكتاب جيداً في البداية لكن تملكنا الذهول أنا والطبيب أما السيد تريلوني فكان يعرف ما يراه ، فأخبرَنا أن هذا دفتر حسابات الوغد الشرير , وكان فيه أيضاً سجلاً للسفن التي استولوا عليها , وثروات منهوبة , وأموال مستحقة في صورة عملات فرنسية وإسبانية وإنجليزية . وفي مجموعة الأوراق المختومة انبسطت أمامنا خريطة بالملاحظات والإتجاهات بالإضافة إلى خطوط الطول والعرض , وقرأنا  ملحوظة مكتوبة , وراء تل سباي جلاس , كُتب عليها: ( يوجد الجزء الأكبر من الكنز هنا ) , وكان هناك المزيد من الإتجاهات التي تقود إلى مكانٍ يُدعى جزيرة سكيليتون .
إمتلأ تريلوني بهجة وأمر بإعداد سفينة كبيرة والشروع  في رحلة إلى جزيرة سكيليتون , جزيرة الكنز في الحال , قال تريلوني : سأكون أنا الأميرال ، وأنت يا ليفزي طبيب السفينة ،وسيكون هوكينز في خدمتنا , ولسوف نحضر معنا رجالي : ريدروث وجويس وهانتر.
كان تريلوني  يتمتع بالحماس الشديد لكن الطبيب قال: الشخص الوحيد الذي أخشى منه هو أنت يا تريلوني لأنك لا تستطيع أن تضبط لسانك !, ثمة قراصنة منتشرون بالخارج مستعدون أن يقتلوا أي فرد من أجل هذا الكنز، وقد يجازفون بأي شيء , لا بد  أن نظل معاً إلى أن تجهز سفينتنا , سأمكث مع جيم هوكينز ويجب ألا يبوح أي منا بأي كلمة عن هذا الأمر, يجب ألا يُسمع منا أي خبر , وبعدها قطع تريلوني وعداً بأن يظل صامتاً كالقبر .
استغرق الإستعداد للرحلة وقتاً طويلاً،  وكان لدى كلٍّ من الطبيب وتريلوني عملا يقوم به ، ومكثتُ في الردهة تحت حراسة ريدروث ، الحارس، أنتظر في شغف مجيء الرحلة  . أمضيت وقتي أدرس الخريطة وأخذت أتخيل ما ستكون عليه الرحلة , رحلة محفوفة بالمخاطر والأعداء  ومليئة بحياكة الدسائس والمؤامرات , لكن بالطبع لم يكن هناك شيء مما خلت غريباً ومأساوياً كما كان الحال عندما بدأتِ الرحلة الفعلية .
في أحد الأيام وصل خطاب موجه من تريلوني  إلى الطبيب ليفزي وإليّ  أنا شخصياً , فتحته وريدروث يقف إلى جانبي وقرأته بتمعن , لقد عثر تريلوني على سفينة تُدعى هيسبانيولا إشتراها من رجل يُدعى بلاندلي ، وقد أقر أن هذا الرجل كان يتحدث في المدينة عن الكنز الذي سنبحر من أجله , وأن تريلوني قد التقى مصادفة ببحار قديم عرض عليه لضيق حاله أن يكون طبّاخ السفينة ، وذكر أن بمقدوره أن يساعد في تجميع طاقم للسفينة , وأن إسم هذا الطباخ  لونج جون سيلفر، وقد فقد إحدى ساقيه في سبيل  الوطن ، وهو لا يتقاضى معاشاً  لذا عينته على الفور، فهو رجل عظيم ونحن محظوظون لانضمامه إلينا!  , وأن لونج جون سيلفر ساعده في اختيار طاقم عمل من أجل رحلتنا ومن ضمن الطاقم رجل يُدعى أرو في وظيفة مساعد أول للقبطان .
 أنهى تريلوني خطابه بتعبيره عن شغفه الشديد بشأن رحلتنا البحرية ، واقترح أن أقضي يومين مع والدتي قبل الرحيل .
وجدت ُ أمي بصحة جيدة ، وسررت عندما رأيت أن تريلوني أصلح حانتنا وأعاد طلاءها علاوة على أنه أرسل صبياً ليساعد أمي ، وعندما رأيت أن هناك من حل محلي في حانتنا بكيت , إذ لم يكن يسيطر على تفكري طوال الفترة الماضية سوى المغامرات ، والآن أدركت أنني كنت في حقيقة الأمر أبتعد عن بيتي .
 وفي الصباح التالي أحضرت أمتعتي وركبت العربة وأنا أفكر وفي خيالي الكابتن بيلي بونز فلمينت وفي الطريقة التي كان يمشي بها على الشاطيء ، وبعد قليل أصبحتْ حانة أدمريال تبتعد قليلاً وقليلاً حتى باتت بمنأى عن النظر .
 أخذتنا العربة إلى بريستول ورأيت رصيف الميناء ومراسي السفن , إنه مكانٌ شديد الإزدحام يعج بالضوضاء والحركة تفوح منه رائحة القار والملح , وكان هناك بحارة يرتدون أقراطاً في آذانهم ، وبحارة يضفرون شعورهم ، وبحارة يسيرون مختالين  كالطواويس، وظننت أنني سأصبح من الآن واحداً منهم فابتهجت ! وبعدئذ قابلنا تريلوني الذي كان يرتدي ملابس الأميرال البحرية بكامل حليها وأناقتها .
صرخت : سيدي ، متى سنبحر؟ أجابني : سنبحر غداً .
بعد الإفطار أرسلني تريلوني لمقابلة لونج جون سيلفر عند علامة تل سباي جلاس.  كان سيلفر هناك  في حانة تعج بالناس ولديه ساق مبتورة من الفخد , وحين رأيته خشيت أن يكون هو ذي الساق الواحدة الذي كان يخشاه الكابتن , ولكن كان هناك فرق بينه وبين بيو الكفيف وبين الكابتن .
 قابلته وأعطيته خطاب تريلوني , صافحني وابتسم لي وقال إذاً أنت خادمنا الجديد، ثم وثب من مكانه صوب الشارع حينها رأيت بلاك دوج ذي الاصابع المفقودة فقلت بصوت مرتفع إنه بلاك دوج , فقال لا آبه من يكون هذا الرجل لكنه سينال جزاء أفعاله ، وسألني عنه وتحمس كثيراً لتعقب بلاك دوج وقال : إن رَجُله بن سوف يعثر عليه ، وقال إنه سيلقيه من ظهر السفينة إلى البحر إنْ واتته الفرصة . وفي الوقت الذي كان يصيح فيه مهدداً ومتوعداً ، أخذ يقفز بعكازه ويلعن بلاك دوج وأمثاله . ارتبت لرؤية بلاك دوج , لكن جون سيلفر أجاد إخفاء مشاعره  وأخبرني كم يساوره القلق من أن أظن به السوء لاستضافته أمثال أولئك الرجال الوضيعين في خمارته ، وقد أقنعني أنه لولا أنه وحيد القدم لقبض على بلاك دوج بنفسه , وقررنا أن نبلغ السيد تريلوني على الفور بذلك ، ونزلنا إلى السفينة .
 وهناك كان يضحك ويخبرني بقصص البحر القديمة ، وشرح لي أنواع القوارب المختلفة وحمولتها والطريقة التي تصنع بها، وقد كرر على مسامعي بعض الجمل حتى حفظتها عن ظهر قلب , فصرت كالبحار المحنك وبدأت أنظر إليه على أنه أفضل الملاحين جميعاً.
وعندما وصلنا الميناء كان الطبيب ليفزي هناك ، فأخبر سيلفرالرجلين القصة بطريقتة المثيرة ،وطلب تصديقي على ما رواه  فأومأت بالإيجاب على كل ما قاله ، وعندما انتهينا  شق طريقه عائداً مرة أخرى إلى الخمارة ، واتفقنا على أن نكون على ظهرالسفينة في تمام الساعة الرابعة بعد الظهر.  قال الطبيب : حسناً يا تريلوني إني لا أثق كثراً في رأيك ، لكن سيلفر رجل بارع ! ثم التفت إليّ وقال : والآن يا جيم هوكينز لنذهب لتفقد سفينتنا .
على الفور شققنا طريقنا في الميناء إلى حيث ترسو سفينة الهيسبانيولا إلى جانب السفن العملاقة ، وعندئذ التقينا السيد أرو ، مساعد القبطان , والكابتن سموليت الذي طلب التحدث مباشرة إلى تريلوني والطبيب في كابينة تريلوني . عبس وجه الكابتن وقال : إنى لا أحب الرجال ولا أحب مساعد القبطان , ومضى في حديثه يشرح أنه يظن أن الرجال يعرفون الكثير بشأن الكنز ولا يصح أن يعرف هو أقل مما يعرفون عن الرحلة  , وقال : إنني لا أحب رحلات البحث عن الكنوز، وبالطبع لا أحب الرحلات التي يُخفى فيها شيء عني ويُخبر به ببغاء الطباخ الذي أفشى سر الكنز بالفعل ، واسترسل في التأفف من الكثير من الأمور الأخرى ثم قال: أرى أن الرحلة التي نحن مقبلون عليها محفوفة بالمخاطر , وسأل هل لا نزال عازمين على المضي قدماً في هذه الرحلة سعياً وراء الكنز؟ أجاب تريلوني : عزيمتنا كالحديد .
رد الكابتن : حسناً إذن , أقترح أن ننزع البارود من الأسلحة ، كما أقترح أن ينام جميع رجالكم في نفس البقعة بجانب الكابينة ، وأخيراً أقترح عدم ذكر موضوع الكنز، فالطاقم يعرف بالفعل مكان الجزيرة بالضبط , وقال تريلوني : لم أخبر أحداً بشأن الكنز , وأخذ يقنعنا بذلك وقد صدقناه , وأكد أن الطاقم عرف بطريقة ما بشأن رحلتنا وغايتنا الأمر الذي كان ينذر بالخطر .
قال الكابتن: لا أعرف من بحوزته الخريطة ، لكني آمر بحفظها بعيداً عن الجميع ولا سيما السيد أرو وإلا فلن أقوم بهذه المهمة !! . كان من الواضح أن الكابتن يخشى وقوع تمرد على متن السفينة ، ولم يُهديء من روعه سوى كلمات الطبيب المطمئنة حيث قال الطبيب : سأنفذ ما طلبت وأظنك خير من يقوم بهذه المهمة ، ثم صعدنا على ظهر السفينة الرائعة لنتفقدها . شاهدت مكان  فراشي المعلق، ومجموعات البارود والأسلحة ، وعلى الفور تغيرت أماكن النوم . وصل سيلفر ورجلان آخران بعد فترة وجيزة ، وقد حاولوا الإعتراض على التعديلات التي أجريناها لكن الكابتن انتهرهم وأمرهم على نحو حاسم بالنزول إلى الجزء السفلي من المركب ، وأمرني أنا الآخر بنبرة حادة أن أذهب إلى الجزء السفلي من المركب كي أساعد سيلفر موضحاً أن كل الناس سواء على متن السفينة  فلا يوجد من هم أفضل من غيرهم ، فرد  الطبيب قائلاً: أنت رجل صالح يا كابتن .
بدأت رحلتنا بالليل , ومع أني كنت خائفاً من أحاديث البحر ومزاح الرجال الخاطف إلا أنني  كنت أشعر بالحماس . كان سيلفر يغني : خمسة عشر رجلاً في صندوقٍ كان لرجل ميت , وشاركه الطاقم في غناء لازمة الأغنية ، يوو وو وو وزجاجة رم! . ذكرتني هذه الأغنية بالكابتن بيلي حين كان يغنيها في حانتنا .
كنا في طريقنا إلى جزيرة الكنز وكانت الرحلة طويلة لكن سفينة الهيسبانيولا أثبتت قدرتها بأنها سريعة . كان السيد أرو مصاباً بدوار البحر وبعد فترة اختفى فظن الطبيب أنه وقع من جانب السفينة ، فاستعان الكابتن بمساعد آخر له كان السيد إسرائيل هاندز، البحار العجوز الخبيث الذي كان صديقاً حميماً لسيلفر.
واتضح أيضاً أن سيلفر نفسه كان بحاراً عظيماً وذكياً وخدوماً ، فأحببناه وكان هو من يطبخ لنا وكنت أمضي أكبر جزء من وقتي معه ومع ببغائه .
كانت الببغاء كثيراً ما تصرخ وتقول عملات معدنية عملات معدنية فيغطي سيلفر قفصها بقطعة قماش، ثم يخبرني عن الببغاء وتاريخه العريق في الرحلات التي خاضها , وتقاربنا جداً أنا وسيلفر حتى ظننت أنه صديق حقيقي .
في هذا الوقت كان الكابتن سموليت والسيد تريلوني يتجنبان بعضهما البعض ، وكان الكابتن يمتعضه لفرحه بأنه على متن السفينة ولحبه للمغامرة .
كانت الرياح عاتية والطعام طيب للجميع وكان هناك برميل مليء بالتفاح يتسنى لأي واحد أن يحصل على الثمر الحلو منه ، وكم  نفعنا هذا البرميل فلولاه لما حصلنا على الإنذار ولمتنا ميتة شنيعة . ففي يوم من الأيام التي غابت بها الشمس بسرعة أردت أن آخذ تفاحة , كان البرميل شبه فارغ لذا دخلت إلى داخله ثم تدحرج البرميل وقبل أن أخرج سمعت صوتاً غير واضح وشخصاً اتكأ على البرميل،عرفت أنه سيلفر. إرتعد جسدي لسماع الكلمات القلائل الأولى ، وشعرت أن حياة الرجال القلائل الأمناء على متن السفينة أمانة في عنقي، واسترسل سيلفر بالقول: كان فلينت هو الكابتن ، وأنا الرئيس البحري ، وكانت هذه هي الرحلة التي فقدت فيها ساقي ، وفقد بيو عينيه ، وكانت تلك السفينة غارقة في الدماء ووصل بها الحد أنها صارت على مشارف الغرق بكل ما عليها من ذهب.
كان يقص الحكايات على أصغر عامل في المركب الذي كان يرتعد لدى سماع قصصه ، وشعرت بالخزي لدى سماعي إياه يتملق لصبي بنفس الكلمات العذبة  التي كان يتملقني بها , وعرفت حينها أنه كان يستغفلني فامتلأت سخطاً وخزياً..
بقيت في برميل التفاح واستمعت إلى ما يلي : نحن المغامرون نحيا حياة مضطربة صعبة ، ثم نعود إلى الشاطيء محملين بمئات الجنيهات ، لقد بدأت مثلك ثم كوّنت ثروتي في البحر لكن زوجتي باعت خمّارتي وأخذت كل أموالي , وسنلتقي مرة أخرى في يوم ما أنا وهي فأنا واثق من هذا ، فى رحلتنا تلك  كان البعض يخشى فلينت والبعض الآخر يخشى بينو , لكن الجميع كانوا يخشون سيلفر , كان هذا أسوء طاقم ذائع الصيت , إبليس نفسه كان يخاف أن يبحر معهم وأنا لست مزهواً بنفسي , لكنك تكتسب الثقة على متن سفينة جون القديمة !!. واسترسل يتحدث عن المغامرين الذين أدركتُ أنهم القراصنة وأنه كان واحداً منهم، ثم جاء إسرائيل وقال انظر هنا يا سيلفر أنت وديك كم من الوقت سنمضي في الإبحار بعيداً عن الشاطيء ؟ أقسم أنه طفح الكيل من الكابتن سموليت ! .
التفت إليه سيلفر وعنّفه قائلاً : أتريد أن تهاجم وتقضي على الكابتن الذي في مقدوره أن يقودنا إلى الكنز من أجل مضجعٍ تضع رأسك فيه , إنتظر ولا تفعل شيئاً إلا بإشارة مني ، فقال إسرائيل وماذا سنفعل بهم ؟ , أجاب سيلفر: قررت أن نقتلهم  وعندها أستطيع أن أعيش حياتي ملكاً فيما بعد ، لا أريد ناجين يتسببون في شنقي ، ثم قال لديك أذنت لك أن تحصل على تفاحة ، فزعت وعلمت أن أمري انتهى لكن ديك قال : إنني أشعر بالحماسة وأريد أن آكل شيئاً مختلفاً اليوم .
 ظهر القمر وسمعنا صياح الرجل المختص بالمراقبة يقول: ظهرت اليابسة , وعلى الفور كان جميع الرجال على ظهر السفينة , فأصدر الكابتن أوامره وسأل هل من أحد رأى هذه الجزيرة من قبل ؟ فقال سيلفر إنه أقام بها ذات مرة , فسأله الكابتن أين نرسو ؟ أجاب  سيلفر : إنهم  يطلقون عليها جزيرة سكيلتون وقد كانت مقر القراصنة قديماً لكنها لم تعد كذلك , وهذا تل فور ماست ، أما هذا التل الكبير يسمونه سباي جلاس (المنظار) إذ كانوا يستخدمونه نقطة مراقبة . أعطى سيلفر الكابتن خريطة جديدة للجزيرة ولكنني رأيت الإحباط على وجه الكابتن , فقد كانت خريطة جديدة غير معلمة بعلاماتِ إكس الحمراء أو العلامات التي تقود إلى الكنز , وكان سيلفر يشير إلى المكان الذي يمكننا أن نرسو  فيه .
كنت خائفاً بشدة لذا ذهبت إلى الطبيب مسرعاً وطلبت منه أن يجد عذراً كي  يجتمع بالكابتن والسيد تريلوني بالجزء السفلي من المركب وينادونني معهم ، فلم يهدر الوقت ونادى الجميع إلى الجزء العلوي من السفينة وقال : أيها الغلمان ها قد وصلنا إلى الجزيرة التي نبغي , لذا السيد تريلوني سوف يقدم لنا طعاماً مضاعفاً للجميع اليوم وغداً , والآن يمكنكم الإحتفال !! . شرب سيلفر القرصان الخائن نخب تريلوني والكابتن ، ثم قال الطبيب والآن سوف ننزل للأسفل لنحتفل نحن أيضاً ، وحين تم تجمعنا  في الأسفل أخبرتهم بكل ما حدث بالتفصيل!!!! , فأجلسوني وربتوا على ظهري  وأخذوا يمتدحونني من أجل الأعمال الجيدة التي صنعتها .
قال تريلوني : لقد كنت أحمقاً , لكن الكابتن سارع وجاهر بأنه هو نفسه انخدع بالعمل الجاد للطاقم ، وأخذوا جميعهم يلعنون سيلفر لأنه خدعهم . عملوا على  فرز الرجال الذين لا يزالون مخلصين على متن السفينة ، فلم يتجاوز عددهم سبعة رجال. وكان كل ما يمكننا فعله  في هذا الأمر هو أن ننتظر إلى أن نعرف المخلصين من غيرهم , وبالتالي علينا أن ننتظر ونرى...
قال تريلوني : هوكينز أنا أضع جل ثقتي فيك وأيّا ما ستكتشفه سيكون مهماً لنا ، فاجتاحني شعور بالهلع فقد كان المخلصون هم  ستة رجال والسابع أنا , مقابل تسعة عشرة قرصاناً متوحشاً .
في صباح اليوم التالي بدت الجزيرة مختلفة تماماً  !!! مما بث الخوف  والرعب في نفسي ، وطول النهار اشتغلنا بلا انقطاع , وبدا الطاقم شرساً إلا أن سيلفر كان يحاول جاهداً أن يجعلهم لا يبدون كذلك ، وكان واضحاً لنا أن ثمة تمرد سوف يحدث  قريباً .
 والتقينا نحن , الكابتن وتريلوني والطبيب وأنا معهم , مرة أخرى في الكابينة في محاولة لاختيار الحل الأفضل فقال الكابتن : إذا أصدرت أمراً واحداً آخراً فسوف يحدث تمرد، وإذا لم أصدر فسيدرك سيلفر أنني متراجع لأنني عرفت خطته ، وعندها سيكون قد قُضي علينا.
قال تريلوني :إذن ما الذي بمقدورنا أن نفعله ؟ أجاب الكابتن: أقترح إرسال الرجال إلى الشاطيء لقضاء وقت الأصيل ، فإذا انحاز الجميع إلى جانب سيلفر فلا بد أن نسيطر على السفينة ، أما إذا لم يفعل أحد هذا  فسوف نتحكم في الكابينة . لكن إذا ذهب البعض - إنتبهوا إلى كلامي - فسوف يعيدهم سيلفر خاضعين مرة أخرى كالحملان وعليه نقرر هذا، وأطلعنا هانتر وجويس وريدروث على خطتنا وأعطينا كل واحدٍ  منهم مسدساً . صعد الكابتن إلى الجزء العلوي من السفينة وأعلن عن جولة  استراحة , واقترح الكابتن : من منكم يحب أن يذهب إلى الشاطيء فليذهب ، ولسوف أطلق النيران من البندقية قبل مغيب الشمس بنصف ساعة كي تعرفوا موعد العودة إلى السفينة ،عندئذ قفز الرجال من السفينة وكأنهم سوف يعثرون على الكنز,   وسرعان ما نزل الكابتن إلى الجزء السفلي من المركب ، وبالطبع نظم سيلفر الرجال وكأنه هو الكابتن الحقيقي لهم .
أما  الرجال المخلصون الذين رافقوهم فكانوا  حمقى ، وفي نهاية الأمر ذهب ثلاثة عشر رجلاً إلى الشاطيء ومكث ستة رجال (من رجال سيلفر ) على متن السفينة ، وعزمت على  الذهاب إلى الجزيرة دون أن يعلم أحد بأمري ، فأختبأت في أحد القوارب وعندما وصلنا إلى الجزيرة ركضت في الغابة وقد اكتشِفَ أمري ولمحني  سيلفر وناداني أكثر من مرة، وحاولت التملص منه وبدأت في استكشاف الجزيرة  . كان كل شيء مبهر لصبي في مثل سني حتى بدأت أشعر أنني مكتشف بالفعل ، فقد شعرت بالحرية والفرح  الشديد ناسياً , بعض الوقت , المخاطر التي كانت تحدق بي .
فجأة سمعت صوتَ شيءٍ يحط على أوراق الشجر , كانت تلك بطة فعرفت أن هناك شخص ما !!  إختبأت خلف الشجرة منصتاً لأصوات من بعيد واستطعت أن  أميز من بينها صوت سيلفر ، كان يتحدث إلى توم  وكان يحاول إقناعه بالإنضمام إليه فقال توم : يا سيلفر لعلك تركت نفسك للضلال ، أمّا أنا فأفضِّل أن تقطع يدي على أن أنقلب ضد...وفجأة سمعنا صرخة غضب طويلة ومزعجة في كل أنحاء الجزيرة وهاجت الطيور على أثرها , فسأل توم ما هذا ؟ فقال سيلفر: إنها صرخة ألن ,أحد القراصنة الذي قتلوا هنا ، فقال توم : لترقد روحه بسلام , أنت الذي قتلته يا سيلفر أليس كذلك , لكنني أتحداك أن تقتلني وهرب توم ، لكن سيلفر صوب سكينه نحوه ورماها في منتصف ظهره وذهب إليه ثم أخذ السكين وطعنه عدة طعنات أودت بحياته ، ثم صفّر في صفارته فاجتمع كل الرجال , ولم أستطع الرجوع معهم إلى السفينة لأنهم سيقتلونني حتماً وبالتأكيد , وفجأة لمحت طيفاً يتحرك فأدركت أنني لست وحدي ، وقفت ساكناً كالصنم عندما رأيته يركض ورائي ، يكاد يكون منحنياً ، ولم أستطع أن أميز ما إذا كان رجلاً  أم قرداً , وتذكرت أن بحوزتي مسدساً فاستدرت بخفة كي أواجهه .
سألت من أنت ؟ أجابني بصوت أجهش: أنا بن جان المسكين وأنا لم أتحدث إلى أي إنسان طوال ثلاث سنوات فأنا منفي على هذه الجزيرة ، وقال لي أنه لا يملك شيئاً لكنه ثري !!! . سألني إن كانت سفينتي هي سفينة فلينت فأخبرته أن فلينت مات وأن بعض رجال الطاقم هم رجال فلينت وأن منهم متمردون وقتلة ثم سأل مرة أخرى هل كان من بينهم رجل ذي الساق الواحدة ؟ فقلت له : نعم سيلفر هو زعيمهم فقال : لو ساعدتكم , هل تريلوني الذي أخبرتني عنه سيضمني إلى رجاله ويعطيني الف جنيه ؟ ، فقلت له سوف يفعل ، عندها أخبرني أنه كان من رجال فلينت  الستة وأن فلينت ذهب  إلى الشاطيء ودفن الكنز ولم يخبر أي واحد عن مكانه والذين سألوا عن الكنز قال لهم إذهبوا وابحثوا بأنفسكم ، لكن بن المسكين عاد بعد ثلاثة شهور وقال إنه يستطيع إيجاد الكنز , وبعد ثلاثة أيام من البحث تركه الرجال وحيداً ولم يتركوا له سوى بندقية وكريك وجاروف وبقي من وقتها في الجزيرة هائماً على وجهه، قلت له إنني لا أستطيع العودة إلى السفينة , فأخبرني أنه لديه قارب صنعه بنفسه ووضعه خلف صخرة تحت الشاطيء وأنه يمكننا أن نستخدمه . سمعت صوت إطلاق نار من مدفع وطلقات نارية تدوي في الآفاق فعرفت أن الهجوم قد بدأ بين أصدقائي والقراصنة الذين ركبوا السفينة معنا على أنهم طاقم الركاب . 
وصلت إلى السفينة ورفض  بن جان الصعود معي  فهو لايثق بأي أحد ومن ثم عاد أدراجه .
 جلست أنا والطبيب والكابتن وتريلوني نناقش كيف سنراقب المتمردين الستة الذين مكثوا على متن السفينة والذين كانوا يجلسون محاولين التواري ، ثم  قررنا  أن نتجه على الفور أنا وهانتر إلى الشاطيء لمزيد من الإستكشاف ، واتجهنا مباشرة إلى الحصن الذي يظهر على الخريطة ,كان حصناً منيعاً  به نبعٌ مائيٌ عذب وله سور مرتفع , فرأينا أنه مكاناً مناسباً للدفاع ، بعدها رجعنا أدراجنا على الفور إلى السفينة ، ثم قررنا النزول إلى الحصن بأسرع ما يمكن . كان ريدروث في المطبخ الذي يقع ما بين الكابينة ومقدمة السفينة ممسكاً ببندقيةٍ محشوة بالبارود يقوم بالحراسة ،  أما  هانتر  فقام بتقريب القارب الصغير من السفينة ، ثم قمت أنا وجويس سريعاً بتحميله بالبارود  والبندقيات والبسكويت وبراميل لحم الخنزير وصندوق الأدوية الخاص بالدكتور ، أما على ظهر المركب ، فقد أبقى الكابتن الطاقم تحت تهديد السلاح قائلاً : سيد هاندز، هناك اثنان منا هنا سيطلقان النار على أول رجل يتحرك . كان أفراد الطاقم مصدومين لكنهم اتجهوا سريعاً إلى الجزء السفلي من السفينة ليجدوا ريدروث بانتظارهم ممسكاً بأسلحته ، فعادوا إلى الأعلى مرة أخرى خاضعين تحت  تهديد سلاح الكابتن .
في تلك الأثناء ، كنا قد انتهينا من تحميل القارب وأبحرنا سريعاً نحو الشاطيء ووصلنا الحصن ، فأفرغنا فيه حمولتنا سريعاً  وتركنا جويس فيه للحراسة ثم عدنا إلى السفينة ، وحملنا القوارب مرة أخرى وتأهبنا للشروع في الإبحار صوب الشاطيء مرة أخرى , وقد  كنا قد أخذنا  قدر استطاعتنا من البنادق وألقينا بالباقي من جانب السفينة إلى البحر، وأخذنا نشاهد البنادق وهي تغوص إلى القاع الرملي الرائق, وسمعنا أصواتاً تنادينا من الشاطيء فعلمنا أن ما لدينا من وقت قد نفذ .وقبل أن نحمِّل كل شيء إلى القارب، كان الكابتن يوبخ الرجال الموجودين في الجزء السفلي من السفينة ويقول لهم : أتكلم إليك يا إبراهام جراي ، إني راحل وآمرك أن تتبع قائدك ، لا أظنك مثل  بقية هؤلاء الرجال ، أمنحك فرصة ثلاثين ثانية لتفكر في الإنضمام إلينا فلتأت معنا في الحال ، إنني أجازف بحياتي وحياة أصدقائي هنا  من أجلك , وحالما أنتهى من كلامه حدث شجار ثم ظهر جراي وعلى وجهه ندب من قطع سكين ، ثم انطلق جراي نحو الكابتن . قفزنا إلى القارب وعدنا إلى الشاطيء وبشق الأنفس اتجهنا بأقصى سرعة لنا نحو الشاطيء ، وغرق القارب المعدم الذي يُلحق بالسفينة ، ومعه نصف ما بحوزتنا من البارود والمؤن .
دخلنا إلى الحصن وكنا نحمل الأسلحة المتبقية معنا وقد وزعنا الكابتن كل شخص في مكانه وصعد الكابتن إلى السطح وربط علم إنجلترا , وكان كل ما معنا من مؤن يكفي لعشرة أيام ، وفي هذه الأثناء سمعنا أصوات القذائف لكنهم لم يستطيعوا أن يصيبونا . كان الكابتن يدوِّن حالتنا في دفتره :-
ألكسندر سموليت : القبطان، وديفيد ليفزي طبيب السفينة ، وإبراهام جراي: معاون بحري ، وجون تريلوني: مالك ، وجون هانتر وريتشارد جويس: خادما الملاك وفلاحان وجيم هوكينز أما توماس ريدروث فقد لقي مصرعه على إثر طلق ناري . هؤلاء هم جميع من تبقوا ومعهم مخزون من المؤن يكفي مدة عشرة أيام .
عندما دخلت الحصن أخبرت الطبيب عن بن وأنه يريد أن ينضم إلينا ويأكل الجبن فقال لي: إن لديه شيئاً من الجبن له .
وفجأة سمعنا صوتاً يرتفع كان هناك علم هدنة فقد كان سيلفر يطالب بهدنة بأمان ، فأخبره الكابتن أنه يعلم بخطته ولن يلبي له أي مطالب .
بعد ذلك بقليل هاجمنا بعض المتمردين وأسقطنا بعضاً منهم ودخل أربعة منهم إلى الحصن فقتلنا ثلاثة أما الرابع فلاذ بالفرار، وأصيب الكابتن لكن الطبيب داواه .
وفي ظهر اليوم التالي خرج الطبيب ومعه الجبن للقاء بن جان وخرجت أنا لأحاول فعل شيء ما !!!، حررت الحبل الذي يثبت السفينة وجعلتها تتحرك حتى وضعتها في خليج قريب لا يعلم عنه سيلفر , وكان بها رجلان يتشاجران  فقتل أحدهما الآخر, وتسللت إلى السفينة واختبأت حتى تسنت لي الفرصة فقتلت الرجل الآخر , وبعد أن غادرت السفينة في فرح عدت إلى الغابة كي  أصل إلى الحصن .
وعندما  دخلت ابتسمت , إذ خلت أنه ربما أستلقي في مكاني وأفاجئهم في الصباح، وبينما كنت أفكر في هذا ، إذ بي أسمع صرخة حادة اقشعر لها بدني , تكررت الصرخة: عملات معدنية ، عملات معدنية ! لقد كان ببغاء سيلفر وإسمه الكابتن فلينت ! إنه هو الحارس ، وقد ضبطني ! إستدرت لأجدهم أحاطوا بي ، ولم أرَ سوى القراصنة أما اصدقائي فلم أراهم فظننت أنهم قتلوا وكنت مذعوراً جداً ، لكنني عرفت أنهم بأمان وعاد الأمل إلى قلبي ، عندها أخبرني سيلفر أن أصدقاءك لا يريدونك معهم ، وقال : لطالما أردتك أن تنضم إلينا والآن القرار يعود إليك , لك الحق في أن تنضم إلينا أو أن ترفض , ما قولك في هذا ؟ .
شعرت بتهديد الموت أمام عيني ولكني وجدت فرصتي الأخيرة في التحدث فقلت : إن كان من حقي الإختيار فأريد أن أعرف حقيقة الأمر، أجاب سيلفر: الحقيقة هي أن أصدقائك قد تخلوا عنك ، لقد استيقظوا من النوم ووجدوا أن السفينة قد رحلت ، ثم أتوا إلينا لعقد اتفاقية , أخذنا نحن الحصن ومخزون المؤن ، وهم رحلوا إلى وجهة  لا يعلمها أحد ، لكنهم كانوا  قد ذكروا أنهم  فاضوا بك  ذرعاً لأنك هجرتهم ( وكانت تلك خدعة من سيلفر ليبقي جيم رهينة لديه) .
أجبته: حسناً، إليك حقيقة الأمر من وجهة نظري : أنت في وضع سيء للغاية  وأنا من وضعك في هذا الموضع , لقد سمعتك من برميل التفاح وأفسدت عليك مؤامرتك بشأن جزيرة الكنز والتمرد على ظهر السفينة , وقد ألقيت بهاندز في قاع البحر، وأنا الذي قطعت حبل السفينة وخبأتها في مكان لن تطوله يدك قط . أقتلني إن أردت أو اتركني على قيد الحياة , وعندئذ  سأكون شاهداً عليك في المحكمة عندما تُتهم بالقرصنة , الخيار خيارك أنت الآن ، وفي تلك اللحظة قلت له ساخراً : هل أنت الكابتن الآن ؟ أعدِ النظر في الأمر وإلا سألقنك درساً ، وأول رجل يضايقني سأجعله طعاماً للسمك . نهض أحد الرجال ممسكاً بسكين في يده لكن سيلفر منعه , نهض بعض الرجال وأخذوا يزمجرون ويدمدمون، لكن سيلفر تظاهر بالإنزعاج وأمسك بعكازه ثم زأر: أيجرؤ أحد على أن يتحداني ؟ لا، لا أظن ذلك إذن فليصمت الجميع، إن هذا الصبي أشجع من زمرتكم ، تقدم أحد الرجال مطالباً بحق الرجال في الإجتماع بالخارج وعقد مجلس لا يحضره قائدهم ، وبالفعل قاموا بذلك وتركوني أنا وسيلفر وحدنا ، فنظر سيلفر إليّ وعيناه تقولان إنه يخشى وقوع ما هو أسوأ، فقال سيلفر: سينقلبون ضدي يا جيم ، القرار في يدي أنا وأنت كي يحفظ كل منا حياة الآخر .
انتهى الرجال من عقد مجلسهم وعادوا وكانت تبدو عليهم سمات الإستياء            والوحشية ,وعندئذ سلموه الوصمة السوداء , ولكنه بعد أن سمع التهم الموجهة إليه برَّأ نفسه منها ورماني بورقة الوصمة السوداء ، وبقي هو الكابتن .
أرسِل جورج إلى الخارج لتولي عملية المراقبة  في حين ذهبت أنا وبقية أفراد  الطاقم إلى النوم ،علمت أننا كنا نقترب من نهاية هذه اللعبة المزعجة ولم أستطع أن أتكهن بما قد يحل بنا ، وكذلك لم أستطع أن أعرف سبب إعطاء أصدقائي الخريطة لسيلفر, لكن ما كنت واثق  منه هو أن سيلفر كان سيبذل كل ما في وسعه كي ينقذ حياته البائسة من براثن رجاله . كان قلبي يئن من أجله على الرغم من شره إذ كان يمكن لأي شخص أن يرى الظلام الذي كان ينتظره .
في صباح اليوم التالي استيقظنا على صوت الطبيب الذي أتى لفحص المرضى المتمردين وكان هذا جزءاً من الأتفاقية ، فأخبره سيلفر أنني ما زلت على قيد الحياة وأنني موجود معهم . فحص الطبيب المرضى وبعدها طلب أن يتحدث إليّ على انفراد , فجعلني سيلفر أعده بأن لا أهرب ثم أخذني إلى الطبيب أسفل التلة وبعدئذ تركني سيلفر مع الطبيب الذي أخذ يوبخني ويعنفني إلى أن سمع قصتي الرائعة . سألني الطبيب: هل عثرت على السفينة ؟ إذن أنت من يحاول أن ينقذنا من البداية يا جيم؟!!!!! وحاول أن يشجعني على أن أخلف وعدي وأذهب معه ، لكني ما كنت لأفعل هذا فقد أقسمت ، وبعدها صرف اهتمامه إلى سيلفر. قال الطبيب لسيلفر: أنصحك ألا تحاول العثور على هذا الكنز أجاب سيلفر: أنا مضطر أن أفعل هذا وإلا سيقتلونني بأنفسهم، قال الطبيب: حسناً إذن احترس من الرياح العاتية في البحر، من الممكن أن تكون هذه الرياح الممطرة مدمرة , وعندما نعود ، إذا رجعنا من هذه التجربة أحياء ، أتعهد بأن أفعل كل ما بوسعي كي أنقذك . أخذ سيلفر يقفز فرحاً مبتسماً وشاكراً وعندئذ صافحني الطبيب وودعنا وسار في طريقه بخفة ونشاط .
وعندما عدنا إلى الحصن قال سيلفر للرجال إن الطبيب أخبره أن السفينة مخفية وذكر أنه أعد خططاً مؤكدة سوف تمكنهم  من العثور على الكنز سريعاً وأنهم سيبحرون في أعالي البحار وسيحتفظون بي رهينة .
علمت أن سيلفر يعمل لصالح الجهتين لكنني خشيت أن يعرف أفراد طاقمه بولائه الجديد للطبيب  فينقلبون ضده  وحينها  علينا أنا  وهو أن نحاربهم , وساورتني المخاوف أيضاً من أن لا أستطيع أن أفهم تصرفات أصدقائي لماذا هجروا الحصن  وسلموا الخريطة ؟ وما موضوع التحذير من الرياح العاتية ؟ إجتاحت ذهني العديد من الشكوك !!! .عندما شرعنا في رحلتنا وذهبنا للبحث عن الكنز وفي طريقنا دخلنا من غابة الى غابة أخرى أكثر ظلاماً ، حينها جلسنا نرتاح قليلاً وفجأة سمعنا صوتاً يقول:
خمسة عشر رجلاً في صندوق كان لرجل ميت..
يوو وو وو، وزجاجة رم!
على الفور ارتاع الرجال وصرخوا قائلين : إنه فلينت لقد قام من الموت!!!!! , فصرخ أحد الرجال قائلاً وكانت هذه جملته الأخيرة أحضر لي سيفي يا دربي , فالتصق القراصنة بأماكنهم في الأرض وكل منهم يصرخ بأنه يريد الفرار، حيث أنهم كانوا مرتاعين من الأشباح . وكان ديك ، الرجل المحموم والمصاب بغثيان، يقرأ في الإنجيل وبدا عليه أنه سيفقد صوابه ,  أما سيلفر فظل رابط الجأش وقال: هناك صدى صوت يتبع الصوت ، وصوت الأشباح لا يتبعه صدى صوت ! هذا صوت إنسان من لحم ودم ،ويبدو أن صاحب هذا الصوت يريد أن يستدرج الرجال إلى مكان ما .
قال واحد من الرجال: نعم ، لا يبدو هذا الصوت صوت فلينت ، وإنما كصوت شخص آخر , صوت بن جان .
وسرعان ما عاد الرجال إلى طريقهم وحوّلوا أنظارهم مرة أخرى إلى التل وإلى  الأشجار, ثم سمعنا مريي يصرخ فيَّ فجأة  عندما صرنا في المنطقة الخالية في الوقت الذي كنا نتقدم فيه إلى الأمام ، فهرعنا إليه ، وضاعف سيلفر من سرعته إلى أن توقفنا جميعاً ، كان أمامنا هوة عظيمة،  وكان من الجلي أنها حفرة قديمة وكانت جوانبها تميل للداخل وقد نمت عليها الأعشاب ، وكان يوجد في قاعها معول مكسور وقطع من صندوق خشبي من السفينة (وولرس)، سفينة فلينت .
كان كل شيء  جلي , لقد وُجد الكنز المكنون وسطا أحدهم عليه وضاع الكنز الذي قيمته سبعمائة ألف جنيه ذهبي ....ثار الرجال ثورة عارمة  وصرخوا ولعنوا  لكن كانت ردة فعل سيلفر أسرع منهم , لقد التفت إليَّ وأعطاني مسدساً واندفعنا سريعاً إلى الجانب الآخر من الحفرة فقلت له : إذن هل غيرت ولاءك مرة أخرى , ولكنه لم يأبه لكلامي ، وعندئذ قفز الرجال إلى الحفرة بحثاً ولو عن عملة واحدة  فقط ثم خرجوا منها بخفة والتفتوا نحو سيلفر والشرر يتطاير من أعينهم , صاح جورج مريي قائلاً : هذا هو الأحمق ذو القدم الخشبية الذي قادنا إلى هنا ! أنظروا إلى وجهه كان يعرف طيلة الطريق أنه لا يوجد كنز، فحدق الجميع إلى سيلفر      وقرروا قتلنا !!!! ثم فجأة بدأ قصف النيران فسقط منهما رجلان وجورج سقط بالحفرة  فأطلق عليه سيلفر رصاصتان , وفجأة ظهر الطبيب وجراي وبن جان وانضموا إلينا بمسدساتهم .
 فر الباقون وجلسنا نأخذ قسطاً من الراحة وأخذ الطبيب يشرح لنا ما حدث :  إنه في غضون السنة التي كان بن يجوب فيها الغابة عثر على الهيكل العظمي , وقد نبش الأرض وأخرج الكنز ونقله إلى كهفه منذ شهرين فقط  قبل وصولنا إلى الجزيرة . وحدث بعد ظهر اليوم الذي وقع فيه الهجوم عندما ذهب الطبيب للقائه أنه أسرَّ إلى الطبيب بأمر الكنز ، وفي صباح اليوم التالي بعدما اكتشفا اختفاء السفينة ذهب الطبيب إلى سيلفر وأعطاه الخريطة ، إذ صارت عديمة الفائدة ، وأعطى الطبيب المؤن لسيلفر حتى يستطيع أن يمرر أصدقاءنا بسلام إلى كهف بن حيث يوجد كميات وافرة من لحم الماعز المملح , وقد أراد أيضا أن يحفظ الكنز في أمان.  وفي صباح هذا اليوم رجعوا إلى مكان الكنز كي يقطعوا طريقنا إذ كانوا يعرفون  أننا سنذهب للتفتيش عن الكنز فركض بن قبلنا ، وقد تذكر الخرافات التي كان يقصها رفقاؤه في السفينة ، فأخذ ينادي بصوت مرتفع ليرعبهم .
قال سيلفر : من حسن حظي أن هوكينز كان بمعيتي وإلا ما هرع أحد منكم لإنقاذي. صدَّق الجميع على كلامه  وأخذنا طريقنا إلى القوارب وأبحرنا في المصب بجانب كهف بن , ورأينا تريلوني يلوح لنا ورأينا أيضاً الهيسبانيولا تطفو بعيداً عن الشاطيء إذ  كان يرفعها المد . وصلنا الكهف ، وهناك تجهم تريلوني وأخذ يلعن سيلفر لكنه تركه . وعندئذ دخلنا الكهف ورأينا الكابتن سموليت يرقد إلى جانب النيران وكومات من الذهب والكنز, لقد مات الكثيرون في سبيل العثور على هذا الكنز .
قال الطبيب: لا أظن أننا سنذهب إلى البحر مرة أخرى ، أليس كذلك يا جيم؟. جلس سيلفر في الخلف وبدا مرة أخرى الرجل الذي عرفته قبلاً عند التقائي به للمرة الأولى , فقد كان خدوماً ولين العريكة ودمث الخلق كأنه البحار الأمثل .
قضينا الأيام التالية نحمل كنزنا الضخم إلى القوارب ومنها إلى الهيسبانيولا , وكان الكنز عبارة عن مجموعة من العملات المختلفة من كل أنحاء العالم .
وحتى  هذه اللحظة لم يكن لدي أدنى فكرة أن المال يمكن أن يكون بمختلف الأشكال والأنواع  , فإلى جانب العملات الفرنسية والإنجليزية التي سبق لي أن رأيتها من قبل ، كانت هناك كومات من العملات الذهبية الإسبانية والإيطالية ، وكانت أغربها العملة المربعة والمفرغة من المنتصف ، عملة الصين .
وفي إحدى الليالي سمعنا هياج المتمردين من جانبنا ، كنا نعامل سيلفر معاملة مهذبة  لكننا كنا نتحاشاه مثل الكلب الذي قُيد بسلسلة في عمود , وما كان أحد ليثق به مع أنه كان يتظاهر بالطيبة ، كنا على يقين من أنه غير جدير بالثقة .
 وقررنا أننا لا بد أن نترك المتمردين على الجزيرة ليواجهوا مصيرهم بأنفسهم ,لذا عبأنا كهف بن بمخزون جيد من الأطعمة والمؤن الأخرى بالإضافة إلى بعض الأدوات ، ثم جهزنا سفينتنا وحييناهم وأخبرهم الطبيب عن مؤن الطعام القليلة التي تركناها لهم . واستمر المتمردون يترجوننا  كي نأخذهم معنا  لكن ملا أخبرهم  أننا لن نتوقف لمصاحبتهم معنا , فأخذوا يطلقون النيران علينا وأوشكوا أن يصيبوا سيلفر نفسه.....
شعرت ببهجة غامرة لدى تركنا جزيرة الكنز وراءنا ، وكان لدينا نقص في عدد الرجال  فكان على كل واحدٍ منا أن يقوم بدوره وأكثر. كان الكابتن لا يزال في حاجة إلى الراحة ، فكان يصدر أوامره من على فراشٍ متنقل على ظهر المركب.  وصلنا الأراضي الأمريكية التي يحكمها الإسبانيون وألقينا التحية على الناس هناك  بفرحٍ جمٍّ ، وتذوقنا فاكهتهم وخضراواتهم ، وعثر الكابتن هناك على قبطان آخر للسفينة والذي دعاه لقضاء أمسية وأخبره فيها بمغامراتنا.
 وعندما عدنا إلى الهيسبانيولا وجدنا بن جان وحده على سطح السفينة , وأخبرنا أن سيلفر قد أخذ مركباً صغيراً وبعض أكياس النقود الصغيرة وولى الأدبار .
 وأظن أننا كلنا شعرنا بالإرتياح لدى معرفتنا أنه رحل إلى الأبد . وباختصار حصلنا على مساعدة عدد من العمال المهرة هناك ، وشققنا طريقنا إلى الوطن ووصلنا قبل إرسال بعثة للبحث عنا ، ومن ثم تقاسمنا الكنز فيما بيننا قسمة عادلة وأنفقناه بطرق شتى . إدَّخر جراي ماله ، وتلقى التعليم  وتزوج وهو الآن شريك في سفينة كبيرة , أما بن جان فقد خسر الألف جنيه نصيبه في غضون ثلاث أسابيع ورجع يشحد في الأسبوع الرابع ،أما الكابتن سموليت الصالح فقد تقاعد عن العمل . ولم تتناهى إلى مسامعنا أي أخبار عن سيلفر ، ولكن أظن أنه عثر على زوجته ولا يزال يعيش مع ببغائه كابتن فلينت .
أما أنا ، فمع أنه ربما لا يزال هناك المزيد من الذهب في جزيرة الكنز، فلن أعود إلى هناك أبداً ، وعندما يراودني كابوس لا أرى فيه سوى الأمواج المتكسرة العنيفة وأسمع صوت الببغاء (الكابتن فلينت) الحاد يدوي في أذني:
(عملات معدنية،  عملات معدنية).
                                           النهاية


تفاعل :

تعليقات